كيف يكون البر بالأم بعد وفاتها
أفضل الأعمال للميت بعد موته
قال
الله
-تعالى-: “وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ (39)” وعلق على هذه الآية “ابن كثير” – رحمه الله- قائلًا: “استنتج الإمام الشافعي من هذه الآية أن تلاوة القرآن لا تفيد الموتى لأنها ليست من فعلهم وكسبهم، ولهذا السبب لم يوصى رسول الله -صل الله عليه وسلم- بذلك للأمة أو حتى شجعهم على القيام بذلك أو أرشدهم إليه بنص أو تلميح كما لم يتم الإبلاغ من أي أحد من صحابته عن مثل هذا الشيء ولو كان هذا جيدًا لكانوا قد سبقونا في فعل ذلك، ويجب أن تقتصر أمور العبادة على النصوص وألا تكون عرضةً للتعديلات القائمة على القياس والآراء”، تفسير
القرآن الكريم
صحيح بشكل عام ولا يمكن للمرء أن يستفيد من أفعال الآخرين بعد وفاته ولكن هذا له استثناءات هامة مثل:
صلاة الجنازة
عندما يصلي المسلمون من أجل المتوفى فإنهم يمنحونه الشفاعة، وكلما زاد عدد المسلمين الذين يشاركون في
الصلاة
كلما كان ذلك أكثر فائدة للمتوفى، وهذا يعني أن الله يأخذ شهادتهم ودعاءهم فيما يتعلق بأفعال المتوفى الظاهرة كسبب كاف للمغفرة وبما أن المسلمين الذين ارتبطوا به لم يجدوا أي مشكلة كبيرة تمنعهم من الدعاء له فإن الله -جل جلاله- يقبل ذلك ويوافق على مسامحة الكثير من خطاياه الخفية التي لم يعرفوها، روي عن أنس وعائشة -رضى الله عنهما- أن رسول الله-صل الله عليه وسلم- قال:«مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أَرْبَعُونَ رَجُلًا لَا يُشْرِكُونَ بِاللهِ شَيْئًا إِلَّا شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ» رواه مسلم.
الصدقة الجارية
إن أي عمل جيد يبدأه المسلم خلال حياته وينفع المسلمين ويستخدمونه باستمرار ويستفيدون منه سيستمر في إفادته وزيادة سجله في الأعمال الصالحة حتى بعد رحيله طالما استمرت فوائده في الوصول إلى الآخرين،يقول الله -سبحانه وتعالى-: “إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ”، كما روي ابو هريرة -رضى الله عنه- عن رسول الله -صل الله عليه وسلم- أنه قال: “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”
الوفاء بعهود المتوفى
صيام الأيام المعهودة:
روت عائشة، رضي الله عنها- أن رسول الله- صل الله عليه وسلم- قال: “من مات وعليه صيام صام عنه وليه.”
عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صل الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن أمي ماتتْ وعليها صوم شهر، أَفأَقضيه؟ قال: “لو كان على أُمِّك دَينٌ كنتَ قاضيةً عنها؟”، قال: نعم، قال: “فدَين الله أحقُّ أن يُقضى”، وفي رواية: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم نذرٍ، أفأصوم عنها؟ قال: “أفرأيتِ لو كان على أُمِّك دَينٌ، فقضيتِه، أكان يؤدِّي ذلك عنها؟”، قالت: نعم، قال: “فصومي عن أُمك”.
صيام الأيام الضائعة من رمضان:
وأوصى بعض العلماء بالإضافة إلى ذلك بصيام أيام رمضان التي فوتها المتوفى، غير أن الإمام أحمد -رحمه الله- أعرب عن الموقف الصحيح في هذا الصدد وقال: “لا يجوز للمرء أن يصوم لشخص ميت إلا في حالة قضاء نذر”، وقال سعيد بن جبير -رحمه الله- أن ابن عباس -رحمه الله- قال: “إذا مرض رجل في رمضان ثم مات دون صيام وجب إعطاء
الطعام
نيابة عنه دون الحاجة إلى تعويض الصيام، ولكن إذا كان قد قطع عهدًا بالصيام فينبغي أن يصوم عنه وليه”.
