شرح قصيدة حديقة الغروب لغازي القصيبي .. وتحليلها

ما هي قصيدة حديقة الغروب

إن قصيدة حديقة الغروب هي قصيدة قد تم كتابتها من قِبل الشاعر غازي القصيبي وهي قصيدة شعرية وهي من القصائد الرائعة له وقد تغنى بها لعزيزته وزوجته قبل أن يتوفى وينتقل إلى جوار ربه، وهنا في هذا المقال سنذكر بالتفصيل شرح قصيدة حديقة الغروب حيث أننا يجب أن نفيها حقها في الشرح لأنها من القصائد المؤثرة، وإن غازي القصيبي من الشعراء الذين لديهم نصوص وأشعار عديدة وإن قصيدة حديقة الغروب هي من


أشهر نصوص غازي القصيبي


.

من هو غازي القصيبي

إن غازي القصيبي هو الشاعر الفيلسوف الوزير والذي تميز بـ


صفات غازي القصيبي


الرائعة وتفرد بشخصيته المتميزة، فقدعاش غازي ومات وهو غازي أيضاً، ولديه الخبرة في عدة مجالات ومنها خبرته في تشغيل القطارات والتدريس الجامعي وأيضاً لديه معرفة جيدة في إدارة الموانئ بالإضافة إلى التسويق الصناعي وأيضاً شبكات توزيع الكهرباء، فقد حاول دائماً أن يكون مع التنمية ومحارباً للتخلف ويقف مع الحرية ويقف في وجه التسلط، وقد وصل لقناعة من محصلة تجربته الطويلة وخاصة في الخدمة المدنية بأن

التعليم

بكل وجوهه التدريبية بالإضافة إلى الوجه النظري والعملي له هو المفتاح الأساسي للتقدم، وإن من منظوره الشخصي يرى أن بداخل كل إنسان يحتوي على عدة أشخاص ويكسب كل شخص موسمه من خلال

الحياة

، وقد توفي في الخامس عشر من  شهر أغسطس.

كلمات قصيدة حديقة الغروب لغازي القصيبي

إن قصدية حديقة الغروب لغازي قصيبي هي من إبداعات الشاعر غازي وقد كتب هذه القصيدة قبل أن توافيه المنية بفترة

قصيرة

فقد وجه كلامه فيها لزوجته ووطنه، وقد تجلى اعترافه بذنبه لرب العالمين وما فعله في حياته، فإن كلمات قصيدة حديقة الغروب كالتالي:

خمس وستون في أجفان إعصار ** أما سئمت ارتحالا أيها الساري..

أما مللت من الأسفار ما هدأت ** إلا وألقتك في وعثاء أسفار..

أما تعبت من الأعداء ما برحوا ** يحاورونك بالكبريت والنار..

الصحب أين رفاق

العمر

هل بقيت ** سوى ثمالة أيام وتذكار..

بلى أكتفيت وأضناني السرى وشكا ** قلبي العناء ولكن تلك أقداري..

أيا رفيقة دربي لو لدي سوى ** عمري لقلت فدى عينيك أعماري

أحببتني وشبابي في فتوته ** وما تغيرت والأوجاع سماري..

منحتني من كنوز

الحب

أنفَسها ** وكنت لولا نداك الجائع العاري

ماذا أقول وددت

البحر

قافيتي ** والغيم مجبرتي والأفق أشعاري

إن ساءلوك فقولي كان يعشقني ** بكل ما فيه من عنف وإصرار

وكان يأوي إلى قلبي ويسكنه ** وكان يحمل في أضلاعه داري

وإن مضيت فقولي لم يكن بطلاً ** لكنه لم يقبل جبهة العار

وأنت يا بنت فجر في تنفسه ** ما في

الأنوثة

من سحر وأسرار

ماذا تريدين مني إنني شبح ** يهيم ما بين أغلال وأسوار

هذه حديقة عمري في الغروب كما ** رأيت مرعى خريف جائع ضار

الطير هاجر والأغصان شاحبة ** والورد أطرق يبكي عهد آذار

لا

تتبع

يني دعيني واقرئي كتبي ** فبين أوراقها تلقاك أخباري

وإن مضيت فقولي لم يكن بطلاً ** وكان يمزج أطواراً بأطوار

ويا بلادا نذرت العمر زهرته ** لعزها دمت إني حان إبحاري..

تركت بين رمال البيد أغنيتى ** وعند شاطئك المسحور أسماري..

إن سائلوك فقولي لم أبع قلمي ** ولم أدنس بسوق الزيف أفكاري..

وإن مضيت فقولي لم يكن بطلاً ** وكان طفلي ومحبوبي وقيثاري

يا عالم الغيب ذنبي أنت تعرفه ** وأنت تعلم إعلاني وإسراري..

وأنت أدرى بإيمان مننت به ** علي ما خدشته كل أوزاري ..

