مكبرات الصوت في المساجد .. ماذا قال ابن باز وابن عثيمين عنها ؟ “
مكبرات الصوت في المساجد بالنسبة للشيخ ابن عثيمين
قال ابن باز في تعليقه على تشغيل مكبرات الصوت في المساجد على درجة عالية وقال أن المساجد بنيت منذ عهد الرسول صلى
الله
عليه وسلم وحتى يومنا هذا حيث بنيت للصلاة وقراءة القرآن والذكر وغير ذلك من العبادات التي يجب القيام بها وأهم شيء هي إقامة صلاة الجماعة في المسجد وقال الله تعالى (لمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ) سورة التوبة الأية 108 وقال الله تعالى ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً﴾ سورة الجن الأية 18
وأما عن نقل
الصلاة
عبر مكبرات الصوت على درجة عالية من على رؤوس المنائر فإنه فيه تشويش على مسامع وتركيز الناس في بيوتهم وشل للقيام بأذكارهم وتسبيحاتهم الخاصة وبتأديه عباداتهم أيضاً وربما يكون فيه إزعاج لبعض الأشخاص النائمة والمرضى الذين لم يجدوا راحة إلا في ذلك
الوقت
كما أنه أيضاً فيه أذى للمساجد الأخرى التي بجوار هذا الصوت وتعمل على التشويش عليهم وقد حدثني كثير من الناس الذين كانوا بجوار المساجد التي ترفع الأذان من على المنائر حدثني إنه إذا كان صوت الإمام في المسجد الذي نقلت صلاته بهذه المكبرات أحسن من صوت إمامهم وقراءته أحسن من قراءة إمامهم فلذلك أنهم يتابعون ذلك الإمام الذي خارج مسجدهم ومن الممكن أن يدعون إمامهم ولا ينصتون لقراءة الإمام
وحدثني أيضاً بعض الناس أنهم يكبرون بتكبير الإمام المجاور وليس إمام الجامع المصلين بداخله وليس بتكبير إمام المسجد المجاور ظناً منهم أن هذا التكبير تكبير إمامهم وهذا أمر يحدث عند كثير من الناس وهو أيضاً أمر ليس جيد بمعنى أنه قد يقول إمام إن صوتي لا يبلغ ذلك المسجد ولا يشوش على أهله فإن هذا أمر أيضاً ليس جيد لأن هذا خاضع لاتجاه
الرياح
فإذا كانت الرياح متجهة إلى المساجد المجاورة إذاً بالتأكيد سمعوا الصوت وإذا كانت متجهة إلى خلافها لم يسمعوا الصوت وربما يكون الصوت قوياً جداً حوله على أي حال كان اتجاه الرياح
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديثين صححهما ابن عبد البر أنه سمع الصحابة رضي الله عنهم يقرءون ويجهرون فنهاهم عن ذلك وقال (لا يجهر بعضكم على بعض في القراءة (أو قال في الصلاة وفي لفظ آخر (لا يؤذين بعضكم بعضاً) وذكر شيخ
الإسلام
رحمه الله
أن ليس للإنسان أن يجهر جهراً يشوش على المصلين ولكن نصيحتي لإخواني المسلمين أن يدعوا هذا العمل الذي يشوشون به على من بقربهم ويؤذونهم وهذا أمر قد جاء به النص عن النبي صلى الله عليه وسلم وما قد يأتي به في نص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا مجال للاجتهاد فيه
فإذا علمنا أن في ذلك تشويشاً على من حولهم من المساجد تخفيتاً لصلاتهم فإن هذا داخل فيما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن المصالح التي قد تحصل أو قد يتوهم بعض الناس في حصولها هي مصالح مغمورة في المفاسد التي تترتب على ذلك فإن بعض الناس من يقول إن بقاء الصلاة من على المنائر قد يستمع إليه بعض
النساء
في البيوت وينتفعون بقراءة القارئ فنقول إن هذه المصلحة منغمرة أو مندمجة مع جانب المفاسد الأخرى وذلك لأن من الناس من لا يرغب أن يسمع هذا الصوت الذي يشغله الإمام بأعلى درجة وذلك بسبب قراءة أذكاره الخاصة أو قراءته الخاصة