إحياء السنة
الدعوة إلى السنة المنسية هي من بين أهم الأعمال الخيرية التي يمكن للشخص القيام به خلال حياته فهى تساعد على إحياء دين الله لمحمد -صل الله عليه وسلم-، وقد ذكر جرير بن عبد الله -رحمه الله- أنهم (الصحابة) كانوا مع رسول الله -صل الله وعليه وسلم في منتصف النهار عندما وصلت مجموعة من الناس من خارج المدينة المنورة لرؤيته، كانوا حفاة وعراة (تقريبا) ويرتدون فقط قطع قماش مبطنة صوفية أو عباءات، مسلحين بالسيوف ولا يرتدون أي إيزار أو أي شيء آخر بجانب ذلك، وكان معظمهم أو جميعهم من قبيلة مودار، تغير وجه رسول الله -صل الله عليه وسلم- (أى أنه حزن) عندما لاحظ فقرهم الشديد
عاد رسول الله -صل الله عليه وسلم- إلى منزله ثم خرج منه وطلب من بلال -رضي الله عنه- أن يؤذن لصلاة الظهر، و بعد الصلاة اعتلى المنبر وخطب
خطبة
شكر الله فيها على نعمه ثم قال: قال الله -تعالى-: “يٰۤاَيُّهَا الَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡا اتَّقُوا اللّٰهَ وَلۡتَـنۡظُرۡ نَـفۡسٌ مَّا قَدَّمَتۡ لِغَدٍ ۚ وَاتَّقُوا اللّٰهَؕ اِنَّ اللّٰهَ خَبِيۡرٌۢ بِمَا تَعۡمَلُوۡنَ ” ثم قال: “وليتصدَّقْ رجلٌ مِن دينارِه، أو مِن درهمِه، أو مِن ثوبِه، أو مِن صاعِ بُرِّه، أو مِن صاعِ تمرِه، حتَّى قال: ولو بشِقِّ تمرةٍ”
ويتابع “جرير” قائلًا: فجاء رجُلٌ “بصُرَّةٍ”، أي ربطةٍ مِن الدَّراهم أو الدَّنانير كادَتْ يدُه تعجِزُ عن حَملِها لثِقلِها وكثرةِ ما فيها ثمَّ تتابَعَ النَّاسُ وتوالَوْا في إعطاءِ الصَّدقاتِ حتَّى رأيتُ كومَيْنِ مِن طعامٍ وثيابٍ حتَّى رأيتُ وجهَ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يتهلَّلُ كأنَّه مُذْهَبَةٌ (وكأن وجهه مموه بالذهب) ثم قال -صل الله عليه وسلم-: “
مَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَن عَمِلَ بهَا بَعْدَهُ، مِن غيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِن أُجُورِهِمْ شيءٌ، وَمَن سَنَّ في الإسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً، كانَ عليه وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَن عَمِلَ بهَا مِن بَعْدِهِ، مِن غيرِ أَنْ يَنْقُصَ مِن أَوْزَارِهِمْ شيءٌ.” [1]
أفضل الأعمال لبر الأم بعد موتها
- الدعاء والاستغفار لها
- الصيام لها
- الصدقة الجارية
- الصوم لها
- الصدقة بالنيابة عنها
بر الوالدين بعد الموت ابن باز
سئل “ابن باز”-رحمه الله- عن كيفية بر الوالدين بعد الموت فقال: “الدعاء للوالدين والاستغفار لهما والصدقة عنهما من جملة البر بعد الموت ولعلَّ الله يخفف عنه بذلك ما سبق من عقوق، مع التوبة الصادقة فعليه أن يتوب إلى الله إذا كان عاقاً لهما ويندم على ما فعل ويقلع من ذلك ويكثر من التوبة والاستغفار والدعاء لهما بالرحمة والعفو والمغفرة مع الإكثار من
الصدقة
عنهما فإن هذا كله مما شرعه الله – جل وعلا – في حق الولد لوالديه.
ثبت عنه ﷺ أنه سأله سائل : “هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد وفاتهما؟ قال النبي ﷺ: “الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما من بعدهما وإكرام صديقهما وصلة
الرحم
التي لا توصل إلا بهما، هذا كله من برهما بعد الموت و”الصلاة عليهما” معناه
الاستغفار
والدعاء ومن ذلك
صلاة الجنازة
و”الاستغفار لهما” تعنى طلب المغفرة وأن يدعو لهم بالمغفرة و”إنفاذ عهدهما” يعني وصاياهما بمعنى أنه إذا أوصيا بشيء لا يخالف الشرع من برهما أن ينفذ الوصية الموافقة للشرع و”إكرام صديقهما” بمعنى أن يكرم أصدقاء والديه ويحسن إليهما ويراعي حقوق
الصداقة
بينهم وبين والديه
كل هذا من بر والديه وإذا كان
الصديق
فقيراً واساه وإن كان غير فقير اتصل به للسلام عليه والسؤال عليه استصحاباً للصداقة التي بينهم وبين والديه إذا كان ذلك الصديق ليس ممن يستحق الهجر، كذلك صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما كالإحسان إلى أخواله وأعمامه وأقاربه من جهة الأب ومن جهة الأم سوى الأعمام والأخوال، كل هذا من بر والديه.
ما عقوبة عقوق الوالدين في الدنيا والآخرة
عقاب عقوق الوالدين لن يأتي في يوم القيامة فقط ولكن فى
الحياة
الدنيا أيضًا، ويروي أن النبي -صل الله عليه وسلم- قال: “كلُّ ذنوبٍ يؤخِرُ اللهُ منها ما شاءَ إلى يومِ القيامةِ إلَّا البَغيَ، وعقوقَ الوالدَينِ، أو قطيعةَ الرَّحمِ، يُعجِلُ لصاحبِها في الدُّنيا قبلَ المَوتِ”، وهذا يعني أن الأبناء العاقين العصاة سيعاقبون مرتين؛ مرة في الدنيا ومرة في الآخرة [2]