أجمل قصائد الشاعر تميم البرغوثي
نبذة عن الشاعر تميم البرغوثي
تميم هو شاب فلسطيني لأم مصرية وأب فلسطيني، هو ابن الكاتب والشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي، ووالدته الكاتبة المصرية
رضوى
عاشور، اشتهر تميم بسبب قصائده التي تتناول قضايا الأمة العربية، ولقد اشتهر بسبب ظهوره لأول مرة على برنامج في قنا أبو ظبي.
تميم البرغوثي حاصل على الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة بوسطن، كما عمل أستاذًا مساعدًا للعلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، ولقد انتشرت قصائده بشكلٍ واسع بسبب تناوله لقضايا مهمة.[1]
أشهر وأجمل قصائد الشاعر تميم البرغوثي
قصيدة عشقة
كم أظهر العشق من سر وكم كتما وكم أمات وأحيا قبلنا أمما
قالت غلبتك يا هذا فقلت لها لم تغلبيني ولكن زدتني كرما
بعض المعارك في خسرانها شرف من عاد منتصرا من مثلها انهزما
ما كنت أترك ثاري قط قبلهم لكنهم دخلوا من حسنهم حرما
يقسو
الحب
يبان قدر الحب بينهما حتى لتحسب بين العاشقين دما
ويرجعان إلى خمر معتقة من المحبة تنفي
الشك
والتهما
جديلة طرفاها العاشقان فما تراهما افترقا إلا ليلتحما
في ضمة ترجع الدنيا لسنتها كالبحر من بعد موسى عاد والتأم
قد أصبحا الأصل مما يشبهان فقل هما كذلك حقا لا كأنهما
فكل شيء جميل بت تبصره أو كنت تسمع عنه قبلها فهما
هذا الجمال الذي مهما قسى رحم هذا الجمال الذي يستأنس الألما
دمي فداء لطيف جاد في حلم بقبلتين فلا أعطى ولا حرما
إن الهوى لجدير بالفداء وإن كان الحبيب خيالا مر أو حلما
أو صورة صاغها أجدادنا القدما بلا سقام فصاروا بالهوى سقمى
الخصر وهم تكاد العين تخطئه وجوده باب شك بعدما حسما
والشعر أطول من ليلي إذا هجرت والوجه أجمل من حظي اذا ابتسم
في حسنها شبق غضبان قيده حياؤها فإذا ما أفلت انتقما
أكرم بهم عصبة هاموا بما وهموا وأكرم الناس من يحيا بما وهما
والحب طفل متى تحكم عليه يقل ظلمتني ومتى حكمته ظلما
إن لم تطعه بكى وإن أطعت بغى فلا يريحك محكوما ولا حكما
مذ قلت دع لي روحي ظل يطلبها فقلت هاك استلم روحي فما استلما
وإن بي وجعا شبهته بصدى إن رن ران وعشب حين نم نما
كأنني علم لا ريح تنشره أو ريح أخبار نصر لم تجد علما
يا من حسدتم صبيا بالهوى فرحا رفقا به فهو مقتول وما علم[2]
قصيدة قفي ساعة
قِفي ساعةً يفديكِ قَوْلي وقائِلُهْ ولا تَخْذِلي مَنْ باتَ والدهرُ خاذِلُهْ
الا وانجديني إنّني قَلَّ مُنجدي بدمعٍ كريمٍ ما يُخيَّبُ زائلُهْ
إذا ما عصاني كلُّ شيءٍ أطاعني ولم يجرِ في مجرى الزمان يباخلُهْ
بإحدى الرزايا ابكِ الرزايا جميعها كذلك يدعو غائبُ الحزنِ ماثلُهْ
إذا عجز الإنسانُ حتّى عن البكى فقد بات محسودا على الموت نائلُهْ
وإنَّكَ بين اثنين فاختر ولا تكن كمن أوقعته في الهلاك حبائلُهْ
فمن آملٍ يفنى ليسلَمَ ربُّهُ ومن آملٍ يبقى ليهلَكَ آملُهْ
فكن قاتلَ الآمال أو كن قتيلها تساوى الردى يا صاحبي وبدائلُهْ