كما يوجد من الناس من يكون محتاجاً للنوم لكونه سهر في الليل طول الليل أو سهر لمرض أو قلق ثم ينام فينام بعد أن يصلي الفجر لكونه لا يستطيع الخروج للصلاة في المساجد ومن ثم يأتي هذا الصوت العالي الذي يزعجه وينبهه من
النوم
فهذه مفسدة عاملة لبعض الأشخاص ثم إننا رأينا وشاهدنا كثيراً من الناس إذا أقبل على المسجد وسمع الإمام في آخر القراءة ذهب يسعى ويشتد سعياً أي يركض لكي يلحق بالركوع مع الإمام وهذا وقوع فيما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم
لذلك يرى أن المصلحة بل وكل المصلحة هي أن يتبع الإنسان ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلاً للمأمور وتركاً للمنهي وإذا كان قد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه نهى أن يشوش المصلون بعضهم على بعض برفع أصواتهم في القراءة فهذا هو الفيصل في هذه المسألة والحكم في رفع صوت المكبرات
فنصيحة ابن باز لإخوانه أنه إذا دعت الحاجة أو الضرورة إلى استعمال المكبر في داخل المسجد فليستعملوه في داخل المسجد كما لو كان المسجد كبيراً وفيه نساء لا يسمعن إلا بذلك أو كان ذلك في
يوم الجمعة
فليستعملوه ولكن إذا لم تدع الحاجة إلى مكبرات الصوت حتى في داخل المساجد فلا ينبغي استعماله أيضاً لعدم نشر الفساد لأن ذلك يؤدي إلى أن يعتاد الإنسان على هذا المكبر فلا يستعموا إلا إذا استعمله الإمام ولأن في هذا إضاعة المال بصرف
الكهرباء
أيضاً إذا قدر أن في هذا البلد مئات من المساجد واستعملت هذه المكبرات فكم تستهلك من كيلوات الكهرباء في خلال الخمس صلوات في كل يوم وليلة ولكن أهم شيء في هذه المسألة أن في رفع الصوت من على المنائر ولا سيما في الصلاة الجهرية الليلية مع تقارب المساجد إيذاء للمصلين بعضهم بعضاً قد يكون فيها أيضاً إيذاء لمن كان حول المساجد وإن كان قد يكون فيه مصلحة لبعض ساكني البيوت لكن قد يكون فيه مضرة أيضاً وإيذاء لبعض ساكني البيوت والقاعدة الشرعية عند أهل العلم أن دفع المفاسد أولى من جلب المصالح عند التساوي[1]
مكبرات الصوت في المساجد بالنسبة للشيخ ابن باز
يرى الشيخ ابن باز بأن تعود الأمور على حالها الأولى وأن تبقى مكبرات الصوت مفتوحة وقت الصلاة لينتفع بها الناس بما يقوله الإمام من خطبه إلا إذا كان هناك مسجدان متجاوران فبذلك سوف يحصل بينهما تشويش وفي هذه الحال فإن مكبرات الصوت تضع المشكلة بينهم فيجب عندها خفض صوت المكبرات من أجل الحد من التشويش.[2]
حكم استخدام مكبر الصوت في الصلاة الجهرية
قد أخرج الإمام مالك في الموطأ من شرح الزرقاني في (باب العمل في القراءة) عن البياضي فروة بن عمرو رضي الله عنه أن
النبي
صلى الله عليه وسلم خرج على الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال (إن المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه به ولا يجهر بعضهم على بعض في القرآن)
وأخرج أبو داود تحت عنوان (رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال (ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضاً ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة أو قال في الصلاة).[3]