حكم الزواج بدون ولي في المذاهب الأربعة


حكم الزواج بدون ولي عند الإمام أبو حنيفة


يعد حكم الزواج بدون ولي عند الإمام أبو حنيفة النعمان، مختلفا عن ما أجمع عليه جمهور العلماء، وذلك لأن الإمام أبو حنيفة، يرى بصحة زواج المرأة بدون ولي، وصحة تزويجها لنفسها، كما يصح لغيرها من

النساء

أن تزوجها.


لقد أتى في فقه الحنفية، في  كتاب الفقه المعروف باسم الاختيار لتعليل المختار، وقد جاء فيه “”وَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230].


قال سبحانه وتعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 234] ، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى {مِنْ مَعْرُوفٍ} [البقرة: 240] وقد أضاف الزواج وفعل الزواج للنساء، وهو ما يدل على أن زواجهن، سواء بالكلام أو العقود نافذة ؛ لأن إضافة إِلَيْهِنَّ في الآية الكريمة من

الله

سبحانه وتعالى دليل استقلالية، حتى أنه لم يذكر غير المرأة معها.


مما يعني أن المرأة إذا قامت بتزويج نفسها من شخص هذا الشخص كفء لها، مع اعتبار أنه يدفع المهر كما يطلق عليه الفقهاء مهر

المثل

، ومهر المثل يقصد به هنا مهر من هي في مثل حالها، من الثيب، أو البكورة، ومن النسب، والحسب في أهلها.


وعلى ذلك فإن حكم الزواج بدون ولي في المذهب الشافعي، هو على الجواز، حيث لا يعتبر من


شروط الزواج على مذهب أبي حنيفة


وجود الولي وموافقته.


ويرى هنا المذهب الحنفي أن بتوافر الشروط السابقة من المهر، والكفء، يكن خير ما تفعله المرأة بنفسها أن تتزوج، وقد استشهدوا في ذلك، بحديث نبوي.


حيث رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّ فَتَاةً جَاءَتْ إِلَى النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ أَبِي زَوَّجَنِي مِنِ ابْنِ أَخٍ لَهُ، لِيَرْفَعَ خَسِيسَتَهُ، وَأَنَا لَهُ كَارِهَةٌ! فَقَالَ لَهَا: أَجِيزِي مَا صَنَعَ أَبُوكِ، فَقَالَتْ: لَا رَغْبَةَ لِي فِيمَا صَنَعَ أَبِي! قَالَ: فَاذْهَبِي، فَانْكِحِي مَنْ شِئْتِ! فَقَالَتْ: لَا رَغْبَةَ لِي عَمَّا صَنَعَ أَبِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَكِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أُعْلِمَ النِّسَاءَ أَنْ لَيْسَ لِلْآبَاءِ مِنْ أُمُورِ بَنَاتِهِمْ شَيْءٌ».


وقد استدل أصحاب المذهب الحنفي بهذا الحديث من عدة وجوه وهي


  • الوجه الأول قال لها صلى الله عليه وسلم: «فَانْكِحِي مَنْ شِئْتِ».

  • الوجه الثاني قول الفتاة للنبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وهو ما لم ينكره عليها، مما استدل به على أنه ثابت، حيث أن سكوت النبي يعني ثباته، وإلا فقد كان تكلم.

  • الوجه الثالِث قول النبي صلى الله عليه وسلم، «أَجِيزِي مَا صَنَعَ أَبُوكِ»  دلالة عَلَى أَنَّ العَقْد الذي وقعه، أو اتفق عليه أبوها لا ينفذ في حقها، وهو دليل على أن العقد أيضاً غير نافذ، ولا يتحقق.


وقد جاء عن

الإمام البخاري

«أَنَّ خَنْسَاءَ بِنْتَ خِذََامٍ أَنْكَحَهَا أَبُوهَا، وَهِيَ كَارِهَةٌ، فَرَدَّهُ النَّبِيُّ – عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -»، كما يروي العلماء عن سيدة زوجت فتاتها بموافقتها، وجاء الرجال الأولياء على تلك الفتاة، وتخاصموا عند الإمام علي كرم الله وجهه، فأجاز هذا الزواج، مما ترتبي عليه أمران.


  • انعقاد الزواج بالاتفاق بين النساء.

  • جواز النكاح بدون ولي، لغياب الحق الأصلي للولي.

  • التعامل الطبيعي في حق المرأة في الزواج.