أَنَا عَالِمٌ بالحُزْنِ مُنْذُ طُفُولَتي رفيقي فما أُخْطِيهِ حينَ أُقَابِلُهْ
وإنَّ لَهُ كَفَّاً إذا ما أَرَاحَها عَلَى جَبَلٍ ما قَامَ بالكَفِّ كَاهِلُهْ
يُقَلِّبُني رأساً على عَقِبٍ بها كما أَمْسَكَتْ سَاقَ الوَلِيدِ قَوَابِلُهْ
وَيَحْمِلُني كالصَّقْرِ يَحْمِلُ صَيْدَهُ وَيَعْلُو به فَوْقَ السَّحابِ يُطَاوِلُهْ
فإنْ فَرَّ مِنْ مِخْلابِهِ طاحَ هَالِكاً وإن ظَلَّ في مِخْلابِهِ فَهْوَ آكِلُهْ
عَزَائي مِنَ الظُّلاَّمِ إنْ مِتُّ قَبْلَهُمْ عُمُومُ المنايا مَا لها مَنْ تُجَامِلُهْ
إذا أَقْصَدَ الموتُ القَتِيلَ فإنَّهُ كَذَلِكَ مَا يَنْجُو مِنَ الموْتِ قاتلُهْ
فَنَحْنُ ذُنُوبُ الموتِ وَهْيَ كَثِيرَةٌ وَهُمْ حَسَنَاتُ الموْتِ حِينَ تُسَائِلُهْ
يَقُومُ بها يَوْمَ الحِسابِ مُدَافِعاً يَرُدُّ بها ذَمَّامَهُ وَيُجَادِلُهْ
وَلكنَّ قَتْلَىً في بلادي كريمةً سَتُبْقِيهِ مَفْقُودَ الجَوابِ يحاوِلُهْ
ترى الطفلَ مِنْ تحت الجدارِ منادياً أبي لا تَخَفْ والموتُ يَهْطُلُ وابِلُهْ
وَوَالِدُهُ رُعْبَاً يُشِيرُ بَكَفِّهِ وَتَعْجَزُ عَنْ رَدِّ الرَّصَاصِ أَنَامِلُهْ
أَرَى اْبْنَ جَمَالٍ لم يُفِدْهُ جَمَالُهُ وَمْنْذُ مَتَي تَحْمِي القَتِيلَ شَمَائِلُهْ
عَلَى نَشْرَةِ الأخْبارِ في كلِّ لَيْلَةٍ نَرَى مَوْتَنَا تَعْلُو وَتَهْوِي مَعَاوِلُهْ
أَرَى الموْتَ لا يَرْضَى سِوانا فَرِيْسَةً كَأَنَّا لَعَمْرِي أَهْلُهُ وَقَبَائِلُهْ
لَنَا يَنْسجُ الأَكْفَانَ في كُلِّ لَيْلَةٍ لِخَمْسِينَ عَامَاً مَا تَكِلُّ مَغَازِلُهْ
وَقَتْلَى عَلَى شَطِّ العِرَاقِ كَأَنَّهُمْ نُقُوشُ بِسَاطٍ دَقَّقَ الرَّسْمَ غَازِلُهْ
يُصَلَّى عَلَيْهِ ثُمَّ يُوطَأُ بَعْدَها وَيَحْرِفُ عُنْهُ عَيْنَهُ مُتَنَاوِلُهْ
إِذَا ما أَضَعْنَا شَامَها وَعِراقَها فَتِلْكَ مِنَ البَيْتِ الحَرَامِ مَدَاخِلُهْ
أَرَى الدَّهْرَ لا يَرْضَى بِنَا حُلَفَاءَهُ وَلَسْنَا مُطِيقِيهِ عَدُوَّاً نُصَاوِلُهْ
فَهَلْ ثَمَّ مِنْ جِيلٍ سَيُقْبِلُ أَوْ مَضَى يُبَادِلُنَا أَعْمَارَنا وَنُبَادِلُهْ[3]
قصيدة في القدس
مرَرْنا عَلى دارِ الحبيب فرَدَّنا عَنِ الدارِ قانونُ الأعادي وسورُها
فَقُلْتُ لنفسي: رُبما هِيَ نِعْمَةٌ فماذا تَرَى في القدسِ حينَ تَزُورُها؟
تَرَى كُلَّ ما لا تستطيعُ احتِمالَهُ إذا ما بَدَتْ من جَانِبِ الدَّرْبِ دورُها
وما كلُّ نفسٍ حينَ تَلْقَى حَبِيبَها تُسَرُّ ولا كُلُّ الغِيابِ يُضِيرُها
فإن سرَّها قبلَ الفِراقِ لِقاؤُه فليسَ بمأمونٍ عليها سرُورُها
متى تُبْصِرِ القدسَ العتيقةَ مَرَّةً فسوفَ تراها العَيْنُ حَيْثُ تُدِيرُها
في القدسِ، بائعُ خضرةٍ من جورجيا برمٌ بزوجته يفكرُ في قضاءِ إجازةٍ أو في طلاءِ البيتْ
في القدس، توراةٌ وكهلٌ جاءَ من مَنْهاتِنَ العُليا يُفَقَّهُ فتيةَ البُولُونِ في أحكامها
في القدسِ شرطيٌ من الأحباشِ يُغْلِقُ شَارِعًا
في السوقِ، رشَّاشٌ على مستوطنٍ لم يبلغِ العشرينَ
