ما هي عقوبة المرأة الناشز
من هي المرأة الناشز
يعرف النشوز أنه العصيان، ونشوز المرأة يعني عصيانها للزوج، ولهذا العصيان المذكور أشكال متعددة، منها الشكل القولي، ومنها الشكل الفعلي، ومنها ما يجمع كلا الطريقتين، ويظهر النشوز في أشكاله بالحالة التالية:
-
النشوز القولي هو رفض الإجابة القولية على الزوج، بشكل حسن ومقبول، والاستجابة للطلب والنداء
-
النشوز الفعلي هو اجابة طلب الزوج بشكل يظهر فيه ان الأمر مغصوبة عليه، أو مكرهة على فعله.
-
والنشوز الفعلي والقولي هو حالة الجمع بين وجهي النشوز السابقين.
وقد يكون الكره والابتعاد متمثل في رفض الاستجابة للعلاقة الشرعية، وقد استدل العلماء على ذلك بقول النبي صلى
الله
عليه وسلم (إذا دَعا الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إلى فِراشِهِ، فأبَتْ أنْ تَجِيءَ، لَعَنَتْها المَلائِكَةُ حتَّى تُصْبِحَ، وإن كان بعض الفقهاء قد فرقوا بين الامتناع عن زوجها وهي في بيته، ولم يعتبروا هذا نشوز وبين الامتناع وهي في غير بيته وهو ما يعد نشوز.
العقوبة الشرعية للمرأة الناشز
المرأة هي شريك الحياة، فهي جزء من أي علاقة سواء بالأمومة أو بالأخوة أو بالزواج، ولم تجد البشرية في كل عصورها من رفع مكان.ة المرأة ورفع شأنها مثلما كان من
الإسلام
منذ ظهوره، بداية من تحريم وئدها كما كان في الجاهلية، وصولاً لتحريم استغلالها جسديًا مثلما كان في أوروبا لعصور طويلة، وصول للتمييز العنصري ضدها في أمريكا حتى سنوات قريبة جداً.
وكما أن للمرأة في الإسلام مكانة عظيمة، فإن للزواج والرباط الأسري كذلك مكانة عظيمة جداً، حيث حثت السنة على الزواج، وتأسيس الأسرة، كما حث القرآن الكريم على إعمار الأرض بالزواج والنسل، ولكن لا تخلو الحياة من بعض المشكلات والأحداث الزوجية بين المرأة وزوجها، والتي يترتب عليها في الإسلام، والقانون بعض الأحكام الشرعية، ومنها نشوز المرأة، وهو ما سوف يتم تناوله.
يقول الشيخ ابن باز عن المرأة الناشز أنها إمرأة لا تستحق من زوجها نفقة، إلا أن تعود إلى طاعة زوجها، مادام أن نشوزها بغير حق، وتقدير مدة عدم استحقاقها للنفقة يترك لاجتهاد من يحكم المسلمين أو من في حكمه، وبذلك يتبين أن حكم أو عقوبة المرأة الناشز هي حرمانها من النفقة طوال فترة قيام العلاقة الزوجية مع استمرار نشوزها.
وأما عن حكم القاضي على المرأة الناشز عن طريق بعض القضاة بمنع نفقتها وبقائها على ذمة زوجها إجبار لها، فهو ليس له أي أصل شرعي في الدين، لما في ذلك الأمر من الظلم للمرأة، وخاصة إذا كان لنشوزها أسباب تسببت في كره الزوج ورفضه عشرته، ومعاشرته مثل المعاملة السيئة أو أي سبب في حكم ذلك.
أما الواجب في مثل تلك الحالات فهو التحقق ومعرفة سبب النشوز، والعمل على مصالحة الطرفين، مع الأخذ بالأساليب الشرعية المعروفة والتحكيم بواسطة حكمين، كما أرشد الله سبحانه وتعالى عباده في القرآن الكريم، كما جاء في الآيات ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا ) الآية [النساء:35].
وتكون مهمة هذا الحكمان هو العمل على مصلحة هذان الطرفان وهما الزوج والزوجة، فإن كانا يريا أن الأفضل للزوجين الصلح أصلحوا بينهما وسعوا في ذلك، وإن كانا يرى أن الأصلح التفريق بينهما نفذوا الأمر، وإن رأوا تأجيل الأمر للصالح أجلوا ذلك.
