من هو الكسائي ؟.. مؤسس المدرسة الكوفية
مؤسس المدرسة الكوفية
الكسائي هو علي بن حمزة بن عبد
الله
بن بهمن بن فيروز الكسائي من قرية قرب الكوفة مولى بني أسد في العراق وهو كان غلام وفيها نشأ وأخذ العلم عن مشايخها المنتشرون في حلقات الدروس ومجالسه فأخذ اللغة العربية عن اثنين من المؤديين المشهورين في زمانه وهما معاذ بن مسلم الذي نُسب إليه وضع علم الصرف في الكوفة وأبو جعفر الرواسي الذي عُد مؤسس مدرسة الكوفة النحوية.
وقد قيل أن سبب اتجاهه إلى دراسة النحو وتعمقه فيه أنه لحن بين جماعة من أصحابه فقالو له “أتجالسنا وأنت تلحن” فأنف الكسائي من هذا وهو الذي قد أعد نفسه ليكون قارئ الكوفة.
أعجب
المهدي
فجعله مؤدياً لابنه الرشيد ولابنيه الأمين والمأمون من بعده فقد استقر الكسائي في
بغداد
وقرية الخلفاء ابتداءاً من المهدي في حله وترحاله وكان هذا سبباً في رفع منزلته واشتهاره من بين نحاة زمانه.
ورويت في علمه وفضله الروايات الكثيرة فقيل فيه “عالم أهل الكوفة وإمامهم وإليه ينتهون في علمهم يعولون في روايتهم”.
وأيضاً قال فيه ثعلب “أنهم اجمعوا على إن أكثر الناس كلهم رواية وأوسعها علماً الكسائي” ومات الكسائي سنة سنتين أو ثلاثة وقيل 189 هـ مخلفاً وراءه قراءة سبعية مشهورة وأصولاً نحوية متطورة ومن أهم مصنفاته التي ذكرها ابن النديم هي:
- معاني القرآن.
- كتاب القراءات.
- كتاب العدد.
- النوادر الكبير.
- النوادر الأوسط.
- النوادر الصغير.
- مختصر في النحو.
- كتاب اختلاف العدد.
-
كتاب
قصص
الأنبياء. - كتاب الحروف.
- كتاب المصادر.
- كتاب الهجاء.
مميزات منهج الكسائي
- قلة التأثر بالفلسفة الكلامية والمنطق وعلم الكلام والثقافات الأجنبية كالسريانية واليونانية التي كانت موجودة في جنوب العراق.
-
ميله إلى الاعتداد بظاهرة الآيات القرآنية والقياس على ما
ورد
من ظواهر إعرابية وفي بعض القراءات. - العناية باخبار الأحاد التي صح سندها أو بالشواذ من كلام العرب الذين يثق بهم وبفصاحتهم وإن كانوا من إعراب الحطمة.
- ويتضح ذلك التأثير في إيجازه حذف النون من المثنى غير المضاف فيجوز عنده في الكلام ” قام الزيدا” دون نون ويبدوا أنه قاس ذلك على ما أنشده إعرابي في مجلس الرشيد.
- إطلاقه القياس النظري مع عدم وجود المسموع المتماثل أو القياس المُتبع فيما هو من بابه وذلك من قوله بالفصل بين لن ومنصوبها بالقسم نحو “لن والله اقرأ الكتاب” فقد فصل بين لن ومنصوبها الفعل اقرأ بالقسم.
- لجأ إلى التعليل والتأويل في بعض الأقوال والآراء التي افترضها افتراضاً عقلياً ونظرياً وقال بها من غير سماع.
خصائص المدرسة الكوفية
- أخذ الكوفيون ولا سيما شيخاهما الكسائي والفراء النحو من البصريين سواء متمثلة في الرحلة إلى البصرة وحضور مجلس الخليل ويونس كما فعل الكسائي أو حضور مجلس يونس كما فعل الفراء أم الاتصال بعلماء النحو البصري كالأخفش.
من أهم خصائص النحو الكوفي التي ميزته على النحو البصري:
- النحو البصري كما تلقوه من عيسي والخليل ويونس والأخفش وكما سمعوه في مجالسهم ودونوه عنهم كما وجدوه في كتاب سيبويه الذي كان لا يفارقهم فقد كان الفراء ينام وهو تحت وسادته.
- لغات العرب التي اعتمد عليها البصريون لوضع قواعدهم وإرساء أصول نحوهم وهي اللغات الفصيحة التي لم تختلط بلغات الحواضر.
- مادة لغوية مكونة من لغات القبائل الأخرى التي كانت تسكن بجوار الكوفة كتميم وأسد ونزار ومن جاور بغداد وما جمعه الكسائي عند خروجه إلى وادي الحجاز ونجد ومما لم يكن قد سمع بعضه البصريون.
