فوائد الالتزام باداب الطريق


ما هي آداب الطريق


عمل الدين

الإسلام

ي في رسالته على مبدأ حفظ الحقوق، الخاصة منها والعامة ولم يترك صغيرةً إلا وتحدث فيها، وأعطى كل ذي حقٍ حقه، ولذلك فإن أحد الحقوق المقدسة في الإسلام هي حق الطريق، فعن أبي سعيد الخدري -رضي

الله

عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “إيَّاكُمْ والْجُلُوسَ بالطُّرُقاتِ” قالوا: يا رَسولَ اللهِ، ما لنا بُدٌّ مِن مَجالِسِنا نَتَحَدَّثُ فيها قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: “إذا أبَيْتُمْ إلَّا المَجْلِسَ، فأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ” قالوا: وما حَقُّهُ؟ قالَ: “غَضُّ البَصَرِ، وكَفُّ الأذَى، ورَدُّ السَّلامِ، والأمْرُ بالمَعروفِ، والنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ”


ومن خلال هذا الحديث يمكننا معرفة حق الطريق علينا وآدابه؛ كي نسعى إلى الالتزام بهذه الحقوق والامتثال لأوامر الدين الإسلامي التي تنهانا عن الأذى بأي شكلٍ من الأشكال، ومن آداب الطريق في الإسلام ما يأتي:


ينهانا الإسلام عن

الجلوس

في الطرقات، لكن إن كان لا بد من وجود هذا المجلس فعلينا أن نلتزم بالحدود والآداب التي وضعها الدين الإسلامي لنا، ومن أهم هذه الآداب هي غض البصر، وهذا الأمر مجلولًا على

الرجل

والمرأة على حدٍ سواء، وذلك لأن

النظر

إلى ما حرم الله أحد أكبر الذنوب، فهو ذنب يصيب

القلب

ويؤدي إلى اقتراف المعاصي، حيث قال الله تعالى في كتابه الكريم : {قُل لِلمُؤمِنِينَ يَغُضُّواْ مِن أَبصَارِهِم وَيَحفَظُواْ فُرُوجَهُم ذَلِكَ أَزكَى لَهُم إِنَّ اللهَ خَبِيرُ بِما يَصنَعُونَ * وَقُل لِلمُؤمِنَاتِ يَغضُضنَ مِن أَبصَارِهِنَّ وَيَحفَظنَ فُرُوجَهُنّ}.


  • كف الأذى


من حق الناس عليك أن تكف الأذى عنهم، سواء كنت في الطرقات أو في منزلك أو في عملك لا ينبغي لك أن تقوم بأذية شخصٍ ما بأي شكل من الأشكال سواء بلسانك أو بيديك أو بمالك أو حتى بعينيك، ومن أشكال الأذى في الطرقات هو أن تقوم باستخدام سيارتك أو دراجتك بأي شكلٍ من الأشكال لإيذاء الآخرين، عن طريق تشغيل السماعات الخارجية بصوتٍ مرتفع، أو أن تقوم برمي القمامة والقاذورات في الطريق، أو حتى القيام بالتحرش بالنساء سواء بالقول أو الفعل أو النظر.


رد السلام واجب عليك إذا استمعت له، فهو من الأشياء التي حث عليها الدين الإسلامي في أحاديث ومواضع قرآنية كثيرة، وإلقاء السلام سنة مستحبة في حين أن الرد واجب فقد أمر الرّسول الكريم -صلّى الله عليه وسلّم- أصحابه بردّ السّلام وجعله حقًا وواجبًا عليهم، لحديث أبي هريرة، رضي الله عنه: قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: “خَمْسٌ تَجِبُ لِلْمُسْلِمِ علَى أخِيهِ: رَدُّ السَّلامِ، وتَشْمِيتُ العاطِسِ، وإجابَةُ الدَّعْوَةِ، وعِيادَةُ المَرِيضِ، واتِّباعُ الجَنائِزِ”، ولقوله تعالى في كتابه الكريم: {وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا}.


