من هو كارلو جيسوالدو ؟ ” اشهر مؤلف مادريجال
من هو كارلو جيسوالدو
للعديد من القرون، كان النبيل والملحن الإيطالي كارلو جيسوالدو الذي وُلد في عام 1566م، وتُوفي في عام 1613م، شخصية مفتونة، ومع أن شهرته أتت نتيجة الحياة المضطربة التي عاشها أكثر من المؤلفات الموسيقية الغير تقليدية والصعبة التي تركها وراءه، فإنه من الظاهر
أن الأحداث الأساسية في حياته قد خرجت من رواية قوطية، حيث بدأت في عام 1590م حينما قام بوحشية مع الكثير من المتعاونين بقتل زوجته (ماريا دافالوس) وعشيقها (فابريزيو كارافا)، كما
كان جيسوالدو يتصرف تبعًا لقواعد الانتقام الاجتماعية الأرستقراطية مما جعله لم يتعرض للمقاضاة أبدًا، إذ أدى القتل إلى إحداث ضجة في نابولي،
وخشية الانتقام، قرر جيسوالدو الانسحاب إلى قلعة عائلته في بلدة (جيسوالدو).[1]
وفي عام 1594م تزوج مرة أخرى، وتلك المرة كانت
الزوجة
هي (إليونورا ديستي)، وهي نبيلة في فيرارا، حيث لم يكن ملتزمًا بطريقة خاصة بالزواج، إذ أنه أساء معاملة إليونورا ولم يكن مخلصًا لها، وعادةً ما عاشا منفصلين، بينما فيرارا كانت بمثابة مركزًا مهمًا للموسيقى، وهناك طور سمعته على أنه مؤلف، بالإضافة إلى أن مؤلفاته كانت غالبًا مخصصة من أجل الصوت، وربما عمل مع فرقة فيرارا الشهيرة من النساء المغنيات، (كونشرتو ديلي دون)، ولكن حياته استمرت في هذا الاضطراب، لذلك وصفه حساب معاصر بأنه مكتئب في كل مرة يفعل فيها أي شيء غير متعلق بالموسيقى.[1]
وإلى جانب هذا، فقد لجأ إلى تدابير ليست معتادة حتى يعالج معاناته الجسدية والعقلية، واندمج في ممارسات غامضة مع عشيقته، وطبقًا لما تم ذكره فإن كارلو قام بتوظيف خدمًا ذكورًا، وتمثلت وظيفتهم في مجرد ضربه بشكل يومي، والجدير بالذكر أنه قد عاش السنوات الأخيرة من حياته في حالة من العزلة، ومن الظاهر أن السكان المحليون اعتبروه شخصية شريرة، ومن الممكن أن يكون الشيء الهام في الأمر أنه في لوحة قام جيسوالدو برسمها من أجل كنيسته قبل سنوات قليلة من وفاته، تم تصويره على أنه تائب يقف على حافة المطهر.[1]
موسيقى مادريجال
مادريجال، هي عبارة عن شكل من أشكال موسيقى الحجرة الصوتية التي كان المنشأ الأول لها هو شمال إيطاليا أثناء القرن الرابع عشر، وقد تراجعت واختفت بشكل كامل في القرن الخامس عشر، ومن ثم ازدهرت من جديد خلال القرن السادس عشر، كما أنها حصلت في نهاية الأمر على مكانة دولية في أواخر القرن السادس عشر وبدايات القرن السابع عشر، بمعنى أنها من الموسيقى التي عُرفت في
عصر الباروك
، بالإضافة إلى أن
أصل مصطلح مادريجال ليس مؤكد، ولكنه من الممكن أن يأتي من اللاتينية (ماتريكال) ومعناها (في اللغة الأم) بمعنى الإيطالية، وليس اللاتينية،
يتوقف مادريجال أثناء القرن الرابع عشر على شكل شعري ثابت نسبيًا يتشكل من مقطعين أو ثلاثة مقاطع من ثلاثة أسطر، مع 7 أو 11 مقطعًا في كل سطر.[2]
بينما
من الناحية الموسيقية، عادةً ما تُعين بطريقة متعددة الأصوات، وهو يعني أكثر من جزء صوتي، في جزأين، مع الشكل الموسيقي الذي يقوم بعكس بنية القصيدة،
ويتضمن نموذج مادريجال المتمثل في مقطعين نموذجيين على نموذج (AAB)، إذ يتم غناء كلا المقطعين (AA) إلى ذات الموسيقى، متبوعًا بكودا مكونة من سطر واحد أو سطرين (B)، أو جملة ختامية يقوم نصها بتلخيص المعنى الذي تتضمنه