- الشعر العربي الذي احتج به البصريون من شعراء الطبقات الثلاث” الجاهليين والإسلاميين والمخضرمين”.
- الإحتجاج بالقراءات القرآنية مطلقاً متواترها وشاذها ذلك أنه داخل في منهجهم المبني على التوسع في الرواية والأخذ بمعظم ما ورد في اللغة.
- واتضح من خصائص نحوهم وضعهم مصطلحات جديدة ضموا فيها أبواباً من النحو عند البصريين إلا أن الكوفيين سموها بأسماء جديدة لا لسبب إلا ليثبتوا لنحوهم تسميات ومصطلحات خاصة بهم يعرف بها ليستقلوا عن النحو البصري.
الفرق بين المدرسة الكوفية والبصرية
من المعروف أن
المدارس النحوية
مصطلح يشير إلى اتجاهات ظهرت في دراسة النحو العربي واختلفت مناهجها في بعض المسائل النحوية العربية وكانت البصرة والكوفة مركزين للحركة العلمية والدراسات اللغوية والأدبية والدينية وكانت المدرسة البصرية أول مدرسة نحوية تلتها مدرسة الكوفة بعد مدة من الزمن لانشغال الكوفيين آنذاك بالدراسات القرآنية والفقهية وبجمع الشعر واللغة.
مدرسة البصرة:
يعد سبب نشأة مدرسة البصرة إلى عاملين هما:
- العامل الجغرافي: يتمثل في قرب البصرة من بادية نجد موطن العرب الذين تسرى اللغة العربية على ألسنتهم بالفطرة والسليقة دون أن يداخلها شيء من لغة الأعاجم.
- العامل الثقافي: يتمثل في انعقاد مجالس العلم والمناظرة فيها واشتمالها على الأسواق الأدبية مثل سوق المِربد الذي كان محاكياً لسوق عكاظ في الجاهلية.
منهج البصريين:
- يستند منهج البصريين على استقراء اللغة من مصادرها واعتمادهم على السماع والقياس والتشدد في القواعد تشدداً جعلهم يطرحون الشاذ ولا يعولون عليه في قليل أو كثير وإضافة إلى منهج الرواية والاستشهاد بما كان يُؤثر عن العرب من نثر وشعر.
مدرسة الكوفيين:
- بالنسبة إلى مدرسة الكوفة ومنهج الكوفيين أنهم اعتمدوا على التوسع في السماع والقياس وأهم ما يميز اتساعها في رواية الأشعار وعبارات اللغة عن جميع العرب بدواً وحاضرة.
- فقبلوا كل ما جاء عن العرب واعتدوا به وجعلوه أصلاً من أصولهم التي يرجعون إليها ويقيسون عليها حتى تلقفوا الشواهد النادرة وقبلوا الروايات الشاذة ولقد أثرت المدارس النحوية اللغة العربية بسبب مسائل النحو والخلاف بينهما وخدمت اللغة أهلها الأمر الذي يُبعد اللغة من الجمود ويمنحها القوة والثبات والديمومة على مدى العصور.
- وبسبب هذا الاختلاف في المسائل النحوية بين المدرستين أُلفت كتب جُمعت فيها تلك المسائل وأهمها كتاب الإنصاف في مسائل الخلاف لأبي البركات عبد الرحمن الأنباري.
المسائل الخلافية بين المدرسة الكوفية والبصرية
من مظاهر الخلاف بين البصريين والكوفيين في مسائل النحو:
-
مسألة جمع العلم المذكر المنتهي بالتاء جمعاً مذكراً سالماً:
مذهب الكوفيين يرى أن الاسم الذي آخره تاء التأنيث يجوز أن يُجمع بالواو والنون وذلك نحو طلحة وطلحون بينما ذهب البصريون أن ذلك لا يجوز.
-
وفي أسلوب المدح والذم بـ “نعمَ وبئسَ”
حيث يرى البصريون انهما فعلان جامدان رافعان لفاعلين معرفين بالـ أو بالإضافة مثل
-نِعمَ العبد وبئس الشراب.
-ونَعم دار المتقين، بئس مثوى المتكبرين.
بينما الكوفيين يرون إن أسلوب المدح والذم بـ “نعمَ وبئسَ” اسمان بدليل دخول حرف الجر عليهم في قولهم ما هي بنِعم الولد.
-
أدوات النصب
أهل البصرة يختصرون أدوات النصب في أربعة أدوات فقط ويقولون “أن ولم وكي وإذاً” بينما أهل الكوفة يزيدون على تلك الأدوات عشرة.
ولكن ما الفرق بين المذهب البصري والمذهب الكوفي وما أصل
محل
الخلاف؟
اختلف العلماء في تلك المسألة لسبب منهجي وهو إن أهل البصرة يسعون إلى طرد القواعد والأفضل من الناحية النحوية هم أهل البصرة لأن طرد القواعد خيرٌ من اشتقاقها.[1]