ماذا كان يسمى يوم الجمعة في الجاهلية ؟ ” ولماذا
تسمية يوم الجمعة في الجاهلية
من المعروف أن
يوم الجمعة
له منزلة عظيمة وفضل كبير عند المسلمين فهو في مكانة يوم عيد لدى المسلمين، فهو خير الأيام، حيث أنه يوم تكون فيه الدعوة مستجابة وساعة لا يرد فيها الدعاء، وقد جاءت إحدى السور في القرآن الكريم باسم سورة (الجمعة)، حيث كان يسمى يوم الجمعة في الجاهلية يوم (العَروبة)، حيث قال السهيلي: أن
معنى
(العَروبة) هي الرحمة كما ذكر بعض أهل العلم، وفقا لما جاء في روح المعاني للألوسي، وكذلك القرطبي، وكان الصحابي (كعب بن لؤي) هو أول من أطلق عليه اسم يوم الجمعة.[1]
وكان يطلق على يوم الجمعة في شبه الجزيرة العربية اسم العروبة، وذلك في الجاهلية قبل الإسلام، قال ابن دريد:
أؤمّل أن أعيش وأنّ يومي… بأوّل أو بأَهْوَن أو جُبَار
أو التالي دُبَار أو فيومي… بمُؤْنِس أو عَرُوبَة أو شِيَار
يا حُسْنَهُ عند العزيز إذا بدا… يوم العَرُوبَة واستقرّ المنبرُ
سبب تسمية يوم الجمعة بالعروبة في الجاهلية
ذكر المؤرخ البيروني أن العرب في شبه الجزيرة العربية قديماً لم يكونوا يعتمدون أيام الأسبوع السبعة، لكنها كانت هي المستخدمة في حضارات مصر والشام وبلاد الرافدين، لكن قام عرب شبه الجزيرة العربية بوضع اسم لكل ثلاث ليال من كل شهر من شهورهم مستخرجاً من حال
القمر
وأطواره فيها، ولم يقسم العرب قديماً في الجاهلية الشهر على أربعة أسابيع، ولكنه كان يقسم على عشر مجموعات تحتوي كل مجموعة منها على ثلاثة أيام ولكل منها اسم معروف.
يوضح الدكتور جواد علي في كتابه “المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام” فكرة تقسيم الشهر الى أربعة أسابيع، وتقسيم الأسبوع إلى سبعة أيام، وينسب أصل الفكرة إلى البابليين، أخذ الآراميون فكرة تقسيم الشهر على أربعة أسابيع والأسبوع على سبعة أيام، وقاموا بتخصيص يوم السبت (اليوم السابع) كيوم للراحة والعبادة، وقاموا بضبطه أيام الأسبوع وتسمية كل يوم بإسم معين مستوحى من الأعداد، وتمت تسمية يوم الجمعة حينها: ܥܪܘܒܬܐ (وهي كلمة تلفظ عروبتا) والمقصود بها في العربية (لفيف، حشد، تجمع)، ولذلك سميت في الجاهلية بإسم العروبة.
سبب تسمية يوم الجمعة بهذا الإسم
روي أن أهل المدينة اجتمعوا قبل قدوم النبي صلى
الله
عليه وسلم، حيث قالوا لنا يوماً نجتمع فيه فنذكر الله تعالى ونشكره، فقالوا: يومُ السبت لليهود، ويوم الأحد للنصارى، فاجعلوه يوم العَروبة، فاجتمعوا إلى (أسعد بن زُرارة) فصلى بهم ركعتين، وذكّرهم، فسميت الجمعة عندما اجتمعوا إليه، فذبح لهم شاة فتغدوا وتعشوا منها، فهي أول جمعة كانت في الإسلام.
وتعددت أسباب تسمية يوم الجمعة حيث قيل أنها سُميت الجمعة جمعة لأنها مشتقة من الجَمْع وسبب ذلك يرجع إلى إجتماع الناس في
الصلاة
، حيث يجتمع المسلمين حتى يصلوا في المسجد يوم كل أسبوع، وقد أمر الله المؤمنين بالاجتماع لعبادته فقال : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾ (الجمعة : 9) أي اجعلوا هذا اليوم يوم مليء بذكر الله وعبادته وتعظيمه وتقديسه ومن أسباب تسمية يوم الجمعة:
- وروي عن ابن عباس، رضي الله عنهما، أَنه قال: إِنما سمي يوم الجمعة لأَنَّ الله تعالى جَمَع فيه خَلْق آدم، صلى الله على نبينا وعليه وسلم.
- وقال آخرون: إِنما سميت الجمعة في الإِسلام وذلك لاجتماعهم في المسجد.
- وقال ثعلب: إِنما سمي يوم الجمعة لأَن قريشاً كانت تجتمع إِلى قُصَيّ في دارِ النَّدْوةِ.
-
وقال آخرون: لأن الله تعالى جمع فيه خلق آدم عليه السلام: فقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: لأي شيء سُمِّي يوم الجمعة؟ قال: (لأن فيها طُبعت طينة أبيك آدم، وفيها الصعقة والبعثة، وفيها البطشة، وفي آخر ثلاث
ساعات
منها
ساعة
من دعا الله فيها استُجيب له). - وقيل: بسبب اجتماع الناس في ذلك اليوم في المسجد لصلاتهم.
- وقيل: نتيجة لأن الله سبحانه وتعالى جمع فيه آدم مع حواء في الأرض.
- وقيل: لما جُمع فيه من الخير.