  • انتفاء الضرر، وانتفاء الضرار لأنها تصرفت في نفسها.د، مثل تصرفها في أموالها.


حكم الزواج بدون ولي في المذهب المالكي


أما عن حكم الزواج بدون ولي في المذهب المالكي، فهو يختلف مع الإمام ابو حنيفة، ويتفق مع رأي الجمهور، في وجوب أن تتزوج المرأة بولي، يقوم بتزويجها، كما أنه لا يجيز تزويج المرأة لمرأة.


يختلف حكم الزواج بدون ولي في المذهب المالكي، في قول لخليل بن إسحاق المالكي، في كتابه مختصر ابن خليل في الفقه، قوله “ونَقْلُ مِلْكٍ، وفَسْخُ عَقْدٍ، وتقرُّرُ نكاح بلا وليٍّ – حُكْمٌ، أي: فيرتفع به الخلافُ إن وقَعَ مِمَّنْ يراه”.


وهو ما يعني قول من يقوم بالقضاء نقلت شئ عليه نزاع من شخص إلى شخص، اللذان بينهما خلاف، حكم منه برفع الخلاف، والفسخ للعقد الخاص بالزواج، وللبيع، والنزاع، وذلك يكون بقول فسخت العقد، ونكاح المرأة التي زوجت نفسها بغير ولي، أي قول تقرير بحكم رفع الخلاف. [1]


حكم الزواج بدون ولي عند الإمام الشافعي


ويعد الولي عند الإمام الشافعي، شرط من الشروط لصحة الزواج، بحيث أنه لا يصح بدون هذا الولي، ولا يفرق عند الإمام الشافعي في هذا الأمر بين المرأة البكر وبين المرأة الثيب، ودليله في هذا الحكم قول النبي صلى الله عليه وسلم أيما امرأة نكحت بدون إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل، رواه الترمذي وغيره.


وبذلك يتضح أن الزواج عند الإمام الشافعي لا يتم إلا بولي، ولا يبيح للمرأة أن تزوج نفسها بنفسها، وقد ذهب فُقهاء الشافعيّة، إلى أنّه لا يجوز للمرأة أن تتزوج بنفسها، حيث أنه لا وِلاية للمرأة في عقد الزواج على نفسها، ولا ولاية أيضاً للمرأة كذلك على أمرأة غيرها، وهذا القول هو ما نقله الطحاوي والكرخي، وذلك نقلا عن الإمام أبي يوسف من الحنفية.


حيث رجع أبو يوسف عن الفتوى الأولى بجواز أن تتزوج المرأة بنفسها، بحيث أصبحت فتواه الأخيرة متوافقةً مع رأي جمهور الفقهاء، من حيث منع المرأة من أن تزوج نفسها، بنفسها، وهو القول الذي رواه الصّحابة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم جميعاً.


كما روي أيضاً عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهناك من قال بهذا القول من التابعين منهم الإمام سعيد بن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، والحسن، وابن أبي ليلى، والثوري وابن شبرمة.


حكم الزواج بدون ولي عند الإمام أحمد بن حنبل


ولا يختلف الأمر بالنسبة للولي عند الإمام أحمد بن حنبل عن الولي عند الإمام الشافعي، حيث يعتبر الولي شرط من الشروط لصحة الزواج، بحيث أنه لا يصح الزواج بدون هذا الولي.


ولايفرق عند الإمام أحمد بن حنبل في هذا الأمر بين المرأة البكر وبين المرأة الثيب، والدليل في هذا الحكم قول النبي صلى الله عليه وسلم أيما امرأة نكحت بدون إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل، رواه الترمذي وغيره، وهو ما استدل به أيضاً الشافعي.


وقد ذهب أصحاب المذهب الحنبلي، إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تتزوج بنفسها، حيث أنه لا وِلاية للمرأة في عقد الزواج على نفسها، ولا ولاية أيضاً للمرأة كذلك على أمرأة غيرها، وهذا القول هو ما نقله الطحاوي والكرخي، وذلك نقلا عن الإمام أبي يوسف من الحنفية، ثم تراجع عن فتواه. [2]


وهو ذاته كما سبق الإشارة آنفاً القول الذي روِاه الصحابة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم جميعاً، كما روي أيضاً عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهناك من قال بهذا القول من التابعين منهم الإمام سعيد بن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، والحسن، وابن أبي ليلى، والثوري وابن شبرمة.