تعريف الأدب الصوفي وأنواعة .. وأبرز خصائصه
تعريف الأدب الصوفي
هو الأدب الذي أنتجه الزُهاد والصوفية بمختلف اتجاهاته السنية والفلسفية حيث يتكون الأدب الصوفي من أعمال بلغات مختلفة تعبر عن أفكار الصوفية وتدافع عنها وكان للصوفية تأثير مهم على أدب العصور الوسطى وخاصةً الشعر الذي كان يكتب باللغات العربية والفارسية والتركية والأردية حيث وفرت المذاهب والمنظمات الصوفية حرية للأدب أكثر مما قدمه شعر البلاط في تلك الفترة واستعار الصوفيون بعناصر الفولكلور في أدبهم.
كانت أعمال نظامي ونفاعي وحافظ وسمعاني وجامي مرتبطة بشكل أو بآخر بالصوفية حيث احتجت آيات شعراء الصوفيين مثل Sanai (توفي حوالي 1140) وAttar (مواليد 1119) وRumi (توفي 1273) ضد الظلم مع التركيز على العدالة الإلهية وانتقدت الحكام الأشرار والتعصب الديني والجشع والنفاق من رجال الدين المسلمين والأرثوذكس وكانت الأشكال الشَّعرية التي استخدمها هؤلاء الكتاب شبيهة بالأغنية الشعبية والحكاية الخيالية.
ازدهر الشعر الصوفي المكتوب بالفارسية من القرن الثاني عشر إلى القرن الخامس عشر ومن بين الشعراء الرئيسيين الذين ارتبطوا بالتقاليد الصوفية في وقت لاحق هاتف الأصفهاني (القرن السابع عشر) وعبد القادر بدل (القرن الثامن عشر) وياور همداني (القرن العشرين).
أنواع الأدب الصوفي
الرسائل الحجازية والأمداح النبوية
وهي تعتبر من ذيول السيرة النبوية وهي البذرة الأولى في الشعر الديني كما أنه وثيق الصلة بالزهد والتصوف حتى أن بعض الباحثين اعتبره أحد فنون الشعر التي انتشرت فيها الصوفية.
تعتبر
الحروف
الحجازية فناً شائعاً في العصور الوسطى حيث يلجأ الصوفيون إلى التأديب عندما يتم منعهم من أداء فريضة الحج وزيارة قبر النبي صلى
الله
عليه وسلم وظهر هذا الفن في بجاية مع الصوفي أبي عبد الله محمد بن صالح الشاطبي وهو يقول كله لوعة على زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم:
أرى
العمر
يفنى والرجاء طويل وليس إلى قرب الحبيب سبيل
حباه إله الخلق أحسن سيرة فما
الصبر
عن ذاك الجمال جميل
متى يشفى قلبي بلثم تربه ويسمح دهر بالمزار بخيل.
بالنظر إلى
قصائد
التسبيح نجد أن الصوفيين تمسكوا بساطة الأسلوب وسهولة الكلام مستعينين بالكلام المباشر في
مدح
الرسول صلى الله عليه وسلم والاستعانة به شفيعاً للخلق من الذنوب كما إنه تراث ديني واجتماعي أكثر من كونه تجربة شخصية للشوق.
الأوراد
وهي عبارة عن آيات وثناء ودعاء وسلام على النبي وعلى آله وصحبه يتخللها
دعاء
ومختوم بالدعاء أو الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم أو بتلاوة آيات من
القرآن الكريم
يكون في وقت محدد من كل يوم بعد
الصلاة
أما الحزب فيتم قراءته طوال
الوقت
وهو ذكر حيث يستخدمها الطامع للتقرب من الله وتقرأ
الورود
جماعية أو منفردة وغالباً ما يُقرأ الحزب في مجموعة.
تتميز الأوراد بالأسلوب الرفيع لأنهم موجهون نحو العقل والروح واتخذ العلماء مواقف مختلفة وتحدث ابن
القيم
الجوزية عن أثرها النفسي وأهمية الاستعانة بها في تجاوز المصائب واعتبرها الإمام الشاطبي بدعة جديدة.
الأحزاب
وهي مجموعة من الأدعية التي تكون قراءاتها بعض الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة للنبي التي يقرأها المأمول في أوقات معينة وتهدف إلى تقويته وتحصينه بالطاقة الروحية التي تمنحه الطمأنينة واليقين والحزب لغة أحزاب أي جماعة وحزب
الرجل
أصحابه وقد وردت هذه الكلمة في القرآن الكريم ووردت في أكثر من سورة واحدة (المائدة والمؤمنون والروم والمجديلة)كما جاء في قول الله تعالى في
سورة المجادلة
الآية 66 (ألا إن حزب الله هم المفلحون) وفي آية أخرى (ٱسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ ٱلشَّيْطَٰنُ فَأَنسَىٰهُمْ ذِكْرَ ٱللَّهِ ۚ أُوْلَٰٓئِكَ حِزْبُ ٱلشَّيْطَٰنِ ۚ أَلَآ إِنَّ حِزْبَ ٱلشَّيْطَٰنِ هُمُ ٱلْخَٰسِرُونَ).
