هل تعلم من هو الصحابي الذي لقب بالباحث عن الحقيقة

من هو الصحابي الملقب بالباحث عن الحقيقة

الصحابي الجليل الذي أطلق عليه لقب الباحث عن الحقيقة هو سلمان الفارسي رضي الله عنه[1]، حيث أتى من بلاد فارس من بلد يطلق عليها اسم أصبهان وكان يكنيه الناس باسم أبي عبدالله وكان والده رجلاً مجوسياً يعبد النار، وكان من صفات سلمان أنه رجلاً قوياً، طويل الساقين، كثيف الشعر، قال عنه الذهبي: “كان لبيبًا حازمًا، من عقلاء الرجال وعُبّادهم ونبلائهم”، وقال ابن عساكر: ” هو سلمان ابن الإسلام، أبو عبد الله الفارسي، سابق الفرس إلى الإسلام، صحب النبي – صلى الله عليه وسلم – وخدمه وحدَّث عنه “.[2]

وكانت حياة سلمان الفارسي قبل إسلامه غامضة قليلاً وجاء العديد في حياة سلمان الفارسي بعد إسلامه، وذكر أنه ولد في بلد اسمها رام هرمز وهي قرية في بلاد فارس ، وقال آخرون إنه ولد في بلد جي في ضواحي أصبهان في فارس.

من هو سلمان الفارسي

هو صحابي جليل وهو مولى للرسول صلى الله عليه وسلم، كما أنه أحد رواة الأحاديث النبوية الشريفة، وأول الفرس دخول للإسلام، وكان والده رجل مجوسي يعبد النار ويؤمن بها لكن سلمان -رضي الله عنه- قد رفض هذا الدين ولم يؤمن بتلك العبادة فحبسه والده حتى لا يترك ديانة آبائه و يعتنق ديانة أخرى غيره، ثم أرسله والده إلى أرض زراعية ملكهم حتى يتفقد أحوالها ويقوم بتحضير الفاكهة منها، وذهب سلمان إلى هناك وحينها تعرف سلمان -رضي الله عنه- على بعض المارة المسيحيين فأعجبته عبادتهم وأخلاقهم، فجلس معهم يستمع إليهم فانشرح صدره وقرر

السفر

إلى بلاد الشام حتى يتعرف أكثر على أصول وجذور الديانة المسيحية الذي انشرح صدره لها.

هرب سلمان من والده في قافلة من إحدى القوافل التجارية التي كانت تتجه إلى بلاد الشام حتى يسعى إلى معرفة دين الحق، وعندما وصل إلى بلاد الشام اعتنق الدين المسيحي على يد أحد قساوستهم ورافق سلمان ذلك القسيس حتى توفى، فظل سلمان الفارسي -رضي الله عنه- يبحث في الأرض عن طريق الحق الذي يوصله إلى الله سبحانه وتعالى، حتى قابل قسيس طيب وكان كبيراً على فراش الموت، فأخبره بأن في هذا الزمان سوف يظهر المخلص وقد اقتراب وقت بعثة وسيكون ذلك في منطقة كثيرة النخيل، وستكون من صفات ذلك المخلص أنه لا يقبل

الصدقة

لكنه يقبل الهدية وهناك خاتم النبوة على كتفه وقد ورد هذا في كتابهم التوراة.

وبعد ذلك تابع مسيرته متجهاً إلى المدينة المنورة فاعترض طريقه مجموعة من سكان البادية، وهناك باعوه لليهود في بني قريظة في المدينة المنورة، وعندما هاجر سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى يثرب سمع سلمان بذكر الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام- فأسرع وذهب للتأكد من العلامات والصفات التي سبق وعرفها سلمان عنه صلى الله عليه وسلم.

وعندما تأكد سلمان الفارسي رضي الله عنه من شخص النّبي صلى الله عليه وسلم، فأسرع واعتنق الديانة الإسلامية مع النبي صلى الله عليه وسلم، وعندها ساعده الرسول -عليه السلام- على تحرير نفسه، فجمع الصحابة له أربعين أوقية من الفضة، و زرعوا مع النّبي ثلاثمئة شتلةٍ من النخل مقابل إعتاق وتحرير سلمان رضي الله عنه، وبهذا تحققت رغبة سلمان في إيجاد الحقيقة فكان بذلك هو الصحابي الباحث عن الحقيقة.

