قسوة الأب على أبنائه .. خطورتها ونتائجها
فيما تتمثل قسوة الأب على الابناء
يقول
الله
عز وجل في سورة الكهف (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ
الحياة
الدنيا ﴾، فقد غرس الله بداخل الأبوين مشاعر
الحب
للأبناء، وينتج من ذلك الحب حُسن المعاملة، ولكن لكل قاعدة شواذ لذلك فهناك آباء لا يُحسنون معاملة ابناءهم بحجة التربية الصحيحة.
ولكن الجدير بالذكر أن
القسوة
من الاباء على الأبناء قد تكون ناتجة عن عدم إتزان نفسي وسلوكي للأب، بغض
النظر
عن العصبية المفرطة وعدم التحكم في السلوكيات وفرط السيطرة تماما على الأعصاب.
والدليل على ذلك، أن كل عام يتم تقديم أكثر من 3 ملايين تقرير عن إساءة معاملة الأطفال من الأب في الولايات المتحدة، لذلك يمكننا القول الآن إنه وباء إجتماعي رهيب، يقضي على الأطفال تدريجيا ويؤثر على سلوكهم ومن ثم يؤثر على المجتمع بصفة عامة.
فالطفل بطبيعته يحتاج إلى الأب وإلى الأم في كل امور الحياة، وقد يظل هكذا حتى عندما يكبر، وخاصة الأب له دور ريادي جبار في إدارة أسرته، ولكن ذلك الدور
الريادي
المتحكم لابد وأن يتسم بالرحمة وعدم القسوة.
والطفل منذ أن يدرك معاني الحياة، وهو يقيم ويحدد من يُكمل معه حياته، والمعنى هنا أن
الطفل
إذا وجد الحب والحنية والعطف من ناحية الأب، سيصاحبه ابنه في كل امور حياته، ويستشيره في كل أمور الدنيا، ويخشى عليه في الكبر، ولكن إذا وجد الطفل القسوة والشدة، سيبتعد عنه ويبحث عن ما يمكن أن يعوضه عن ذلك النقص الذي احدثته تلك الفجوة الأبوية.
فقسوة الأب ليست مشكلة بسيطة في التربية، فهي لا تمثل فقط الاعتداء الجسدي الذي يعتبر ايضاً اعتداء صادم بسبب تلك العلامات التي قد يتركها في الجسد، فقد يتمثل في تجاهل إحتياجات الطفل، أو وضعه في مواقف خطرة غير خاضعة للإشراف، أو تعريضه لمواقف جنسية، علاوة على ذلك قد يجعله يشعر بأنه لا قيمة له أو غبائه، فكل ما سبق يعتبر من أشكال إساءة معاملة الأطفال وإهمالهم، ويمكن بدور تلك الأشكال أن تترك ندوبًا عميقة ودائمة على الأطفال.
فبغض النظر عن نوع الإساءة والقسوة، فسوف تحدث النتيجة ضررًا نفسيًا خطيرًا، لكن هناك مساعدة متاحة، إذا كنت تشك في أن طفلًا يعاني من قسوة واهمال الأب فمن المهم التحدث بصراحة من خلال اكتشاف المشكلة في أقرب وقت ممكن.[1]
ما هي خطورة قسوة الأب على الأبناء
قد تتمثل جميع أشكال الإساءة والإهمال من الأب في التأثير الضار على الأطفال والشباب، وبالمثل يشكل خطورة كبيرة على المستوى الجسدي والعاطفي :-
الندوب العاطفية
قد يشعر الأطفال الذين يعانون من قسوة الأب بمعظم الآلام من الداخل، حيث قد يعاني العديد من الأطفال من تدني احترام الذات والشعور بالذنب، وغالبًا ما يلومون أنفسهم على تلك القسوة.
ومن ثم قد يجد الأطفال صعوبة في تكوين علاقات تتسم بنقص الثقة والوحدة والبلطجة، فغالبًا ما يشعر الأطفال باليأس والكراهية والبؤس والغضب، ويتحدثون أحيانًا عن الشعور بالانتحار أو إيذاء أنفسهم.
الندوب الجسدية
يمكن أن يكون للأطفال آثار جسدية مباشرة مثل
الكدمات
والجروح وكسور
العظام
والمشاكل الصحية ونقص التغذية أو حتى الموت.
التأثير على الرفاهية في
المستقبل
تظهر الأبحاث أن الأطفال الذين عاشوا مع وجود أب قاسي
القلب
، هم أكثر عرضة لتحصيل تعليمي أقل، ومن ثم يعانون من إدمان
المخدرات
والكحول.
فيمكن أن تكون صعوبات الصحة البدنية والعقلية طويلة الأجل بما في ذلك الاكتئاب، ومن خلال ذلك قد بينت الأبحاث أن العديد من الأفراد الذين يرتكبون جرائم خطيرة قد عانوا من سوء المعاملة خلال طفولتهم.
