أسلوب التمثيل في اللغة العربية
ما هو الأسلوب التمثيلي
إن التشبيه التمثيلي هو ما كان وجه الشبه فيه صورة منتزعة ويكون منتزع من متعدد، أمرين أو من عدة أمور وهذا ما ذهب إليه مذهب جمهور البلاغيين، وفي التشبيه التمثيلي لا يشترط فيه تركيب الوجه سواء كان هذا الوجه عقلياً أم حسياً أم حتى حقيقاً أو غير حقيقي، ويكون تشبيه التمثيل أبلغ من غيره، فإن وجهه يحتاج إلى إمعان وتفصيل وتفكر بالإضافة إلى حاجته إلى تدقيق النظر، وتترك معانيه أثراً في النفوس، فإذا كان مدحاً كان أوقع أما إذا كان ذماً فكان أوجع على النفس، أما إذا كان برهاناً فيكون أسطع.
وظيفة أسلوب التمثيل في اللغة العربية
الأسلوب التمثيلي وهو أحد الظواهر الفنية المشعة وأهم مظاهر
الصور
البيانية التي برزت في التراث العربي عموماً وفي النصوص القرآنية خصوصاً، ويسمى بالفن التشبيه التمثيلي، وإن وظيفة أسلوب المثال في اللغة العربيةو الهدف من تحرير المصطلحات ونقد التعريفات التي تتصل بهذا الباب هو:
- إيضاح فضل هذا اللون البلاغي.
- بالإضافة إلى إبراز قيمته الجمالية من نصوص أئمة البيان وفرسانه.
- بيان مفهوم الجمال وتجلياته، وقد تفرغ الفن التمثيلي لبيان جماليات الصور وخصائصها وخاصة من التشبيهات القرآنية.
- وقد قام بتنظيم التشبيهات في عناصرها و لكل فرع منها.
- وقد ساعد على إيضاح وبيان الأسرار المبثوثة في ثنايا التشبيهات.
مثال التشبيه التمثيلي
بعد أن تعرفنا على
معنى
الأسلوب التمثيلي فهنا سنتطرق إلى مثال يوضح التشبيه التمثيلي وسيكون مستنداً على آيات من القرآن الكريم ففي قوله تعالى: “مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل
الله
كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم”، ونرى في هذه الآية الكريمة ما يلي:
- المشبه هو حال من ينفق قليلاً في سبيل الله.
- أما المشبه به هو حال من بذر حبة فأنبتت سبع سنابل.
- ويكون وجه الشبه في الآية الكريمة هو صورة من يعمل قليلاً فيجني من ثمار عمله كثيراً، وهو منتزع من أمور شتى مثل “حبة، إنباتها سبع سنابل، وكون مائة حبة في كل سنبلة”.
مواقع تشبيه التمثيل
إن للتشبيه التمثيلي موقعان هما:
- الموقع الأول هو أن يكون في بداية الكلام وفي هذه الحالة يكون موضحاً في القياس وبرهاناً مصاحباً، وتكثر هذه الحالة من التشبيه التمثيلي في آيات القرآن الكريم، مثل قوله تعالى: “مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة”.
- الموقع الثاني الذي يأتي بعد تمام المعاني والذي يقوم على إيضاحها وتقريرها فيشبه البرهان الذي يقوم على إثبات الدعوى مثل قول الشاعر لبيد: “وما المال والأهلون إلا ودائع … ولا بد يوما أن ترد الودائع”.
أنواع تشبيه التمثيل
إن لتشبيه التمثيل نوعان هما:
- الأول ويكون ظاهر الأداة، مثال قوله تعالى: “مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا”، فهنا في الآية الكريمة نجد أن المشبه هو الذين حملوا التوراة ولم يعقلوا ما بها، أما المشبه به فهو الحمار، وأداة التشبيه هي الكاف أما وجه الشبه هو الهيئة الحاصلة من التعب في حمل النافع دون أي فائدة.
- الثاني ويكون مخفي الأداة، مثل «أراك تقدِّم رجلًا وتؤخِّر أخرى»، فهنا الأداة محذوفة أما وجه الشبه فهو هيئة الإقدام والإحجام المصحوبين بالشك.[2]
تأثير التشبيه التمثيلي في النفس
إن تشبيه التمثيل إذا وقع في صدر القول بعث المعنى إلى النفس بشكل واضح وجلي ويكون مرفقاً بالبرهان حتى يقنع السامع، ونجد أنه ممكن أن يأتي بعد استيفاء المعنى ففي هذه الحالة يكون:
- إما دليلاً على إمكانها مثل قول المتنبي: “وما أنا منهم بالعيش فيهم …. ولكن معدن الذهب الرغام”، وهنا نجد أن التشبيه التمثيلي كان عندما ادعى الشاعر أنه ليس منهم على الرغم من إقامته معهم، وضرب لذلك المثل بالذهب فإن مقامه كان في التراب وهو أشرف منه.
