ما هو التشبيه الضمني ؟” والفرق بينه وبين التمثيلي

ما هو التشبيه الضمني

إن التشبيه الضمني هو التشبيه الذي لا يأتي فيه المشبه والمشبه به في صورة من صور التشبيه المعروفة والواضحة بل يأتيان في سياق التركيب وإن هذا الضرب من التشبيه يُستخدم ليفيد أن الحكم الذي أسند إلى المشبه ممكن، ويمكّن الكاتب أو الشاعر للتعبير عن بعض أفكاره بأسلوب يوحي بالتشبيه من غير أن يصرح به في صورة من صور التشبيه المعروفة.

فوائد التشبيه الضمني

إن للتشبيه الضمني بعض الفوائد التي تعود على الشعر والأدب العربي منها:

  • فهو باب لتفنن الشاعر أو الكاتب في أساليب التعبير.
  • النزوع إلى الابتكار والتجديد.
  • إقامة البرهان على الحكم الذي يريد أن يسنده الشاعر إلى المشبه.
  • يستخدم في أعقاب الكلام ليقنع المخاطب أو القارئ بالفكرة التي يتكلم بها الشاعر.
  • رغبة الكاتب في إخفاء معالم التشبيه لأنه كلما كان خفياً ودق كان أبلغ وأفعل في النفس.[2]

ونجد أن بلاغة التشبيه الضمني تكون كالتالي:

  • يكون التشبيه الضمني دعوى مع البرهان والدليل.
  • فيه يبرز الكاتب لما يبدو غريباً أو مستحيلاً.
  • يجمع بين أمرين يكونان متباعدين بالإضافة إلى جمعه لجنسين غير متقاربين.
  • هو دلالة على التشبيه بالإشارة ولا يستعمل الوضوح والصراحة.

الفرق بين التشبيه التمثيلي والضمني

نجد أن التشبيه التمثيلي والتشبيه الضمني هما من أقسام التشبيه الذي يتكون من أربعة أركان وهي المشبه والمشبه به وأداة التشبيه بالإضافة إلى وجه الشبه ولكن كل منهما يستخدم في حالات تختلف عن الآخر فإن الفرق بين التشبيه الضمني والتشبيه التمثيلي هو:


  • إن التشبيه التمثيلي

    يكون فيه وجه الشبه صورة منتزعة من متعدد أمرين أو أمور وهذا ما ذهب إليه مذهب جمهور البلاغيين، وفي التشبيه التمثيلي لا يشترط أن يتم تركيب الوجه سواء كان هذا الوجه حسياَ أو عقلياً أو حقيقاً أو غير حقيقي مثال قول

    الله

    تعالى : ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم ) نجد هنا أن :

    1. المشبه هو حال من ينفق قليلاً في سبيل الله.
    2. أما المشبه به هو حال من زرع حبة فأنبتت هذه الحبة سبع سنابل.
    3. أما وجه الشبه هو صورة توضح أن من يعمل قليلاً فيجني من ثمار عمله الكثير، وإن وجه الشبه قد انتُزِع من أمور كثيرة منها الحبة وإنباتها سبع سنابل بالإضافة إلى أن في كل سنبلة مائة حبة.
  • ا

    لتشبيه الضمني

    لا نستطيع أن نضع  فيه المشبه والمشبه به في صورة من صور التشبيه الشائعة، بل يظهر معناهما في السياق والمعنى بالإضافة إلى التركيب، وإن القسم هذا من التشبيه يأتي ليوضح أن الحكم المضاف إلى المشبه ممكن، مثال قول الشاعر:



    “لا تنكري عطَل الكريم من الغنى … السيل حرب للمكان العالي”، فيريد الشاعر ضمنياً أن يقول للفتاة التي يخاطبها أن لا تنكري خلو

    الرجل

    الكريم من الغني، فإن هذا ليس غريباً، وإن قمم الجبال لا يستقر فيها ماء السيل، ونجد أن هنا تشبيه ضمني ولو أراد أن يوضح الصورة بأسلوب تشبيهي معروف لقال: إن الرجل الكريم المحروم الغني يشبه قمة الجبل وقد خلت من ماء السيل، ولكن لم يذكر الشاعر هذا التشبيه صراحة بل حاول إيصال الفكرة باستخدام التشبيه الضمني، وقد أتى بجملة مستقلة تتضمن هذا المعنى.

  • التشبيه التمثيلي

    هو من أقسام التشبيه بالنظر إلى وجه الشبه.

  • أما التشبيه الضمني

    هو من أقسام التشبيه من حيث ذكر الأركان وحذفها.