قُبَّعة تُحَيِّي حائطَ المبكَى وسياحٌ من الإفرنجِ شُقْرٌ لا يَرَوْنَ القدسَ إطلاقًا
تَراهُم يأخذونَ لبعضهم صُوَرًا مَعَ امْرَأَةٍ تبيعُ الفِجْلَ في الساحاتِ طُولَ اليَومْ
في القدسِ دَبَّ الجندُ مُنْتَعِلِينَ فوقَ الغَيمْ في القدسِ صَلَّينا على الأَسْفَلْتْ
في القدسِ مَن في القدسِ إلا أنْتْ وَتَلَفَّتَ التاريخُ لي مُتَبَسِّمًا
أَظَنَنْتَ حقًا أنَّ عينَك سوفَ تخطئهم، وتبصرُ غيرَهم
ها هُم أمامَكَ، مَتْنُ نصٍّ أنتَ حاشيةٌ عليهِ وَهَامشٌ
أَحَسبتَ أنَّ زيارةً سَتُزيحُ عن وجهِ المدينةِ يابُنَيَّ
حجابَ واقِعِها السميكَ لكي ترى فيها هَواكْ
في القدسِ كلًّ فتى سواكْ
وهي الغزالةُ في المدى، حَكَمَ الزمانُ بِبَيْنِها
ما زِلتَ تَرْكُضُ خلفها مُذْ وَدَّعَتْكَ بِعَيْنِها
فارفق بِنَفسكَ ساعةً إني أراكَ وَهَنْتْ
في القدسِ من في القدسِ إلا أَنْتْ يا كاتبَ التاريخِ مَهْلًا
فالمدينةُ دهرُها دهرانِ دهر أجنبي مطمئنٌ لا يغيرُ خطوَه وكأنَّه يمشي خلالَ النومْ
وهناك دهرٌ، كامنٌ متلثمٌ يمشي بلا صوتٍ حِذار القومْ
والقدس تعرف نفسها، اسأل هناك الخلق يدْلُلْكَ الجميعُ
فكلُّ شيءٍ في المدينةِ ذو لسانٍ، حين تَسأَلُهُ
يُبينْ في القدس يزدادُ الهلالُ تقوسًا مثلَ الجنينْ
حَدْبًا على أشباهه فوقَ القبابِ
تَطَوَّرَتْ ما بَيْنَهم عَبْرَ السنينَ عِلاقةُ الأَبِ بالبَنينْ
في القدس أبنيةٌ حجارتُها اقتباساتٌ من الإنجيلِ والقرآنْ
في القدس تعريفُ الجمالِ مُثَمَّنُ الأضلاعِ أزرقُ
فَوْقَهُ، يا دامَ عِزُّكَ، قُبَّةٌ ذَهَبِيَّةٌ، تبدو برأيي، مثل مرآة محدبة ترى وجه السماء مُلَخَّصًا فيها تُدَلِّلُها وَتُدْنِيها
تُوَزِّعُها كَأَكْياسِ المعُونَةِ في الحِصَارِ لمستَحِقِّيها
إذا ما أُمَّةٌ من بعدِ خُطْبَةِ جُمْعَةٍ مَدَّتْ بِأَيْدِيها
وفي القدس السماءُ تَفَرَّقَتْ في الناسِ تحمينا ونحميها
ونحملُها على أكتافِنا حَمْلًا إذا جَارَت على أقمارِها الأزمانْ
في القدس أعمدةُ الرُّخامِ الداكناتُ كأنَّ تعريقَ الرُّخامِ دخانْ
ونوافذٌ تعلو المساجدَ والكنائس
أَمْسَكَتْ بيدِ الصُّباحِ تُرِيهِ كيفَ النقشُ بالألوانِ، وَهْوَ يقول: “لا بل هكذا” فَتَقُولُ: “لا بل هكذا”
حتى إذا طال الخلافُ تقاسما فالصبحُ حُرٌّ خارجَ العَتَبَاتِ
لَكِنْ إن أرادَ دخولَها فَعَلَيهِ أن يَرْضَى بحُكْمِ نوافذِ الرَّحمنْ
في القدس مدرسةٌ لمملوكٍ أتى مما وراءَ النهرِ
باعوهُ بسوقِ نِخَاسَةٍ في أصفهان لتاجرٍ من أهلِ بغدادٍ
أتى حلبًا فخافَ أميرُها من زُرْقَةٍ في عَيْنِهِ اليُسْرَى، فأعطاهُ لقافلةٍ أتت مصرًا
فأصبحَ بعدَ بضعِ سنينَ غَلاَّبَ المغولِ وصاحبَ السلطانْ
في القدس رائحةٌ تُلَخِّصُ بابلًا والهندَ في دكانِ عطارٍ بخانِ الزيتْ
والله رائحةٌ لها لغةٌ سَتَفْهَمُها إذا أصْغَيتْ
وتقولُ لي إذ يطلقونَ قنابل الغاز المسيِّلِ للدموعِ عَلَيَّ: “لا تحفل بهم”
وتفوحُ من بعدِ انحسارِ الغازِ، وَهْيَ تقولُ لي: “أرأيتْ!”