- وقال ابن حجر: إن أصح الأقوال في سبب تسميته بيوم الجمعة أن خلق آدم وجُمِع فيه، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَضَلَّ الله عَنِ الْجُمُعَةَ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا. فَكَانَ للْيَهُودِ يَوْمُ السَّبْتِ. وَكَانَ لِلنَّصَارَىٰ يَوْمُ الأَحَدِ. فَجَاءَ الله بِنَا. فَهَدَانَا اللّهُ لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ. فَجَعَلَ الْجُمُعَةِ وَالسَّبْتَ وَالأَحَدَ. وَكَذَلِكَ هُمْ تَبَعٌ لَنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ. نَحْنُ الآخِرُونَ مِنْ أَهِلِ الدُّنْيَا. وَالأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. الْمَقْضِيُّ لَهُمْ قَبْلَ الْخَلائِقِ» رواه مسلم.[2]
فضل يوم الجمعة
ذكر فضل يوم الجمعة في الآيات الكريمة من سورة الجمعة: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا ۚ قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ ۚ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ».
ويعنى قول الله سبحانه وتعالى للمؤمنين أن إذا سمعتم المؤذن ينادي للصلاة يوم الجمعة فلبوا النداء يا أهل المؤمنين واذكروا الله كثيراً في ذلك اليوم، فاتركوا أعمالكم و اشغالكم و اسرعوا لعبادة الله وذكر الله، وأداء صلاة الجمعة جهراً وجماعة مع إخوانكم فذلك خير لكم، وأوضح الصابوني أن هناك عدد من الناس يفضلون الحياة الدنيا على الآخرة لا يعلمون أن الدنيا فانية والآخرة باقية حيث إذا جاءتهم صفقة أو ربح في الدنيا انشغلوا وتركوا رسول الله يخطب وانصرفوا عنه، ولكنهم إذا عقلوا لعلموا أن الله هو خير الرازقين ويرزق من يشاء بغير حساب.
وأشار
محمد علي
الصابوني في كتابه (روائع البيان في تفسير آيات الأحكام) وتحدث عن أحوال السلف الصالح يوم الجمعة، فيقول: ” كان السلف الصالح يقتدون برسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع أفعاله وحركاته وسكناته، حتى ولو لم يدركوا السر فيه، وذلك من فرط حبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روي عن بعضهم أنه كان إذا صلَّى الجمعة خرج فدار في السوق ساعة، ثم رجع إلى المسجد فصلَّى ما شاء الله تعالى أن يصلي، فقيل له: لأيّ شيء تصنع هذا؟ قال: إني رأيت سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم هكذا يصنع، وتلا هذه الآية: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصلاوة} وكان عراك بن مالك إذا صلى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد فقال: “اللهمّ إني أجبتُ دعوتك، وصلَّيتُ فريضتك، وانتشرت كما أمرتني، فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين”.[3]
وقد ذكر الصابوني بعض الأحاديث الواردة في فضل يوم الجمعة، منها:
- يعتبر يوم الجمعة خير الأيام وأفضلها حيث روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أُدخل الجنة، وفيه أُخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة).
- خير يوم طلعت عليه الشمس، وتكون الدعوة في ذلك اليوم مستجابة بإذن الله حيث روى مالك في (الموطأ) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خُلق آدم، وفيه أهبط من الجنة، وفيه تيب عليه، وفيه مات، وفيه تقوم الساعة، وما من دابة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة، من حين تصبح حتى تطلع الشمس شفقاً من الساعة، إلاَّ الإنس والجن، وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي، يسأل الله شيئاً إلاّ أعطاه إياه).
وذكرت بعض الأحاديث الأخرى عن فضل يوم الجمعة، منها:
- عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: (خيرُ يومٍ طَلعَتْ فيه الشَّمسُ يومُ الجُمُعة؛ فيه خَلَقَ اللهُ آدَمَ، وفيه أُدْخِلَ الجَنَّةَ، وفيه أُخرِجَ منها، ولا تقومُ السَّاعةُ إلَّا في يومِ الجُمُعة).
- عن أبي هُرَيرةَ، وحُذَيفةَ رَضِيَ اللهُ عنهما، قالا: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (أضلَّ اللهُ عنِ الجُمُعة مَن كان قَبْلَنا، فكانَ لليهودِ يومُ السَّبت، وكان للنَّصارى يومُ الأحد، فجاءَ اللهُ بنا فهَدَانا ليومِ الجُمُعة، فجَعَل الجُمُعة والسَّبتَ والأَحَد، وكذلك هم تبعٌ لنا يومَ القيامَةِ، نحنُ الآخِرونَ من أهلِ الدُّنيا، والأَوَّلونَ يومَ القِيامَةِ، المقضيُّ لهم قبلَ الخلائقِ).
- حديثُ أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنَّه قال: (نَحنُ الآخِرونَ الأوَّلون السَّابِقون يومَ القِيامةِ، بَيْدَ أنَّهم (3) أُوتوا الكتابَ مِن قَبلِنا، ثمَّ هذا يومُهم الذي فَرَضَ اللهُ عليهم، فاخْتَلفوا فيه، فهَدَانا اللهُ له، والنَّاسُ لنا فيه تَبَعٌ؛ اليهودُ غدًا، والنَّصارَى بعدَ غدٍ).
- روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له نور بين المشرق والمغرب».[4]
فضل الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام يوم الجمعة
عن أوس بن أوس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم، وفيه قبض، وفيه النفخة، وفيه الصعقة، فأكثروا عليّ من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي) فقالوا: يا رَسُول اللَّهِ وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أَرِمْت (قال: يقول بَلِيْتَ) قال: (إن اللَّه حرم على الأرض أجساد الأنبياء) رَوَاهُ أبُو دَاوُدَ بإسناد صحيح.[5]