معنى الصبا والدَّبُور
القول في معاني الصبا والدبور
الصبا والدبور هما نوعان من أنواع
الرياح
التي تتكون من عدة أنواع والصبا والدبور إثنان منها وتحمل أسمائها جهة الهبوب لتلك الرياح سواء من الشمال، أو من الجنوب، وفي التالي توضيح للمعاني في المعجم العربي، والقاموس. [2]
ترد كلمتي الصبا، والدبور في قاموس المعاني على عدة اوجه، والدُبُور في المعجم في المعاني الجامع هو اسم، أما دُبُور فهو فاعل من كلمة دَبَرَ، ودَبور في الاسم، هي الجمع، ودبائِرُ و دُبر، والدَّبور هي الرِيحٌ العاصِفةٌ التي تَهُبُّ من المغرِب، أما في قاموس المعم الوسيط فهي الريح التي تأتي من الغرب، أم
معنى
كلمة صبا، فهي الريح التي تهب من مشرِقِ الشَّمْسِ إذا استوَى الليلُ والنهار.
إذا يتضح مما سبق أن الصبا، والدبور هما نوعان من أنواع الريح مختلفتا الاتجاه، واحدة منهما تأتي من الشرق، والثانية تأتي من الغرب، وقد عرفت تلك الكلمات عند العرب قديما، وبالأخص كان ذكرهم وارد في أحد أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قيل فيهم من أبيات الشعر ما يلي
وقف العرب طويلا عند ريح الصبا فتناولها شعرا ونثرا واهتموا بها أيما اهتمام.. وقبل أن يسترسل في الموضوع نشير إلى أن الرياح قد ورد ذكرها في القرآن الكريم في أكثر من موضع، وفي الحديث الشريف عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها وشر ما أرسلت به) رواه مسلم .
أما عن ما يعرف عند العرب بأمهات الريح فهي أربعة
-
ريح الشمال، وهي التي تعرف فيها انتعاش للروح وبها النسيم .
-
ريح الجنوب وهي الأمطار والأنواء .
-
ريح الصبا وهي التي تلقح الأشجار والسحاب .
-
الدبور وهي ريح العذاب والدمار .
أما عن ريح الصبا فهي الريح التي وصفها العرب باستقبالها للقبلة، واعتبارها ريح لها حنين تجاه قبلة الكعبة، وكأنها تتشوق لها، مما جعلهم يطلقون عليها اسم الصبا، وهي الريح التي تأتي من مطلع الثريا، وتتجه مباشرة إلى
بنات
نعش، وتعرف بالريح الطيبة في نسيمها، وقيل في تلك الريح له دعوة ميمونة ريحها الصبا، بها أنبت الله الحصيد والأباد، وقيل فيها أيضاً إن الصبا ريح إذا تنسمت
على نفس مهموم تجلت همومها. [2]
وباتت رياح الصبا تعرف في بلاد العرب باسم (صبا نجد)، و في الجاهلية والإسلام قالوا عنها رياح أبي عقيل، وهي بذلك نسبة إلى الشاعر العربي لبيد بن ربيعة العامري، وهو واحد من أصحاب المعلقات السبع، وقيل فيها أيضاً :
أرى الجزار يشحذ شفرتيه
إذا هبت رياح أبي عقيل
أشم الأنف أصيد عامري
طويل الباع كالسيف الصقيل
إذا هبت رياح أبي عقيل
دعونا عند هبتها الوليدا
أشم الأنف أصيد عبشميا
أعان على مروءته لبيدا
بأمثال الهضاب كأن ركبا
عليها من بني حسام قعودا
أبا وهب جزاك الله خيرا
نحرناها وأطعمنا الوفودا
فعد إن الكريم له معاد
وظني بابن أروى أن يعودا
حديث الصبا والدبور
هذا الحديث جاء في روايته أنه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا غندر عن شعبة. ح وحدثني محمد بن المثنى وابن بشار. قالا: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن النبي ﷺ ؛ أنه قال: “نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور”.
وهنا أشارة من بعض الكتب التي اعتنت بالتفسير إلى اعتبار أن ما يسمى بريح الصبا هي أنها تلك الريح التي سخرها الله لرسوله سليمان بن داود عليهما السلام وقيل فيها غدوها شهر ورواحها شهر، وهي أيضاً الرياح التي نصر الله بها الرسول صلى الله عليه وسلم في الغزوات التي خاضها، ووردت في قول الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور).
تفسير الصبا والدَّبُور
إن الله سبحانه، وتعالى إنما يرسل تأييده سبحانه للرسل، ويؤيد عباده بما يشاء، وكيفما يشاء، ولذا فقد استأثر الله سبحانه وتعالى بعض المعجزات لبعض من رسله، حتى تكون تلك الهدايات، والمعجزات، ظليل لأقوامهم، وتعضيد النبوة، وإرساء الرسالة، ولهذا القول من الحديث أوجه أعجاز حيث يوضح النبي صلى الله عليه وسلم إن الله قد نصره بالصبا.
