الفرق بين الحُلم والحِلم

تعريف الحُلم بضم الحاء

إن الحُلم بضم الحاء واللام أو بضم الحاء وسكون اللام وهو مايراه النائم، فقال الجوهري في الصحاح إن الحلم بالضم وهو ما يراه النائم، وتقول منه حَلَم بالفتح واحتلم، ويقال أيضاً حَلَمت بكذا وحَلَمتُه أيضاً، وقال ابن منظور في لسان العرب أن الحُلْم والحُلُم ويكون معناها الرؤيا ويكون جمعها أحلام، وممكن أن يتجلى

معنى

الحُلُم ببلوغ الصبي مبلغ الرجال {وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ } .[1]

تعريف الحِلم بكسر الحاء

الحِلم بكسر الحاء وسكون اللام ويتجلى معناه بالأناة والعقل وضبط النفس عند الغضب وممكن أن يتجلى معناها بالتعقل والتأني، وقد ورد في أبيات أحد الشعراء تعبيراً عن الغضب والطيش فقال، “وللِحِلْم أوقاتٌ وللجهل مثلُها — ولكنَّ أوقاتي إلى الحِلْم أقرب”، وجمعها أحلام وحلوم { أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهَذَا }، وأيضاً ورد في السنة النبوية الشريفة بخصوص الحِلم: عن ابن عباس رضي

الله

عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس:


“إن فيك خصلتيْن يُحبهما الله: الحِلمُ والأناةُ”

،

رواه مُسلم، وإن الحِلم هو خلاف الطيش حيث أنه يُقال حلُمتُ عنه أ؛لُم فأنا حليم.[2]

أما معنى الحِلم اصطلاحاً وهو ضبط النفس والطبع عن هيجان الغضب وقيل أيضاً بأنه هو الطمأنينة عندما يكون هناك سَورَة الغضب، وقيل أيضاً بأنه هو تأخير مكافأة الظَّالم، بالإضافة إلى أنه معناه يتجلى في أنه اسم يقع على زم النفس وعدم السماح لها بأن تخرج عن

الورود

عليها، بأن تكون ضد ما تحب إلى ما نهي عنه.

معاني بعض الصفات والفرق بينها وبين الحِلم

سنذكر بعض الصفات التي ممكن أن يتصف بها الإنسان ونجد بأن هناك صفات حميدة وصفات غير حميدة وفي هذا المقال سنتطرق إلى بعض هذه الصفات ونقارنها بمعنى الحِلم وهي:

  • صفة

    الصبر

    و هي حبس النفس لمصادفة المكروه ويقال صبر

    الرجل

    أي حبس نفسه عن أن يظهر الجزع، أما الحِلم فهو الإمهال بتأخير العقاب المستحق، وإن الحِلم لا يصح إلا لمن يقدر على العقوبة وما يجري مجراها.
  • صفة الوقار وتعني الهدوء وسكون الأطراف بالإضافة إلى قلة الحركة في المجلس وهذه الكلمة ماخوذة من الوَقر وهو الحِمل.
  • صفة الإمهال ونجد أن كل حِلم إمهال ولكن ليس كل إمهال حلماً، ويكمن السبب في أن الله تعالى لو أمهل من أخذه فلم يكن هذا الإمهال حلماً.
  • صفة الأناة وهي التأني في الأمور وعدم الاستعجال فيها بالإضافة إلى أن الإنسان يجب عليه ألا يأخذ الأمور بظاهرها فيتعجل ويحكم على الشيء قبل أن يتأنى وينظر في كل جوانبه، أما صفة الرفق فتتجلى في معاملة الناس بالهون والرفق وحتى لو كانوا يستحقوا الكثير من العقوبة والنكال، ولكن يتم الرفق بهم، أما الحِلم فمعناه أن يملك الإنسان نفسه عندما يغضب، فإذا حصل الغضب وكان قادراً على العقاب فإنه يبادر بعدم العقوبة وبالاتصاف بصفة الحِلم.[3]

الترغيب في الحِلم

تم حث المسلمين على أن يتقلدوا صفة الحِلم التي يؤجر عليها الإنسان يوم القيامة، حيث أن هذه الصفة قد ذُكرت في القرآن الكريم في آيات قرآنية كثيرة، وإن الله سبحانه وتعالى قد وصف نفسه بالحِلم ومن أسمائه الحسنى هو اسم الحليم، فهذه الآيات الجلية دعت المسلمين إلى أن يتحلوا بهذا الخلق النبيل، وتجنب معاملة الناس بالمثل ومقابلة الإساءة بإساءة، بالإضافة إلى أنها حثتهم على الدفع بالتي هي أحسن ورغبت المسلمين في أن يصفحوا عن الأذى وأن يعفوا عن الإساءة ومن هذه الآيات الكريمة:

  • قال تعالى: “

    وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ ُينفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ”، فقد فسر ابن كثير أن الكاظمين أي الذين لا يعملون غضبهم في الناس بل يكفون عنهم شرهم ويحتسبون هذا الأمر عند الله سبحانه وتعالى

    .
  • إن الله سبحانه وتعالى قد وصف أنبياءه بالحِلم، قال تعالى: “

    فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ”، يقول ابن تيمية: (وقد انطوت البشارة على ثلاثٍ: على أنَّ الولد غلامٌ ذكرٌ، وأنَّه يبلغ الحِلْم، وأنَّه يكون حليمًا، وأيُّ حلمٍ أعظم مِن حلمه حين عرض عليه أبوه الذَّبح فقال تعالى: “سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ”.
  • وقد وصف الله تعالى سيدنا إبراهيم عليه السلام بالحليم بقوله تعالى: “إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ”.

أما حث المسلمين وترغيبهم في التوسم بهذه الصفة، صفة الحِلم في السنة النبوية الشريفة كانت كما يلي:

  • قال صلى الله عليه وسلم لأشجِّ عبد القيس:

    ((إنَّ فيك لخصلتين يحبُّهما الله: الحِلْم والأَنَاة )).


  • عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّه قال:

    ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التَّأنِّي مِن الله، والعجلة مِن الشَّيطان، وما أحدٌ أكثر معاذير مِن الله، وما مِن شيءٍ أحبُّ إلى الله مِن الحِلْم)).
  • وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

    ((ليس الشَّديد بالصُّرَعَة، إنَّما الشَّديد الذي يملك نفسه عند الغضب)).[4]

ما هو الحِلم في الإسلام

إن الحلم هو صفة من الأخلاق الإسلامية العظيمة وتتجلى هذه الصفة في تريث الإنسان وأن يتثبت في الأمر، وتعني كما أسلفنا سابقاً بأنها هي الأناة وضبط النفس، ويكون هذا الضبط إرادياً حيث أنه يتم مواجهة إساءات الآخرين عن طريق هذا الضبط الإرادي للإنفعال، وهذا الضبط يكسب الفرد الحليم الفرصة بأن يفكر بشكل هادئ وبالتالي يقرر بطريقة سليمة من الجانب الخلقي والدين كيفية التعامل مع هذه الإساءة إما أن يقابلها بمثلها أو أن يعفو عنها، وإن الحِلم يكسب المؤمن خيراً كثيراً ويكون هذا الخير بــ:

  • الأجر العظيم الذي سيلقاه من الله سبحانه وتعالى.
  • يأمن من الظلم أو انتهاك الفضيلة.
  • يأمن من القانون بالاعتداء أو بالعقاب المخالف لهما.
  • يتيح له الفرصة حتى يعفو ويصفح عن الإساءة.

وحث القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة على أن يتصف المسلمون بهذه الصفة بسبب وجود حقائق عظيمة تتعلق بهذه الفضيلة وتتجلى في:

  • حيث أن الغيظ أو الغضب العنيف هو مسلمة أولية للحلم حيث أنه لا يتواجد الغضب إذا لم يتواجد السبب.
  • إن الحِلم هو صفة وفضيلة لا يسهل الوصول إليها فهي صعبة المنال وتكمن صعوبة منالها في أنها تحتاج إلى شخصية خلقية قوية بالإضافة إلى إرادة لضبط الانفعال.
  • إن القيمة الخلقية للحلم ترتبط ارتباطاً وثيقاً بنية الفوز برضا الله عز وجل.

ما معنى كلمة الحلم والعفو

إن الحِلم كما أسلفنا سابقاً معناه هو التأني والسكون عند الغضب وإن من أسماء الله تعالى هو اسم الحليم، وإن الحلم هو ضبط النفس عن الهيجان والغضب، ونجد أنه يتوسط بين رذيلتين وهما الغضب والبلادة حيث أنه إذا استجاب المسلم لغضبه بدون تعقل كان على رذيلة وإذا تبلد ووافق بأن يضيع حقه كان أيضاً على رذيلة، أما إذا تحلى بالحلم مع وجود القدرة وكان حلمه مع من يستحقه كان على فضيلة.

أما العفو معناه لغة هو مصدر عفا والعفو هو التجاوز عن الذنب بالإضافة إلى ترك العقاب عليه وهو إسقاط العقاب كأنه مُحي تماماً، وقال الخليل: (وكلُّ مَن استحقَّ عُقوبةً فتركْتَه فقد عفوتَ عنه. وقد يكون أن يعفُوَ الإنسان عن الشَّيء بمعنى الترك، ولا يكون ذلك عن استحقاق)، أما اصطلاحاً فهو التجافي عن الذنب وقيل أنه هو القصد لتناول الشيء.