شرح حديث الرسول عن القطط
حديث الرسول عن القطط
فقد
ورد
عن سنن أبي داود وغيره أن امرأة أرسلت بِهَرِيسَةٍ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَوَجَدَتْهَا تُصَلِّي فَأَشَارَتْ إِلَيَّ أَنْ ضَعِيهَا فَجَاءَتْ هِرَّةٌ فَأَكَلَتْ مِنْهَا فَلَمَّا انْصَرَفَتْ أَكَلَتْ مِنْ حَيْثُ أَكَلَتْ الْهِرَّةُ فَقَالَتْ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : “إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إِنَّمَا هِيَ مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ بِفَضْلِهَا “،
وإن شرح هذا الحديث يتجلى في أن هناك امرأة قد أرسلتها مولاتها بهدية إلى السيدة عائشة رضي
الله
عنها، وكانت الهدية هي طعام يسمى هريسة وهو طعام يتألف من اللحم والخبز، فوجدت السيدة عائشة وهي تصلي، فأشارت السيدة عائشة للمرأة أن تضعها جانباً، ولكن فجأة جاءت هرة وأكلت من الطبق، ولكن السيدة عائشة قد أكلت من الطبق نفسه الذي أكلت منه الهرة، وكان سبب تصرفها قول الرسول عليه
الصلاة
والسلام أن القطة ليست بنجس فهي من الطوافين أي مثل الخدم في البيت وتكون متلازمة مع أهل البيت دائماً، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتوضأ بفضِلها.
صحة حديث القطط من متاع البيت
لقد ورد في السنة النبوية الشريفة العديد من الأحاديث عن
القطط
،، وأما الحديث الذي أورده ابن حجر العسقلاني
عن أنس ابن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “يا أَنَسُ إِنَّ الهِرَّ من مَتَاعِ البيتِ لَنْ يَقْذَرَ شيئًا ولَنْ يُنَجِّسَهُ”
، وهنا نجد أن صحة حديث القطط من متاع البيت ففي إسناده ضعف ولكن المعنى نفسه قد ورد في الأحاديث الأخرى المذكورة عن القطط والتي سنتطرق إليها في هذا المقال، ولكن شرح هذا الحديث عن القطط كالتالي:
- فقد قال رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام أن القطة ليست بنجس.
- فيؤكد هذا الحديث طهارة القطة بالإضافة إلى طهارة المكان الذي تأكل منه.
- وإن هذا قول الإمام مالك والشافعي وأحمد بن حنبل بالإضافة إلى أبو يوسف، بينما أبو حنيفة فقد قال أن القطة طاهرة ولكنها مكروهة.
لماذا سميت القطط بالطوافات
إن القطط هي من الحيوانات المقربة إلى الإنسان كثيراً، لهذا نجد كم تُربى في البيوت فهي تحظى بالكثير من الاهتمام، وتعتبر القطط من الحيوانات الأليفة المحببة ولكن
السؤال
المطروح هنا لماذا سميت القطط بالطوافات؟، وللإجابة على هذا السؤال سنتطرق إلى السنة النبوية الشريفة وفي الحديث الشريف
عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الهرة: “إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوَّافين عليكم والطوافات”
، أخرجه الأربعة وصححه الترمذي وابن خزيمة، وإن سبب هذا الحديث كالتالي:
-
فقد روى الخمسة عن كبشة بنت كعب بن مالك، وكانت تحت ابن أبي قتادة، فدخل عليها، فسكبت له وضوءًا، ولكن في هذه الأثناء جاءت قطة لتشرب من
الماء
، فقرب لها الإناء وشربت منه، قالت كبشة: فرآني أنظُرُ، فقال: أتعجبين يابنة أخي؟ فقلت: نعم، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إنها ليست بنجسٍ، إنها من الطوَّافينَ عليكم”. - وهنا نجد أن رسولنا الكريم قد ذكر لفظ الطوافات لأن الهرة هي كثيرة التلامس مع أهل البيت واتصالها بهم لهذا خفف الله تعالى على عباده وقد جعل الهرة غير نجسة، فلا يتنجس أي شيء تلامسه، وإن النجاسة لا تكون بفمها فمن الممكن أن تكون نجاسة ظاهرة، وينجس الماء الذي تشرب منه بهذه النجاسة لا بفمها.
