أشعار الوأواء الدمشقي

من هو الوأواء الدمشقي

اسمه الكامل: محمد بن أحمد الغساني الدمشقي، أبو الفرج، ولقب بلقب الوأواء الذي اشتهر به في عصره العباسي عرف هذا الشاعر بإتقانه للغة العربية، وباستخدامه للألفاظ الحلوة في كلامه وفي شعره. ولد في عام 358ھ وتوفي في عام 995ھ في دمشق.

كان يعمل الشاعر الوأواء في البداية بائعاً للفواكه، وبعدها بدأ في كتابة القصائد والأشعار حتى اشتهر في العصر العباسي بشكل كبير جداً، ومن

أشهر

القصائد التي كتبها هي

قصيدة نالت على يدها

.

شعر ومهفهف كالغصن هزته الصبا

من أجمل الأشعار التي كتبها الشاعر الوأواء الدمشقي هو شعر ومهفهف كالغصن هزته الصبا وهو مكون من ستة عشر بيتاً. في هذا الشعر يمكن رؤية كم كان الشاعر الوأواء الدمشقي متقن للغة العربية.

وَمُهَفْهَفٍ كالُغصنِ هَزّتْه الصَّبا

فَصَبا إِليهِ مِنَ الفُتونِ هَوائِي

يُوهِيه حَملُ وِشَاحِهِ فَتَراهُ من

تَرَفِ النعيمِ يَئِنُّ في إِخْفاءِ

تَدْمى سوالفُه إِذا لاحظتَها

بخفيِّ كرِّ اللَّحظ والإِيماءِ

وكأَنَّ عقربَ صُدغِهِ لمَّا انثنتْ

قافٌ معلقةٌ بعطفَةِ فاءِ

فإِذا نظرتُ إِلى محاسنِ وَجْههِ

لم يَرْوَ من نظري إِليهِ ظَمائِي

حازَ الجَمالُ بأَسْرِهِ فكأَنَّما

قُسِمَتْ عليهِ محاسنُ الأَشْياءِ

متبسِّمٌ عنِ لؤلؤٍ رَطبٍ حكى

بَرَداً تساقَطَ منْ عُقُودِ سَماءِ

تُغني عنِ التُّفاحِ حُمرةُ خَدِّهِ

وَتَنُوبُ ريقتهُ عنِ الصَّهباءِ

ويُديرُ عيْناً في حَديقَةِ نَرْجِسٍ

كَسَوادِ يأْسٍ في بياضِ رجاءِ

فَامْزُجْ بِمائِكَ خَمْرَ كأْسِكَ واسقِني

فلَقَدْ مَزَجتُ مَدامِعي بدمائِي

وَاشْرَبْ عَلَى زَهْرِ الرِّياضِ مُدامةً

تَنْفي الهُمومَ بِعاجِلِ السَّراءِ

لَطُفَتْ فَصَارتْ من لطيفِ محلِّها

تجري مجاري الرُّوحِ في الأَعْضاءِ

وكأَنَّ مِخنَقَةً عليها جَوهَرٌ

ما بَيْنَ نارٍ رُكِّبَتْ وَهَواءِ

وَيَظَلُّ صبَّاغُ المِزاجِ محكَّماً

في نَقْضِ حُمرتها بأَيدي الماءِ

وَكَأَنَّها وكأَنَّ حاملَ كأْسها

إِذ قامَ يجْلوها عَلى النُّدَماءِ

شمسُ الضُّحى رَقَصَتْ فَنَقَّطَ وجهَها

بدرُ الدُّجَى بِكواكِبِ الجَوزاءِ

شعر أيا ربع صبري كيف طاوعك البلى

شعر عتاب للشاعر الوأواء الدمشقي يحمل عنوان “أيا ربع صبري كيف طاوعك البلى”.كانت معظم أشعار الوأواء الدمشقي عتاباً.

