هل تعلم ” من القائل سلام قوم منكرون ؟ “
من القائل ” سلام قوم منكرون “
نبي الله ابراهيم هو القائل سلام قوم منكرون ، اما عن سبب تلك المقولة ، فهو عندما زارته الملائكة عليه السلام لتبشره بغلام وهو اسحاق عليه السلام من السيدة سارة ومن بعده يعقوب نبي الله .
قال نبي الله ابراهيم عليه السلام ” سلام قوم منكرون ” عندما دخلت عليه الملائكة وقالوا له السلام عليكم ، فكان رد ابراهيم سلام قوم منكرون ، ومعنى تلك الجملة انه عليه السلام يرد التحية بالسلام ولكنه لا يعرف هؤلاء القوم فهم منكرون بالنسبة له .
تفسير و معنى ” سلام قوم منكرون “
تعددت التفاسير في تلك الكلمة ” قوم منكرون ” فمن بعض التفسيرات التي فسرت تلك الآية : [1]
هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ضَيۡفِ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ إِذۡ دَخَلُواْ عَلَيۡهِ فَقَالُواْ سَلَٰمٗاۖ قَالَ سَلَٰمٞ قَوۡمٞ مُّنكَرُونَ فَرَاغَ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ فَجَآءَ بِعِجۡلٖ سَمِينٖ فَقَرَّبَهُۥٓ إِلَيۡهِمۡ قَالَ أَلَا تَأۡكُلُونَ فَأَوۡجَسَ مِنۡهُمۡ خِيفَةٗۖ قَالُواْ لَا تَخَفۡۖ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَٰمٍ عَلِيمٖ فَأَقۡبَلَتِ ٱمۡرَأَتُهُۥ فِي صَرَّةٖ فَصَكَّتۡ وَجۡهَهَا وَقَالَتۡ عَجُوزٌ عَقِيمٞ قَالُواْ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡعَلِيمُ
بحسب التفسير الميسر فإن قول ابراهيم ” سلام قوم منكرون ” هو بمعنى انه رد السلام ولكن القوم غرباء عنه لا يعرفهم .
بحسب تفسري السعدي فإن قول ابراهيم عليه السلام ” سلام قوم منكرون ” هو بمعنى انه يريد ان بتعرف عليهم ولم يعرف انهم ملائكة الا بعد فترة من الحديث معهم .
بحسب تفسير الوسيط فإن قول ابراهيم ” سلام قوم منكرون ” هو تعريف لحاله الذي يقول بأن اولئك القوم لهم هيئة وشكل غير المتعارف عليهم وشكلهم وحالهم غير حال الناس العادية ، وهو ما دفعه لقول انتم قوم منكرون مستنكرا لرغبته في تعريفهم انفسهم له ، وفي رأي آخر انه قال تلك الجملة في نفسه وهم من قاموا بتعريف نفسهم بعد ذلك ، اما في تفسير قول سلام بالرفع ليبين حال الدوام على مسألة السلام والتأكيد عن طريق الجملة الاسمية .
اما عند البغوي فإن قول ” سلام قوم منكرون ” فهو دليل على استنكار سيدنا ابراهيم لهؤلاء القوم فهم دخلوا عليه فجأة وبدون اذن .
اما عند ابو العالية فذلك القول هو يبرهن استنكار ابراهيم عليه السلام بسبب قول السلام في هذه الارض وفي ذلك الوقت من الزمان ، او انكرهم بمعنى خافهم فمن خاف من الشيء استنكره.
وعند ابن كثير في تفسيره فإن قول ابراهيم عليه السلام ” سلام ” بالرفع كرد على قولهم ” سلاما ” بالنصب ، فإن رد ابراهيم اقوى وابلغ ، وذلك تطبيقا لقوله تبارك وتعالى ” فإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها ” ، وان ابراهيم عليه السلام في تلك الحالة اختار ان يحيي بالافضل ؛ وهو حالة الرفع لأنها اقوى وابلغ .
اما تفسير ابن كثير في قول ” قوم منكرون ” فهو يفسر ان الثلاثة ملائكة اسرافيل وميكائيل وجبريل قد ظهروا له بشكل شبب حسنة المظهر وتعلوهم مهابة عظيمة ، وهو ما جعل ابراهيم يشعر بأنهم منكرون بالنسبة له .
اما عند القرطبي فإن قول ” سلام قوم منكرون ” هو استنكار ابراهيم من اشكال القوم الذين لا يشبهون البشر ولا حتى الملائكة كما عرفهم ابراهيم عليه السلام من قبل .
القصة وراء قول ” سلام قوم منكرون “
القصة وراء قول ” سلام قوم منكرون ” ؛ عندما أتت الملائكة لسيدنا ابراهيم عليه السلام اسرافيل وميكائيل وجبريل الى سيدنا ابراهيم فدخلوا عليه وقوالو سلام عليك يا ابراهيم ، فقال الخليل حينها سلام عليكم ولكنكم قوم غير معروفين .
