هل يجوز تقطيع صيام القضاء ؟ ” لـ ابن باز
قضاء الصيام
إن علماء
الإسلام
اتفقوا وأجمعوا على أن قضاء المسلم صوم الأيام التي أفطرها خلال شهر رمضان هو واجب، وهو ما ينطبق في الحالات التي يكون الإفطار بها لعذر شرعي مثل الحيض، والمرض، أو
السفر
، أو كان ذلك راجعاً لسبب غير شرعي حيث يجب حينها القضاء مع وقوع الإثم عليه، كما وأفادوا أن التعجييل في القضاء بعد انتهاء شهر رمضان هو أفضل لما في ذلك من إبراء للذمة، وإسقاط للواجب.
ويذكر أن
الوقت
الذي يتم به القضاء يبدأ بعد انتهاء شهر رمضان، ولكن إذا ما تأخر القضاء حتى دخل شهر رمضان آخر، فقد أجمع العلماء على وجوب القضاء ولكن مع الفدية، في حين أن المذهب الشافعي قد ذهب إلى تكرار الفدية مع تكرار الأعوام، ولكن الحنفية خالفوهم ذلك الرأي، إذ ذهبوا أن تأخير القضاء لا يوجد الفدية حتى إن دخل رمضان آخر، ولا يلزم في تلك الحالة سوى القضاء، والله أعلم. [1]
حكم قطع صيام القضاء
إن الحكم الشرعي لقضاء الصوم هو الوجوب على كل مسلم ومسلمة سواء كان الإفطار بعذر شرعي أو غير شرعي، ولا يجوز أن يتم قطع صوم القضاء والعلة في ذلك الحكم أنه من الفرائض التي أمر بها
الله
تعالى عباده، ويجب أن يتم إكمال الصوم خاصةً إذا كان القضاء عن صوم فريضة مثل صوم النذر أو رمضان. [2]
وهو ما قد اتفق عليه الفقهاء، حيث إن من بدأ بفرض عليه أن يقوم بإكماله وإتمامه، ومن غير الجائز به أن يفطر إلا من كان به علة، مثل الحدث أو السفر أو المرض، ولكن الواجب أن يتم إكمال الصوم وإتمامه، ولا يفطر غير من كان به علة تبيح الفطر وفيما يتعلق بوجوب التتابع في صوم القضاء فإنه غير لازم وإن كان التتابع أفضل. [3]
هناك بعض الأحكام التي تتعلق بصوم القضاء لا يعلمها الكثير من المسلمين وهو ما قد يترتب عليه التأثير على صحة صومهم ووقوع البعض في الإثم نتيجة الجهل عن بعض من أهم أمور الدين وقيام الإسلام وذلك لإنها تتعلق بالصوم أحد أركان الإسلام الخمس، ومن تلك الأحكام ما يلي: [3]
حكم من لا يحصي عدد الأيام التي أفطرها في رمضان
قد ينسى المسلم عدد الأيام التي أفطرها في شهر رمضان مما يجعله على غير علم بعدد الأيام التي ينبغي عليه قضاؤها، وهو إهمال وتقصير يجب التوبة عنه، خاصةً وإن كان الفطر لعذر غير شرعي أو مقبول، لذا وجب الندم والتوبة عن ذلك التساهل في حكم الله وأمره والعزم على عدم الرجوع لذلك الذنب مرة أخرى، وقد قال تعالى في ذلك (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، [النور: 31].
ويجب الوقوف مع النفس لمحاولة تقدير عدد الأيام التي تم إفطارها، فإن كانت عشرة فيتم قضاء عشرة أيام وإن كان أكثر أو أقل فهو كذلك، حيث قال تعالى في كتابه الكريم (
فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)،
[التغابن: 16]، وفي حالة المقدرة يتم إطعام مسكين عن كل يوم، حتى وإن تم صرفه جميعه لمسكين واحد، ومن كان غير قادر على ذلك عليه التوبة والصوم، ويكون الإطعام الواجب نصف صاع من قوت البلد عن كل يوم، ومقداره كيلو ونصف. [4]
هل يجوز أن اقطع صيام القضاء
عَن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (
قَضَاءُ رَمَضَانَ إنْ شَاءَ فَرَّقَ، وَإِنْ شَاءَ تَابَعَ
)، والدليل على ذلك قول الله تعالى في كتابه الكريم (
فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)،
[البقرة:184]، وقد قال البخاري عن ابن عباس (لَا بَأْسَ أَنْ يُفَرَّقَ).
وقد ورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت نَزَلَتْ: (
فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ مُتَتَابِعَاتٍ)
، فَسَقَطَتْ: مُتَتَابِعَاتٍ، كما ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت “كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إلَّا فِي شَعْبَانَ؛ وَذَلِكَ لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم)، وعلى ذلك فإن عدم التتابع في قضاء الصوم هو جائز ولا إثم على صاحبه. [5]
حكم من مات وعليه صوم قضاء
قد يحدث أن يتوفى شخص قبل أن يتم قضاء ما عليه من أيام صوم، وقد ورد في ذلك الشأن أن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال أن الرسول صلى الله عليه وسلم (
مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَلْيُطْعِمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا)، كما ذكر عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: “إذَا مَرِضَ الرَّجُلُ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَصُمْ أُطْعِمَ عَنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَإِنْ نَذَرَ قَضَى عَنْهُ وَلِيُّهُ”. [5]
حكم تأخير قضاء رمضان للنفاس والمرض
قد تتأخر المرأة في قضاء ما عليها من صوم أيام رمضان إن كانت في فترة نفاس، أو كانت مريضة، فإن كان ذلك قد حدث لعذر شرعي مثل
الحمل
والولادة والمرض فلا بأس في ذلك ولا يجب الكفارة، فقط عليها القضاء، أما إذا كان ذلك لغير عذر شرعي يلزم الكفارة وهي إطعام مسكين عن كل يوم، وهو ما يقدر بكيلو ونصف عن كل يوم أي نصف صاع. [6]
هل يجوز قطع صيام القضاء للجماع
إن صوم شهر رمضان كاملاً هو واجب على جميع المسلمين، وفي الحالة التي تكون المرأة في فترة حملها عليها أن تصوم الشهر ولا تفطر إلا لعذر وهو المخافة على الجنين، ولكن إذا كان
الرجل
قد بدأ خلال صوم زوجته معها وكان ذلك خلال شهر رمضان فعلى كل منهما أن يتوب عما بدر منه، ويلزم على
الزوجة
قضاء يوم عن كل يوم جامعها به زوجها، ولا يطلب منها التكفير، حيث لا يشترط التكفير إلا على من قام بالجماع خلال شهر رمضان، في حين لا يجب الكفارة عن القضاء، وذلك على أغلب قول الفقهاء. [7]
حكم قطع نية صيام القضاء
لا تعد مسألة النية للصوم بالشيء العسير أو المجهد لصاحبه ولكنها سهلة، حيث إنه ينبغي على كل من عقد العزم على الصوم في اليوم التالي أن ينوي ذلك قبل ارتفاع آذان الفجر، وعلى من فعل ذلك ونوى الصوم عن أيام شهر رمضان فيكون من الواجب إكمال الصوم، ما لم يقع حدث يبطل تلك لنية، كالطعام والشراب، أو الحيض عند المرأة، ويجب أن يتم إعادة صوم ذلك اليوم لقضائه، والله تعالى أعلم.