وقد روي قول النبي ﷺ لامرأة ثابت بن قيس: أتردين عليه حديقته. قالت نعم فقال ﷺ لثابت: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة[1] رواه البخاري في صحيحه، وهو ما يستدل به أن رأي الحكمين ليس استشاري ولا توكيل بل هو حكم يجب الأخذ به، وبالنظر إلى الحديث يلاحظ أن النبي قد حكم ولم يكن وكيل عن المتخاصمين من الزوجين طرفي النزاع. [1]
وسبب الاعتراض على حكم القاضي بمنع المرأة من النفقة مع حبسها عن الحياة تحت سلطة زوجها، لأن تلك الطريقة تمنع عن
النساء
العيش حياة سوية، لمجرد أنها لا تستطيع التأقلم مع حياتها مع زوجها، وفي ذلك يعتبر فياد على كل من الطرفين، الزوج والزوجة، وإن كان للزوج حق على زوجته، فلا يجوز أن يصل هذا الحد لحرمانها من الحياة الطبيعية.
هل لو تبدلت الأماكن والأحوال سوف يقبل
الرجل
أن يعيش نفس تلك الحياة، وأن يجبر على معاشرة إمرأة يكرهها، ويجب هنا إرساء مبادئ العدل، وعلى القضاة أن يتفهموا ذلك، والأفضل إنهاء خصومة الزوجين سواء بالصلح أو لتفريق، حتى لا تهدر حقوق طرف، أو تضيع أموال أو تنتهك أعراض.
طلاق الزوجة الناشز
قبل الإجابة عن ما يتعلق بالطلاق للزوجة الناشز فيجب بيان النشوز عند
الزوجة
، وهو المقصود به عصيان الزوج، والاستعلاء عليه، وعدم طاعة الزوج، فيما أوجب عليها طاعته، سواء كان سبب العصيان وعدم الطاعة، إعراض عن الزوج أو كره له، وتأتي كلمة النشوز من
معنى
الارتفاع، والمرتفع من الأرض، هو ما ينشز، ومن هنا كان نشوز الزوجة هو استعلاء على زوجها، وعلى حقوقه.
ومن الأمور التي تعد أيضاً نشوز قبول دخول بيته لمن لا يرضاه هو، أو بالعكس خروجها من بيتها بدون إذن منه، وتتعدد أشكال وحالات النشوز، ويمكن جمعها تحت فكرة واحدة وهي فقط العصيان له فيما لم يكن فيه أمر من الشارع، أو أذن فيه، مثل صلاة الفروض، أو علاج من مرض يصيبها.
ويعتبر
الطلاق
حل أخير لما سبق فليس الطلاق هو الحل الأول، وذلك لأن الإسلام يحافظ على الأسرة وتماسكها، وخاصة إذا كان هناك أطفال يجب مراعاة مصلحتهم، وعدم التسرع في هدم الأسرة، بل يعد الطلاق هو الحل الأخير للمرأة الناشز.
وربما يعد الطلاق ليس حل ولكن إنها لتلك العلاقة الغير مناسبة للطرفين سواء بسبب كره الزوجة لزوجها، أو للزوج الذي لا يطيق نشوزها، وعلى ذلك فإن استخدام الطلاق في حالة المرأة الناشز يعد طريقة تعامل مع العلاقة الزوجية أكثر من اعتباره حل لمشاكل تلك العلاقة، مع كون نشوزها يمنع عنها نفقتها.
كيفية التعامل مع الزوجة الناشز
إذا وصلت العلاقة بين الزوجين إلى حد النشوز، وعصيان الزوجة لزوجها، فإنه لا يجب أن يلجأ لحل الطلاق منذ البداية بل يكون الطلاق هو الحل الأخير، فيجب عليه أولاً أن يذكرها بالحسنى بالله، وأوامره وضرورة طاعته، وعقاب الله لمن لا تطيع زوجها وتعصي، فإن تحسنت كان خير وإن استمرت في نشوزها وإعراضها، فله أن يقوم بالحل الثاني وهو أن يهجرها في المضجع، حتى تنتبه لتغير حاله معها.
فإن لم تتسبب التصرفات السابقة من الزوج في إصلاح الزوجة فله أن يضربها ضرب غير مبرح، فيه التزام بما أقره الشرع بعدم الضرب على الوجه، أو إحداث إصابة، وغيرها من الحدود التي وضعت لحمايتها كإنسانة من التعدي عليها، فالضرب بالطريقة التي أقرها شرع لا يعدو أن يكون سوى نوع من الزجر والتنبيه، وكسر الاستعلاء وليس الغرض منه الإيلام والإيذاء وإلا تحول الرجل إلى ظالم معتدي.
وتأتي مرحلة التحكيم في حال لم تجدي الحلول السابقة في الإصلاح، فإما إصلاح أو إعطاء مهلة تهدأ بها النفوس، أو الطلاق، وقد جاء في الآيات، ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان عليًا كبيراً) . [النساء : 34] . [2]