أَيا ربعَ صبري كيف طاوَعَك البلى

فجَدَّدتَ عَهْدَ الشَوقِ في دِمَنِ الهوى

وَأَجْرَيْتَ ماءَ الوَصْلِ في تُربَةِ الجَفا

فَأَورَقَ غُصْنُ الحُبِّ في روضَةِ الرِّضَا

أَرَدْتَ بتجْديدِ الهوى ذكرَ ما مضى

فأَحْيَيْتَ عَهدَ الحُبِّ في مأْتمِ النَّوى

وَكَشَّفْتَ غيمَ الغَدْرِ عن قَمَرِ الوفا

فَأَشْرقَ نُورُ الوَصْلِ عن ظُلَمِ الجَفا

كَأَنَّك عايَنتَ الذِّي بي مِنَ الهوى

فَقَاسَمْتَني البلوى وقاسمتُكَ البِلى

وَدارَتْ بُروجُ اليأسِ في فَلَكِ الرَّجا

وَهَبَّ نَسِيمُ الشَّوقِ في أَمَلِ المُنى

لَئِنْ ماتَ يأْسِي منهُ إِذْ عاشَ مَطْمعي

فَإِنّي قَدِ اسْتَمْسَكْتُ مِنْ لَحْظِهِ الرَّجَا

وَما ذَكَرَتْكَ النَّفْسُ إِلا تَصاعَدَتْ

إِلَى العَيْنِ فَانهَلَّتْ مع الدَّمْعِ فِي البُكا

تُواصِلُنِي طوراً وَتهجرُ تارةً

أَلا رُبَّ هَجْرٍ جَرَّ أَسبابَهُ الصَّفا

أَرى الغَيَّ رُشداً في هواهُ وإِنَّني

لأَقْنَعُ بِالشَّكْوى إِلى خيرِ مُشْتَكى

أَلَمْ تَرَ أَنِّي بِعْتُ عِزّي بِذِلَّةٍ

وَطاوَعْتُ ما تهوى لِطَوْعِكَ ما تَشا

وَما وَحَياة الحُبِّ حُلْتُ عَن الَّذي

عَهِدْتَ وَلكن كلُّ شيءٍ إِلى انْتها

وَرَيَّانَ مِنْ ماءِ الشَّبابِ كَأَنَّما

يُوَرِّدُ ماءَ الحُسْن في خدِّهِ الحَيَا

إِذا قَابَلَ الليلَ البهيمَ بوَجهه

أَرَاكَ ضياءَ الصُّبْح في ظلمةِ الدُّجى

أَبى لحظُ طَرْفي أَن يفارقَ طَرْفَهُ

فلو رُمْتُ أَثنيهِ عَن الطَّرْفِ ما انْثَنَى

أُشَبِّهُ صُدْغَيْهِ بِخدَّيْهِ إِذْ بدا

بِسَالِفَتَي ريمٍ وَعِطفينِ من رَشا

إِذا ما انتضى سيفَ المَلاحةِ طَرْفُهُ

فَلَيْسَ لراءٍ طَرْفَهُ لَمْ يَمُتْ عَزَا

أَبى أَن تنيلَ القلبَ رِقَّةُ كَأْسِهِ

وَدقَّتْ عن التشبيهِ في اللطفِ بِالهوا

شعر زمن مثل زورة الأحباب

شعر آخر للشاعر الوأواء الدمشقي بعنوان “زمن مثل زورة الأحباب”

زَمَنٌ مثلُ زورة الأَحبابِ

بعد يأْسٍ من مُغْرَمٍ باجتنابِ

فَاسْقني يا غلامُ عاش ليَ العَي

شُ مُداماً تُجْلى بحَلْي الحَبابِ

ما تَرى النَّايَ نبَّهَ العُودَ يَا صَا

حِ فَذا نادِبٌ وَذَا في انْتِحابِ

وَغناءٌ يكادُ أَنْ يَسْكُنَ الما

ء لتغريدِهِ عنِ الاضْطِرابِ

من فَتاةٍ وِصالُها لي صُدُودٌ

وَمواعيدُها كَلَمْعِ السَّرَابِ

نَزعوها مساويَ البُعْدِ لمَّا

أَلْبَسْوهَا مَحاسنَ الاقْتِرابِ

حينَ أَلقتْ ذَوائِباً مِثْلَ نَايَا

تٍ زُنامِيَّةٍ بِلا أَثْقابِ

وَتَلَوّت ملطومَة الخَدِّ بالْوَرْ

دِ وَعادَتْ كالشَّمْسِ بَعْدَ الذّهَابِ

في رِياضٍ كَأَنَّهَا لَيسَ تَرْضى

بِاشتغالي بها عنِ الأَحْبابِ

نمَّ نَمَّامُها إِلى رُوعِ قَلبي

أَنَّهُ مُؤْمِنٌ له مِنْ عِقَابِ

لَوْ تَصدَّى نَسيمُها لِمَشيبٍ

عَادَ مِنْهُ إلَى أَوَانِ الشَّبابِ

دَبَّجَ الغَيْثُ رَوْضَها مُذْ بَدا يَسْ

حَبُ مِنْ فَوْقِها ذُيولَ السَّحابِ

وَغَدا النَّرْجِسُ المُفَتِّحُ فيها

كَعُيونٍ تَطَلعَتْ مِنْ نِقابِ

وَشَقيقٍ تَرَاهُ يسرج فِي الرَّوْ

ضِ إِذَا مَا بدا بغير شِهابِ

كَسِهَامٍ مِن الزَّبَرْجَدِ قَدْ رُك

كِبَ فِيهَا أَزِجَّةُ العُنَّابِ

يَجْتَليها بَنَفْسَجٌ فِي حِدَادٍ

وَبَهارٌ فِي صُورةِ المُرْتابِ

رسمتْ لي رسومُها كَيْفَ أَشْتا

قُ إِلَيْهَا فِي جَيْئَتي وذَهابي

عاشقٌ لونَ عاشقيه إِذا ما

راعَهمْ مِن ذهابِهِ بِالذَّهابِ

شعر أمغنى الهوى غالتك أيدي النوائب

في ما يلي شعر أمغنى الهوى غالتك أيدي النوائب:

