مراحل التطور الأخلاقي لكولبرغ
كتاب نظرية كولبرج في النمو الأخلاقي
قام كولبرج بمتابعة دراسة تطور الحكم الأخلاقي بعد العصور التي درسها معلمه بياجيه، وبعد دراساته استنتج أن عملية بلوغ
النضج
الأخلاقي بالتأكيد ستستغرق وقتًا أطول وأكثر مما اقترحه معلمه بياجيه، وعلى أساس بحثه هذا، ومن هنا، حدد كولبرج ست مراحل للتفكير الأخلاقي متدرجة في ثلاثة مستويات رئيسية متدرجة وموضحه في كتابه ” نظرية كولبرج في النمو الأخلاقي “، حيث تنص نظريته بوضوح في كتابه على أننا نتقدم في حياتنا من خلال ثلاثة مستويات مختلفة من التفكير الأخلاقي، وهذه المستويات هي التي تبني على تطورنا المعرفي، وتحت هذه المستويات تندرج مراحل تطور الأخلاق.
ما هو التطور الأخلاقي
كيف يطور الناس الأخلاق؟ لقد أبهر هذا
السؤال
الآباء والقادة الدينيين والفلاسفة على مر العصور، لكن التطور الأخلاقي أصبح أيضًا قضية ساخنة في علم النفس والتعليم، وذلك من حيث هل تلعب التأثيرات الأبوية أو المجتمعية دورًا أكبر في التطور الأخلاقي؟ هل يطور جميع الأطفال الأخلاق بطرق متشابهة؟؛
قام عالم النفس الأمريكي لورانس كولبرج بتطوير واحدة من
أشهر
النظر
يات، وتم تعديل عمله وتوسيعه على عمل معلمه السابق جان بياجيه ولكن كان كولبرج أكثر تركيزًا على شرح كيفية تطوير الأطفال للتفكير الأخلاقي، وفيما يلي مراحل التطور الأخلاقي لكولبرغ مع شرح مستوياتها المختلفة.[1]
مراحل التطور الأخلاقي لكولبرج
تنقسم نظرية كولبرج إلى ثلاثة مستويات أولية، في كل مستوى من مستويات التطور الأخلاقي، هناك مرحلتان، وعلى غرار الطريقة التي اعتقد بها بياجيه أنه ليس كل الناس يصلون إلى أعلى مستويات التطور المعرفي، اعتقد كولبرج أنه ليس كل شخص يتقدم إلى أعلى مراحل التطور الأخلاقي.
-
المستوى الأول الأخلاق السابقة “ما قبل التقليدية”
الأخلاق ما قبل التقليدية هي الفترة الأولى للتطور الأخلاقي، وتستمر حتى حوالي سن التاسعة، في هذه السن، تتشكل قرارات الأطفال في المقام الأول من خلال توقعات البالغين وعواقب خرق القواعد، وهناك مرحلتان في هذا المستوى:
المرحلة الأولى (الطاعة والعقاب)
: المراحل الأولى من التطور الأخلاقي المتمثلة في الطاعة والعقاب شائعة بشكل خاص عند الأطفال الصغار، ولكن البالغين أيضًا قادرون على التعبير عن هذا النوع من التفكير، وفقًا لكولبيرج، يرى الناس في هذه المرحلة أن القواعد ثابتة ومطلقة، كما أن الامتثال للقواعد مهم لأنه وسيلة لتجنب العقوبة.
المرحلة الثانية (الفردية والتبادل)
: في مرحلة الفردية والتبادل من التطور الأخلاقي، يأخذ الأطفال بعين الاعتبار وجهات النظر الفردية ويحكمون على الأفعال بناءً على كيفية خدمتهم للاحتياجات الفردية، ففي معضلة هاينز، جادل الأطفال بأن أفضل مسار للعمل هو الخيار الذي يخدم احتياجات هاينز على أفضل وجه، كما المعاملة بالمثل ممكنة في هذه المرحلة من التطور الأخلاقي، ولكن فقط إذا كانت تخدم مصالح الفرد.
-
المستوى الثاني الأخلاق التقليدية
تتميز الفترة التالية من التطور الأخلاقي بقبول القواعد الاجتماعية فيما يتعلق بما هو جيد وأخلاقي، خلال هذا الوقت، يستوعب المراهقون والبالغون
المعايير
الأخلاقية التي تعلموها من قدوتهم ومن المجتمع، وتركز هذه الفترة أيضًا على قبول السلطة والامتثال لقواعد المجموعة، وهناك مرحلتان في هذا المستوى من الأخلاق:
-المرحلة الثالثة (تطوير علاقات شخصية جيدة)
غالبًا ما يشار إليها باسم التوجه “فتى جيد – فتاة جيدة” ، حيث تركز هذه المرحلة من العلاقة الشخصية للتطور الأخلاقي على الارتقاء إلى مستوى التوقعات والأدوار الاجتماعية.
