حكم الدين في التفرقة بين الأبناء وعواقبها


نعمة الأبناء


قد

ورد

في الحديث عن نعمة الأبناء في قول

الله

تعالى:


{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا}، وكثيرًا ما يتوجه بعض الأشخاص بالدعو إلى الله بأنّ يرزقهم نعمه الأبناء وقد جاء في القرآن

دعاء

عباد الله – تعالى- في قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}


الأبناء من أفضل النعم والأرزاق أيضًا التي يعطيها الله سبحانه وتعالى للإنسان كما ورد في قوله تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا}، فالأبناء هم السند في

الحياة

وخير الصُحبه والأبناء الصالحين سر سعادة الحياة وسبب من أسباب دخول

الجنة

، الأبناء الصالحين يقوموا بالدعاء للوالدين بعد الموت وقد ورد في ذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه، حيثُ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عنْه عَمَلُهُ إِلَّا مِن ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِن صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو له”


الوالدين هم

المثل

الأعلى للأبناء في كل الأمور ويتأثر الأبناء كثيرًا بمعاملة الآباء والأمهات لهم، وذلك لارتباط الأبناء بالوالدين حيثُ يقوم الأبناء بتقليد التصرفات والأفعال التي يقوم بها الوالدين لأنّها تنعكس عليهم، كما يقدم الأباء كافة أشكال الدعم والتوجيه للأنباء منذ

الطفولة

حتّى البلوغ، مع أنّ ذلك نجد في

الوقت

الحالي الكثير من الأبناء يعانون سوء معاملة الآباء والأمهات والتفرقة بين الإخوان، وتكون التفرقة في صورة مفاضلة في المعاملة بينهم أو في احتواء بعض الأبناء دون باقي الإخوان.


أسباب التفرقة بين الأولاد


يوجد بعض الأسباب التي تجعل الوالدين يقوموا بالتمييز والتفرقة في المعاملة بين الأبناء، حيثٌ أحيانًا يكون

التمييز

على أساس الجنس فبعض الآباء والأمهات يفضلون الذكور عن الإناث وهذا النوع من التفرقة هو جهل بأمر الله وعطائه للإنسان فقد جاء في قول الله تعالى:


{لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ} [الشورى: ٤٩].


ولقد حثنا رسولنا الكريم على حُسن معاملة الإناث وإكرامهم وقد أوضح فضل تربية وحسن رعاية الإناث وأنهم سبب في دخول الآباء الجنة إنّ أحسن تربيتهم وقد جاء عن


أنس بن مالك رضي الله عنه، حيثٌ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “مَن عالَ جارِيَتَيْنِ حتَّى تَبْلُغا، جاءَ يَومَ القِيامَةِ أنا وهو وضَمَّ أصابِعَهُ” وجاء أيضًا عن الرسول الكريم أنّ تربية الإناث تغفر الذنوب وتبدل الأحوال وتوسع

الرزق

و تنجي من عذاب النار


عن عائشة رضي الله عنها، حيثٌ قالت: “دَخَلَتِ امْرَأَةٌ معهَا ابْنَتَانِ لَهَا تَسْأَلُ، فَلَمْ تَجِدْ عِندِي شيئًا غيرَ تَمْرَةٍ، فأعْطَيْتُهَا إيَّاهَا، فَقَسَمَتْهَا بيْنَ ابْنَتَيْهَا، ولَمْ تَأْكُلْ منها، ثُمَّ قَامَتْ، فَخَرَجَتْ، فَدَخَلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلَيْنَا، فأخْبَرْتُهُ فَقالَ: مَنِ ابْتُلِيَ مِن هذِه البَنَاتِ بشيءٍ كُنَّ له سِتْرًا مِنَ النَّارِ”


وأحيانًا يفرق الآباء بين الأبناء على أساس الجمال أو

الذكاء

ولكن هذا الأمر بيد الله سبحانه وتعالى، لذا لا يجب التفريق في أمر ليس بأيديهم بل هو خلق الله، وبعض التفرقة تكون على أساس كثرة الحركة أو قلتها وهذا الأمر يستطيع الآباء التحكم فيه من خلال التربية والاحتواء للأبناء للتخلّص من هذا السلوك السيء.


بعض الأبناء يعاني وجود إعاقة أو عاهة جسدية هذا

الطفل

يحتاج إلى رعاية خاصة واحتوائه بمحبة وعطف أكثر دون ملاحظة من باقي الإخوان، بالتفرقة في المعاملة لهذا الطفل قد تسبب في مضاعفات لحالته الصحية والنفسية بجانب ما يعانيه.


