ما هو حق اليقين وعين اليقين ومراتبها

اليقين هو


اليقين

وهي كلمة أصلها الفعل وقى، ويكون في صيغة المضارع منسوباً لضمير الجميع المؤنث، وإن جذره هو وقي، ويقال يقن يقيناً أي هو القطع بالشيء والعلم به بحد لا يشوبه شك، وإن اليقين هو الاعتقاد الجازم بالإضافة إلى أنه العلم الذي لا شك فيه ومنه الشهادة على اليقين، وقد قال

الله

تعالى في كتابه العزيز: “وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ_ حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ “[4]

مراتب اليقين

إن من أعلى مراتب الإيمان هي مرتبة اليقين، فيجب أن يحاول الإنسان المؤمن ان يحاول جاهداً أن يصعد في الدرجات وأن لا يكتفي بدرجات الاعتقاد التي تكون أولية، فعليه أن يكون قوي اليقين حتى يخرج من امتحانات الدنيا وابتلاءاتها بنجاح، فنستطيع أن نتطرق إلى

قصة

سيدنا إبراهيم عليه

السلام

عندما طلب المزيد من درجات الإيمان، وقد تم ذكره في

القرآن الكريم

فقد قال الله سبحانه وتعالى: “

وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ”،


وقال تعالى عز وجل: “وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ”، فكان سيدنا إبراهيم عليه السلام على يقين تام ولكنه أراد من الله الزيادة في يقينه، وإن اليقين ليس على مرتبة واحدة، بل يتألف من مراتب وتتجلى في :


  • المرتبة الأولى

    : علم اليقين، وتتجلى هذه المرتبة في العلم بما أخبر الرسل الأقوام والناس وكانت مبنية على أدلة.

  • المرتبة الثانية

    : عين اليقين وتكون بمعاينة الناس ما وعدوا به من الثواب والعقاب، بالإضافة إلى

    الجنة

    والنار.

  • المرتبة الثالثة:

    حق اليقين، وتكون عندما يباشروا في ما عاينوه أي دخول أهل الجنة الجنة وقد ذاقوا ما كانوا يوعدون، بالإضافة إلى دخول أهل النار النار وقد ذاقوا بما وعدهم الله تعالى.[1]

معنى علم اليقين

يتجلى

معنى

علم اليقين بأنه هو ما علمه الإنسان عن طريق السماع والخبر بالإضافة إلى القياس والنظر، فعلى سبيل المثال إذا أخبر أن هناك عسلاً فقد تم تصديق

الخبر

أو أن يرى آثار

العسل

ففي هذه الحالة يكون قد استدل على وجوده، فعلم اليقين هو الدرجة الأولى من درجات اليقين.

معنى عين اليقين

يتجلى معنى عين اليقين بأنه هو ما شاهده وعاينه الفرد بالبصر، فعلى سبيل المثال مثل الإنسان الذي رأى العسل وشاهده ثم عاينه وإن عين اليقين هو أعلى من علم اليقين وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “ليس المخبر كالمعاين”، وهي الدرجة الثانية من درجات اليقين.

معنى حق اليقين

ويتجلى معنى حق اليقين في أنه هو ما باشره الإنسان ووجده ثم ذاقه وعرفه بالاعتبار، فعلى سبيل المثال كالإنسان الذي ذاق العسل واستطعم بحلاوته، وإن حق اليقين هو أعلى من عين اليقين بالمرتبة، لهذا يشير أهل

المعرفة

إلى أنه عندهم من الذوق والوجد، وقد قال رسولنا الكريم عليه

الصلاة

والسلام في حديث صحيح:

“ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان : من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ومن كان يحب المرء لا يحبه إلا لله ومن كان يكره أن يرجع إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار”،

وأيضاً قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: ”


ذاق طعم الإيمان : من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا


“.

فحق اليقين هو أن يحصل للإنسان من الذوق والوجد في نفسه، فقد قال بعض الشيوخ: ” لقد كنت في حال أقول فيها إن كان أهل الجنة في الجنة في مثل هذا الحال إنهم لفي عيش طيب “، وقال آخر: “إنه ليمر على

القلب

أوقات يرقص منها طربا”.

ما الفرق بين عين اليقين وحق اليقين وعلم اليقين

إن الفرق ما بين عين اليقين وحق اليقين وعلم اليقين حسب ما قاله الإمام ابن

القيم

في مدارج السالكين هو:


  • علم اليقين

    هو أن تسمع بالشيء ولكنك لا تراه وبعدها قد تيقنت منه فهذا يتجلى بمفهوم علم اليقين وهو على موجب الاصطلاح ما كان بشرط البرهان.
  • بينما

    حق اليقين

    هو أن تتيقن من أن الأمر الذي علمت به هو أمر صحيح مثل أن يخبرك الثقاة بأمور تواترية تتصف بأنها تبلغ حد التواتر، ففي هذه الحالة يكون لديك درجة حق اليقين، أي ما كان بنعت العِيَان.
  • أما

    عين اليقين

    هو أن ترى الشيء بنفسك، أي ما كان بحُكم البيان، أي بطريق الكشف عنه.
  • فإن

    علم اليقين

    يكون لأرباب العقول بينما عين اليقين يكون لأصحاب العلوم، وإن أصحاب المعارف يكونوا في حق اليقين.

ويقول الشيخ زكريا الأنصاري في شرحه للرسالة: “هذه الألفاظ عبارات عن علوم جليَّة مع تفاوتها في القوة، بِنَاءً على أنَّ اليقين مقول على أفراده بالتَّشكيك والثلاثة مذكورة في القرآن”.[3]


ومن الأمثلة على عين اليقين تتجلى في:

أن تسمع بأن الناس تقول أن العسل لذيذ الطعم فيتكون لديك جزم من هذه المعلومة عن أنه طيب المذاق فهذا علم اليقين، بينما عندما يخبرك الأطباء أن العسل هو من أفضل الأدوية فيكون لديك حق اليقين، أما عندما تتذوق العسل فيصبح لديك عين اليقين، وأيضاً نستطيع توضيح معنى عين وعلم وحق اليقين بأننا عندما نعلم بالجنة والنار هذا يتجلى بعلم اليقين، فإذا أزلفت الجنة في الموقف وشاهدها الخلائق، وقد برزت الجحيم للغاوين وأيضاً عاينها الخلائق فهذا هو عين اليقين، فعندما يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار هذا هو حق اليقين، ومن الأدلة التي تم ذكر اليقين :

  • قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز في سورة التكاثر آية 4 – 5 : “ثُمّ َكَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ”.
  • وقد قال الإمام ابن القيم عن منزلة اليقين: ” إن منزلة اليقين هو من الإيمان بمنزلة الروح والجسد، وبه تفاضل العارفون وفيه تنافس المتنافسون وإليه شمر العاملون، وعمل القوم إنما كان عليه وإشارارتهم كلها إليه، وإذا تزوج

    الصبر

    باليقين ولد بينهما حصول الإمامة في الدين”.
  • وقال الله سبحانه وتعالى في سورة السجدة آية 24: “وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ”.
  • وقد خص الله سبحانه وتعالى أهل اليقين فقال في سورة الذاريات آية رقم 20: “وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ”.
  • وإن أهل اليقين خُصصوا بالهدى والفلاح من بين العالمين فقال الله سبحانه وتعالى في

    سورة البقرة

    آية 4-5: “والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون* أولئك على هدىً من ربهم وأولئك هم المفلحون”.[2]
  • وقال تعالى في سورة التكاثر: “ثم لترونها عين اليقين”.
  • وقال تعالى في سورة الواقعة: “إن هذا لهو حق اليقين”.