تعريف المذهب النفعي ونظرياته 

مفهوم المذهب النفغي

المذهب النفعي من أهم النظريات الأخلاقية التي أثرت في العصر الحديث ، وهي في الأصل نظرة الفيلسوف الاسكتلندي ديفيد هيوم وكتاباته من منتصف القرن الثامن عشر ، إلا أنه استمد اسمه وبيانه في كتابة فلاسفة الإنجليز جيرمي بينثام  و

جون ستيوارت مل

الذي يتبنى فكرة أن الفعل يكون صحيحاً إن كان يميل إلى تعزيز السعادة والمتعة ، ويكون الفعل خطأ إن كان يميل إلى الألم والتعاسة.

ويتم تعريف المذهب النفعي على أنه نوع من العواقبية ؛ التي تكون عبارة عن العقيدة العامة في الأخلاق القائلة بأن الافعال يتم تقييمها وفقا لعواقبها ، لذلك فإن المذهب النفعي يتعارض مع غيره من المذاهب العواقبية مثل

الأنانية الأخلاقية

؛ القائل بأن الفرد ي

حب

أن يسعى خلف مصلحته الشخصية وإن كان على حساب غيره ، كما تختلف النفعية عن النظريات والمذاهب التي تتبنى فكرة أن الفعل إن كان صوابا او خطأ يعتمد على دافع الفاعل فقط.

وينص المذهب النفعي على وجوب مراعاة مصالح كل الافراد مع مراعاة المساواة عند اتخاذ القرار ، متضمنا مصالح الأنواع الأخرى القادرة على المعاناة ، لذا فبالنسبة لأي من الاختيارات المتاحة يرى المذهب النفعي أن الاختيار الاكثر أخلاقية ، هو الذي ينتج عنه افضل توازن بين الفائدة والضرر لأغلب أصحاب المصلحة ، حيث يمكن تحديد النتائج بشكل مميز من خلال الرضا والمهانة ، والمكاسب النقدية او الخسارة ، والقيمة النسبية للتفضيلات الفردية ، او اثار الفعل طويلة الأجل ، او قصيرة الأجل.

ويعمل المذهب النفعي على تقييم الفعل من حيث نتائجه وعواقبه ؛ ب

معنى

اوضح من حيث صافي الفوائد والتكاليف لأصحاب المصلحة ككل على المستوى الفردي ، حيث يسعى المذهب النفعي إلى تحقيق أكبر فائدة لأكبر عدد مع مراعاة منع أكبر قدر من الألم والضرر.[1]

مبادئ المذهب النفعي

تعتبر مبادئ المذهب النفعي الثلاثة بمثابة بديهيات أساسية له ، وهي كما سنوضحها فيما يلي : [1]

  • المتعة والسعادة الشيء الوحيد ذو القيمة الجوهرية

فبالرغم من أن المذهب النفعي يستمد اسمه من كلمة ” المنفعة ” ، إلا أنه لا يعني هنا الاستفادة ، وانما يعني اللذة والسعادة ، فالعالم الذي يمتلك السعادة كقيمة جوهرية ، قام باختيارها فهو في حد ذاته جيد ، والتناقض القيمة الجوهرية مع القيمة الالية التي يمتلكها شيء يكون وسيلة لتحقيق غاية معينة ، مثالا على ذلك ؛ المنشار ، يكون له قيمة مفيدة عند النجار ولكن لا يتم تقديره لذاته بل لما يمكنه فعله.

يقر جون ستيوارت ميل بأن الشخص يقوم بتقدير بعض الاشياء مثل ، الصحة والجمال والمعرفة لمصلحته ، بخلاف المتعة والسعادة ، ويجادل ميل بأن الشخص لا يقوم بتقدير اي شيء ابدا ما لم يتم ربطه بطريقة ما بالسعادة او المتعة ، وبالتالي فإننا نقدر الجمال لأن من الممتع رؤيته ، ونقدر المعرفة لأنها عادة مفيدة لنا في التأقلم مع

العالم

، وبالتالي فهي مرتبطة بالسعادة ، ونقدر الحب والصداقة لأنهما مصدران للسعادة.

  • الأفعال صحيحة بقدر ما تعزز السعادة وهادئة بقدر ما تنتج التعاسة

يجعل هذا المبدأ من المذهب النفعي شكل من أشكال العواقبية ، حيث يقول إن اخلاق الفعل تحدده عواقب الفعل ؛ فكلما زادت السعادة بين المتأثرين بالفعل كان الفعل افضل فعلى سبيل المثال ، فإن إنقاذ حياة شخصين يكون افضل من إنقاذ حياة شخص واحد.

