الفرق بين النص والخاطرة بالأمثلة
الفرق بين النص والخاطرة
تعريف الخاطرة
الخاطرة قطعة نثرية يستقيها كاتبها من موارد متنوعة ليؤلف بينها، وهي إطار يضم أفكارًا متنوعة ضمت بعضها إلى بعض لتصبح كيانًا جديدًا، يستمد قوته من الصدق، وعدم التكلف وهذه الصفات من
خصائص الخاطرة
.
تعريف النص
“نص نثري، محدود الطول، يدور حول موضوع معين، تظهر فيه شخصية الكاتب، وله مقومات فنية تتمثل في: المقدمة، والعرض، والخاتمة”.
أنواع النصوص
- نص الأدبي
- نص السياسي
- نص العلمي
- نص الاجتماعي
الاختلاف بين النص والخاطرة
وتصنف الخاطرة ضمن النصوص النثرية وذلك بسبب تشابهها مع المقالة الأدبية، تبعدها عن النص الشعري النثري لعدم احتوائها على موسيقى داخلية، فهي تعبِّر عن فكرةٍ أو إحساسٍ معين يجول بخاطرِ كاتبها، فيصيغها بكلمات تعتمد على المحسنات البديعية، فمن الكتَّاب من يقوم بكتابة نصِّهِ النثري أو الخاطرة موزَّعة على أسطر تطول وتقصر بحسب الموقف، مع ضبط علامات التنقيط وضبط مواقعها الحقيقية.
وهناك نوعان من العمل الأدبي نطلق عليهما لفظ «المقالة» وهما يتشابهان في الظاهر ويختلفان في الحقيقة، فاحداهما انفعالية والأخرى تقريرية، ولعل من الأنسب أن نفرق بينهما في الاسم بدل أن نفرق بينهما في الوصف، فنقصر لفظ «المقالة» على النوع الثاني، ونسمي النوع الأول «خاطرة».
الخاطرة في النثر تقابل القصيدة الغنائية في الشعر، وتؤدي وظيفتها في عرض التجارب الشعورية التي تناسبها، فالقصيدة الغنائية مجرد تعبير في صورة موحية عن تجربة شعورية، بلغت من الامتياز حدا خاصا، والشاعر في هذه الحالة لا يفعل أكثر من الانسياب مع أحاسيسه وانفعالاته بهذه التجربة المعينة، وتجميع المشاعر المتناثرة حول هذه التجربة، والاهتداء إلى الصورة اللفظية التي تنفق بإيقاعها وظلالها ومعانيها مع الجو الشعوري الذي يخالجه، وكثير من هذا يتم بعيدا عن الوعي في حالات معينة، حتى ليبدو كأنه إلهام من مصدر مجهول.
وحقيقة أنه لا بد من قسط من الوعي في عملية الخلق الفني، ولكن هذا القسط يزيد وينقص حسب نوع التجربة وقوتها، وحسب طبيعة الشاعر وموهبته، إلا أن السمة البارزة في القصيدة هي انسياب الشاعر مع خواطره وأحاسيسه حتى تصل إلى التركيز الواعي في الأداء اللفظي، وقلما توجد الفكرة الواعية سلفا قبل أن تجول في نفسه خواطر مبهمة، وأحاسيس منسابة، إلا في شعر الفكرة.
كل هذه السمات يمكن أن تنطبق عند
كتابة خاطرة
في عالم النثر، مع استثناء واحد هو الوزن والقافية، وكثيرا ما يوجد لون من الإيقاع فيها يقابل الوزن، ونوع من التوافق في المقاطع يقابل القافية، لأن طبيعة التجارب التي تعالجها لا تستغني عن قسط نوى من الإيقاع والتنغيم .
أما النص النثري “المقالة” فهي فكرة قبل كل شيء وموضوع، فكرة واعية، وموضوع معين يحتوي قضية يراد بحثها، قضية تجمع عناصرها وترتبها، بحيث تؤدي إلى نتيجة معينة وغاية مرسومة من أول الأمر، وليس الانفعال الوجداني هو غايتها ولكنه الاقتناع الفكري.
