حكم الصلاة خلف إمام يخطئ في القراءة


ما حكم خطأ الإمام في القراءة في الصلاة


الصلاة ركن من أركان الإسلام، وهو أول ما يسأل عنه الإنسان، بعد موته، وتارك

الصلاة

عند الأئمة في مراتب أشدها الكفر، وأخفها الذنوب والأثم، وصلاة الجماعة واجبة وجوب عيني على الرجال، قال

الله

ُ تعالى: [ وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ ]، [النساء: 102]، لذلك فالحرص عليها أمر واجب.


ولكن أحياناً قد تحدث أمور أثناء صلاة الجماعة، سواء في المسجد، أو العمل، أو البيت أو أي مكان يمكن أن تقام فيه صلاة الجماعة، ومن تلك الأمور مثلا أن يصلي الناس خلف إمام يخطئ في القراءة، ويتساءلون عن حكم ذلك، ويمكن القول في ذلك بالتفصيل، تبعًا لكل حالة.


الخطأ في القراءة بدون تغيير المعنى


حالة الخطأ في القراءة بدون تغيير المعنى، هذه الحالة التي يكون فيها الخطأ لا يؤثر على المعنى، ولا يتسبب في تغييره، في هذه الحالة لا مشكلة، وتكون الصلاة صحيحة، لا إثم فيها، مع ضرورة البحث عن من هو أفضل من هذا الإمام، ومن يجيد إتقان قراءة القرآن الكريم، لكن بالنسبة للصلاة ذاتها فهي صلاة صحيحة، وقد يكون الخطأ غير مؤثر في المعنى، في كلمات لا يتأثر معناها بالتشكيل مثل كلمة الحمد بالفتح أو الضم.


القراءة التي يحدث فيها خطأ يغير المعنى


حالة الصلاة التي يحدث فيها خطأ يغير المعنى، أو يؤثر في صحة المعنى، هنا لا يجوز بقاء الإمام، كما لا يجوز أيضاً الصلاة خلف هذا الإمام، لأن تغيير المعنى تحريف لكلام الله سبحانه وتعالى، مثل كلمات في سورة الفاتحة وقول كلمة إياك بكسر الكاف وكأن المخاطب أنثى، وهو ما يعتبر تحريف، وحرام، وغيرها من الكلمات، وهنا يجب الانكار عليه، ومنعه من الصلاة بالناس، وإلا استجاب، وعدل طريقته، وتقبل النقد.د، وهنا يجب الفتح على الإمام من المصلين خلفه والتصحيح له، فإن استجاب فالأمر جائز، وإن رفض، لا تصح الصلاة، ويصلون بمفردهم أو يقدمون غيره للصلاة بهم.


وهناك أحوال يكون فيها الصلاة في مسجد بعيد أفضل وهو إذا وجد أن إمام المسجد القريب لا يتقن القراءة، خاصة إذا كانت تلك الأخطاء قد تتسبب في بطلان الصلاة، مثل الخطأ الذي يغير المعنى كما كان لمثال السابق في سورة الفاتحة. فيجب هنا استبدال الإمام بإمام آخر غيره متقن، فإن لم يجد غيره هنا لا تصح الصلاة خلفه إلا لمن هم مثله أيضاً من الغير قادرين على القراءة في الفاتحة على الوجه الصحيح، أما في حالة كانت الأخطاء في غير سورة الفاتحة أو بسبب الضعف في الحفظ مع كون الشخص يمكنه أن يتقن القراءة نفسها فإن الصلاة خلفه تعتبر صلاة صحيحة.


ويجب تعليم الإئمة والتنبيه عليهم، سواء كان إمام مسجد، أو شخص تقدم للإمامة في منزل، أو في العمل، وغيره، ويجب على المصلين كذلك تحري الإمام المناسب، واختيار الأنسب من حيث إتقان التلاوة، وخاصة إذا عرف عن الإمام أنه يلحن في قراءة سورة الفاتحة خاصة.


