قصة طائر السلوى في القران
طائر السلوى (السمان)
أنزل الله – تبارك وتعالى – القرآن الكريم فيه آياتٌ محكمات ويتضمن الكثير من القَصص التي قصها رب العالمين على نبي الأمة سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم- ليتدارسها ويتعلمها ويتداركها كل مسلمٍ ومسلمة، ويجد العظة فيها، ويستنبط منها ما يُسَيِّر به حياته على النهج الذي يُرضي به ربه – جل وعلا – ومن ضمن تلك القصص ما ورد عن بني إسرائيل عن نبي الله موسى، وقد استفاض قرآننا الكريم في عرض قصصهم من شتى المناحي، فكم أتاهم الله من فضلٍ، وكم بعث فيهم من نبيٍّ، وكيف قابلوا تلك النعم بالجحودِ والنكران.
ومن الجدير بالذكر هنا ما أنزله الله على بني إسرائيل من المنِّ والسلوى، وكثيرًا ما نقرأ في العديد من المواضع بالذكر الحكيم تلك القصة وهذا الفضل، ولكن بعضنا لا يعلم ما أساسها وما الذي يعنيه كلٍ من “المَنِّ، والسلوى”، وهنا نستعرض تلك القصة إثراءًا لمعلومات أحبتنا الكرام، وكي نتعرف على أحد الأفضال التي منَّ الله بها على بني إسرائيل دون غيرهم من الأمم، وما رد فعلهم تجاهها.
السلوى .. نعمة ربانية كفر بها بنو إسرائيل
هناك العديد من المواضع في قرآننا الكريم التي وردت فيها كلمة السلوى، ومن ضمن تلك الآيات في
سورة البقرة
حين قال رب البرية وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ المَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِن كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ” الآية (57)، وبعد أن كُثُرَت التساؤلات حول “ما هو السلوى”، فقد أجمع كبار علماء وأئمة الأمة الإسلامية على أنه طائر أرسله الله – جل في علاه – كرزقٍ لني إسرائيل، كما أشاروا إلى أن ذاك الطائر هو ما يُعرَف بطائر “السمان”.
وباستطراد المفسرون في وصف ذاك الطائر فقد أوضحوا أنه أصغر من الحمام وأكبر من العُصفور، وهو من
الطيور
التي يندر أن يراها الناس، وهذا حَسَبَ هجرته من مكانٍ إلى مكان، إذ أنه يقضي فصل الصيف في القارة الأوروبية، ثم يبدأ في هجرته إلى القارة السمراء “إفريقيا” خاصة في منطقة
البحر
الأبيض المتوسط شتاءًا، وغالبًا ما يقطن الأماكن العشبية والحقول الزراعية.
بدأت قصته مع بني إسرائيل حين خرجوا مع “مِصر” طالبين من نبي الله موسى اللحم، فأنزل الله عليهم “المَنَّ” الذي هو أحلى من مذاق العسل وأبيض من اللبن، ثم اتبعه بإنزال “السلوى”، إذ قال قتادة أن الريح كانت تهب عليهم بطائر السلوى فكان ينزل على مساكنهم فيذبح
الرجل
منه ما يكفي طعامه وطعام بيته دون أدنى تعبٍ أو جهدٍ منه في صيده، وبالرغم من ذلك فقد جحدوا بنعمة ربهم بل وطلبوا أنواعًا أخرى الغذاء، وقالوا لموسى – عليه السلام – “وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا ۖ قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ۚ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ ۗ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ۗ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ۗ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ” الآية (61) سورة البقرة.