بعض الأبناء تكون مطيعة ومحبة للوالدين أكثر من باقي الإخوان لذا نجد التفرقة تأتي من خلال تميز هؤلاء الأبناء بالمعاملة بالاعتماد عليهم في إنجاز العديد من الأمور دون باقي الإخوان.


آثار التمييز بين الأبناء


يؤثر التمييز بين الأبناء بالسلب على حالتهم النفسية وتعاملاتهم مع بعضهم أيضًا، كما تسبب التفرقة في المعاملة إلى عقوق الأبناء بالوالدين، فقد جاء عن


النعمان بن البشير رضي الله عنهما، حيث قال: “أنَّ أباهُ أتى بِهِ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يشهَدُ علَى نحلٍ نحلَهُ إيَّاهُ فقالَ: أَكُلَّ ولدِكَ نحَلتَ مثلَ ما نحلتَهُ قالَ: لا قالَ: فلا أشهَدُ على شَيءٍ أليسَ يَسرُّكَ أن يَكونوا إليكَ في البِرِّ سَواءً قالَ: بلَى قالَ: فلا إذًا”، وقد أكد رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أنّ العدل بين الأبناء من أسباب بر الأبناء بالوالدين ولكن التفرقة تؤدي للعقوق ومن الآثار السلبية التي يتركها ويتسبب فيها التفرقة بين الأبناء ما يلي:


  • تعمل التفرقة بين الأبناء على تكوين شخصية ملؤها مشاعر

    الغيرة

    والحقد على الأخ أو

    الأخت

    المميزة من قبل الوالدين مما ينمو بداخله مشاعر عدوانية تجاه أخواته الأمر الذي يتسبب ضرب الأشقاء بعضهم وقد يصل الأمر إلى المقاطعة بينهم في الكبر.

  • أحيانًا تسبب التفرقة في المعاملة في جعل شخصية الابن المميز أكثر أنانية يرغب في تملك كل شيء ليس من حقه بسبب تميزه من الوالدين.

  • تساعد على نشر مشاعر الضغينة والكراهية والعداء بين الأبناء، وأيضًا حسد الأخ المتميز بالرعاية والحنان أكثر وقد يصل حد تمني الأبناء إصابة الأخ المميز بسوء حتّى يحصل هو على هذا الكم من

    الحب

    والحنان والرعاية.

  • تعمل التفرقة في المعاملة بين الأبناء على بناء شخصية ليس لديها ثقة بالنفس وبناء شخصية ضعيفة للأبناء وغير سوية، وتظهر على الطفل الميل للعزلة والانطوائية.


حكم التمييز بين الأبناء


مما لا شك فيه أنّ

الإسلام

نهى عن التفرقة والمعاملة السيئة من الآباء للأبناء، وقد أمرنا ديننا الإسلام ورسولنا الكريم بحسن معاملة الأبناء وتقديم كافة سُبل الرعاية لهم وعدم التفرقة والتمييز بينهم في أي أمر من الأمور


فقد وصف الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- التمييز بين الأبناء في الهبات بالجور، فعن النعمان بن البشير رضي الله عنهما، حيث قال: “سَأَلَتْ أُمِّي أبِي بَعْضَ المَوْهِبَةِ لي مِن مَالِهِ، ثُمَّ بَدَا له فَوَهَبَهَا لِي، فَقالَتْ: لا أرْضَى حتَّى تُشْهِدَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأخَذَ بيَدِي وأَنَا غُلَامٌ، فأتَى بيَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: إنَّ أُمَّهُ بنْتَ رَوَاحَةَ سَأَلَتْنِي بَعْضَ المَوْهِبَةِ لِهذا، قالَ: ألَكَ ولَدٌ سِوَاهُ؟ ، قالَ: نَعَمْ، قالَ: فَأُرَاهُ، قالَ: لا تُشْهِدْنِي علَى جَوْرٍ.


التمييز بين الأبناء من الأمور المكروه في الإسلام لأنّها ظلم بين وقد نهى سبحانه وتعالى عن كافة أنواع الظلم وأمر بالعدل والإحسان في جميع أمور الحياة وكافة المعاملات بين البشر


فقد قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}.


وقد أمرنا رسولنا الكريم بالعدل والإحسان بين الأبناء وعدم التفرقة بينهم عن النعمان بن البشير رضي الله عنهما، حيثُ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “اعدلوا بينَ أبنائِكُم، اعدلوا بينَ أبنائِكُم” والعدل بين الأبناء لا يكون بالأموال والهدايا ولكن العدل في الرعاية والعطف والاحتواء، والعدل في احتواء مريضهم إذا تطلب الأمر تقديم رعاية خاصة وقد يكون احتياج الكبير منهم للمال أكثر من الصغير لذا يجب مراعاة كافة الأمور التي يجب أنّ نساوى فيها جميع الأخوة دون تمييز أو تفرقة.[1]