التأثير على الأسرة
بالإضافة إلى تأثير قسوة الأب على الطفل نفسه، يمكن أن تتأثر أسرهم أيضًا بقلق أفراد الأسرة وعدم تأكدهم من كيفية دعم الطفل الذي تعرض لتلك القسوة وسوء المعاملة، فقد يكون من الصعب التعامل مع سلوكيات الطفل ومواقفه، وغالبًا ما تكافح العائلات لمعرفة كيفية التأقلم مع وجود أب بلا رحمة. [1] [2]
ما هو تأثير قسوة الأب على الأبناء
ولأن الأب يعتبر هو
المثل
الأعلى لأطفاله في كل شيء فإذا كان قاسي القلب فلا يستطيعون التعامل معه، ومن ثم يفقدون الثقة في من حولهم، لأنهم يعتقدون بأن كل من حولهم سيكونون مثل ذلك الأب ومن ضمن هذه التأثيرات ما يلي :-
-
زيادة
الخوف
والشعور بالذنب ولوم الذات - عدم الثقة في البالغين أو صعوبة تكوين علاقات مع الآخرين
- تعطل المرفقات مع أولئك الذين يهدفون إلى الحفاظ على سلامتهم
- اضطرابات الصحة العقلية مثل القلق والتعلق والتوتر اللاحق للصدمة وإضطرابات الاكتئاب
- أفكار إيذاء النفس أو الانتحار
- اضطرابات التعلم، بما في ذلك ضعف اللغة والتنمية المعرفية
-
تأخر النمو واضطرابات
الأكل
والأمراض الجسدية
إصابات جسدية دائمة أو الوفاة - السلوك العنيف أو العدواني أو الإجرامي أو مشاكل سلوكية أخرى
- تعاطي المخدرات والكحول والسلوك الجنسي شديد الخطورة.[2]
ما هي نتيجة قسوة الأب على الأبناء
من الممكن وأن تؤثر قسوة الأب على أطفاله وإهماله لهم على جميع مجالات النمو الجسدية والنفسية والعاطفية والسلوكية والاجتماعية.
حيث قد تبين من خلال بعض الدراسات الأولية مع مجموعة من العينات التمثيلية الكبيرة في جميع البلدان، إرتباط النتائج الوخيمة على نطاق واسع بجميع أنواع القسوة من ناحية الأب.
حدوث مشاكل في
التعلق
والعلاقات الشخصية
من المرجح وأن يعاني الأطفال والرضع المعرضون لسوء المعاملة والقسوة من مشاكل التعلق الغير آمنة أو غير المنظمة مع الأم، فستجدهم متعلقون بالأم بشكل مخيف، لأنهم بالفعل قد فقدوا الثقة تماما في الأب.
حدوث مشاكل في التعلم والنمو
قد تم عمل ارتباطات قوية بين سوء معاملة الأطفال وصعوبات التعلم أو حدوث ضعف في التحصيل
الدراسي
بصفة عامة، وايضاً من الممكن أن يؤثر سوء المعاملة والإهمال من الأب، خاصة في السنوات الأولى من الحياة بشكل خطير على القدرات التنموية للرضع، وخاصة في المجالات الحاسمة للكلام واللغة .
حدوث امراض عقلية
لقد أثبتت الأبحاث المكثفة على وجود علاقة قوية بين القسوة في معاملة الأطفال من الأب والمشاكل الأسرية على مجموعة من مشاكل الصحة العقلية، مع اضطراب ما بعد الصدمة.
وقد تشير الأبحاث الحديثة إلى أن تشخيص الأطفال المصابين باضطراب ما بعد الصدمة لا يعكس الآثار التنموية الكاملة لإساءة معاملة الأطفال المزمنة وإهمالهم، ومن ضمن هذه الإضطرابات مايلي :-
- اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط
- اضطرابات التحدي والسلوك المعارضين
- تعاطي المخدرات
- القلق
- الذهان
- إضطرابات التكيف
انتحار
الشباب
قد تشير الأبحاث إلى أن سوء معاملة الأب للأطفال تزيد بشكل كبير من خطر التفكير في الانتحار، ولقد تبين من خلال الدراسات أن هناك صلة قوية بين الاعتداء الجسدي والجنسي ومحاولة الانتحار مع وجود الأفكار الانتحارية التي تحدث خلال فترة المراهقة.
وبالمثل، قد وجد ميلر وزملاؤه في عام 2013 أنه على الرغم من أن جميع أشكال سوء معاملة الأب للأطفال مرتبطة بالتفكير الانتحاري للمراهقين ومحاولات الانتحار، فإن الاعتداء الجنسي على الأطفال والاعتداء العاطفي قد يكون أكثر أهمية من الإساءة الجسدية أو الإهمال.
تعاطي الكحول والمخدرات الأخرى
تتمثل الآثار النفسية لإساءة معاملة الأطفال وإهمالهم إلى تعاطي الكحول والمخدرات في مرحلة المراهقة والبلوغ، وتشير الدلائل إلى أن جميع أنواع سوء معاملة الأطفال وقسوة الأب بالتحديد، قد ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالمستويات الأعلى من تعاطي المخدرات مثل التبغ والكحول والعقاقير غير المشروعة. [3]