سبب نزول آية لو كنت فظا غليظ القلب ومعناها
من هو غليظ القلب
هل سبق لك التعامل مع شخص سيء الطباع، يهابه الناس بسبب سوء معاملته، وقسوة قلبه، ويعتبر هو نفس الشخص الذي تجده وحيدا في كل شيء، لا يقبل عليه الناس ويبعدون عنه بكل الطرق.
فالقسوة هي من أسوء صفات الانسان، وخاصة إذا كانت تلك القسوة تخص الأقربون منه، وعلى غرار ذلك، قد قابلت طيب
القلب
الذي يستطيع برحمة قلبه، وطيب لسانه أن يجلب لنفسه محبة
الله
ومحبة الناس من حوله.
حيث قد ذكر ذلك في حديث أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: إن الله تعالى إذا أحب عبدا دعا جبريل، فقال: إني أحب فلانا فأحببه، فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء، فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض، وإذا أبغض عبدا دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه. فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانا فأبغضوه، ثم توضع له البغضاء في الأرض.
ونستنتج من خلال ذلك أن طيب القلب يحبه الله ويجعل المحبة له في قلوب الناس، أما غليظ القلب أو قاسي القلب، فيمقته الله ومن ثم يزرع الكره في قلوب أهل الأرض له.
ويتمثل ذلك في القبول الذي قد تشعر به والطمأنينة الغريبة التي تنتابك بمجرد التعامل مع شخصا طيب، أما قاسي القلب فستشعر بعدم القبول ناحيته، ولا حتى التعامل معه.
ومن الممكن أن نتخيل أن ” الغلظة” هي عدم ثقة في النفس، ومحاولة أخفاء شخصية أخرى دفينة، في
الحياة
الاجتماعية والعملية ايضا. ومن هنا نستطيع القول بأن الشخصية الغليظة هي الشخصية التي لا تعلم كيف تتعامل مع الآخرين، ومحاولة السطو والإستيلاء والسيطرة، ناهيك عن التحكم في كل أمور من حوله.
والجدير بالذكر أن قسوة القلب قد صنفت من قبل على أنها مرض من الامراض الخلقية، والتي تجفف في داخل النفس الانسانية، جميع العواطف الانسانية، ويشتدد ذلك الجفاف مع
الوقت
حتى ينعدم الاحساس الداخلي تماما. وقد تصبح
القلوب
مثل الحجارة مع الوقت، بل هي أشد قسوة من الحجارة، لأن من الحجارة ما يتشقق ويخرج منها الماء.[1] [2]
ما هو سبب نزول آية “لو كنت فظا غليظ القلب “
يقول الله تعالى ” فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) آل عمران.
لقد بين الله سبحانه وتعالى حال المؤمنين في غزوة أحد، وما قد حدث بعدها وقبلها وفي وقت الغزوة نفسها، وايضا ما قد اصابهم من غم وهم بسبب سوء التصرف الذي فعلوه، ثم أعطى الله سبحانه وتعالى الدواء للشفاء من ذلك الغم، وكانت آياته بينة لإستكمال الجهاد الذي كانوا قد بدأوه من قبل.
ولقد أوضح الله سبحانه وتعالى للنبي صلى الله عليه وسلم كيف تكون القيادة الحكيمة، ألا وأن القيادة الحكيمة لابد وأن تتزامن مع العزيمة والرحمة، ذلك بالإضافة إلى التحلي بالقوة التي لابد وأن تكون خالية تماما من الفظاظة والقسوة.
ومن هنا نجد أن الله سبحانه وتعالى قد قال في وصف حال النبي صلى الله عليه وسلم في موقعة أحد، فقال تعالت كلماته: فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك “.
فبدأت الآية الكريمة بحرف الباء في ” فبما” والباء هنا باء سببية، أي أنها لتوضيح السبب، أما كلمة “ما” في فبما، فهي تعتبر ما زائدة عن المعنى، وموجودة فقط لكي تؤكد على المعنى ليس أكثر، وتؤكد وجود الرحمة في القيادة، فهي رحمة عظيمة، وتتمثل في وجوب اللين في كل الأحوال أثناء التعامل والحديث.