في القدس يرتاحُ التناقضُ، والعجائبُ ليسَ ينكرُها العِبادُ كأنها قِطَعُ القِمَاشِ
يُقَلِّبُونَ قَدِيمها وَجَدِيدَها والمعجزاتُ هناكَ تُلْمَسُ باليَدَيْنْ
قصيدة قُل للصبية
قل للصبية تُحييني وتُرديني
لم يبق مني سوى ما ليس يبقيني
ياظبيةً في قديم الشعر ما برحت
تُبكي الكريم بمنهلٍ ومكنون
رأيتُها وأنا في الحق لم أرها
لكنه طربٌ للشعر يعروني
تُحيل كل فتىً مرَّت بخاطره
وكل بنتٍ إلى ليلى ومجنون
تُميل من قدها ما قد تُميل به
أئمةَ الناسِ من دينٍ إلى دين
ولو رأى وجهها القديسُ قال لنا
لا بأس بالذنبِ بين الحين والحين
ويدخل النارَ فيها أمةٌ طمعوا
من حسنها في جنان الحور والعين
***
***
قد يُنقصُ الحسن قدراً مَن تَيَقنه
ولا كحسنٍ بظهرِ الغيبِ مظنونِ
وأعرفُ الحسن لكن لا أُعَرِّفُه
يبدو لعيني ولا يبدو لتعييني
روحي بقايا سماءٍ أُسكِنت جسداً
ولم تزل للسماء الروح تدعوني
إن لم أطر حسبتني لم أطر كسلاً
واستنجدت بعباد
الله
تشكوني
فإن أحسَّت بأُخرى مثلها خفقت
طَرقُ المساجينِ أبواب الزنازينِ
هي الأسيرُ رأى في البُعدِ أُسرته
فصاح لا ترجعوا للدارِ من دوني
والروحُ تسعى وراء الروحِ تؤنسها
من غربة الدارِ بين الماءِ والطينِ[4]
قصيدة البردة
ما ليْ أَحِنُّ لِمَنْ لَمْ أَلْقَهُمْ أَبَدَا
وَيَمْلِكُونَ عَلَيَّ الرُّوحَ والجَسَدَا
إني لأعرِفُهُم مِنْ قَبْلِ رؤيتهم
والماءُ يَعرِفُهُ الظَامِي وَمَا وَرَدَا
وَسُنَّةُ اللهِ في الأحبَابِ أَنَّ لَهُم
وَجْهَاً يَزِيدُ وُضُوحَاً كُلَّمَا اْبْتَعَدَا
كَأَنَّهُمْ وَعَدُونِي فِي الهَوَى صِلَةً
وَالحُرُّ حَتِّى إذا ما لم يَعِدْ وَعَدَا
وَقَدْ رَضِيتُ بِهِمْ لَوْ يَسْفِكُونَ دَمِي
لكن أَعُوذُ بِهِمْ أَنْ يَسْفِكُوهُ سُدَى
يَفْنَى الفَتَى في حَبِيبٍ لَو دَنَا وَنَأَى
فَكَيْفَ إنْ كَانَ يَنْأَى قَبْلَ أن يَفِدَا
بل بُعْدُهُ قُرْبُهُ لا فَرْقَ بَيْنَهُمَا
أزْدَادُ شَوْقاً إليهِ غَابَ أَوْ شَهِدَا[5]