القصيدة،
إلى جانب ظهور أسلوب جديد من الشعر الغنائي كان له تأثير كبير على المادريجاليين، وقد نتج عنه أعظم ملحن مادريجال في خلال القرن الرابع عشر، وهو (فرانشيسكو لانديني)، حيث
تم العثور على أساتذته، بالإضافة إلى الموسيقيين الذين عاصروه، وهم (جيوفاني دا كاسيا)، (جاكوبو دا بولونيا)، وغيرهم الآخرين في (Squarcialupi Codex)، وهو عبارة عن مخطوطة مضيئة شهيرة.[2]
سمات موسيقى كارلو جيسوالدو
كان اهتمام جيسوالدو الوحيد هو الموسيقى، وقد
تطابقت الكثير من كلماته مع المزاج المظلم الذي امتلكه طوال حياته، إذ ركزت على مواضيع متعددة، مثل الألم، الموت، المعاناة العاطفية، والحب المفقود،
وحينما لم يكن ضمن حالة من الاكتئاب، كان يقوم بدعوة الموسيقيين والشعراء الآخرين من أجل التجمع في أمسية تحتوي على مجموعة من العروض الموسيقية، المحادثات الفكرية، بالإضافة إلى انتقاد عمل بعضهم البعض، حيث
كانت تلك الأنواع من التجمعات الفنية منتشرة في الفترة الأخيرة من عصر النهضة، وكانت تثسمى (cameratas)، وهي عبارة عن كلمة مشتقة من الكلمة اللاتينية التي تعني (غرفة)، وفي إشارة إلى واقع أن الكاميرات كانت بمثابة تجمعات خاصة تمت في غرفة تقع في المنزل،
وليست بغرض الترفيه بشكل عام، والجدير بالذكر أن سمات موسيقى كارلو جيسوالدو لا تختلف كثيرًا عن
سمات عصر الباروك في الموسيقى
.[3]
قتل
جيسوالدو لزوجته
في خلال مرحلة ما أثناء زواجهما، بدأت زوجة كارلو جيسوالدو (ماريا) علاقة غرامية مع نبيل إيطالي آخر، وقد
بدأ جيسوالدو في الشك في أن زوجته كانت ليست مخلصة له، مما جعله يعد فخًا حتى يعرف ما إذا كان سوف يستطيع تأكيد شكوكه، وبالفعل
في 16 أكتوبر 1590م، خرج كارلو جيسوالدو من القصر على اعتبار أنه ذاهب في رحلة صيد، ومن ثم
اختبأ في منزل أحد أقاربه لبضع ساعات، ثم عاد إلى المنزل بشكل سري،
و
ساعده في هذا أحد خدمه، حيث قاموا بإتلاف فتحات المفاتيح الموجودة في أبواب غرفة
النوم
ليمنعوا زوجته من إغلاق الباب بشكل كامل، وبعدها قام
جيسوالدو باقتحام الأبواب، وكانت نتيجة هذا، أنه قبض على زوجته وعشيقها متلبسين بالخيانة الزوجية، وأثناء دخوله
في حالة من الغضب الشديد، أمسك خنجرًا وقام بطعنهم حتى الموت،
ومن ثم بدأ كارلو جيسوالدو في سحب الجثث إلى الخارج حتى يُوضح للمدينة عقوبة الخيانة الزوجية، وقد
قطع حلق (ماريا)، بينما كان جسد عشيقها مليئًا بالجروح.[3]
نُشرت قصة جرائم القتل تلك على أوسع نطاق، ولا يزال يوجد عدد قليل من الإصدارات المثيرة التي تداولها الناس على نطاق واسع مستمرًا،
و
على سبيل المثال، فإن واحدة من الروايات قد ذكرت أن (ماريا) لديها ابن ثان،
ويُذكر أن جيسوالدو قام بفحص ملامح وجه الطفل، ولمجرد قيامه بإجراء هذا الفحص، قرر أن الطفل يشبه عشيق زوجته المتوفاة أكثر مما يشبه هو نفسه، ولذلك قام بتعليق مهد الرضيع في السقف وظل يأرجحه بكل عنف لدرجة أن الطفل قد مات،
وفي حين أنه يكاد تكون تلك القصة خاطئة، إلا أن بعض الناس لازال مستمرًا في الاعتقاد بأن تلك النسخة المعقدة من القصة صحيحة، وأن جيسوالدو قد قام بقتل طفل رضيع لمجرد فحص ملامحه دون التأكد ما إن كان طفله أم لا.[3]