وأول من سنّ الذكر ووضع الأحزاب للتلاميذ هو الشيخ عبد القادر الجيلاني ووصل في طريقه إلى بلاد المغرب العربي على يد أبو مدين شعيب الذي قابله في الحرم وألبسه خرقة وأودع الكثير من أسراره ومنها الذكر ولما دخل بجاية رتب بدوره على التلاميذ أن يلتزموا بالذكر وكان اهتمامه بالذكر نابعاً من تأثيره العميق في إحياء العلوم الدينية حيث اعتبر الغزالي أن الذكر ضروري الذي يحتل به قلب ولسان التلميذ ويختم به النضالات وينهي الذكر مع صاحبه ليفرغ قلبه من أي شيء إلا الله
وقد أولى أبو مدين أهمية كبيرة في حكمه للذكر فقال عنه: (لذكر شهود المذكور ودوام الحضور) و(قلوب العارفين مكاناً للذكر والاستئناس).
الرسائل الإخوانية
وقد عُرف بين الصوفيين عن المراسلات السنية التي كان الصوفيون يتبادلونها فيما بينهم والتي كانت أغراضها
الشوق
والثناء والنصيحة والدعاء والتي لم يلتزم فيها الصوفيون بأسلوب المرسل ولكن النثر فقط ويشمل الشعر أيضاً وكان ابن خلدون يستنبط هذا النوع من المراسلات في قوله: (وقد استعمل المتأخرون أساليب الشعر وموازينه في المنثور من كثرة الأسجاع والتزام التقفية وتقديم النسيب بين يدي الأغراض وصار هذا النثور من باب الشعر وفنونه).
الحكم
وهو من أنواع النثر الذي يعكس فيه الصوفي خبراته في مجال الصوفية ومعاناته حيث ظهرت في بجاية في القرن السادس الهجري على يد أبي مدين شعيب الذي استطاع اختزال وتبسيط الأطروحات الصوفية التي جاء بها القشيري في رسالته وابن العريف في كتابه (محاسن المجالس) بعبارات بسيطة ولكنها عميقة وذات وظيفة كما وضع في عين الاعتبار الأسلوب والخيال الصوفي والرمزية وأدرج ذلك في كتابه أيضاً (أنس الوحيد ونزهة المريد).
الحكاية الكرامية
وهو نص نثري يروي موضوعاً أو عدة مواضيع حيث ظهر على يد عبد الله صالح في دينه واتضح ذلك في إصراره على أوامر الله والنهي في جميع الأحوال من عدم التنبؤ وهي أيضاً نصوص أدبية حيث يحمل صورة القصص القصيرة التي تحكي عادةً القصة الصوفية في موضوعات عن قدرته الخارقة على شفاء الأمراض المستعصية أو طي الأرض عن طريق
المشي
على
قوس قزح
فوق
الماء
أو الطيران في الهواء مما يؤدي إلى هطول الأمطار في أوقات الجفاف وزيادة الغذاء رغم ندرته والتنبؤ بيوم الموت وتحقيق رغبات الناس ورفع مظالمهم وتحمل في محتواها أدلة أخلاقية وفكرية تعكس مكانتها ومرجعيتها كبنية أساسية في الفكر الإنساني مثل: الهيكل العقلاني المرتبط بالنمط المجتمعي وطريقة العيش في الوجود وممارسة المعتقد الديني.
شعر الزهد
تدور مقاصده بين الدعوة إلى ترك
العالم
والزهد فيه والتذكير بالموت والدعوة إلى العمل في الآخرة ومن اشتهر بهذا الفن أبو محمد عبد الحق الأشبيلي.
شعر التوسلات والابتهالات
ارتبط ظهوره في بلاد المغرب العربي بتصعيد ظواهر الظلم والتعدي من جانب المحافظين وجباة الضرائب والاضطرابات السياسية والاقتصادية التي طالت المجتمع بما في ذلك الصوفيون الذين لجأوا للشكوى والتسول والدعاء لكي يحفظهم الله من الأزمات والمصائب ويعتبر أبو الفضل بن النحوي رائد هذا النوع من الأدب في قلعة بني حماد ومن قصائده في التوسل:
لبست ثوب الرجا والناس قد رقدوا وقمت أشكو إلى مولاي ما أجد
وقلت يا سيدي يا منتهى أملي يا من عليه بكشف الضر اعتمد
أشكو إليك أمورا أنت تعلمها ما لي على حملها صبر ولا جلد
وقد مددت يدي للضر مشتكياً إليك يا خير من مدت إليه يد
شعر التصوف الفلسفي
وفيها تبنت الصوفية
إشارات
ومقترحات رمزية للتعبير عن توجهاتها في الإشراق ووحدة الوجود والوحدة المطلقة في شكل تحسينات إبداعية وبلاغية تميل إلى الغموض على حقائقهم الصوفية.
شعر التصوف السني
وفيه تمسك الصوفيون بذكرى جهادهم وصلواتهم وأذكارهم بأسلوب بسيط في الكلمات والمعنى بعيداً عن الرموز والعلامات المفرطة وكان من روادها أبو مدين شعيب.
خصائص الأدب الصوفي
- الأدب الصوفي يتميز بالغموض أكثر السمات جاذبية وتميزاً من الآداب الفارسية والتركية والأردية وهكذا تغلغلت الأفكار الصوفية في قلوب كل من استمع إلى الشعر.
- يميل الصوفيون إلى التلميح والإيحاء والإيجاز فتكون أفكارهم لطيفة وروحانية ولهذا نجد الأدب الصوفي أدباً غامضاً لأنه يتجاوز اللغة الحسية التي لا تستطيع الوضوح والكشف وكما هو معلوم عن الصوفيين فإنهم ينتقلون من دولة إلى أخرى لذا فإن اللغة اللفظية لا يمكن وصفها لذا فهم بحاجة إلى مرجعية.[1][2]