عند النظر لهذا المبدأ ، من الممكن أن نجده مقبولا بشكل كبير ، لكن هناك من يجده مثيرا للجدل حيث أن هناك رأي يقول إن ما يقرر اخلاقية العمل يكون الدافع وراء فعله ، فمن يقدم مبلغ مالي كبير للجمعيات الخيرية طمعا في الشكل أمام الناس ، فان ما فعله لا يستحق الشكر والثناء ، ولكن من قدم مبلغ مالي وإن كان بسيطا لجمعيات خيرية بدافع الرحمة والوجب ، فهذا من يستحق الثناء.

  • سعادة الجميع ذات أهمية متساوية

قبل مائتي عام كان الرأي الشائع هو ؛ أن بعض الأفراد وسعادتهم كانت أكثر قيمة وأهمية من الغير ، ورفاهية الملك كانت أهم من رفاهية الفلاح ، لذلك كان مبدأ بينثام هو المساواة ويكمن وراء الدعوات الموجهة للحكومة من أجل تبني سياسات تفيد المجتمع بالمساواة وليس فقط النخبة الحاكمة.

وهذا ما يجعل المذهب النفعي بعيدا عن أي نوع من الأنانية ، فالعقيدة تقول إن سعادة الفرد هي سعادة شخص واحد لا تحمل أي وزن خاص ، وليس أنه يجب أن يسعى الشخص جاهدا من أجل تحقيق أقصى قدر من السعادة.

نظريات المذهب النفعي

النفعية السلبية لكارل بوبر

وهذه النظرية تدفعنا إلى تعزيز أقل قدر من المعاناة لأكبر عدد من الناس ، وهنا تعارض مع نظريات النفعية الأخرى المستندة إلى قاعدة ؛ تعزيز أكبر قدر من المتعة لأكبر عدد من الناس.

وما يبرر المذهب النفعي السلبي هو أن الضرر يكون أكبر المتعة ، وبالتالي يجب أن تكون ذات تأثير كبير على اتخاذ القرار الاخلاقي ، وتم الجدال بين النقاد حول أن الهدف من هذه النظرية هو التسبب في اسرع الطرق واقلها ايلاما لقتل جميع البشرة ، فبعد موت الجميع أن يكون هناك المزيد من المعاناة للبشرية ، الأمر الذي يضمن وجود أقل قدر من الألم في العالم.

وكانت الحجة المضادة لهذا الجدال هي أنه يجب إعطاء الأولوية الاستياء على المتعة ، ولكن هذا يسبب مشكلة مقدار المتعة وكيف يمكن تحديد أي منها ، كما أن على الرغم من أن الألم أهم من اللذة ، فإن الموت أكثر تبعية من الألم.

النفعية الواعية

وفي هذه النظرية نجد أن النفعية تعطي اعتبارا متساويا للكائنات الحية جميعها ، وليس البشر على وجه الخصوص ، لذا يمكن دمج هذه النظرية النفعية مع غيرها من النظريات ، والكائنات الواعية هي تلك التي تعتبر واعية وتشعر بالألم ، وبالتالي ، سيتم إيلاء اعتبار متساوٍ للقرود العليا وال

كلاب

والقطط والحيوانات الأخرى.

ويتجادل النقاد لنظرية النفعية الواعية حول أن احتياجات البشر تكون أكثر أهمية من احتياجات الحيوانات الأخرى بسبب أن البشر أكثر ذكاء منهم ، وبسبب ذكاؤهم يتم جلب السعادة للجميع ، وجاءت الحجة المضادة لهذا الفكر هو أنه وفقا له ، سوف ينطبق ذلك على البشر وسيتم تصنيف احتياجات البشر وفقا لذكائهم.

النفعية الدافعة

تتضمن هذه النظرية الدوافع التي تدفع الناس بأفعالهم ، وتأخذ بعين الاعتبار الحالة النفسية للإنسان عند القيام بالأفعال أو الرغبة في أدائها ، وتعطي وزنا لها عند تقرير ما إن كان الفعل صحيح أم خاطئ من الناحية الأخلاقية ؛ فإن كان من المعروف أن شخصا ما يقوم بعمل يبدو جيد بدوافع غير أخلاقية ، فقد يُعتبر هذا الإجراء غير أخلاقي عند استخدام النفعية الدافعة.