امتحان المؤمنين يوم القيامة

ما هو امتحان المؤمن يوم القيامة


يثور سؤال في أذهان الناس عن حال المؤمنين يوم القيامة، وبالأخص، عن ما يقابلوه من امتحانات، واختبارات، وذلك لأن يوم القيامة يوم شديد، وله أهواله، وشدته، ولا يمر على الخلق هين، في كل مراحله، بما فيها

القنطرة

، لذا فالاستعداد لمثل هذا اليوم والعمل من اجله أمر هام، وضروري، ومعرفة امتحاناته كذلك أمر ضروري.


وليس لأهل الإيمان يوم القيامة امتحان، ولا ابتلاء ولا اختبار، ولا حزن، ولا أي مما يدور على باقي الخلق، لأن في يوم القيامة لا امتحان لا للمؤمن، ولا الكافر وإنما يمتحن فئة اخرى غيرهم، ممن لم تصلهم الرسالة، أو وصلتهم وهم غير مدركين، وفي ذلك روي حديث نبوي.


وعن أنس بن مالك قال: قال رسول

الله

صلى الله عليه وسلم: يؤتى بأربعة يوم القيامة بالمولود وبالمعتوه وبمن مات في الفترة وبالشيخ الفاني كلهم يتكلم بحجته فيقول الرب تبارك وتعالى لعنق من النار أبرز فيقول لهم إني كنت أبعث إلى عبادي رسلا من أنفسهم وإني رسول نفسي إليكم ادخلوا هذه، فيقول من كتب عليه الشقاء يا رب أين ندخلها ومنها كنا نفر، قال: ومن كتب عليه

السعادة

يمضي فيقتحم فيها مسرعا، قال: فيقول الله تبارك وتعالى أنتم لرسلي أشد تكذيباً ومعصية فيدخل هؤلاء

الجنة

وهؤلاء النار.


ومن أحوال وامتحان المؤمنين يوم القيامة يمكن ذكر بعض المشاهد التالية، ذلك لإن يوم القيامة فيه أحوال متباينة، والخلق فيه كذلك أيضاً أنواع، وأحوال فمنهم أهل الأيمان وهم الذين حين يفزع الناس يؤمنون من الفزع، وإذا حزن الناس، لا يحزنون هم، فهم الذين كتب لهم الخير والسعادة، وفيهم قال الله سبحانه وتعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ ۝ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ ۝ لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ )، [الأنبياء: 101- 103].


لذا فإن يوم القيامة هو يوم الفزع الأكبر، والذي فيه بعض الخلق يأمنون من هذا الفزع، وهم أهل الإيمان والتقوى، الذي تقابلهم الملائكة وتخبرهم إن هذا يومهم الذي كانوا به يوعدون، هؤلاء المؤمنين لا يقلقهم نفس ما يقلق منه الناس، ومنه كذلك حين ينفخ في

الصور

ويقوم الخلق من القبر فزعين من الخوف.


وفي ذلك قال بن عبد الرحمن “كنت عند ابني صالح وهما علي والحسن -رحمهما الله- إمامان كبيران، ورجل يقرأ: لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ، فالتفت علي إلى أخيه الحسن وقد اخضر واصفر فقال: يا حسن إنها أفزاع فوق أفزاع، ورأيت الحسن أراد أن يصيح ثم جمع ثوبه فعض عليه حتى سكن عنه، وقد ذبُل فمه واخضار واصفار”. [سير أعلام النبلاء: 7/370].


وهذا هو الحال لما سمع قوله الله سبحانه وتعالى، ( لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ، وصف الله الذين يأمنون من يوم الفزع الأكبر بأنهم أهل الإيمان والتقوى، فقال : أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ۝ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ۝ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ[يونس: 62-64]، ينجي الله الذين أمنوا بالتقوى وينجيهم كذلك بالعمل الصالح وبالإيمان ويجنبهم مصير مثوى الكافرين.


وفي قول لله سبحانه وتعالى: ( وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ ۝ وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ )، [الزمر: 60-61]، لذلك فهناك حزن في هذا اليوم، وأيضاً فزع ينجي فيه الله من شاء، وهم أهل الإيمان والتقوى من الفزع ومن الحزن.