ولقد قال النووي: قَوْل الرسول : ” أَفْشُوا السَّلَام بَيْنكُمْ ” فِيهِ الْحَثُّ الْعَظِيمُ عَلَى إِفْشَاء السَّلَام وَبَذْله لِلْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ، مَنْ عَرَفْت، وَمَنْ لَمْ تَعْرِف، وَالسَّلَامُ أَوَّل أَسْبَاب التَّآلُّف، وَمِفْتَاح اِسْتِجْلَاب الْمَوَدَّة؛ وَفِي إِفْشَائِهِ تَمَكَّنُ أُلْفَة الْمُسْلِمِينَ بَعْضهمْ لِبَعْضِ، وَإِظْهَار شِعَارهمْ الْمُمَيِّز لَهُمْ مِنْ غَيْرهمْ مِنْ أَهْل الْمِلَل، مَعَ مَا فِيهِ مِنْ رِيَاضَة النَّفْس، وَلُزُوم التَّوَاضُع، وَإِعْظَام حُرُمَات الْمُسْلِمِينَ.


  • الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر


من آداب الطريق التي جاءت في الحديث الشريف هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا الأمر واجب ودليل ذلك قوله تعالى في كتابه الكريم: {كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَتَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤمِنُونَ بِاللهِ} وجاءت هذه الآية كي تعلمنا فضل وأهمية النهي بالمعروف والنهي عن المنكر، وما فيهم من تحصين للمجتمع وحفظ للطرقات، وقمع أهل الباطل ودفع الرذيلة، ولكي يعم الآمن والأمان، ومن يتجاهل هذا الأمر يحل عليه العقاب وذلك لتقصيره الشديد في أمر الله تعالى وذلك لحديث أبي بكر الصّدّيق، رضي الله عنه قال: “وإنَّا سَمِعْنا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: إنَّ الناسَ إذا رأَوُا المُنكَرَ فلم يُغيِّروه، أوشَكَ أنْ يعُمَّهم اللهُ بعقابِه”


  • إماطة الأذى عن الطريق


الطريق حق عام لا يختص بأحد دون الآخر لذلك فإن آداب الطريق هي أمر علينا جميعًا، ولذلك حرص الدين الإسلامي على تعظيم هذا الأمر وجعله شعبة من شعب الإيمان وذلك لما

ورد

عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: “الإِيمانُ بضْعٌ وسَبْعُونَ، أوْ بضْعٌ وسِتُّونَ، شُعْبَةً، فأفْضَلُها قَوْلُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَدْناها إماطَةُ الأذَى عَنِ الطَّرِيقِ، والْحَياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمانِ” ولقد قال الإمام النّوويّ -رحمه الله- في شرحه لهذا الحديث أن

معنى

“إماطة الأذى” أي: إبعاده وتنحيته، والمقصود بالأذى: كل ما يؤذي النّاس من قاذورات أو حجر أو مدر أو شوك أو غيره”، وقد جعل الشّرع الحنيف الأجر الثّواب على رفع الأذى من الطّريق، فقال صلّى الله عليه وسلّم: “بيْنَما رَجُلٌ يَمْشِي بطَرِيقٍ وجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ علَى الطَّرِيقِ فأخَّرَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ له فَغَفَرَ له. [1]


ما هي فوائد الالتزام بآداب الطريق


بعد أن قمنا بتناول الحديث عن آداب الطريق تفصيلًا علينا أن ندرك أن في هذا الأمر حكمة بالغة، كما أن له أثر هام علينا، فهذا الأمر ليس فقط عبادة بل هو شيء أمرنا الله به لأجل الصالح العام، ومن


فوائد الالتزام بآداب الطريق


كما يأتي:


  • تحلي الإنسان بحسن الخلق الذي أمرنا الله تعالى به في مجموعة آداب الطريق، وفيه هذا تهذيب لأخلاقه ولكي يكون قدوة حسنة لمن حوله.