وقد شعر المؤمنون بخيبة أمل عظيمة وضياع كبير، خاصة بعد إساءة التصرف في نهاية غزوة أحد، فلم يعاتبهم الرسول عما فعلوا، ولم يعنفهم، ولكن كل الذي فعله معهم هو السكوت، وبعدها قد شكر الله سبحانه وتعالى تلك النعمة وهي نعمة اللين والمسامحة، لأنها ساعدتهم كثيرا.
ويوضح لنا الرسول صلى الله عليه وسلم صفات القائد الناجح، وهي ألا يلتفت إلى الماضي أو اللوم عما حدث، ولكن الذي فعله هو إنارة السبيل أمام الرعية، وتعتبر المبالغة في اللوم هي الاساس الذي يبعث اليأس والضعف في القلوب.
وكان لين قلب النبي لهم في ذلك الوقت كالبلسم على الجروح لما حدث، أما بالنسبة للنص السابق فلم يكن النبي قاسيا ولا غليظا، فكلمة “لو” تعني أنه لم يكن كذلك، فتلك هي صفات النبوة والقيادة العاقلة الحكيمة. [3]
ما هي الفظاظة
قد فسر لنا ديننا الإسلامي الحنيف، أن صفة الفظاظة هي خشونة المظهر الخارجي والداخلي،ومن ثم العشرة السيئة، ومن ثم سوء القول، وعبوس الوجه، وقد نفى الله سبحانه وتعالى عن الغلظة وقسوة القلب، سواء أكانت في القيادة أو في الحياة بصفة عامة.
ما هو المعنى التفسيري للآية الكريمة “لو كنت فظا غليظ القلب”
فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾.
يتحدث الله في الآية السابقة مع رسولنا الكريم ويذكر أنها كانت نعمة يا محمد عليكَ عظيمة، حين منّ الله سبحانه وتعالى عليك بلين القلب، وسلاسة القول والتعامل، حيث أنك يا محمد إذا كنت فظا غليظ القلب، لتفرق جميع الناس من حولك، فعليك يا محمد وأن تعفوا عنهم وتسامحهم، فيما حدث في يوم أحد، وبعد ذلك استغفر لهم حتى أتم شفاعتك فيهم في يوم الدين، فقم يا محمد بتطيب نفوسهم في وقت ضعفهم، وقلوبهم الحزينة، فإذا عزمت على ما تريد إمضاءه فتوكل على الحي القيوم. [3]
ما هو المعنى اللغوي للآية الكريمة
يحمل المعنى اللغوي للآية الكريمة العديد من المعاني التي تعمل على إيضاح المعنى بصورة أفضل من ذي قبل، وعلى ذلك الأساس فإن هناك عدد من المفسرين الذين قد فسروا الآية الكريمة، من قبل تفسيرا لغويا. ومن ضمن هذه المعاني التي توضح فهم الآية:-
- ﴿ فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ ﴾ أي: بمعنى فبرحمة من الله.
- ﴿ لِنْتَ لَهُمْ } تأتي بمعنى أن أخلاقك واللين في التعامل يا محمد قد سهلت عليهم أمورهم، ولَمْ تُسْرِعْ إليهم بالغضب فِيمَا كَانَ مِنْهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ،
- ﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا ﴾ بمعنى لو كنت جافيا وسيء الخلق والطباع .
- ﴿ غَلِيظَ الْقَلْبِ } بمعنى جافيا وفظا في القول، و غليظ في القلب
- {لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ﴾، أيْ بمعنى نفروا وبعدوا وتفرقوا بعيدا عنك
- ﴿ فَاعْفُ عَنْهُمْ} بمعني تجاوز عن ما فعلوا يوم أحد
- ﴿ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ ﴾ اطلب لهم العفو والهداية يا محمد
- ﴿ وَشَاوِرْهُمْ ﴾ استمع إليهم، وإلى آرائهم
- ﴿ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} تنشأ العزيمة و الإرادة بعد الإتفاق والمشاورة في الأمر [2] [3]