شرح حديث ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه
شرح حديث رسول الله ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه
عن المِقْدَام بن مَعْدِي كَرِبَ -رضي
الله
عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: “ما مَلَأ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا من بطن، بِحَسْبِ ابن آدم أُكُلَاتٍ يُقِمْنَ صُلْبَه،ُ فإن كان لا مَحَالةَ، فَثُلُثٌ لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لِنَفَسِهِ”، نجد أن في هذا الحديث الشريف تضمن إرشاد الرسول عليه
الصلاة
والسلام لنا وتسليط الضوء على أصل من أصول الطب والتي تهدف إلى الوقاية والتي يجب أن يتبعها الإنسان للحفاظ على صحته، وتكون الوقاية من خلال :
-
التقليل من
الطعام
. - وأن يأكل الإنسان بقدر ما يسد رمقه، ولقيمات تقوم على تقويته لملازمة أعماله.
- وإن شر وعاء هو الوعاء الذي يُملأ والذي يتجلى بالبطن لأن الوصول إلى الشبع ينتج عنه أمراض فتاكة التي لا بد أن تحصل عاجلاً أم آجلاً وممكن أن تكون أمراض ظاهرة أو باطنة.
وقد تم شرح هذا الحديث الشريف في تحفة الأحوذي كالتالي:
- ما ملآ آدمي وعاء يتجلى معناها : أي ظرفاً شراً من بطن وقد تم وصفها بالوعاء حيث أنه جعل رسولنا الكريم البطن وعاء مثل الأوعية التي تتخذ ظروفاً، ومن ثم جعل هذا الوعاء هو شر الأوعية ويكمن السبب لأنه تم استعمالها فيما هي له، حيث أن الله سبحانه وتعالى خلق لنا البطن حتى يكون طريقاً لنتقوم به الصلب بالطعام حيث أن امتلاؤه يؤدي إلى الفساد في منحيين الفساد الدنيوي والفساد الديني.
- بحسب ابن آدم أي : ما يكفيه.
-
وكلمة
أكلات
بضمتين تعني : لقيمات أي ما يكفيه حتى يسد رمقه ويجعله قوي. - يقمن أي : من الإقامة.
-
صلبه : وهي تسمية للكل باسم الجزء ويتجلى معناه بالظهر وهي كناية عن أنه لا يتجاوز في
الأكل
، فقط يأكل ما يحفظه من السقوط ويقوى به على ممارسة العبادات والطاعة والأعمال اليومية. - وإذا كان لا بد من التجاوز أي لا بد من أن يأكل أكثر من ذلك فيجب أن تكون مقسمة إلى ثلاثة أثلاث فثلث لمأكوله أي للطعام، وثلث لمشروبه أي ما يشرب، وثلث لنَفَسِه أي يُبقي الثلث حتى يستطيع التنفس، وهنا نجد أن الأكل فوق الشبع لا يجوز ويحرم.
وقال الطيبي رحمه الله: أي الحق الواجب أن لا يتجاوز عما يقام به صلبه ليتقوى به على طاعة الله، فإن أراد البتة التجاوز فلا يتجاوز عن القسم المذكور.[2]
ترجمة حديث ما ملأ آدمي وعاء شرا
إن المسلمين بحمد الله منتشرين في جميع الأرض قاطبة حيث أننا يجب أن نسلط الضوء على الأحاديث النبوية الشريفة في لغات مختلفة حتى تصل إلى المسلمين الغير العرب وهنا سنتطرق في هذا المقال إلى ترجمة حديث ما ملأ آدمي وعاء شرا إلى بعض اللغات وهي[1]:
الترجمة إلى اللغة
الإنجليزية
Al-Miqdām ibn Ma‘di Karib (may Allah be pleased with him) reported: I heard the Messenger of Allah (may Allah’s peace and blessings be upon him) say: “The son of Adam does not fill any vessel worse than his stomach. It is enough for the son of Adam to eat a few mouthfuls to straighten his back, but if he must (fill his stomach), then one third for his food, one third for his drink, and one third for his breath
الترجمة إلى اللغة
الفرنسية
Al-Miqdâm ibn Ma’dî Karib (qu’Allah l’agrée) relate que le Messager d’Allah (sur lui la paix et le salut) a dit : « Le fils d’Adam n’a pas rempli un récipient qui soit pire que son ventre ! Il lui suffit pourtant de quelques bouchées pour se maintenir debout. Cependant, s’il lui faut plus que cela, que ce soit un tiers pour sa nourriture, un tiers pour sa boisson et un tiers pour sa respiration
الترجمة إلى اللغة التركية
Mikdam b. Ma’dikerib –radıyallahu anh-’dan merfû olarak rivayet edildiğine göre; «Âdemoğlu midesinden daha şerli bir kap doldurmamıştır. Âdemoğluna belini doğrultacağı kadar birkaç lokma yeterlidir. Eğer daha fazla yemek istiyorsa, (midesini üçe ayırsın), üçte biri yemeği, üçte biri suyu, üçte biri de nefesi için (olsun)
صحة حديث ثلث لطعامك وثلث لشرابك وثلث لنفسك
إن الحديث الشريف الذي ذكر فيه رسولنا الكريم ثلث لطعامك وثلث لشرابك وثلث لنفسك والذي تم شرحه سابقاً في هذا المقال هو من الأحاديث الصحيحة حيث أنه روي عن الترمذي في صحيحه بالإضافة إلى أن ابن ماجة قد رواه في سننه عن نفس الصحابي الذي روى عنه الترمذي وهو الصحابي المقدام بن معدي كرب، وأيضاً تم ذكر هذا الحديث الشريف عن الإمام أحمد في مسنده عن نفس الصحابي أيضاً.