أحببت لقياك حسن الظن يشفع لي ** أيرتجى العفو إلا عند غفار..[2]

شرح قصيدة حديقة الغروب

نجد أن في قصيدة حديقة الغروب قد تناول الشاعر أربع محاور مختلفة بالإضافة إلى أنها تجلى فيها أبعاد وصور من الحياة وقد توزعت في أبيات هذه القصيدة، فقام بتصوير حياته التي عاشها بكل جوانبها وتحدث عنها، وكأنه يراجع شريط حياته وقد قام بمحاسبة نفسه عما بدر منها وعمل على الاعتراف لربه بكل ما عمل به في حياته، وهذا الشيء إن دل على شيء إنما يدل على قمة

الرقي

بالنفس والحساب لها، فنفسه تقول حاسب نفسك قبل أن تحاسب، وقد تطرق الكاتب إلى البعد النفسي في هذه القصيدة عندما خاطب نفسه، بالإضافة إلى البعد الجماعي والبعد المجتمعي والوطني بالإضافة إلى البعد الإلهي عندما خاطب

الله

سبحانه وتعالى وإن شرح قصيدة حديقة الغروب ستتجلى في هذه الأبعاد التي ذكرناها وتتجلى في:

  • البعد النفسي في القصيدة قد تجلى بأبياتها الأولى بمحادثة نفسه عندما قال أنه عاش خمس وستون عاماً في معاركة هذه الحياة وفي إعصارها وقد سأل نفسه فهل ملت من الحياة والتنقل فيها أم سئمت

    السفر

    والترحال في دروبها، فكلما لجأت نفسه إلى الراحة والهدوء تتلقى أحد أعاصير الحياة وتعبها حتى يسافر من جديد ثم يعود لنفسه ويسألها إذا ما شعرت بالتعب من أعدائها الذين حاربوه واستخدموا الكبريت والنار، وإن القصيبي يتساءل عن رفاقه أين هم وأين ذهبوا؟، ويبين أنه لم يتبقى له شيء في هذه الحياة إلا ذكرى الماضي وإن أقداره في الحياة تخللها العناء في قلبه.
  • أما الجزء الثاني فقد تطرق الشاعر إلى بعد

    العائلة

    وقد خاطب زوجته وعائلته وقد وصفها بأنها رفيقة دربه وقد أحبها كثيراً وأنه يفدي عينيها بأعماره من

    حب

    ه لها، فهي أحبته أيضاً وبادلته هذه المشاعر ولم تتغير حتى في وقت الشدة وقد كانت مخلصة في حبها، وقد شبهها بقطرات الندى ولولا وجودها لغدا عارياً جائعاً، وقد قال لها أنه لا يعرف ماذا يريد القول فهو يتمنى أن يكون حجم البحر هو القافية التي يأخذ منها كلماته الموجهة لها، وأن تكون المحبرة التي يكتب بها هي الغيوم، وأن الأفق الواسع يتجلى بحجم أشعاره لها، وأخبرها إن سألوها تخبرهم بأنه كان يعشقها بكل عنف وهذا يدل على شدة حبه لها، ويخبرها في أبياته أنه إذا مات ووافته المنية أن تقول للجميع وتتحدث عنه بأنه كان بطلاً ولكن ليس بطل شهيد المعركة وإنما البطل الذي لم يرضَ يوماً الذل ولا الإهانة ولم يقبل جبين العار .
  • أما البعد العائلي الذي تطرق إلى ابتنه ويقول لها بنت الفجر الذي يتنفس باكراً وأنها هي الفتاة التي توحي بالأنوثة و يسألها ماذا تريد منه؟، ويشبه نفسه بأنه شبح راحل عن قريب وهنا يريد أن يوصل لها فكرة أنه كبر في العمر وغدا سارح البال وشارد الذهن، ويقول أن هذه هي الحديقة التي تخصه، وإن عمره قد اقترب من النهاية، وقد شبه نفسه بالمرعى الذي يظهر في فصل الخريف حيث أنه يغدو كل شيء يابس في هذا الفصل وتجف الخضار ويغدو بلا مأكل في هذا المرعى ويصاب الجميع بالجوع، وهناك

    الطيور

    التي تهاجر عند قدوم هذا الفصل، فإن عمره كالورد الذي يذبل ويشتاق ويبكي على عهد الشباب، ويقول لابنته أن لا تتبع خطاه وأن تكتفي بقراءة ما كتبه.
  • أما بعد

    الوطن

    فهنا يخاطب الشاعر وطنه ويقول له بأنه نذر عمره وحياته وطوعها لخدمته ويدعو للبلاد أن تدوم بالإضافة إلى أنه يخبرها على أن موعد رحيله قد اقترب، وأنه سيترك بين رمال صحراء بلاده أغنيته، ويخبره بأنه إذا سألوه عن القصيبي فليقل عنه أنه لم يبع قلمه ولم يدنس أفكاره بأفكار مزيفة بل كان طفل الوطن بالإضافة إلى أنه

    محبوب

    الوطن الذي قام بإفناء عمره في حب بلاده.
  • البعد الإلهي وقد تجلى في المقطع الأخير وقد تجلى في أبياته حديث الشاعر مع ربه ويقول له يا عالم الغيب أنت تعرف ذنبي ولا يخفى عنك شيء، فإن أسررت وخبأت شيء في نفسي فأنت تعلمه وما أنوي أن أفعله فأنت تعرفه أيضاً، وقد منحتني الإيمان الذي بيني وبينك ومننت علي به، وإن ذنوبي التي ارتكبتها لم تضيع إيماني، ويخبر الله تعالى أنه ينتظر الموت حباً بلقائه.[1]

تحليل قصيدة غازي القصيبي

عندما نحلل قصيدة حديقة الغروب نستشعر فيها كمية المشاعر التي تم انتقائها واستخدامها، وإن

الحزن

الذي تجلى فيها قد أكسب القصيدة

صبغة

أساسية تدور حولها الأفكار الأخرى، وقد استخدم الشاعر العديد من

الصور

والتشابيه البيانية والبلاغية التي تدل على شاعر فذ، وإن ما بين السطور نستنتج أنه كان يقرأ

الرحيل

منذ أن كتبها، فعندما تم إعلان الرثاء امتلأت الدنيا وقد انتقلت الحديقة الرثائية إلى الكثير من الصحف المحلية والعربية.