التربية الايجابية في ميزان الاسلام
التربية الإيجابية في الإسلام
منذ عدة سنوات ومصطلح التربية الايجابية يتسرب على ألسنة البعض بالتدريج، حتى بات هذا المصطلح دارج وعام، وليس بالكلمة الغريبة على أذهان المستمع لها، Positive discipline، وبعد انتشار المصطلح جذب هذا النوع من التربية العديد والعديد من الناس، ما بين آباء وأمهات، ومربين، ومتخصصين في التربية، بغرض تعلمه أو تطبيقه بشكل عام، ونال فيه البعض شهادات ما بين المعتمد منها وغير المعتمد، والمعتمد منها منبعه المؤسسة الأمريكية التي تقدمه تحت نفس الاسم.
أما عن أصل ذلك المصطلح فهو يرجع إلى طبيب نفسي يسمى ألفريد قام بتقديمه في أوائل التسعينات، ومع انتهاء تلك الفترة بداية الألفينات قامت جين ولين بكتابة
المؤلف
المشهور لهما والذي على أثره أسسوا لمؤسسة متخصصة في التربية الايجابية، بعد أن تلقوا فيها تدريبات.
لكن الملفت هو أن هذا المصطلح كان يمارسه النبي صلى
الله
عليه وسلم منذ مئات السنوات مع من حوله، ورسم لكل مربي طريقة
التربية الإيجابية
بمنظور إسلامي على الرغم من تجاهل الكثير هذا الأمر في
الوقت
الحاضر، ويمكن توضيح ذلك فيما يلي من فقرات توضح ذلك من السنة.
بحسب المعايير التي تسير عليها التربية الأدبية، فإنها تقوم على خمسة من المعايير، وهنا يلقى الضوء على تطبيقها من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم في ضوء
الإسلام
منذ أكثر من ألف سنة:
-
التربية على أساس الأهمية
واحد من معايير التربية الإيجابية التي تعزز إحساس الإبن بأهميته، ودوره وتحترم وجوده قدمه النبي صلى الله عليه وسلم في حديث شهير عن سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه، قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم -، بِقَدَحٍ، فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلاَمٌ، أَصْغَرُ الْقَوْمِ، وَالأَشْيَاخُ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ: يَا غُلاَمُ أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَهُ الأَشْيَاخَ قَالَ: مَا كُنْتُ لأُوثِرَ بِفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا، يَا رَسُول اللهِ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ.
ويتضح من هذا الحديث المثير والكثير من دروس التربية الإيجابية، هنا النبي لم يهمل الغلام باعتبار صغر سنه بل استأذنه أولاً، ثم لما رفض الغلام لم ينهره واحترم رغبته.
-
الاحترام والتشجيع والحزم
هذا الخليط من أساليب التربية ليس بالهين فمن السهل أن يكون الأب دافع لابنه، وليس صعباً أن يقدم له الاحترام، ومن اليسير أن يكون شديد وحازم، لكن الصعب في الأمر أن يجتمع كل ذلك في نفس الوقت، بحيث يكون هناك لين مع حزم وتشجيع واحترام، ووضع أسس وقواعد للطفل، من ذلك ما حدث مع الحسن والحسين حفيداه.
أَخَذَ الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ رَضيَ اللهُ عنهمَا تَمْرَةً مِن تَمْرِ الصَّدَقَةِ، فَجَعَلَهَا في فِيهِ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: كِخْ كِخْ. لِيَطْرَحَهَا، ثُمَّ قالَ: أَمَا شَعَرْتَ أنَّا لا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، الراوي أبو هريرة، ومن الحديث تظهر عدة معايير هامة في تربية
الطفل
أولها الحزم عند الخطأ، وثانيها تبيان للأسباب ليقتنع الطفل، وثالثها تشجيع حين بين له أن
الصدقة
قاذورات الناس ليترفع عنها، وهو منهج تربوي متكامل. [1]
العقاب في التربية الإيجابية
تحتاج بعض التصرفات التي يقوم بها الأطفال إلى مواقف حاسمة، المهم في الأمر أن تكون هذه التصرفات على ميزان العقل، بحيث ما يحتاج منها لعقاب، يجب أن يكون عقاب يناسب سن الطفل، واختيار العقاب بشكل صحيح، ولابد أن يكون العقاب سبب في أن لا يكرر التصرف مرة أخرى.
