ما معنى الحنث باليمين ؟.. وما هي كفارته
ما معنى الحنث باليمين
معنى
الحنث باليمين أن يقوم شخص بإخلاف اليمين الذي قام به وسمي القسم يمين لأنهم أثناء العصر الجاهلي إذا حنثوا باليمين فيما بينهم أخذ كل واحد يمين صاحبه وقيل لأن الحنث باليمين أقوى بالقسم كما أن
اليد
اليمنى أقوى من اليسرى فهي من نقوم بها بفعل كل شيء أما تعريف اليمين اصطلاحاً فهو تأكيد للحكم بذكر اسم أو صفة
الله
عز وجلَّ وما يرتبط بذلك بشكل خاص.
وللاستفادة أكثر نذكر أقسام اليمين باختصار فنقول أقسامها ثلاثة:
-
المبحث الأول:
الوفاء
وهو: أن يحلف على شيء في
المستقبل
أن يفعله أو لا يفعله أقسم أن تفعل ذلك. -
المبحث الثاني:
يمين اللغو وليس هناك إلزام أن يكون في هذا النوع كفارة.
لا يجب في يمين اللغو كفارة وفي تفسيره أقوال:
-
القول الأول المذهب الحنبلي:
وقال ابن تيمية وابن
القيم
وابن حزم: لم تجمع بين شيئين: ما يحدث على لسان المتكلم بغير قصد واليمين الذي يحلفه يعتقد هو صادق مع نفسه وفي الواقع تبين أن الأمر مختلف عما كان يعتقده سواء كان في الماضي أو الحاضر أو المستقبل. -
القول الثاني المدرسة الشافعية:
وهي القسم الذي يتم على لسان المتكلم بغير نية سواء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل. -
القول الثالث المذهب الحنفي والمالكي:
أن يقسم بالبطالة بناءً على ما يراه فيتبين أنه يختلف عنه وإذا كان الأمر كذلك الآن أو في المستقبل فهو كفارة. -
القول الرابع المذهب الشعبي والمسروق:
وهو يمين على ارتكاب المعاصي. -
القول الخامس مذهب سعيد بن جبير:
وهو اليمين الذي ينهى به الإنسان عن نفسه ما أحله الله له.
وعند
النظر
إلى تلك المذاهب نجد أن الراجح فيها هو القول الأول (المذهب الحنبلي).
-
المبحث الثالث:
اليمين الكاذبة وقد سميت بذلك لأنها تغرق صاحبها في المعاصي وتعريفها عند جمهور العلماء أنه يمين أن يحلف على شيء وهو كاذب وعلم وفي هذا النوع خلاف في وجوب الكفارة حيث ذهب جمهور العلماء إلى أن الكفارة لا تجب فيها بل عليه
التوبة
والاستغفار.[1]
كفارة الحنث باليمين
قال الله تعالى في سورة المائدة الآية 89 (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
كثير منا يتساءل عن كفارة الحنت باليمين فمثلاً إذا قام شخص بالحنث باليمين على شيء وأخطأ هل يجب عليه إخراج كفارة أيضاً؟ بالطبع لا فالحنث الذي به كفارة هو الحنث على المستقبل وكذلك الحلف على الماضي ليس به كفارة فمثلاً يسأل
شخص آخر هل أكلت لحم أمس فيقول له ويحلف أنه لم يأكل لحم أمس ذلك ليس ضمن الحنث باليمين ذلك “كذب” وعليك أن تستغفر منه وتتوب من ذلك فقط ولا داعي أن يكون هناك كفارة وتقوم بإخراج أي مال فالحنت باليمين أي يقوم شخص بالحلف ولكن على شيء في المستقبل على سبيل المثال اقسم بالله سأذهب معك فإذا لم تفعل ذلك فذلك حنث باليمين وتسمى “اليمين المنعقدة” وتلك التي يكون بها كفارة.
إذا أقسم أي شخص بالله تعالى أو بإحدى صفاته أو بالقرآن الكريم على شيء ونقض ذلك فعليه التكفير عن الذنب:
- إطعام عشرة محتاجين من وسط قوت أهله.
- الكسوة بالنسبة للرجال قميص وإزار وبالنسبة للنساء جلباب وخمار.
- تحرير رقبة مؤمنة سليمة من العيوب.
يرجى الذكر، إذا لم يستطع أحد القيام بكفارة “الحنث باليمين” فعليه الصيام ثلاثة أيام والتوبة إلى الله.