أَمَغْنى الهَوى غالَتْكَ أَيدي النَّوائبِ

فَأَصْبَحْتَ مَغْنىً لِلْصَّبا والجَنائبِ

إِذا أَبْصَرَتْكَ العَيْنُ جَادَتْ بِمُذْهَبٍ

عَلَى مَذْهَبٍ فِي الخَدِّ بَيْنَ المَذاهِبِ

أَثافٍ كَنقطِ الثَّاءِ في طِرْسِ دِمْنَةٍ

وَنُؤْي كَدَوْرِ النُّونِ مِنْ خَطِّ كَاتِبِ

سَقَى اللَهُ آجالَ الهَوى فيك لِلْبَقا

مُدامَ الأَماني من ثُغُورِ الحَبَائِبِ

فَلم يُبق لي فيك البِلى غَيرَ ملعبٍ

يذكِّرُني عهدَ الصِّبا بملاعبِ

يبيتُ الهَوى العُذْريُّ يعذرني إِذا

خَلَعْتُ به عُذْرَ الدموعِ السواكبِ

وَمَأْسورةِ الأَلْحاظِ عن سِنة الكرى

كَأَنَّ عَلَيها الصبرَ ضربةُ لازِبِ

تَحَّرك طفلُ التِّيهِ في مَهْدِ طرفِها

إِذا اكتحلتْ بِالغُمْضِ عَينُ المُراقِبِ

تَصَدَّتْ لَنا ما بين إِعْراضِ زاهِدٍ

عَلَى حَذَرٍ مِنها وَإِقْبالِ راغبِ

وَقَد حُلِّيَتْ أَجفانُها مِن دموعِها

بِأَحسنَ مِمَّا حُلِّيَتْ في التَّرائبِ

وليلٍ كَليْلِ الثَّاكلاتِ لَبِسْتُهُ

مشارقُه لا تَهْتَدي للمَغاربِ

كَأَنَّ اخضِرارَ الجَوِّ صَرْحُ زَبَرْجَدٍ

تَناثَر فيهِ الدُّرُّ مِن جيدِ كاعبِ

كَأَنَّ خَفِيَّاتِ الكَواكبِ في الدُّجى

بياضُ ولاءٍ لاحَ في قلبِ ناصِبي

كَأَنَّ نجوم اللَّيل سِرْبٌ رَواتعٌ

لَها البَدرُ راع في رِياضِ السَحائبِ

كأنَّ مُوشّى السُّحب في جَنَباتها

صدورُ بُزاة أَو ظهورُ الجَنَادِبِ

صبحتُ بِهِ والصبحُ قَدْ خَلعَ الدُّجى

عَلَى منكبيه طَيْلَسان الْغَياهِبِ

شعر رضا الفنا عن بقائي بعدكم غضب

في ديوان الشاعر الوأواء الدمشقي العديد من الأشعار التي تتكون من بيتين أو ثلاثة أبيات، على الرغم من أن هناك أشعار متكونة من أبيات طويلة جداً وصلت إلى الواحد وستون بيتاً إلا أن أكثر أشعاره مكونة من بيتين أو ثلاثة أبيات.

رِضا الفنا عن بَقائي بعدَكُمْ غَضَبُ

كأَنَّما راحَتي مُذْ غِبتُمُ تعبُ

وَاخَجْلتي من بقائي بعدَ فُرْقَتِكُمْ

إِذ ليس لي في حياتي بَعدكم أَربُ

وَلَيسَ مَوتي عَجيباً بَعْدَ بينِكُمُ

وإِنَّما في حياتي بَعدكم عَجَبُ

شعر قفوا ما عليكم من وقوف الركائب

في ما يلي شعر قفوا ما عليكم من وقوف الركائب:

قِفُوا ما عليكم من وقوف الرَّكائبِ

لِنَبْذِلَ مذخورَ الدُّموعِ السَّواكبِ

وإلا فَدُلُّوني عَلَى الصَّبرِ إِنني

رأَيتُ اصطِباري مِن أَعَزِّ المَطالبِ

كأَنَّ جُفوني يومَ مُنْعَرَجِ اللِّوى

ملاعِبهُمْ ما بَينَ تلكَ المَلاعبِ

تُلِحُّ علينا بالدُّموع كأَنَّها

لجاجةُ معتوبٍ عَلَى عتب عاتبِ

منازلُ لم ينزل بها ركبُ أَدْمعٍ[1]