عرف عن سيدنا ابراهيم انه كان يكرم ضيوفه فما منه إلا ان رحب بضيوفه وامر بذبح عجل سمين لهم ، ولكن ما حدث اخاف سيدنا ابراهيم عندما لم يقترب الضيوف من الطعام ، وكان من عادة العرب قديما انهم لا يأكلوا عند بيت يضمروا الشر لأهله ، وهذا ما اخاف ابراهيم حينها .
اما عن السبب وراء زيارة الملائكة لسيدنا ابراهيم انه اتوه ليبشروه بغلام وهو سيدنا اسحاق ومن بعد اسحاق يعقوب ، ولما سمعت السيدة سارة كلامهم انهارت وقالت انها عجوز عقيم فكيف تنجب ، ولكنهم اخبروه ان الله يكافئ ابراهيم بسبب تنفيذه لأمره عندما قرر ان يذبح اسماعيل امتثالا لاوامر الله عز وجل ، وكانت مكافأة ربنا عز وجل لابراهيم ان جعله في نسله النبوة . [2]
كما أخبروه انهم اتوا ليعذبوا اهل قرية سيدنا لوط عليه السلام ، وان من اهله من ينجوا معه الا امرأته فقد كفرت مثل باقي القوم ، وعندما تذكر ابراهيم عليه السلام سيدنا لوط ابن عمه فكيف سيعذبهم الله وحاول ان يستغفر لهم ، ولكن الملائكة أخبرته بألا يجادل في اوامر الله فهي نافذة لا محال .
” هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ضَيۡفِ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ إِذۡ دَخَلُواْ عَلَيۡهِ فَقَالُواْ سَلَٰمٗاۖ قَالَ سَلَٰمٞ قَوۡمٞ مُّنكَرُونَ فَرَاغَ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ فَجَآءَ بِعِجۡلٖ سَمِينٖ فَقَرَّبَهُۥٓ إِلَيۡهِمۡ قَالَ أَلَا تَأۡكُلُونَ فَأَوۡجَسَ مِنۡهُمۡ خِيفَةٗۖ قَالُواْ لَا تَخَفۡۖ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَٰمٍ عَلِيمٖ فَأَقۡبَلَتِ ٱمۡرَأَتُهُۥ فِي صَرَّةٖ فَصَكَّتۡ وَجۡهَهَا وَقَالَتۡ عَجُوزٌ عَقِيمٞ قَالُواْ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡعَلِيمُ قَالَ فَمَا خَطۡبُكُمۡ أَيُّهَا ٱلۡمُرۡسَلُونَ قَالُوٓاْ إِنَّآ أُرۡسِلۡنَآ إِلَىٰ قَوۡمٖ مُّجۡرِمِينَ لِنُرۡسِلَ عَلَيۡهِمۡ حِجَارَةٗ مِّن طِينٖ مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلۡمُسۡرِفِينَ فَأَخۡرَجۡنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ فَمَا وَجَدۡنَا فِيهَا غَيۡرَ بَيۡتٖ مِّنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ وَتَرَكۡنَا فِيهَآ ءَايَةٗ لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ ” [3]
اعراب ” سلام قوم منكرون “
” سَلَٰمٞ قَوۡمٞ مُّنكَرُونَ “
- سلام : خبر لمبتدأ محذوف تقديره سلامي
- قوم : خبر مبتدأ محذوف تقديره انتم
- منكرون : صفة منصوبة
الاعجاز اللغوي في ” سلام قوم منكرون “
عند النظر الى قوله تعالى ” إِذۡ دَخَلُواْ عَلَيۡهِ فَقَالُواْ سَلَٰمٗاۖ قَالَ سَلَٰمٞ قَوۡمٞ مُّنكَرُونَ ” ؛ فقد يكون من الطبيعي ان نسأل انفسا لما قال الملائكة سلاما ولم يقولوا سلام بالضم ، وكذلك في قول سيدنا ابراهيم لما قال سلام بالضم ولم يقل سلاما بالنصب مثل قول الملائكة ؟
عندما قال الملائكة ” سلاما ” بالفتح فإن ذلك يدل على ان سلام الملائكة حدث من جملة فعلية ، وهو يعني ان سلام الملائكة حدث وانتهى بانتهاء دخولهم على سيدنا ابراهيم .
اما في قول سيدنا ابراهيم ” سلام ” بالرفع : فسلام هنا هو خبر مرفوع لمبتدأ تقديره سلامي ” اي سلام سيدنا ابراهيم ، فنجدها ” سلامي سلام ” ، والجملة الاسمية تدل على الثبات والديمومة ، فالسلام هنا هو حال سيدنا ابراهيم وصفته فهو السلام فيه على الدوام ، وهو ما يؤكد ايضا ان الخليل حياهم بتحية احسن ما حيوه منها . [2]