  • من يلتزم بآداب الطريق يثاب على ذلك ويعاقب تاركها.

  • توفير الآمن والأمان في مجتماعتنا، ولأن ما وصلنا إليه الآن هو نتيجة لعدم التزام الناس بآداب الطريق من غضٍ للبصر ونهي عن المنكر وأمر بالمعروف، وإماطة الأذى.

  • زيادة المحبة والألفة بين الناس وهذا الأمر يأتي واضحًا في وجوب رد السلام.

  • الالتزام الناس بجميع حقوق الطريق وآدابه  يجعل من مجتمعنا مكان أكثر تقدّمًا وحضارة ورقيًّا. [2]


هل إرشاد السبيل من آداب الطريق


جاء عن هذا الحديث روايات كثيرة للصحابة، وعلى الرغم من اختلاف صياغة بعضها إلا أن إدلال السائل أحد الأمور التي حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على فعلها، ومن أكثر الروايات صحة هي ما يأتي:


  • في حديث أبي سعيد المتقدم خمسة حقوق وهي: (غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ)

  • وفي رواية عند أحمد: قَالُوا: وَمَا حَقُّهَا؟ قَالَ: ” رُدُّوا السَّلَامَ، وَغُضُّوا الْبَصَرَ، وَأَرْشِدُوا السَّائِلَ، وَأْمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَوْا عَنْ الْمُنْكَرِ” ففيه وَأَرْشِدُوا السَّائِلَ  بدل كَفُّ الأَذَى؛ فهذه سادسة لها شاهد من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ


    أَنّ النَّبِيَّ


    نَهَى عَنِ الْمَجَالِسِ بِالصُّعُدَاتِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، لَيَشُقُّ عَلَيْنَا الْجُلُوسُ فِي بُيُوتِنَا، قَالَ: ” فَإِنْ جَلَسْتُمْ فَأَعْطُوا الْمَجَالِسَ حَقَّهَا، قَالُوا: وَمَا حَقُّهَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: “إِدْلالُ السَّائِلِ، وَرَدُّ السَّلامِ، وَغَضُّ الأَبْصَارِ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ ” رواه البخاري في (الأدب المفرد)

  • ورواه أبو يعلى ابن حبان والحاكم بلفظ: نهى رسول الله


    عن أن تجلسوا بأفنية الصعدات، قالوا: يا رسول الله إنا لا نستطيع ذلك ولا نطيقه؛ قال: “إِمَّا لاَ، فَأَدُّوا حَقَّهَا قالوا: وما حقها يا رسول الله؟ قال: “رَدُّ التَّحِيَّةِ، وَتَشْمِيت الْعَاطِسِ إِذَا حَمِدَ الله، وَغَضُّ الْبَصَرِ، وَإِرْشَاد السَّبِيل”  فزاد: “وَتَشْمِيت الْعَاطِسِ إِذَا حَمِدَ الله  وَإِرْشَاد السَّبِيل” وروى أبو داود بعد حديث أبي سعيد المتقدم بإسناده عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ


    فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ قَالَ: “وَإِرْشَادُ السَّبِيلِ”[1]


أهمية آداب الطريق


إن التزام الناس بآداب الطريق له ثواب وفضل عظيم، وبالتأكيد فإن هذه أعظم فائدة من الممكن أن يبتغيها الإنسان من أفعاله، وهي أن يجعل أفعاله خالصةً لله تعالى وامتثال لأوامره، لكن هذا الأمر يعود علينا وعلى مجتمعنا بالخير والبركة وبالألفة، ويجعل

الشارع

مكانًا آمنًا ومطمئنًا للناس، ويجعله أكثر استقرارًا، وبالتالي فإن هذا الأمر واجب على كل شخص سواء كان مسلمًا أو لا تجاه مجتمعه كي تعم الفائدة علينا جميعًا.[2]