مراحل يوم القيامة


ويوم القيامة كما هو معلوم عند أهل السنة والجماعة، ليس مرحلة واحدة فقط بل هو مراحل يمر بها الإنسان، ولها من الترتيب بحسب ما ذكروا، والذي قرَّرَهُ المحققون من أهل العلم كما يلي:


المرحلة الأولى هي مرحلة البعث والذهاب إلى أرض المحشر، ثم القيام في أرض المحشر قيام طويل، يشتد فيه حال الخلق وعطشهم، ويخشون الله في ذلك اليوم خوف، فظيع، وشديد بسبب طول فترة الانتظار، وتأكدهم من قرب الحساب ، وما سيحدث لهم من ربهم. [1]


ثم إذا طال الحال، رفع الله سبحانه وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر، الحوض المورود، حتى يكون حوض النبي صلى الله عليه وسلم في عرصات القيامة، ويشتد قيام الخلق لربهم سبحان الله وتعالى، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.


فمن كان حين الموت على سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يغَيِّرٍ ولم يحْدِثٍ ولم يبَدِّلْ في الدين، ولا في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وَرَدَ على الحوض، وسُقِيَ منه، فيكونُ أول

رسالة

أمان للإنسان أن يسقى من حوض النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم بعد ذلك يرفع لكل نبي من

الأنبياء

حوضه، ليسقي منه الصالح من أمته.


ثم بعد ذلك يقوم الناس مقام طويل، ثم بعد ذلك يكون مقام الشفاعة العظمى، شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، بأن يُعَجِّلَ له الله سبحانه وتعالى

حساب

الخلائق، في الحديث، أنهم يسألونها

آدم

ثم نوحاً ثم إبراهيم، إلى آخره، فيأتون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون له يا محمد ، ويصِفُونَ له الحال ، وأن يسأل الله تعالى أن يقي الناس الشدة بسرعة الحساب ، فيقول صلى الله عليه وسلم بعد طلبهم اشفع لنا عند ربك ، يقول ( أنا لها ، أنا لها ) ، فيأتي عند العرش ، فيخر فيحمد الله – عز وجل – بمحامد يفتحها الله – عز وجل – عليه، ثم يقال : يا محمد ارفع رأسك ، وسل تُعْطَ واشْفَعْ تُشَفَّعْ ، فتكون شفاعته العظمى في تعجيل الحساب .


هل يفزع المؤمن يوم القيامة


إن يوم القيامة فيه العديد من المشاهد، وكذلك الكثير من المواقف، والأهوال ما يكون سبب كافي لأن يفزع المرء ويشعر بالخوف حتى الشخص الذي عرف انه مبشر بالنجاة من قبل ذلك، حيث أن الكون كله يتغير بنظام لم يعرفه الخلق من قبل، حيث تقترب الشمس من الناس، وتتبدل الأرض، وتطوى السماوات، وقد بين سبحانه وتعالى شدة أهوال هذا اليوم، فقال: يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ {الحج:2}.


أحاديث الحوض يوم القيامة


يعرف الحوض يوم القيامة من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه قال النَّبي صلى الله عليه وسلم خين قال “أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ، فَمَنْ وَرَدَهُ شَرِبَ مِنْهُ، وَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهُ أَبَدًا، لَيَرِدُ عَلَيَّ أَقْوَامٌ أَعْرِفُهُمْ، وَيَعْرِفُونِي، ثُمَّ يُحَالُ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ”.


وحديث جندب رضي الله عنه قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: “أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ”، والفرط: هو الذي يسبق إلى الحوض.


قال ابن

القيم

رحمه الله: ” قد روى أحاديث الحوض أربعون من الصحابة، وكثير منها، أو أكثرها في الصحيح “.


وقال السيوطي رحمه الله: ”

ورد

ذكر الحوض من بضعة وخمسين صحابيًا منهم: الخلفاء الأربعة الراشدون، وحفّاظ الصحابة المكثرون، رضوان الله عليهم أجمعون “. [2]