وبعد أن أعتق وأصبح حراً واعتنق الإسلام، شهد سلمان بصحبة سيدنا محمد غزوة الخندق، وهو الذي أشار على الرسول بحفر الخندق لكي يحمي المدينة من قريش وشاهد معه أيضاً باقي المشاهد. وبعد وفاة سيدنا محمد، شهد سلمان الفتح الإسلامي لفارس، وتولى إمارة المدائن أثناء فترة خلافة سيدنا عمر بن الخطاب إلى أن توفي في خلافة عثمان بن عفان.[2]

منزلة سلمان الفارسي

عظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من مكانة وقدر سلمان الفارسي، فقد روى أنس بن مالك عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “الجنة تشتاق إلى ثلاثة: علي وعمار وسلمان”، كما روى أنس عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال: “أنا سابق ولد آدم، وسلمان سابق الفُرس”، وفي يوم الأحزاب، لما تحاجج المهاجرون والأنصار في سلمان الفارسي، كل منهم يقول: “منا سلمان”، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “سلمان منا أهل البيت”.

كما أن سلمان كان سببًا في نزول آية: “إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ”، عندما أخبر سلمان سيدنا محمد خبر أصحابه من القسيسين الذين صحبهم قبل إسلامه، فقال: «كانوا يصومون ويصلون، ويشهدون أنك ستبعث». فقال النبي محمد: “يا سلمان، هم من أهل النار”، فاشتد ذلك على سلمان وقال: “لو أدركوك صدقوك و اتبعوك”.

حيث كان الصحابة يُعظّمون قدره، فقد رُوي أنه عندما حضر معاذ بن جبل الموت، قال له أصحابه: “أوصنا” قال: “إن الإيمان والعلم مكانهما، من ابتغاهما وجدهما. قالها ثلاثاً، فالتمسوا العلم عند أربعة: أبي الدرداء وسلمان وابن مسعود وعبد الله بن سلام الذي كان يهوديا فأسلم. فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنه عاشر عشرة في الجنة»، وحين سُئل علي بن أبي طالب عن أصحاب النبي محمد، فقال: «عن أيهم تسألون؟»، قيل: «عن عبد الله»، قال: «عَلِمَ القرآن والسُنّة، ثم انتهى وكفى به علمًا». قالوا: «عمار؟»، قال: «مؤمن نسيّ، فإن ذكرته، ذكر». قالوا: «أبو ذر؟»، قال: «وعى علمًا عجز عنه». قالوا: «أبو موسى؟»، قال: «صُبغ في العلم صبغة، ثم خرج منه». قالوا: «حذيفة؟»، قال: «أعلم أصحاب محمد بالمنافقين». قالوا: «سلمان؟»، قال: «أدرك العلم الأول، والعلم الآخر، بحر لا يدرك قعره، وهو منا أهل البيت». قالوا: «فأنت يا أمير المؤمنين؟»، قال: «كنت إذا سألت أعطيت، وإذا سكت ابتديت» كما أنه حين قدم سلمان على عمر بن الخطاب وهو الخليفة، قال عمر للناس: «اخرجوا بنا نتلق سلمان».

ثبت في جامع الترمذي

رحمه الله

من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ أنه قَالَ: قَالَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرَ اللَّهُ إِنْ تَوَلَّيْنَا اسْتُبْدِلُوا بِنَا ثُمَّ لَمْ يَكُونُوا أَمْثَالَنَا؟ وَكَانَ سَلْمَانُ بِجَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخِذَ سَلْمَانَ وَقَالَ: هَذَا وَأَصْحَابُهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَ الْإِيمَانُ مَنُوطًا بِالثُّرَيَّا لَتَنَاوَلَهُ رِجَالٌ مِنْ فَارِسَ، صحيح البخاري وصحيح مسلم.[3]


ماذا قال الرسول عن سلمان الفارسي

يعتبر الصحابي الجليل سلمان الفارسي رضي الله عنه، من أصحاب النبي الذين وهبهم الله -عز وجل- ما لم يهب غيرهم، ومن الشرف الذي لم يلحق به أحد هو عندما نسبه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لنفسه ولآل بيته، بالرغم من عدم وجود أي صلة قرابة بين سلمان الفارسي وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “سلمان منا أهل البيت”ولكن إسناده ضعيف.[3]

وفاة سلمان الفارسي

توفي الصحابي الجليل سلمان الفارسي -رضي الله عنه- أثناء فترة خلافة الصحابي عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة 33 هجرياً وكان متزوج من امرأة اسمها بُقيرة من قبيلة كندة، وقيل أنه له بنت في أصبهان لها نسل وابنتان في مصر، كما أنه كان من المعمرين وقد رشت زوجته المسك حوله بطلب منه، وتركته وحيداً وعندما عادت إليه كان متوفياً وروحه قد صعدت إلى بارئها، وروي عن موته أنه عندما حضره الموت بكى، فقيل له: “ما يبكيك؟ قال: “عهدٌ عهده إلينا رسول الله قال: (ليكن بلاغُ أحدكم كزاد الراكب).