- وإن قول “الطوافين عليكم” فيتجلى معناه بأن رسولنا الكريم يشبه القطة بالخدم الذين يقومون بخدمة المخدوم، فالقطة تكون مع الناس في بيوتهم وعند أمتعتهم ولا يستطيعوا أن يتحرزوا منها.
دلالات هذا الحديث الشريف:
- أن لعاب وفم القطة طاهر.
- وسؤرها طاهر أيضاً.
- حثنا هذا الحديث الشريف على الرفق بالحيوان وخاصة الهرة.[1]
حكم تربية القطط
إن حكم تربية القطط جائز حيث أن الإنسان شرعاً يستطيع أن يمتلك قطة، فهي مثل أخذ الحطب من الصحراء أو الحصول على الخشب من الغابات، وهكذا أخذ القطط حيث أنه يُملك المباح بأن يضع يده وأن يستولي فعلياً على القطة مالم تكن ملك لأحد، ولكن بشرط أن يعتني الإنسان بها وأن لا يعذبها ويطعمها، إلا في حالة المرض أو إذا تسببت بأمراض أو مشاكل لصاحب البيت لأنه لا ضرر ولا ضرار، ولهذا من لا يتضرر بوجودها فيستطيع أن يبقيها، ولكن الإنسان الذي لا يستطيع إطعامها فعليه أن يتركها حتى تأكل من خشاش الأرض.
هل القطط نجسة
عندما تشرب القطة من الماء أو تأكل من صحن طعامها لا تسبب في نجاسته حيث أن لعاب وفم القطة ليست بنجس، فالقطة لا تنجس الإناء الذي تأكل أو تشرب منه، ولهذا فإذا طاب صاحب القطة أن يأكل ويشرب من هذا الإناء نفسه فلا ضرر، ولكن إن لم تطب نفسه بأن يأكل أو يشرب منه تركه، ولكن يجب الانتباه إلى بعض التصرفات التي نشهدها في يومنا هذا التي تتجلى في المبالغة في تزيين القطة والإنفاق عليها ببذخ، وإن هذه التصرفات ليست سوى ضعف العقل ورقة الدين.[2]
حديث أبي هريرة عن القطط
لقد ذكر في السنة النبوية حديث أبي هريرة عن القطط، حيث أنه تطرق هذا الحديث إلى التحذير من أذية القطة، وتجلى هذا في حديث طويل عن صلاة الخسوف، والحديث الشريف هو
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “… دخَلتِ امرأةٌ النَّارَ في هِرَّةٍ ربَطَتْها فلا هي أطعَمَتْها ولا هي أرسَلَتْها تأكُلُ مِن خَشاشِ الأرضِ حتَّى ماتت”
، صحيح ابن حبان، وهنا شرح هذا الحديث الشريف يكون كالتالي:
-
إن هذا الحديث يروي لنا فيه نبينا الكريم
قصة
امرأة كانت تعذب في نار
جهنم
. - مع أنها كانت تصلي، ولكن سبب عذابها في نار جهنم هو حبس قطة ولأنها قامت بربطها حتى ماتت جوعاً.
- فهذه المرأة لم تطعمها ولم تسقيها، ولم تتركها حتى تأكل من رزق الله من الحشرات والفئران، بل حبستها وربطتها حتى ماتت.
- فيشير هذا الحديث إلى عذاب الآخرة وعقوبة من يعذب الحيوانات في الدنيا حيث أن عاقبته نار جهنم في الآخرة.
آية قرآنية عن القطط
إن المفهوم
الإسلام
للرفق بالحيوان هو التصور المتوازن الذي يجمع ما بين منفعة الإنسان وبين الرحمة والأفة، حيث أن
القرآن الكريم
قد بين في آياته مكانة الحيوان ولكن لم ترد آية عن القطط بشكل مباشر، فكل الآيات المذكورة قد تطرقت إلى الحيوانات بدون تخصيص، ومن هذه الآيات:
- وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (7)وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ.
- وقال تعالى في سورة النحل: أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ ۙ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَىٰ حِينٍ.[3]