الإعجاز العلمي في حديث الثلث
إن في حديث ثلث لطعامك وثلث لشرابك وثلث لنَفَسك أشار نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام إلى عدة حقائق وتم تشبيه البطن أو
المعدة
بالوعاء حيث أن النبي عليه الصلاة والسلام قد قسَّم حجم المعدة إلى أقسام ثلاث، وأوضح أنه ليس على الإنسان أن يأكل كمية كبيرة من الطعام والشراب إلا عند الحاجة الملحة لها، وتتجلى هذه الحاجة فيما يملأ ثلثي حجم البطن أو المعدة، وإن ترك ثلث من حجم المعدة خاوياً من العام والشراب أمراً هاماً جداً لما فيه من فوائد وخاصة لنفَس الإنسان وقد تم إثبات هذه الحقائق من قبل العلم الحديث وأيدها وهنا
السؤال
المطروح لماذا تم
تحديد
التقسيم بالثلث وماذا يحدث إذا تم تجاوز المرء لهذا الثلث؟.
وهنا سنحاول أن نجيب عن السؤال من الجانب التركيب الوظيفي للمعدة والشرح العلمي لها، فالمعدة هي جزء من القناة الهضمية وتتصل بالمرئ عن طريق الصمام القلبي وهو الذي يلعب دوراً هاماً في منع رجوع الطعام إلى المريء، بالإضافة إلى اتصال المعدة بالأمعاء عن طريق صمام البواب وهو الصمام الذي يغلق عندما تمتلئ المعدة بالطعام، وإن علماء الطبي يقسمون المعدة إلى ثلاثة مناطق وتتجلى في:
- قاع المعدة.
- جسم المعدة.
- والغار البوابي.
وإن الطعام يتجمع في المعدة على شكل طبقات حيث أنه يبقى الجزء الأخير منه في منطقة القاع في المعدة لمدة من الزمن، ثم يتم خلطه بالعصارة المعدية بشكل تدريجي ثم يبقى لمدة من الزمن حتى يتم إضافة العصارة الحمضية عليه والتي تقوم بدورها على إيقاف عمل أنزيمات اللعاب، وإن جدار المعدة يتكون من ثلاث طبقات من العضلات وتتجلى في :
-
الطبقة الخارجية التي تتألف من
الألياف العضلية
الطولية. - الطبقة الوسطى التي تتألف من الألياف العضلية المستديرة.
- والطبقة الداخلية التي تتألف من الألياف العضلية المائلة.
وإن تنظيم هذه الطبقات والعضلات تساعد على الحركة الطاحنة التي تعطي النشاط للمعدة وإن العضلات التي تكون مستديرة تقوى في منطقة الغار البوابي بالإضافة إلى الصمام البوابي، أما الغشاء الذي يكون مبطن المعدة فيكون على شكل ثنيات طولية وتظهر عندما تكون المعدة فارغة أما عندما تمتلئ المعدة فإن هذه الثنيات الطولية تختفي وإن أسفل هذا الغشاء تتواجد غدد عديدة تفرز العصارة المعدية وإن المعدة تفرز لترين من العصارات والتي تتكون من
الماء
والأملاح المعدنية بالإضافة إلى المخاط وحمض الهيدروليك، وتزداد كمية هذه العصارات عند وجود الطعام وتصل ذروتها بعد
ساعة
من تناول الطعام، ثم تبدأ في النقصان تدريجياً وبعد أربع
ساعات
من تناول الطعام تعود إلى ما كانت عليه، وإن إفراغ المعدة يعتمد على نوعية الطعام حيث أن الوجبة التي تتكون من الكربوهيدرات تغادر المعدة بعد ثلاث ساعات من وجودها بينما وجبة البروتينات فهي تبقى مدة أطول، ولهذا فإننا نجد أن تقسيم رسولنا الكريم للمعدة إلى ثلاثة أثلاث يعتمد على تكوين المعدة وأجزائها وزيادة الطعام فيها تؤدي إلى مشاكل في العصارات وكميتها ومغادرة الطعام للمعدة.[3]