[2]
حكم الحنث باليمين
الحنث باليمين ليس من الذنب إلا إذا حلف على فعل واجب أو ترك فعل محرم وجوب الالتزام بهذا القسم وإن لم يكن الحلف على فعل واجبة أو ترك المحرم فيحنث الإنسان بيمينه ولكن الأول أن يحلفها إلا إذا كانت الحنث باليمين حسنة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين ثم رأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه كما لا تجب توبة
الحلف بل تستحب ومن حلف بغيره وحلف بهذا اليمين فلا يأثم بذلك ولا يلزمه إباحة ذلك الشخص بل تجب الكفارة على اليمين ومن تاب من معصية لم يتعرض لها ولا يستحق عذاباً لا في الدنيا ولا في الآخرة حيث قال ابن تيمية: ونحن حقيقة قولنا أن التائب لا يعذب لا في الدنيا ولا في الآخرة، لا شرعاً ولا قدراً.
وقال الموفق ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: فَإِنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَيَفْعَلَنَّ فُلَانٌ كَذَا، أَوْ لَا يَفْعَلُ. أَوْ حَلَفَ عَلَى حَاضِرٍ، فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ كَذَا، فَأَحْنَثَهُ، وَلَمْ يَفْعَلْ، فَالْكَفَّارَةُ عَلَى الْحَالِفِ. كَذَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ، وَعَطَاءٌ، وَقَتَادَةُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ، وَالشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ هُوَ الْحَانِثُ، فَكَانَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ كَانَ هُوَ الْفَاعِلَ لِمَا يُحْنِثُهُ، وَلِأَنَّ سَبَبَ الْكَفَّارَةِ إمَّا الْيَمِينُ، وَإِمَّا الْحِنْثُ، أَوْ هُمَا، وَأَيُّ ذَلِكَ قُدِّرَ فَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْحَالِفِ. وَإِنْ قَالَ: أَسْأَلُك بِاَللَّهِ لَتَفْعَلَنَّ. وَأَرَادَ الْيَمِينَ، فَهِيَ كَاَلَّتِي
قَبْلَهَا… ثم قال: وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإبرار المقسم، رواه البخاري، وهذا -وَاَللَّهُ أَعْلَمُ- عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ، لَا عَلَى سَبِيلِ الْإِيجَابِ؛ بِدَلِيلِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ: أَقْسَمْت عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَتُخْبِرَنِّي بِمَا أَصَبْت مِمَّا أَخْطَأْت. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُقْسِمْ يَا أَبَا بَكْرٍ» وَلَمْ يُخْبِرْهُ. وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ إبْرَارُهُ لَأَخْبَرَهُ.
وبناءً عليه ومن تاب توبة نصوحة لم يفضحه الله في الآخرة ونرجى الله أيضاً ألا يتعرض لفضيحة في الدنيا وأما كلام ابن حجر فيقول عن العاصين الذين لم يتوبوا فمن أفصح منهم عن معصيته ينكشف يوم القيامة وأما التائب فلا يدخل في ذلك هذا التهديد لأن التائب من الذنب هو الذي لا يخطئ (التائب من الذنب كمن لا ذنب له).[4]
معنى الحنث في القرآن
هناك العديد من أقوال المفسرين في تفسير قوله تعالى في سورة الواقعة الآية 46: “وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الحِنْثِ العَظِيمِ”.
- حيث جاء تفسير ابن عباس: الحنث العظيم أي الشرك بالله.
- قال المجاهد والضحاك وعكرمة وقتادة والسدي أنه إثم عظيم إذا لم يتوبوا عنه والحنث العظيم أي الشرك بالله.
- وجاء تفسير الشعبي: هي يمين الغموس والغموس هو التعمد في الحلف على الكدب.
و على الرغم من ذلك لا تتناقض هذه الأقوال لأن الحنث عند العرب إثم وذنب ولا شك في أن الشرك بالله أكبر إثم ولا شك في أن الحنث باليمين إثم عظيم.[3]
معنى الحنث في الطلاق
الواجب على جماهير العلماء أن من أقسم بالطلاق وحنث بيمينه أسقط طلاقه ولم نجد القول المذكور منسوباً إلى بعض الشافعية في سياق اليمين إلا شيخ
الإسلام
ابن تيمية –
رحمه الله
– ومن اتفق معه يرى أن الحلف بالطلاق ووقفه بنية الإقرار أو التهديد ونحوه ليس هناك طلاق بالحنث باليمين لكن يلزم من يحلف أن يكفر باليمين كما ذكرنا كيف يقوم بذلك من قبل.
وإذا تصرفت على قول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – فيحق لك الكفارة عن اليمين والطلاق لا يقع على الحنث بكفارة بل هو دين عليك والتكفير عن الذنب يصح دفعه قبل الحنث باليمين أو بعده وإذا أقسمت أن المرأة لن تدخل المنزل فلا تحلف يمين قدومها إلى المنزل دون دخولها الشقة علينا أن نعلم إن وسواس الشيطان يؤدي إلى المنكر والبلاء والابتعاد عنه خير علاجه.[5]