-المرحلة الرابعة (الحفاظ على النظام الاجتماعي)
تركز هذه المرحلة على ضمان الحفاظ على النظام الاجتماعي، وفي هذه المرحلة من التطور الأخلاقي، يبدأ الناس في اعتبار المجتمع ككل عند إصدار الأحكام، كما ينصب التركيز على الحفاظ على القانون والنظام من خلال اتباع القواعد، والقيام بواجب الفرد، واحترام السلطة.
-
المستوى الثالث الأخلاق ما بعد التقليدية
في هذا المستوى من التطور الأخلاقي، يطور الناس فهمًا للمبادئ المجردة للأخلاق، والمرحلتان في هذا المستوى هما:
-المرحلة الخامسة (العقد الاجتماعي والحقوق الفردية)
تدفع أفكار العقد الاجتماعي والحقوق الفردية الناس في المرحلة التالية إلى البدء في تفسير
القيم
والآراء والمعتقدات المختلفة لأشخاص آخرين، كأفراد المجتمع، ولكن أعضاء المجتمع يجب أن يتفقوا على هذه المعايير.
-المرحلة السادسة (المبادئ العامة)
المستوى الأخير لكولبيرج للتفكير الأخلاقي يقوم على المبادئ الأخلاقية العالمية والتفكير المجرد، وفي هذه المرحلة، يتبع الناس مبادئ العدالة الداخلية هذه، حتى لو كانت تتعارض مع القوانين والقواعد.
انتقادات لنظرية كولبرج
تم انتقاد نظرية كولبرج لحديثه على أن المرأة ناقصة في قدرات التفكير المتعلق بالأخلاق وذلك عند مقارنتها بالرجل، ومن هنا، انتقدت كارول جيليجان (1982)، مساعدة باحث في كولبرج، نظرية معلمها السابق لأنها كانت تعتمد بشكل ضيق على البحث الذي يستخدم الرجال
البيض
من الطبقة العليا والفتيان، كما جادلت بأن
النساء
لسن قاصرات في تفكيرهن الأخلاقي وبدلاً من ذلك اقترحت أن الذكور والإناث يفكرون بشكل مختلف: حيث تركز الفتيات والنساء أكثر على البقاء على اتصال والحفاظ على العلاقات الشخصية.
وأيضا تعرضت نظرية كولبرج لانتقادات لتأكيدها على مفهوم العدالة وذلك مع استبعاد القيم الأخرى، مما نتج عنه أنها قد لا تعالج بشكل مناسب حجج هؤلاء الذين يعظمون الجوانب الأخلاقية الأخرى للتصرفات والأفعال، وأيضا، يجادل النقاد بأن مراحل كولبرج منحازة ثقافيًا، وأن أعلى المراحل على وجه الخصوص تعكس نموذجًا غربيًا للعدالة قائمًا على الفكر الفردي، وهذا متحيز ضد أولئك الذين يعيشون في مجتمعات غير غربية تضع تركيزًا أقل على الفردية.
نقد آخير لنظرية كولبرج هو أن الناس غالبًا ما يظهرون تناقضات واضحة في الأحكام الأخلاقية، يحدث هذا عادة في المعضلات الأخلاقية التي تنطوي على الشرب أو القيادة أو مواقف العمل، والتي توضح أن المشاركين يفكرون في مرحلة أدنى من التطور، وعادة ما يستخدمون منطق المصلحة الذاتية (أي المرحلة الثانية) الذي لا يقتصر على التفكير مدفوعًا بالسلطة والنظام الاجتماعي ( أي المرحلة الرابعة) ، لذلك يعتقد النقاد أن نظرية كولبرج لا تستطيع تفسير هذا التناقض.[2]
الجانب الإيجابي من نظرية كولبرج
بينما تم انتقاد نظرية كولبرج للتطور الأخلاقي، لعبت النظرية دورًا مهمًا في ظهور مجال علم النفس الأخلاقي، يواصل الباحثون استكشاف كيف يتطور التفكير الأخلاقي ويتغير من خلال
الحياة
وكذلك عالمية هذه المراحل، ويوفر فهم هذه المراحل رؤى مفيدة حول الطرق التي يتخذ بها كل من الأطفال والبالغين الخيارات الأخلاقية وكيف يمكن للتفكير الأخلاقي أن يؤثر على القرارات والسلوكيات.