لذا فإنه هنا خبراء التربية يؤكدون على ضرورة التعامل مع الأطفال، واستخدام الأساليب الجديدة للعقاب بديل الضرب والعنف، ضرورة أن يتحلى المريي بالصبر والهدوء أثناء تطبيقها، وتبدأ طرق العقاب منذ العام الثالث للطفل، حيث أن الطفل الذي يبكي ويصرخ من أجل الحصول على شئ معين لا يجب التعامل معه بالصراخ والتهديد والضرب.
وهذه هي الطريقة المناسبة لهذا السن والتي قد تأتي بأفضل نتيجة في المرات القادمة، وتقدم حلول جيدة بعيد عن الضرب والصراخ، وفي نفس الوقت تعلم الطفل البحث عن طريقة أخرى للتعبير عن احتياجاته.
طريقة عقاب أخرى إذا كان الطفل يستطيع الكلام والتعبير أي أنه تخطى سن الخمس سنوات، حيث يمكن إذا قام بافتعال المشاغبة والمشاكل أن تنسحب الأم من مكانها وتخبره أنها لن تتحدث معه إلا حين يتصرف بشكل جيد ويأتي لها ليعتذر.
ويكون العقاب في حالة إصراره بالإجبار على
تحديد
مساحة من المكان لا يتعداها ولا يخرج منها.
أسس تربية الأبناء في الإسلام
تعتمد التربية في الإسلام على أسس كثيرة ومتعددة، وكلها مرجعها الدين الإسلامي، بحيث تصلح لكل زمان ومكان، وكل عصر، وتساعد كل مربي في جميع الأحوال وكل الأعمار، وتعتمد تلك الأسس على عدة جوانب منها:
التربية بالرفق واللين عن أم المؤمنين عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهَا زَوْج النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ» رواه البخاري (6024) . وهو تحبيب لأمر الرفق عند التربية، وفي غيرها من المواضع لما أحبها الله.
وروى مسلم (2592) عَنْ جَرِيرٍ رضي الله تعالى عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ ، يُحْرَمِ الْخَيْرَ». وعَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : «إِنَّ الرِّفْقَ لاَ يَكُونُ فِي شيء إِلاَّ زَانَهُ ، وَلاَ يُنْزَعُ مِنْ شيء إِلاَّ شَانَهُ» رواه مسلم (2594)، وأكثر المواضع التي يستحب فيها الرفق هي تربية الصغير.
وعَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها: أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَرَادَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَهْلِ بَيْتٍ خَيْرًا أَدْخَلَ عَلَيْهِمُ الرِّفْقَ». رواه الإمام أحمد في مسنده (24427) ، وصححه الألباني في (صحيح الجامع الصغير:303)، وهنا تخصيص لأهل البيت بشكل خاص عن غيرهم.
المعيار الثاني للتربية هو التربية بالعقاب عند الحاجة، حيث أن للرفق وقته وجاله ولا يجب أن يكون الرفق سبب في إفساد وتدليل الأطفال.
الأساس الثالث هو تقديم القدوة الحسنة {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان:74) .
أدوات التربية الإيجابية
هناك عدة أدوات في التربية الإيجابية وهي:
-
المكافآت الغير مشروطة، يجب أن لا تكون المكافآت للطفل تحت شرط معين حتى لا يتحول إلى طفل مزعج، بل يجب أن يكون التوقف عن الخطأ نابع من داخله، ويمكن استبدال المكافأة بالتشجيع.
-
التفهم، والفهم، والمفهومان مختلفان عن بعضهما حيث أن الفهم يعتمد على ما يقوله الطفل ويشرح فيه أسباب ما يفعل أما التفهم فهو عبارة عن تقدير، واستيعاب وقد يحدث التفهم دون كلام من الطفل فقد يقابل الطفل موقف سئ، ويظهر خلال اليوم بعض العدوانية وعند سؤال السبب يشرح أن من أمامه هو من بدأ وهنا يحدث الفهم لسبب تصرفه أما التفهم هو أن نفهم أن الموقف السيئ الذي مر عليه اليوم هو ما تسبب في عدوانيته.
-
التأديب بدل من العقاب.
-
القدرة على التحكم في الأعصاب.
-
التعاون
في حل المشكلات. [2]