ماهي المواضيع التي تناولتها سورة النازعات
سورة النازعات
نزلت سورة النازعات على رسول
الله
صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة قبل
الهجرة
لذا فهي سورة مكية، عدد آياتها 46 آية، وتوجد في جزء عّم الجزء الأخير من
القرآن الكريم
الجزء الثلاثون، وفي الجزء التاسع والخمسين قبل سورة عبس وبعد سورة النبأ، تتناول السُّورة أهوال يوم القيامة ومصير الكافرين والمؤمنين.[1]
أسباب نزول سورة النازعات
لم يأتي في الكتب التي فسرت سور القرآن الكريم أي تفسير حول أسباب نزول سورة النازعات كاملة، بل كل ما جاء من تفاسير حول
دلائل قدرة الله في سورة النازعات
وأسباب نزول آخر آيات من السورة وهي قوله تعالى:
{
يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا * فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَاهَا * إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَاهَا * إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا * كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا}.
وقد جاء أيضًا في كتاب تفسير ابن كثير عن ما
ورد
عن طارق بن شهاب قال
“
كان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ- لا يزالُ يذكرُ مِن شأنِ السَّاعةِ حتَّى نزَلَت: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا}”، كما ورد عن ابن عطية قال: “نزلت بسبب أنَّ قريشًا كانت تلحُّ في البحث عن وقت الساعة التي كان رسول الله -صلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسلَّمَ- يخبرهم بها ويتوعَّدهم بها ويكثرُ من ذلك”
سبب تسمية سورة النازعات
يرجع تسمية كل سورة من سور القرآن الكريم باسمها لسبب معيَّن، حيث سمّيت بعض السور ببدايتها مثل سورة الحاقة وسورة يٓس، وبعض السور سُميت بسبب ما تتناوله من
قصص
مثل
سورة البقرة
وسورة يوسف، لذا سُميّت سورة النازعات ببدايتها حيثُ كانت كلمة النازعات في بداية مطلع السورة فلقد اقسم الله سبحانه وتعالي بالنازعات
{والنازعات غرْقًا}،
وتشير كلمة النازعات إلى الملائكة التي تقبض أرواح الكافرين بقوَّة وشدة، كما تعني كلمة غرقًا أي نزع الروح بشدة وبألم لذا سمَّيت بسورة النازعات.
مقاصد سورة النازعات
تبدأ سورة النازعات بتوضيح أهوال وأحوال الكافرين يوم القيامة بداية من نزع الروح بشكل مخيف ليرهب الله بها الكافرين ويصف مصرعهم وما سوف يلقونه يوم الحساب ومكانتهم في النار والعذاب المنتظر، قال تعالى:
{يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ * قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ * أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ}
ومن مقاصد سورة النازعات توضيح مصير الكافرين ونهايتهم عند عرض السورة جزء من
قصة
سيدنا موسى مع فرعون، قال تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ * إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى * اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ * فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ * وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ * فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَىٰ * فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ * ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ} وأوضحت الآيات كيف أتخذ لله عز وجل من الكافرين عظة للناس أجمعين.
ومن مقاصد سورة النازعات أيضًا تفسير دلائل قدرة الله عز وجل في خلق الكون وأبدعه في صنعه عز وجل، وجميع ما في الكون من علامات تدل على عظمة خلق الله، قال تعالى: {أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ ۚ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا}، وتتحدث الآيات الكريمة عن مجيء يوم القيامة وما سوف يلقيه كل إنسان من
حساب
حسب عمله في الدنيا في قول الله تعالى: {فَأَمَّا مَن طَغَىٰ * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَىٰ * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ}
ونهاية الآيات توضح السور موعد يوم القيامة الذي كان المشركون يلحون في
السؤال
عليه لمعرفته وجاء ذلك في قول الله عز وجل قال تعالى: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا}، حيثُ أكد الله أنّ علم يوم القيامة عنده وحده، وأنّه سوف يذهل الكافرين بهذا اليوم دون علم.
