مظاهر الاستعفاف في الاسلام
معنى الاستعفاف في الإسلام
يقوم
الإسلام
على قوانين الطبيعة، ولقد خلق الله عالمنا وأعطى الإسلام هدى لنا لنستفيد بشكل صحيح ومثالي من خلقه دون أن يتأذى حيث يوفر لنا الإسلام نظاماً من الأعراف والقيم وقواعد السلوك لحياة صحية ومنتجة وسلمية في هذا
العالم
وذلك لكي نحصل على مغفرة الله ورحمته ورضاه على طول الطريق في حياتنا.
في مجتمعنا العلماني “المتحرر” يبدو أن الناس يجدون صعوبة في رؤية أهمية وملاءمة مختلف الأعراف والقيم الإسلامية مثل العفة والتواضع وبالنسبة لهذا المجتمع تبدو العادات الإسلامية قديمة وغير عملية حيث يرجع هذا جزئياً إلى عدم فهم تعاليم إسلامية محددة ولكن في الغالب يرجع ذلك إلى عدم الفهم الصحيح للهدف العام وفلسفة التعاليم الإسلامية.
نحن نعيش في مجتمع خطر حيث نحتاج إلى تذكير أنفسنا باستمرار بالدور المحوري الذي تلعبه العفة في حياتنا اليومية ومدى تعرضنا للخطر إذا لم نجتهد في حماية عفتنا حيث نسمع ونلاحظ بشكل روتيني مدى خطورة الشرب والقيادة ومع ذلك عندما يتم تحذير الناس من مخاطر الشرب فإنهم فقط يضحكون عليها معتقدين أنه يمكنهم التعامل معها أو أنه لا يمكن أن يحدث لهم أي شيء سيء حيث تتمثل إحدى طرق جذب انتباههم في إظهار الجثث والمركبات المشوهة بعد الحوادث المميتة.
وبالمثل من المفارقات أن الناس الذين يعيشون في هذا المجتمع يرون بشكل روتيني العواقب المدمرة الحتمية للسلوك غير العفيف ومع ذلك فإن معظمهم لا يأخذ العفة على محمل الجد.
أمثلة عن العفة
يوضح تقرير NBC حول آثار السلوك غير المبالي أن الجنس هو ضرورة بيولوجية وضرورة يمكن السيطرة عليها ومع ذلك وفقاً لهذا التقرير بالنسبة للكثيرين فإن الرغبة في ممارسة الجنس هي إدمان حيث يقول عدد متزايد من الخبراء الطبيين أن السلوك الجنسي القهري هو اضطراب حقيقي يقاتله ما يقدر بنحو 16 مليون أمريكي رجال ونساء أو حوالي 5٪ من سكان الولايات المتحدة.
-
وبحسب هذا التقرير فإن هؤلاء المدمنين لا يحصلون على هذا النحو في يوم واحد حيث يبدأون في هذا المسار مع سهولة الوصول إلى المواد الخطرة مثل “المواد الإباحية” في المجلات والأفلام والإنترنت وما إلى ذلك فهم يطورون دافعاً
طبيعي
اً لتمثيل ما يرونه وبالتالي تصبح
الصور
تدريجياً تجارب عملية وبمرور
الوقت
تصبح هذه التجارب إدماناً. - إن هؤلاء الناس يفقدون راحة البال ووظائفهم وعائلاتهم وكرامتهم إنهم يعانون من الأمراض والعار والشعور بالذنب يصبحون خائفين ويصبح الكثير منهم ميولاً إلى الانتحار.
-
حتى لو اعتبرنا مثل هذا الإدمان شذوذاً فإننا نلاحظ بشكل عام كيف يؤدي السلوك غير العفيف إلى عواقب تغير الحياة مثل
الحمل
غير المرغوب فيه ووأد الأطفال في شكل إجهاض أو أطفال مهجورين والزواج المبكر لغير الراغبين وغير المستعدين والأسر المحطمة والوظائف وأحلام محطمة وخزي شخصي وللعائلة والأصدقاء وما إلى ذلك كل هذا يحدث من حولنا للمتدينين والعلمانيين للأغنياء والفقراء للعاديين والأقوياء للبسطاء وللنخبة على حد سواء. - لا عجب في أن الإسلام يولي اهتماماً كبيراً للعفة واهتماماً خاصاً بها حيث يريد الإسلام أن يحمينا من مثل هذه الكوابيس من خلال تحذيرنا حتى من عدم وجود أفكار غير عفيفة وبشكل عام الهدف من التعاليم الإسلامية هو إرشاد البشر وتمكينهم من أن يعيشوا حياة هادفة والهدف النهائي هو الاعتراف بخالقنا وخدمته وعبادته حيث جاء في سورة الذاريات “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ” (الآية:56).[1]
مظاهر الاستعفاف
استعفاف اللسان
قال تعالى في
سورة البقرة
آية 83 “وقولوا للناس حسنا” وكما جاء في حديث شريف عن الاستعفاف عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ حَفِظَ مَا بَيْنَ فُقْمَيْهِ وَفَرْجَهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ.