ويجب تغيير الإمام، وإن كان ذلك ليس من سلطة المصلي خلفه، ولا يمكنه ذلك، فعليه عدم الصلاة خلفه وتحذير الناس من الصلاة خلف مثل هذا الإمام، وعدم السكوت، أو الصلاة وراؤه، مع ضرورة التأكيد على عدم ترك الصلاة، كما جاء في القرآن الكريم فِی بُیُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَیُذۡكَرَ فِیهَا ٱسۡمُهُۥ یُسَبِّحُ لَهُۥ فِیهَا بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡـَٔاصَالِ * رِجَالࣱ لَّا تُلۡهِیهِمۡ تِجَـٰرَةࣱ وَلَا بَیۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِیتَاۤءِ ٱلزَّكَوٰةِ یَخَافُونَ یَوۡمࣰا تَتَقَلَّبُ فِیهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَـٰرُ * لِیَجۡزِیَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُوا۟ وَیَزِیدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦۗ وَٱللَّهُ یَرۡزُقُ مَن یَشَاۤءُ بِغَیۡرِ حِسَابࣲ )، [النور 36-38]


حكم القراءة الخاطئة للفاتحة في الصلاة


إن الصلاة بها ما هو ركن، وشرط، وسنن، وغير ذلك من أحكام الصلاة، لذلك فإن الخطأ في القراءة يختلف حكمه بحسب ما وقع عليه الخطأ، فمن أخطأ فإذا كانت القراءة الخطأ فيها في الصلاة، وكان ذلك بدون أي تعمد من القارئ، فليس عليه شيء، كما أن صلاته تعتبر صلاة صحيحة، والدليل في ذلك ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث مثل التالي:


  • عن المسور بن يزيد المالكي قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فترك آية، فقال له رجل: يا رسول الله آية كذا وكذا. قال: “فهلا ذكرتنيها” رواه أبو داود وابن حبان.

  • عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فقرأ فيها فلبس عليه، فلما انصرف قال لأبي – رضي الله عنه-: أصليت معنا؟ قال: نعم. قال: فما منعك. رواه أبو داود، وفي لفظ ” فما منعك أن تفتحها علي”.


ويتبين من الحديثين السابقين أن من يخطئ في القراءة أثناء الصلاة، فإن صلاته تعتبر صلاة صحيحة، ولا يجب عليه سجود سهو، هذا إذا كان ما وقع من خطأ في القراءة لا علاقة له بسورة الفاتحة، لكن إذا كان للأمر علاقة بسورة الفاتحة، فالأمر هنا يختلف.


من المعروف أن سورة الفاتحة ركن من أركان الصلاة لا يصح الصلاة بدونها، ومن يخطئ في قرائتها أو يلحن، ويغير المعنى فيها أو يسقط منها حروف، ثم ينتبه، يستدرك أثناء الركعة تصح الصلاة، وإذا فاتته الركعة بغير تصحيح، أصبحت الركعة فاسدة، ووجب عليه قضائها. [1]


هل يجوز الصلاة خلف إمام زاني


كما هو معلوم فإن من الذنوب ما هو من

الكبائر

، والتي عل. صاحبها دوام

الاستغفار

والأقلاع عنها والتقرب إلى الله، وطلب المغفرة، ومن تلك الكبائر الزنى، بل هو كبيرة من كبائر الذنوب، وهو أمر خطير، وأيضاً التسرع، أو رمي الغير بتلك الكبيرة أمر لا يقبل الإتيان به، ويجب فيه التيقن، والتثبت من ذلك.


ومن يقوم برمي الناس بالكبارئر مثل الزنا، له عقوبة وردت في القرآن الكريم، حيث يتبين هذا من نص الآية [ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {النور:4}، أما من ارتكب بالفعل كبيرة الزنا، ثم تاب عنها إلى ربه، توبة نصوحة فإن الله يتوب عليه.


أما عن الصلاة خلف من ثبت زناه، فهي صلاة صحيحة، حيث أن العمل بالقول أن من صحت صلاته لنفسه صحت إمامته لغيره، مع اعتبار أمر هام، ألا وهو أن الأولى والأفضل، أن يصلي بالناس، ويؤمهم في الصلاة من كان أورعهم، وأكثرهم تقوى وخشية وخوف من الله، مع توافر باقي شروط الإمامة. [2]


شروط الإمامة


إن أهمية انطباق الشروط على الإمام، مستمدة من أهمية الصلاة نفسها، باعتبارها ركن من أركان الإسلام، تدرج موقف الأئمة من تاركها، إلا أن جميعهم اتفقوا على شدة وعظم ذنب تاركها، كما أن صلاة الجماعة واجبة، لذلك فهناك شروط لمن يؤم الناس، ويتصدر للأمامة جماعة بهم، وهي على الترتيب التالي:


  • أن يكون الإمام مسلم، فلا تصح إمامة كافر، أو من على غير دين الإسلام.

  • العقل، واحد من أهم شروط الإمامة فلا تقبل إمامة من به مرض عقلي.

  • ذكر، ولا تصح إمامة المرأة للرجال في الصلاة.