فضل سورة النازعات
حمل القرآن الكريم الفضل الكبير والعظيم كل المسلمين الذي لا يعلمه إلا الله عز وجل، حيثُ تدل كل آية وسورة من سور القرآن الكريم على معجزة من معجزات الله، لذا أعد الله لكل من يقرأ سورة النازعات والقرآن الكريم كله خير الجزاء والثواب في الدنيا والآخرة،
وفي حديثِ عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- الشهير أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “من قرَأ حَرفًا من كِتابِ اللهِ فلَه به حسَنةٌ، والحَسنةُ بعشْرِ أمثالِها، لا أقولُ {ألم} حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ”.
هذا بالإضافة إلى الفضل العظيم الذي جاءت به سورة النازعات و العظة والعبر من جزاء وعقاب الكافرين الذين عصوا الله، كما ورد في آيات سورة النازعات عبارات عظيمة ودقيقة توضح بالأدلة العقلية والعلمية والمنطقة وكافة البراهين والحجج على كل من يُنكر وجود الله سبحانه وتعالى وقدرته العظيمة في خلق الكون وأنّ الله قادر على خلق الإنسان مرة أخرى كما خلقه أول مرة رداً على كل من يُنكر وجود الله من الذين يجادلون في خلق الله بدون حجة ولا برهان، والله غالب على أمره ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون.
ومما لا شك فيه أنّ كتاب الله هو عقيدة ومنهج الأمة الإسلامية ومن اتبعه نجا وفاز الفوز العظيم في الدنيا والآخرة ومن خالف كتاب الله فقد ضل ضلاً مبيناً وجزاؤه في الآخرة النار ويُعذب عذابًا أليما.
كما ورد العديد من الأحاديث التي توضح فضل سورة النازعات ومكانتها ومن هذه الأحاديث ما يلي:
“إذا طلَبْتَ حاجةً فأحبَبْتَ أنْ تنجَحَ فقُلْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له العلِيُّ العظيمُ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له الحليمُ الكريمُ بِسْمِ اللهِ الَّذي لا إلهَ إلَّا هو الحيُّ الحليمُ سُبْحانَ اللهِ ربِّ العرشِ العظيمِ والحمدُ للهِ ربِّ العالَمينَ {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ}، {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا}، اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ مُوجِباتِ رحمتِكَ وعزائمَ مغفرتِكَ والغنيمةَ مِن كلِّ بِرٍّ والسَّلامةَ مِن كلِّ ذَنْبٍ اللَّهمَّ لا تدَعْ لي ذَنْبًا إلَّا غفَرْتَه ولا هَمًّا إلَّا فرَّجْتَه ولا دَيْنًا إلَّا قضَيْتَه ولا حاجةً مِن حوائجِ الدُّنيا والآخرةِ إلَّا قضَيْتَها برحمتِكَ يا أرحَمَ الرَّاحمينَ”.
فوائد من سورة النازعات
الملائكة تقبض أرواح الكافرين بعنف
لقد بدأ الله سبحانه وتعالى آيات سورة النازعات بالقسم، حيثُ توعد الكافرين بعذاب أليم وقبل ذلك سوف تقبض أرواحهم بشدة وقوة ووصفها الله في الآيات “ والنازعات غرقًا” لبيان مدى قسوة العذاب الذي سوف يلقاها الكافرين بداية من نزع الروح.
الملائكة تقبض أرواح المؤمنين برفق
كما أوضح الله في مقابل قبض روح الكافرين أوضح قبض روح المؤمنين كما جاء في الآية الكريمة في سورة النازعات “والناشطاتٍ نشطًا” عندما تنزع روح المؤمنين مثل ما ينزع العقال من البعير بهدوء مع التسبيح إلى أنّ تصل الروح إلى السماء “ والسباحات سبحًا”.
أخذ العبرة من قصة طغيان فرعون وتعاليه عن الحق
كان الرسول صلى الله عليه وسلم بحاجة إلى العلم بقصص الأقوام السابقين حتى يوضح قدرة الله عز وجل في القضاء على الظالمين وأنّ الله قادر على خلق أقوام آخرين، وحتى يقوي قلبه بنصر الله القريب من خلال قصة سيدنا موسى مع فرعون التي وردت في سورة النازعات. [1]