والقائل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه يعرف أفضل من الجميع ما يضمنه للإنسان وما لا يضمنه فإن قال: يضمن
الجنة
حتماً يعني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفل الجنة لمن وعد أنه سيطر ويضمن عفة ما بين عظمي فكه وما بين رجليه ومن يحفظ هذا الوعد ولا يقولها بناء على رغبته يعدها بناء على أمر أبلغه الله تعالى في الأمر.[2][3]
الاستعفاف في النكاح
قال تعالى في سورة النور الآية 33: “وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ”.
تتطلب عفة المتزوج الأمانة الكاملة للجسد والعقل تجاه الزوج وأن أي لقاءات جنسية أو
رومانسية
مع أي شخص آخر غير الزوج /
الزوجة
ممنوعة ولكن هناك أمور أخرى من شأنها أن تنتهك عفة الزوجية مثل التخيل الجنسي عن أي شخص خارج الزواج والدخول في محادثات غزلي والتلامس غير اللائق مع الآخرين والنظر إلى المواد الإباحية وما إلى ذلك.[4]
عفة البصر
قال تعالى في سورة النور الآية 30 “قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ”.
أنه ضروري على كل مسلم أن يلتزم بغض
البصر
فيه تخليص
القلب
من ألم الحسرة والندم ويجعل القلب نوراً وإشراقاً علاوة على ذلك يقوي العقل ويزيده ويثبته.[6]
الحجاب والعفة
إن قضية “غطاء” الحجاب من الحقائق البديهية للفقه الإسلامي في مجالات متنوعة وواسعة واللفظ المستخدم في هذا المجال هو: السترة والحجاب والعفة وحدود العلاقة بين المرأة والرجل ويحتمل أن يكون المقصود من هذه الكلمات هو منع واحتجاز المرأة داخل المنزل.
قال تعالى في سورة الأحزاب ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ).[5]
الاستعفاف في المال
قال تعالى في سورة
النساء
آية 6: “وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ”.
حيث يقصد بالاستعفاف في المال وهو الابتعاد عن كل ما هو محرم أو جمع المال بأي طريقة محرمة مثل السرقة والنصب وأكل مال اليتيم كما جاء في قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً).[7][8]
منزلة العفة في الشريعة
لتحقيق هذا الغرض يعلمنا الإسلام مجموعة من الأشياء التي يجب عليك تجنبها والتزامانا تجاه الله والبشر وكل من هذه الالتزامات ينبع من
الحب
و
الاستعفاف وأثره على حياة الفرد والمجتمع
.
-
إن
التأمل
السريع في مظاهر نعمة الله ورحمته يثير
حب
اً طبيعياً لله وهذا الحب يسمى التقوى ويتطور هذا الحب بشكل طبيعي إلى محبة خلقه أي البشر لأنه عندما يحب المرء حقاً شخصاً ما يبدأ المرء في حب كل شيء عن هذا الشخص ويكمن نجاحنا في كسب رضا الله من خلال
الوفاء
بهذه الواجبات ومع ذلك فإن الأداء الصحيح لهاتين الفرضيتين يتطلب تقوى العقل ونقاء الطبيعة أي العقل الطاهر والسلوك العفيف. - نلاحظ بشكل عام أنه عندما يلتقي الناس بأحبائهم فإنهم يستعدون جسدياً يغتسلون ويرتدون ملابس جيدة ويرتدون عطوراً عطرية ويبتسمون وباختصار يفعلون كل ما في وسعهم لإبراز مظهرهم الجسدي وجاذبيتهم وبالمثل للوفاء بالتزاماتنا تجاه الله والبشرية نحتاج إلى تعزيز ليس فقط انجذابنا الجسدي ولكن الأخلاقي والروحي جزئياً عن طريق رعاية العقل العفيف والسلوك العفيف.
- فلسفة التعاليم الإسلامية هي التحسين المستمر لشخصيتنا من خلال ضبط النفس والانضباط ولقد وهبنا الله ملكات رائعة ومع ذلك فإن الاستخدام السليم لهذه الأمور في التدبير الصحيح وفي الوقت المناسب هو الذي يحسننا على سبيل المثال الحوافز الجنسية طبيعية وهي في حد ذاتها ليست جيدة ولا سيئة لكن الاستجابة المناسبة لهذه الحوافز جديرة بالتقدير وتفصلنا عن الحيوانات.
- إذا نظرنا إلى التعاليم الإسلامية المختلفة من خلال منظور التقدم الجسدي والأخلاقي والروحي مدى الحياة فإن جميع التعاليم والتوقعات الإسلامية تصبح مهمة وذات صلة.
فوائد العفة
تحتل العفة كفضيلة أخلاقية مكانة عالية جداً في قانون الشريعة الإسلامية التي تحكم العلاقة بين الجنسين ولقد وضع القرآن وصايا شاملة لحمايتها حيث ينظر الإسلام إلى أدنى انتهاك لهذه القوانين باستنكار شديد.
نظراً لإغراء السلوك غير العفيف والميل البشري للسقوط من أجله فقد حث الله الرجال والنساء مراراً وتكراراً على الحفاظ على عفتهم على سبيل المثال يقول الله تعالى في القرآن الكريم:﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيماً﴾ [الأحزاب: 35].[1]