أهمية الحياء وانواعة

تعريف الحياء

الحياء هو خلق يتجلى في فعل كل مليح وترك كل أمر قبيح، فهو من صفات المؤمن المحمودة، ويعتبر من مكارم الأخلاق وشعار

الإسلام

، فقد قال عليه

الصلاة

والسلام: «إن لكل دين خُلقًا، وخُلُقُ الإسلام الحياء» (رواه ابن ماجه وحسنه الألباني)، فإن صفة الحياء تجلب الخير، وقال وهب بن منبه: الإيمان عريان، ولباسه التقوى، وزينته الحياء، وقيل أيضًا: من كساه الحياء ثوبه لم ير الناس عيبه.

حياؤك فاحفظه عليك فإنما      يدلُّ على فضل الكريم حياؤه

إذا قلَّ ماء الوجه قلَّ حيـاؤه     ولا خير في وجهٍ إذا قلَّ ماؤه.

وإن العلماء قد اختلفوا في تعريف الحياء وبيان معانيه، وهنا نجد أن الزمخشري قد عرف الحياء بأنه هو تغيّر وانكسار يصيب الإنسان من خوف ما يعاب به أو يذم، أما الراغب فقد قال أن الحياء هو انقباض النفس من القبيح، وقيل أيضاً كما أسلفنا سابقاً بأن الحياء هو الخلق الذي يبعث على فعل الحسن والابتعاد عن الفعل القبيح، ونستطيع القول أن الحياء لغة هو الحشمة ويكون عكسها الوقاحة أما الحياء اصطلاحاً فهي الخلق الرفيع الذي يحث صاحبه على اجتناب الأمور القبيحة وفعل كل ما هو يصب في الأخلاق الحميدة.[1]

منزلة الحياء في الإسلام

إن الحياء هو من خصال الإيمان وهو من الأخلاق الإسلامية، فمن تقلد بصفة الحياء حسُن إسلامه وارتفعت مكانته وامتلك الرقي في الأخلاق، ومن اتصف بخلق الحياء كان هاجراً للمعاصي خجلاً من

الله

سبحانه وتعالى وإقبالاً على طاعته، فالحياء هو شعبة من شعب الإيمان تكسو المؤمن وقاراً واحتراماً، وهي صفة من صفات

الأنبياء

والصالحين، فمن استطاع أن يتحلى بهذه الصفة فهي سيتحلى بباقي الأخلاق الفاضلة ويبتعد عن كل خُلق قبيح، ومن حرم الحياء يكون عاجزاً عن التحلي ببقية الأخلاق الفاضلة وكان منغمساً في الأخلاق المذمومة، وهنا نجد أن للحياء مكانة عظيمة في الإسلام وتتجلى في :

  • فالحياء هو خلق الإسلام أخرج ابن ماجة عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا وَخُلُقُ الإِسْلاَمِ الْحَيَاءُ »، حديث حسن.
  • وإن الله حيي يحب الحياء وهناك أدلة وأحاديث نبوية تبين

    حب

    الله سبحانه وتعالى لصفة الحياء ومن هذه الأدلة:

    1. فعن سلمان الفارسي، عن الرسول عليه الصلاة والسلام قال «إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ»،أخرجه الترمذي والبيهقي.
    2. وعن يعلى بن أمية – رضي الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يَغْتَسِلُ بِالْبَرَازِ بِلَا إِزَارٍ، فَصَعَدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ». أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي.
  • وإن صفة الحياء هي من الأخلاق النبوية فقد كان نبينا محمد عليه الصلاة والسلام هو القدوة والمثل الأعلى في الحياء، ففي الصحيحين عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا، فَإِذَا رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ عَرَفْنَاهُ فِي وَجْهِهِ».
  • وصفة الحياء هي شعبة من شعب الإيمان ومن الأدلة النبوية الشريفة:

    1. في الصحيحين – واللفظ لمسلم – عن أبي هريرة أن رسول الله قال: « الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ ».
    2. وفي الصحيحين – واللفظ للبخاري – عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ، وَهُوَ يُعَاتِبُ أَخَاهُ فِي الحَيَاءِ، يَقُولُ: إِنَّكَ لَتَسْتَحْيِي، حَتَّى كَأَنَّهُ يَقُولُ: قَدْ أَضَرَّ بِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْهُ، فَإِنَّ الحَيَاءَ مِنَ الإِيمَانِ».
    3. وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قال رسول الله: «الْحَيَاءُ وَالْإِيمَانُ قُرِنَا جَمِيعًا، فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَ الْآخَرُ». رواه الحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.[2]

أنواع الحياء

إن البعض قد قسم الحياء إلى أربعة أقسام وتتجلى في :

  • الحياء من الله ويتجلى في استقرار مراقبة الله في نفس العبد وان الله سبحانه وتعالى معه أينما ذهب، فالمؤمن يستحي من الله لهذا يحاول أن لا يقصر في فريضة ويبتعد عن المعاصي، قال الله عز وجل:

    (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى)،

    وقال:

    (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ)،

    وقد ورد في الأحاديث النبوية الشريفة أن رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام قال لأصحابه: “استحيوا من الله حق الحياء، فقالوا يارسول الله إنا نستحي، قال ليس ذالكم، ولكن من استحيا من الله حق الحياء فليحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وليذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء”.
  • الحياء من الملائكة فقد قال بعض الصحابة : “إن معكم مَن لا يفارقكم، فاستحيوا منهم، وأكرموهم”، قد نبه سبحانه على هذا المعنى بقوله: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ}.
  • الحياء من الناس وقد نصب رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلم هذا الحياء حكماً على أفعال المرء فهو يقوم بعمل الضابط لأفعال المرء فقال: «ما كرهت أن يراه الناس فلا تفعله إذا خلوت» (حسنه الألباني).
  • الاستحياء من النفس فإن المرء الذي يستحي من الناس ولكنه لم يستحِ من نفسه فتكون نفسه هي أخس عنده من غيره، فإذا هم المرء بعمل ما هو قبيح عليه أن يتصور أن أحداً من نفسه كأنه يراه، وإن هذا الحياء يتجلى بالعفة وصيانة الخلوات بالإضافة إلى حُسن السريرة، فإذا كانت نفس المرء كبيرة في ذاته فسيكون استحياؤه منها أكبر وأجل من استحيائه من الناس.

أهمية الحياء

إن صفة الحياء هي من الصفات الهامة يجب أن يتحلى بها المؤمن ولهذه الصفة أهمية كبيرة لما لها من فوائد تعود على المجتمع والفرد وتتجلى أهميتها في:

  • الحياء يكسو المرء الوقار فهو لا يخل بالمروءة والتوقير.
  • يدفع المرء ليتحلى بكل ما هو جميل ويتخلى عن كل ما هو مكروه وقبيح.
  • إن الحياء هو مفتاح لكل خير وهو الخير كله ولا يأتي إلا بخير ففي الصحيحين عن عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ». وفي رواية لمسلم: « الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ ». قَالَ أَوْ قَالَ « الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ ».
  • إن الحياء هو مغلاق لكل شر فهو يحث المؤمن على ترك القبيح من الصفات والأفعال وحتى الأقوال ويمنع من التقصير في حق الله سبحانه وتعالى، فهي تدعو إلى الامتناع عن كل معصة وشر وتُقبل على كل فضيلة وخير، قال الفضيل بن عياض

    رحمه الله

    “من علامات الشقوة: القسوة في القلب، وجمود العين، وقلة الحياء، والرغبة في الدنيا، وطول الأمل”، وقد قال ابن حبان رحمه الله “فالواجب على العاقل لزوم الحياء، لأنه أصل العقل، وبذر الخير، وتركه أصل الجهل، وبذر الشر”.
  • إن صاحب الحياء يكون محبوباً عند الله وعند الناس.
  • تبعد صفة الحياء المرء عن فضائح الدنيا والآخرة.[3]