فقابلوا نعمة الله وفضله بالملل واستاءوا من تكرارها وبحثوا عن التنوع، فما كان جواب سيدنا موسى – عليه السلام – إلا أن قال لهم أن ينزلوا إلى “مِصر” وسيجدوا فيها كل ما طلبوه وكل ما يشتهون، ثم ازدادوا كفرًا وسخطوا وعصوا الله وخالفوا أوامره، فمنع الله عنهم المن والسلوى وحل بهم غضبه، وكلما أتاهم الله من فضله كلما ازداد كفرهم وجدالهم كما حدث معهم في قصة البقرة وجادلوا الله كثيرًا، وكذلك في قصة أصحاب السبت حين اصطادوا حيتانهم بعد أن منعهم الله وأمرهم ألا يصطادوا في ذاك اليوم، وكان عقابه حينئذ أن جعل منهم القردة والخنازير، وحل عليهم عقابه حين أرسل عليهم الجراد والقمل والدم والضفادع والطوفان وظلوا في طغيانهم واستكبارهم وغفلتهم، وتوالت القصص حول بني إسرائيل بما يُرينا مدى كفرهم وعصيانهم لما أمرهم الله به.[1]
مواضع ذكر طائر السلوى في القرآن الكريم
ذكره الله – سبحانه وتعالى – في ثلاث مواضع فقط بالقرآن الكريم، وجميعهم مرتبط ارتباطًا وثيقًا بقصة بني إسرائيل، وتلك المواضع يمكن حصرها فيما يلي:
- ﴿وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ في سورة البقرة الآية (57).
- ﴿وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ في سورة الأعراف الآية (160).
- ﴿يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الأيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى﴾ في سورة طه الآية (80).
السلوى غذاء كامل يحتوي على البروتين والمعادن
ذَكَر أولوا العلم أن وجه الإعجاز في ذاك الطائر أن الله أنزله على بني إسرائيل وفضَّلَهم به دونًا عن من سواهم، لما فيه من قيمة غذائية عالية للغاية، ويتضح ذلك فيما وصفه الله بقوله “من الطيبات” في كل موضعٍ يأتي فيه ذكر “السلوى”، وبالبحث المطول من علماء وبياطرة الطيور أثبتوا بالفعل ما يلي:
- أن لحم ذاك الطائر يتسم بدهنه البسيط والقليل مقارنةً ببقية الطيور، أي بمعنى آخر أن لحمة قليل الكوليسترول أي صحي، وتناوله مفيد وغير ضار حتى لمرضى القلب.
- يتميز لحمه بأن أنسجته ناعمة للغاية، ولا توجد به ألياف ضمن عضلاته، ومن ثم فيكون مضغه يسير فضلًا عن طعمه المستساغ لكونه لحمًا طريَّا.
- يعد من أنواع اللحم المسمى “مرمرية”، وهو المتسم بتوزيع الحبات الدهنية بطريقة إلهية تضفي لذة على مذاقه وتسهل تسويته.
- يتكون صدر لحم الطائر من المكونات الأتية:
- ماء: بنسبة 73.5%.
- بروتين: بنسبة 20.3%.
- دهون: بنسبة 2.9%.
- رماد: بنسبة 1.9%.
- بعض الأملاح المعدنية الهامة للجسم كعنصر الكالسيوم والزنك والحديد والفوسفور، وذلك فضلًا عن بعض الفيتامينات مثل فيتامين ج، أ، ب.
بالحديث عن بيض السمان أيضًا نجد أنه يمتلك قيمة غذائية عالية، ويدخل في الكثير من الصناعات التي تحتاج إلى بيض ويتسم بالمميزات التالية:
-
يتم استخدامه في الكثير من الأطباق لكونه يضفي مذاق
البيض
البلدي. - قد ظهرت أفضليته لما يحتويه من صفار تزيد نسبته عن البياض على عكس بقية الطيور كالدجاج والبط والإوز والرومي.
- غنيّ بالبروتينات والأملاح المعدنية والفيتامينات أكثر من أي نوع بيض آخر.
- يستخدم كفاتح للشهية، خاصة إذا ما تم تقديمه مسلوقًا.
- أسعار بيض السمان عالية لفوائده العظيمة.
- معدل إنتاج طائر السمان للبيض كبير جدًا، ومن ثم فإنه ينتج الكتاكيت دون عناء، ودون الحاجة إلى شراء طيور أو استيرادها.
- هناك العديد من ألوان البيض بتدريجاته، فنجد أن هناك بيض للسمان لونه أزرق وآخر بنيّ اللون وأبيض وداكن وأبيض منقط باللون الأزرق، ومنها البيض الأسود، وكل تلك الألوان تنتج من اختلاف كمية صبغة الأوروبوفيرين وصبغة البيلفردين، التي بدورها تترسب على قشرة البيضة قبل أن يتم وضعها.[2]