وهنا نجد أن الفرق بينها واضح حيث أن الأول وهو التشبيه التمثيلي تذكر فيه أركان التشبيه على طريقة واضحة وبمعنى ظاهر دون الثاني الذي لا يتم ذكر التشبيه فيه مع العلم أن وجه الشبه في هذين النوعين من التشبيه يفهم من أمور وكلام وليس بلفظ خاص.[1]

أمثلة على التشبيه الضمني والتمثيلي

بعد أن تم توضيح الفرق ما بين التشبيه الضمني والتمثيلي سنوضح بعض الأمثلة لكلا التشبيهين وسنبدأ بأمثلة على التشبيه الضمني وهي كالتالي:

  • قول أبي فراس الحمداني: “سيذكرني قومي إذا جد جدهم ..  وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر”، وهنا الشاعر يريد أن يقول إن قومه سيطلبونه عندما تشتد الأهوال عليهم ولكنهم لن يجدوه، ولا عجب في ذلك حيث أن البدر يفتقد ويطلب عندما يشتد الظلام، ونستنتج من هذا الكلام بأنه يوحي أنه تضمن تشبيهاً غير مصرح به، فقد قام الشاعر بتشبيه حاله ضمنياً وقد قام قومه بذكره ولكنهم لم يجدوه فهو بحال البدر يطلب عندما يشتد الظلام، فهو لم يصرح بهذا التشبيه بشكل صريح بل تم إيراده في جملة مستقلة وضمنه هذا المعنى في صورة برهان.
  • قول البحتري: “ضحوك إلى الأبطال وهو يروعهم .. وللسيف حد حين يسطو ورونق”، وهنا نجد أن البحتري لم يصرح بالتشبيه ولم يكن واضحاً فيقول إن حال الممدوح يضحك في غير مبالاة عندما يلتقي الشجعان ويفزعهم ببأسه وسطوته التي تشبه حال السيف عند الضرب فله رونق وفتك، ولكنه عبر عن ذلك بشكل ضمني.

أمثلة على التشبيه التمثيلي:

  • قول الشاعر: “اصبر على مضض الحسود فإن صبرك قاتله .. فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكل”، فالمشبه هنا هو صورة الحسود إذا صبرت عليه وعلى حسده، أما المشبه به فهو صورة النار عندما تحرق الحطب وتأكله وعندما لا تجد شيئاً تحرقه فهي تحرق بعضها بعضاً، وجه الشبه وهو صورة شيء يترك فلا يلحق الأذى بغيره بل بنفسه.
  • قال الشاعر بشار بن برد: “كأن منار النقع فوق رؤوسنا .. وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه”، وهنا نجد أن المشبه هو الغبار المثار في معمعة القتال التي يثيرها النود، والمشبه به هو الليل الدامس الظلام الذي تتهاوى فيه الأجرام السماوية اللامعة التي تخطف الأبصار، أما وجه الشبه فهو سقوط الشيء اللامع من جوانب الظلام وتظهر الحكرة فيها.

أقسام التشبيه من حيث ذكر الأركان وحذفها

إن التشبيه ينقسم من حيث ذكر أركانه وحذفها إلى ثلاثة أنواع فهنا في هذا المقال سنتطرق إلى هذه الأنواع ونوضحها:


  • التشبيه البليغ

    وهو التشبيه الذي تحذف منه الأداة وأيضاً يحذف وجه الشبه و يتقلد أعلى مراتب التشبيه في البلاغة، بسبب احتوائه على ادعاء أن المشبه هو عين المشبه به ولهذا يتصف بقوة المبالغة، فلا يفصل بين المشبه والمشبه به أي فاصل بالإضافة إلى أنه لا يتم ذكر الوجه حتى لا يكون هناك أي تقييد، وهناك ميزة أخرى تجعله في أعلى مراتب التشبيه وهي إيجاز الناشئ  أن يحذف ركنين وهما الأداة والوجه معاً، مثال على هذا النوع من التشبيه: “زيد أسد”.

  • التشبيه الضمني

    وهو كما أسلفنا سابقاً لا يتم فيه ذكر المشبه والمشبه به بل يأتيان بشكل ضمني في سياق التركيب، ويستخدم هذه التشبيه لإقناع القارئ بفكرة الكاتب، مثال قول المتنبي:مَن يَهُن يَسهُلِ الهَوانُ .. عَلَيهِ ما لِجُرحٍ بِمَيِّتٍ إيلامُ.

  • التشبيه المقلوب

    ويتم فيه

    القلب

    بين المشبه والمشبه به وإن الغرض من استخدامه هو المبالغة والإدعاء أن وجه الشبه في المشبه يكون أقوى وأظهر لهذا تم قلبَه، ولأن من عادات العرب أن تكون الصفة في المشبه به أظهر مما تكون عليه في المشبه، لهذا في التشبيه المقلوب غدا المشبه مشبهاً به، مثال قول المتنبي: أَنَنقُصُهُ مِن حَظِّــــهِ وَهوَ زائِـــدٌ .. وَنَبخَسُهُ وَالبَخسُ شَيءٌ مُحَرَّمُ                                                 يَجِلُّ عَنِ التَشبيهِ لا الكَفُّ لُجَّةٌ .. وَلا هُوَ ضِرغامٌ وَلا الرَأيُ مِخذَمُ