- إما أن يكون تأييداً للمعنى الثابت مثل قول أبي العتاهية: “ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها … إن السفينة لا تجري على اليبس”، فيقول هنا الشاعر أن النفس تأنس إذا تم إخراجها من الخفي إلى الجلي ومما تجهله إلى ما هي به أعلم.
الفرق بين التشبيه والتمثيل
فإذا أردنا معرفة الفرق بين الضربين نلاحظ أن :
- التشبيه عام أما التمثيل يكون خاص.
- إن كل تمثيل تشبيه ولكن ليس كل تشبيه تمثيل.
-
مثال عندما يقول الشاعر قيس بن الخطيم: “وقد لاَحَ في الصُّبح الثريَّا لمن رَأَى … كَعُنْقُودِ مُـلاَّحِـيَّةٍ حِـينَ نَـوَّر
“،
نلاحظ أنه تشبيه حسن ولكنه لا نقول بأنه تمثيل. - وعندما نقول ابن المعتز حسن التشبيهات بديعها لأنه تم تشبيه المبصرات بعضها ببعض بالإضافة إلى أن كل ما لا يوجد الشبه فيه من طريق التأول.
- وإن كل تشبيه لا يصح أن يسمى تمثيلاً فنلاحظ أن لفظ المثل لا يستعمل فيه ايضاً فلا نستطيع القول مثلاً أن ابن المعتز حسن الأمثال، وإنما يُقال صالح بن عبد القدوس كثير الأمثال.
- أما في بيت الشعر التالي لقول ابن المعتز: ” فالنار تأكل نفسها …. إن لم تجد ما تأكله” فهنا يوجد تمثيل، فمثل الذي قلتُ ينبغي أن يقال، ويكمن السبب لأن تشبيه الحسود إذا سُكِت عنه وتُرك غيظه يتردد فيه بالنار التي يتم إمدادها بالحطب حتى يأكل بعضها بعضاً، فما الحاجة إلى التأويل بظاهرة بيّنة.[1]
تقسيم التشبيه باعتبار وجه الشبه
كما ألفنا سابقاً أن للتشبيه أربعة أركان ومن أحد هذه الأركان هي وجه الشبه وممكن أن نعرفه بأنه هو الوصف الخاص الذي يُقصد به اشتراك الطرفين فيه مثل الكرم فنقول: “خليل كحاتم”، وإن هذين الطرفين يشتركان وممكن أن يكون تشاركهما إما إدعائياً أي تنزيل التضاد منزلة التناسب وإبراز الخسيس في صورة الشريف أو تمليحاً ويبرز هذا في المقام وإن التشبيه ينقسم حسب وجه الشبه إلى:
-
تشبيه التمثيل ويقصد به ما كان وجه الشبه فيه وصفاً بشرط أن يكون منتزعاً من متعدد، وممكن أن يكون حسياً أو غير حسي، مثل قول الشاعر: “وما المرء إلا كالشهاب وضوئه يوافي تمام الشهر ثم يغيب”، هنا في هذا البيت نجد أن وجه الشبه هو سرعة الفناء وقد تم انتزاعه من أحوال
القمر
المتعددة، مع العلم أن القمر يتعدد بحالاته فيكون هلالاً ثم يغدو بدراً ثم يبدأ بالتناقص حتى يصبح محاق وهذا التشبيه يسمى بتشبيه التمثيل. - تشبيه غير تمثيل وفيه يكون وجه الشبه غير منتزع من متعدد مثل وجهه كالبدر فيكون وجه الشبه غير منتزعاً من متعدد.
- تشبيه مفصل وهو ما يذكر فيه وجه الشبه أو ملزومه.
- تشبيه مجمل وفيه يذكر وجه الشبه ولا ما يستلزمه، وإن وجه الشبه المجمل ممكن أن يكون خفياً أو ظاهراً، ويقوم بوصف كلا الطرفين أو أحدهما.
- تشبيه قريب مبتذل وهو التشبيه الذي يكون ظاهر الوجه وينتقل فيه من المشبه إلى المشبه به من دون الحاجة إلى تأمل وتفكير، بسبب ظهور وجه الشبه في البداية.
- تشبيه بعيد غريب وهو الذي يحتاج للانتقال من المشبه إلى المشبه به إلى تفكير وتدقيق وتأمل بسبب خفاء وجهه في بادئ الأمر.