مشروع مارشال عربي .. حلم ام واقع يمكن تنفيذه


مشروع مارشال العربي

بعد أن هدأت طبول الحرب العالمية، وسحقت بأنيابها أكبر الاقتصاديات العالمية، وأعدمت الشعوب، و أوصلتهم لحالة من الفقر الشديد، كما أثرت عليهم اجتماعياً، تأثير لا يقل عن التأثير الاقتصادي في شئ.

في

الوقت

الذي أصبح فيه الاتحاد السوفيتي يشعر بقوته، بل وأصبح خطر على أيدولوجية أوروبا، وعلى إدارتها وفكرها الاقتصادي، وأصبح الأمر خطير، هل تقع أوروبا بسبب الفقر الذي أصابها، والتغييرات الاجتماعية فريسة لبراثن الشيوعية، ويتفشى الفكر ليصل إلى أمريكا، أم أن هناك حل.

بالفعل أسرعت أمريكا لتقدم الحل من خلال وزير خارجيتها جورج مارشال، حتى تخرج أوروبا من أزمتها، ويمنع المد الشيوعي من التوغل في أوروبا أو السيطرة عليها بسبب عوامل ضعفها، وتم طرح

المشروع

في عام ألف وتسعمائة وسبع وأربعون ميلادية.

بهدف منع انتشار الشيوعية في أوروبا، قدمت أمريكا المساعدات المالية لينجح المشروع، ويتم إنقاذ الشعوب الأوروبية، من الفقر، وارتفع مستوى المعيشة للشعوب الأوروبية، وتوقف المد الشيعي، عن التوغل في أوروبا.

ومن هذا المشروع الأمريكي، انطلقت أفكار تتسائل حول مدى أهمية نجاح ذات المشروع بنكهة عربية، حيث أن حال العرب، والمسلمون لا يختلف كثيراً عن حال الدول الأوروبية وقت خروجها من الحرب العالمية الثانية، ومدى الفقر والتمزق الاجتماعي الذي عاشته تلك الشعوب.

الدول العربية تعيش نفس الحال من حيث أموالها التي ضاعت ما بين حروب وصراعات وفساد أنظمة، وطمع الغرب، وقبلها استعمار لأغلب الدول العربية، وبعدها صراع مع العدو الصهيوني، ومن حرب إلى حرب، سواء داخلية او خارجية، مع إيران، وإسرائيل، وبعدها غزو العراق للكويت، وحروب اليمن، والغزو الأمريكي للعراق، والحصار الفلسطيني، وحروب لبنان الأهلية، وتمزق السودان.

ودول انتشر فيها الفساد مثل مصر، وسوريا وليبيا، وفشلت الثورات في اقتلاع الفساد، فما نالت من حظها في تلك الثورات سوى التشتت، والتمزق، وضياع أمنها، واستقرارها، ومواردها، ودخولها في أزمات، بل وبعضها دخل في مجاعات وفقر.

لذلك كانت بعض الآراء تنظر

مشروع مارشال

العربي على أنه طوق نجاة، وذلك عن طريق مساهمة الدول التي تعتمد على اقتصاد قوي ومؤثر من الدول العربية، بعمل لجنة او منظمة أو إنشاء إدارة متخصصة في إدارة الاقتصاد المتدهور ومدها بما تحتاجه مادياً لتساند الدول الفقيرة، و المنهكة اقتصاديا لتقف على قدمها.

وليس الأمر مجرد معونات تقدم من حين لآخر، وليست قروض تسدد، وإنما يجب أن يكون الأمر قائم على

التعاون

والشعور بالمسؤولية تجاه الدول الفقيرة.

فإذا كانت أمريكا تخشى المد الشيوعي، مما دفعها لتقديم مشروع مارشال لإنقاذ أوروبا، فالخطر على باقي الدول العربية من انتشار الأفكار الإرهابية، ومن الجهل، ومن تسرب الثورات إلى حدود الدول المستقرة يجب أن يكون دافع لتنفيذ مشروع مارشال العربي، بدفع تعاون حقيقي، واقتصادي وليست مجرد هبات تدفع الفاسدين، والمستبدين ليوطدوا حكمهم، في الرهان على الشعوب هو الفائز، وليس الرهان على الحكام، فمهما طال زمنهم مصير الشعوب البقاء بعكس مصير الحكام.


هل مشروع مارشال عربي واقع قابل للنفاذ

إن قيام مشروع عربي للتعاون الاقتصادي على غرار مارشال ليس درب من الخيال بل هو أمر ممكن التنفيذ إذا أرادت له الدول العربية ذلك وسعت إلى تحقيقه، وليكن من خلال منظمة مثل جامعة الدول العربية، أو استحداث منظمة خاصة لهذا الشأن.

البعض لا يرى في طرح مثل هذا المشروع، أي فائدة، أو عائد، ويرى أن فكرة التعاون الاقتصادي العربي فكرة مستحيلة التنفيذ، حيث يكتب لها الفشل على كل الأصعدة سواء من الدول التي يمكنها تقديم الدعم، فلن تجازف بأموالك في سبيل دول أخرى، وهي لا ترى عائد حقيقي، ولا تدرك حجم الخطر المحيط بالجميع.

