الشجرة التي استظل تحتها الرسول ” شجرة البقيعاوية “


ما هي الشجرة التي استظل تحتها الرسول


نظراً لبعد السنوات والأحداث، فغالباً ما تدخل أمور دخيلة على الروايات، والأحداث والقصص وتختلف باختلاف قيمة ما يحكي عنه الناس، ولكن الأمر يختلف إذا كان يخص النبي صلى

الله

عليه وسلم، فقد كانت لحياته، وسيرته، وقصصه خصوصية أخرى تختلف عن غيرها تمام، هذا لأن الحديث هنا عن جزء مما وعد الله بحفظه، ووعد الله حق لا جدال.


﴿إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَـٰفِظُونَ﴾ [الحجر 9]، هذا وعد من الحق أن يحفظ الذكر وهو القرآن الكريم، وقد قال العلماء في شمول أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وسنته وسيرته، للحفظ، وإن كان القرآن الكريم حفظ مباشرة من عند الله سبحانه وتعالى، فإن السنة والأحاديث والسيرة.


حفظت أيضاً من عند الله ولكن بسبب وطرق مختلفة ألا وهي الحفظ عن طريق رجال، كانوا عظماء في تحمل أمر نقل هذا الدين سيرة وسنة وأحاديث، وأن يمحصوا كل ذلك، ويبينوا الضعيف والمدسوس، والمكذوب حتى لا يختلط الأمر على الناس، وكان ذلك لهم بالفعل لنجد الأن في كل وقت من يحفظ الدين من الأمور الدخيلة، وإذا صادفهم ما يخالف ذكروه، وإذا غاب عنهم أمروا أشاروا أنه لم يرد عليهم.


وهذا يتضح في معرض الحديث عن الشجرة التي استظل تحتها النبي صلى الله عليه وسلم شجرة البقيعاوية، ويمكن الحديث عن تلك الشجرة في إطار وصفها بداية، ثم الحديث عن علاقتها بالنبي صلى الله عليه وسلم، وحقيقة قصتها، وقصة النبي معها.


شجرة البقيعاوية هي شجرة قديمة، وتسمى شجرة الحياة أحياناً، وهي موجودة في بلاد الأردن، ويقال عنها أنها شجرة بطم المعمرة، ارتفاعها إحدى عشر متر تقريباً، وتغطي مساحة خمسين متر، تنمو في مناطق جبلية، كما أن لها فوائد يستغلها أهالي تلك المناطق، في عمل التوابل وغيرها، من المواد المستخرجة منها، واستوطن الناس قديما حولها من سنوات طويلة.


وتعود

قصة

علاقة تلك الشجرة بالنبي صلى الله عليه وسلم، بما كان قبل البعثة حيث يحكي أصحاب هذا الزعم عن تلك القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم، خرج من أرض الحجاز، إلى أرض الشام، في

رحلة

تجارة متجهة إلى هناك، متاجرًا بأموال السيدة خديجة عليها السلام قبل أن يتزوجها، ومعه مولى السيدة خديجة أو غلامها مسيرة.


وأن النبي أثناء مسيرته مع الغلام، كانت تظله سحابة حتى وصل إلى تلك الشجرة، وجلس تحتها، وبعدها جاء كاهن إلى ميسرة يسأله من الذي يجلس تحت هذه الشجرة فقال له ميسرة إنه محمد من الجزيرة العربية، فقال له تلك الشجرة لا يجلس تحتها إلا نبي، وكانت أغصان الشجر تبدو وكأنها تحتضن النبي تحتها، وهذا ما يقال أن ميسرة ظل يرويه، وأنه سبب أن الشجرة خضراء ومعمرة ببركة النبي صلى الله عليه وسلم، وظل بعدها الناس يزورونها للتبرك بها.


أما عن علماء أهل السنة، والجماعة، وأهل الحق فإنهم لا يرون صحة ولا كذب تلك الرواية، ويؤكدون أنهم لم يجدوا دليلا على صحة الجزء الخاص بتلك الشجرة، وشددوا كذلك على تحريم الغلو والاعتقاد في مثل تلك الأمور التي قد تصرف المسلم عن دينه، وعبادته، بل قد تدخله في باب البدع، والطوائف الضالة، لذا وجب التحذير من ذلك.