أراد الله سبحانه، وتعالى أن تأتي الريح من المشرق، ولذلك واقعة محددة حيث أرسل الله يوم غزوة الخندق أرسل الله سبحانه، وتعالى ريح باردة، أرسلها سبحانه في أحد الليالي على الأحزاب، وهم الذي أرادوا حرب المسلمين، مجتمعين، فجاءت تلك الريح على هؤلاء تدمر خيامهم، وتقلب ما على النار من قدر، وتكفي النار، وتدمر ما لهم، فانهزموا وعادوا بسبب الريح.
وهي معجزة من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم، وواحدة من أفضال الله على عباده المسلمين، كما أنه قال صلى الله عليه وسلم في الحديث مؤكداً على اعتبار الريح سلاح من أسلحة الله، في هزيمة الأحزاب والكفار.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدبور انها الريح التي بها هلكت عاد، خيث ارسل الله عليهم ريح من الغرب، وعلى قوم هود أرسلت كما اتى ذكرها في القرآن الكريم وَأَمَّا عَادࣱ فَأُهۡلِكُوا۟ بِرِیحࣲ صَرۡصَرٍ عَاتِیَةࣲ ٦ سَخَّرَهَا عَلَیۡهِمۡ سَبۡعَ لَیَالࣲ وَثَمَـٰنِیَةَ أَیَّامٍ حُسُومࣰاۖ فَتَرَى ٱلۡقَوۡمَ فِیهَا صَرۡعَىٰ كَأَنَّهُمۡ أَعۡجَازُ نَخۡلٍ خَاوِیَةࣲ ٧ فَهَلۡ تَرَىٰ لَهُم مِّنۢ بَاقِیَةࣲ ٨﴾ سورة الحاقة من 6 إلى 8. [2] ، [1]
أما في تفسير الصبا، فقيل أنها الريح التي تأتي من الظهر إذا أتى الإنسان باتجاه القبلة، والدبور هي الريح التي تأتي من جهة الوجه إذا استقبل الإنسان بوجه القبلة، وهو ما أريد به توضيح أن الريح من عند الله سلاح قد تكون محملة بالعذاب، أو محملة بالرحمة للناس من عند ربهم، حتى يتعظ الناس من ذلك، ويقبلون على الطاعة، ولا يتأثروا بتلك المعجزات، والأمور الكونية إلا بالتعليم والوعظ.
شعر في الصبا
قال لبيد بن ربيعة العامري
سلام به بعثت من أهوى
وان هي باتت بليل السليم
على يد ريح الصبا روح سرت
إلى مقلتي رشا بالصريم
ناشدتك الله نسيم الصبا
أين استقرت بعدنا زينب
لم تسر إلا بشذا عطرها
وإلا فماذا النفس الطيب
تهدي الصبا منها أريجا مثلما
يهدي المحب إلى الحبيب سلاما
فكأنها نفس الحبيب تضوعا
وكأن نفس المحب سقاما
وريح الصبا رقيقة ندية لطيفة
من لم يكن طبعه رقيقا
لم يدر ما لذة الصبا
وقال شاعر أخر في الصبا، وهو البحتري
بَينَ أُفقِ الصَبا وَأُفقِ الدَبورِ
حَسَدٌ أَو تَنافُسٌ في الوَزيرِ
كُلَّما يُسِّرَ الرِكابُ لِأَرضٍ
أوثِرَت دونَ غَيرِها بِالحُبورِ
هِبرِزِيٌّ يُنافِسُ الشَرقَ وَالغَر
بَ سَنا ضَوءٍ وَجهِهِ المُستَنيرِ
وَنَدى كَفِّهِ الَّتي نُسِبَ الجو
دُ إِلَيها تَعاقُبَ اِبنَي سَميرِ
يا أَبا الصَقرِ لا يَرِم ظِلُّ نَعما
ئِكَ يَضفو وَزَندُ عودِكَ يوري
لَم تَزَل مُعوِزَ الشَبيهِ وَفي النا
سِ بَقايا فَضلٍ قَليلِ النَظيرِ
أَنتَ غَيثُ الغُيوثِ يَحيا بِهِ القَو
مُ إِذا أَمحَلوا وَبَحرُ البُحورِ
لا تُضامُنَّ حاجَتي وَأَبو طَلحَةَ مَن
صورُكَ الشَريفُ نَصيري
قَد تَبَرَّعتَ لي بِمالِكَ فَاِشفَع
هُ
بِمالي المَوقوفِ عِندَ بَشيرِ
جُملَةً أَو صُبابَةً يَرتَضيها
سائِرٌ أُهبَةً لِهَذا المَسيرِ
وَقَليلُ النَوالُ يَنفَعُ إِن لَم
تَرَني اليَومَ مَوضِعاً لِلكَثيرِ