ومن ناحية أخرى فإن الدول الممنوحة والتي يقدم لها الدعم أيضاً من وجهة نظرهم ليست

محل

ثقة في قياداتها أو شعوبها، بحيث تستغل الدعم لتقف على أقدامها كما فعلت دول أوروبا. [1]


تاريخ مشروع مارشال


تعد إجابة سؤال مشروع مارشال عربي حلم أم واقع يمكن تنفيذه، ذات وجهين وجه متفائل يرى إمكانية ذلك إذا كانت هناك إرادة حقيقية، ووجه آخر لا يرى أمل في هذا الأمر ويعتبره مجرد حلم، وللإجابة على هذا

السؤال

يجب التعرف على مشروع مارشال نفسه في السطور القادمة.


تلعب السياسة دوراً هاما في كافة المجالات، حتى على الصعيد الاقتصادي، والتعاون بين الدول، ورغم اختلاف اللغة بين دول أوروبا، إلا أن فكرة التعاون بين دولها لم تترك اللغة عائق لتنفيذ التعاون.


في عام ألف تسعمائة وسبع وأربعون، قدمت الولايات المتحدة الأمريكية موافقتها على مساعدة الدول الأوروبية، وجعلت شرط المساعدة المقدمة منها هو اجتماع الدول الأوروبية نفسها، وتحديد ما تحتاج إليه.


ويرجع السبب في موافقة أمريكا على تقديم تلك المساعدة، الاقتصادية كمساهمة منها في إنعاش الاقتصاد الأوروبي بعد الحرب العالمية الثانية، ومن هنا صدر مشروع مارشال، أو بالصيغة الرسمية، برنامج الانتعاش الأوروبي.


الاسم الرسمي للمشروع الاقتصادي هو برنامج الانتعاش الأوروبي، وقد اكتسب هذا الاسم لما يؤديه معناه، اما بالنسبة للاسم الذي أطلق عليه واشتهر له فهو اسم مشروع مارشال نسبة إلى وزير خارجية أمريكا، الذي كان صاحب اقتراح هذا المشروع، جورج مارشال.


في النصف الأول من سنة ألف وثماني مائة وثمانية وأربعون، وافق الكونجرس الأمريكي على قيام إدارة للتعاون الاقتصادي الأوروبي، لتقوم بالإشراف على عملية المساعدات الأجنبية.


وأنشأت سبعة عشر دولة منظمة للمساعدة في إدارة التعاون الاقتصادي الأوروبي، للمساعدة في الإدارة، وحتى تؤكد على التعاون بين الأعضاء، وأرسلت أمريكا ثلاثة عشر بليون دولار وأنهت المساعدة في عام ألف تسعمائة واثنين وخمسون.


هل يمكن تنفيذ مشروع مارشال العربي


ويبقى السؤال بعد بيان أهمية هذا المشروع، ومدى إمكانية تحقيقه، وأثره على دول المنطقة بالكامل، ليتم طرح سؤال جديد مهم، ألا وهو هل يمكن أن يتم تنفيذ مشروع قومي ينقذ الدول العربية، من براثن الفقر أم أنه حلم ومخض خيال.


وبحسب خبراء الاقتصاد فإنه لا مانع إطلاقا من قيام هذا المشروع على أرض الواقع إذا امتلكت الدول القوية اقتصاديا إرادة التعاون الحقيقي، ومقوماته، والتزمت الدول الفقيرة والشفافية، ومحاربة الفساد.


ومما سبق يتضح أن الأمر كله ما هو إلا ترتيبات، وتدبيرات تحتاج رجال مخلصين، وضمائر يقظة، وأفكار ناجعة، وعقول مستنيرة، تتكاتف وتتعاون لتجعل من المشروع حقيقة على أرض الواقع حتى ولو كان مجرد خيال، أو حلم للحالمين بوحدة عربية، ورخاء، وتعاون اقتصادي عربي حقيقي.


خاتمة عن مشروع مارشال


في ختام هذا المقال يمكن وضع خاتمة عن موضوع مشروع مارشال عربي حلم أم واقع يمكن تنفيذه، حيث أن هذا المشروع قائم على إرادة جميع الأطراف، وعلى تعاونهم، ومد. الاستعداد لتحقيق التعاون، والتسهيلات، وتجاوز أي سلبيات أو نساوئ قد تعرقل حدوثه.


في النهاية لا يسع القول سوى أن الاحتياج لمثل هذا المشروع احتياج كبير، ومهم، وأن المبشرات والآمال حوله مبيرة إذا سعى أصحاب السلطة والنفوذ في المنطقة العربية إلى تحقيقه، وبمثل هذا المشروع تقف الأمة مرة أخرى على قدمها، تنهض الدول الفقيرة مستندة على يد الدول المستقرة اقتصاديا ليدفع الجميع حركة التقدم في المنطقة إلى الأمام. [2]


وبهذا تكون خلاصة هذا القول، أن الآمال معقودة على مثل تلك الأفكار التي تدور خارج الصندوق بحثاً عن حلول غير تقليدية لمشاكل تقليدية متفاقمة ألقت بظلالها على منطقة كبيرة من دول العالم.