ما هي الشجرة التي دعا عليها الرسول


المقصود هنا في هذا الأمر أنها شجرة دعاها النبي صلى الله عليه وسلم وهو اللفظ الذي أورده العلماء وليس دعا عليها، فالدعاء عليها أمر مختلف عن دعوتها، فدعوتها هنا مقصود بها استدعائه للحضور والامتثال بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه القصة ترويها الأحاديث النبوية التالية:


  • فقد أخرج الدارمي في سننه عن ابن عمر-رضي الله عنهما- قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فأقبل أعرابي فلما دنا منه، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أين تريد؟» قال: إلى أهلي قال: «هل لك في خير؟» قال: وما هو؟ قال: «تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله» فقال: ومن يشهد على ما تقول؟ قال: «هذه السلمة» فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بشاطئ الوادي فأقبلت تخد الأرض خدا حتى قامت بين يديه، فاستشهدها ثلاثا، فشهدت ثلاثا أنه كما قال، ثم رجعت إلى منبتها، ورجع الأعرابي إلى قومه، وقال: إن اتبعوني أتيتك بهم، وإلا رجعت، فكنت معك. والحديث أخرجه كذلك ابن حبان في صحيحه، وصححه الألباني.

  • عن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: بم أعرف أنك نبي؟ قال: «إن دعوت هذا العذق من هذه النخلة تشهد أني رسول الله؟» فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعل ينزل من النخلة حتى سقط إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: ” ارجع ” فعاد، فأسلم الأعرابي. أخرجه أحمد والترمذي – واللفظ له – وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح، وابن حبان في صحيحه، وصححه الحاكم، وقال الشيخ شعيب في تحقيقه للمسند: إسناده صحيح.


ويتضح من الأحاديث أن قصة الشجرة التي دعاها النبي صلى الله عليه وسلم، شجرة أراد النبي بها أن يرى غير المسلمين دليل نبوته، بعينه، ويلمسه بنفسه، حتى يكون إيمانه قوي، وحجة عليه، وهو ما حدث بالفعل حين استدعى النبي الشجرة فأقبلت وأمن من كان يرى الحدث بعينه. [1]


الشجرة التي سلّمت على الرسول


الشجرة التي سلمت على الرسول صلى الله عليه وسلم، لها حديث في السيرة النبوية الشريفة يروي قصتها، وهو وعن أنس قال: ((جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس حزينٌ، قد تخضب بالدم من فعل أهل مكة، فقال: يا رسول الله، هل تحبُّ أن نريك آية؟ قال: نعم. فنظر إلى شجرةٍ من ورائه فقال: ادعُ بها. فدعا بها فجاءت فقامت بين يديه، فقال: مرها فلترجع فأمرها فرجعت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حسبي حسبي)) رواه أحمد.


وكما يتضح من الحديث فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان حزين قيل بسبب ما كان يفعله أهل مكة به من أذى، وقيل حيث ما حدث من اهل الطائف حين دعاهم النبي للإسلام، وأخرجوا صبيانهم يؤذوه، وهنا جاء جبريل يسري عن النبي حزنه، وما هو فيه، فكانت تلك القصة التي حدثت مع الشجرة.


الشجرة التي بكت على رسول الله


وتلك قصة أخرى للنبي صلى الله عليه وسلم، مع الشجر، حيث الرسول قد اعتاد على الخطبة بالاستناد على جذع شجرة، ولكن اقترحت عليه امرأة أن يكون له منبر يقف عليه، يصنعه غلام نجار لها، فوافق النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، وبكت الشجرة التي كانت يستند عليها حنين له وحزن على أنه لم يعد يستند عليها.


فعن جابر بن عبدالله – رضي الله عنهما – أن امرأة من الأنصار قالت لرسول الله – صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله، ألا أجعل لك شيئًا تقعد عليه؛ فإن لي غلامًا نجارًا؟ قال: ((إن شئتِ))، قال: فعملَتْ له المنبر، فلمَّا كان

يوم الجمعة

قعد النبي – صلى الله عليه وسلم – على المنبر الذي صنع، فصاحت النخلة التي كان يخطب عندها حتى كادت تنشقُّ، فنزل النبي – صلى الله عليه وسلم – حتى أخذها فضمها إليه فجعلت تئنُّ أنينَ الصبيِّ، الذي يُسكَّتُ حتى استقرَّت، قال: ((بكت على ما كانت تسمع من الذكر)). [2]