أمثلة للنص والخاطرة
الصخور لميخائيل نعيمة
« بيني وبين الصخور مودة ما أستطيع تفسيرها، ولا تحديد الزمان الذي نشأت فيه، ولكني أحسها عميقة وثيقة، بعيدة الغور والقرار، فلعلها تعود إلى يوم كنت طينة في يد الله .
وكأن النسمة التي جعلت من الطينة إنسانا ما كانت لتزيد تلك المودة غير تأصل وجمال ونقاوة، حتى أنها لتبلغ بي في بعض الأحايين درجة الهيام.
فإذا ما انحجبت عن الصخور، أو انحجبت عني، ثم أتيح لي أن أعثر على واحد منها أينما كان، ومهما يكن شكله أو حجمه أو لونه، أحسست جدلا في دمي، وبهجة في عيني، ودوافع في مفاصلي تدفعني إليه، فإذا تمكنت من لمسه لمسته برفق ولهفة ومحبة، وإلا اكتفيت بما ترشفه عيني من رحيق أنسه وهدوئه ورزانته ومودته.
ولا شك عندي في أن القدرة التي لا تمسك عن كل ذي حاجة حاجته إذا كان في قضائها خير للحاجة والمحتاج، كانت رفيقة بي وسخية على إلى أبعد حدود…»
الحروف النارية لجبران خليل جبران
« أهكذا تمر الليالي؟ أهكذا تندثر تحت أقدام الدهر؟ أهكذا تطوينا الأجيال ولا تحفظ لنا سوى اسم تخطه على صحفها بماء بدلا من المداد! أينطفئ هذا النور وتزول هذه المحبة وتضمحل هذه الأماني؟
أيهدم الموت كل مانبنيه، ويذرى الهواء كل ما نقوله، ويخفي الظل كل ما نفعله؟
أهذه هي الحياة؟ هل هي ماض قد زال واختفت آثاره، وحاضر يركض لاحقا بالماضي، ومستقبل لا معنى له إلا إذا ما مر وصار حاضرا أو ماضيا؟
أهكذا يكون الإنسان مثل زبد البحر يطفو دقيقة على وجه الماء ثم تمر نسيمات
الهواء فتطفئه ويصبح كأنه لم يكن.
لا لعمري، فحقيقة الحياة حياة. حياة لم يكن ابتداؤها في الرحم، ولن يكون منتهاها في اللحد، وما هذه السنوات إلا لحظة من حياة أزلية أبدية….»
واضح أن «ميخائيل نعيمة» و «جبران خليل جبران»، لا يريدان أن يؤديا إلينا فكرة ما، إنما يريدان أن يعرضا علينا (خاطرة شعورية أو عدة خواطر، انفعلت بها أحاسيسهما كما ينفعل الشاعر بإحساس ما فيسترسل معه ويرسمه لنا في صورة لفظية تنساب کانسيابه.
وقد تتضمن فكرة ولكنها ليست ذهنية، وهنا ولا شك اختيار للصور والظلال، ومراعاة للإيقاع، لأن هذه الخواطر أشبه شيء بخواطر الشعر الغنائي، بل هي خواطر شعرية يستطيع النثر المصور أن يستنفدها، ولا يحتاج إلى إيقاع النظم الواضح المقسم، لأن طبيعتها أقل انفعالا بحيث يغني فيها هذا الضرب من التعبير .
أما النص أو المقالة فلها شأن آخر، إنها تشرح فكرة وتجمع لها الأسانيد، وتعتاض عن اللفظ المصور باللفظ المجرد، وتغني فيها المعاني المجردة عن الصور والظلال في معظم الأحوال.
ومثلها هو سائر ما نكتبه من بحوث قصيرة حول مسألة واحدة من المسائل السياسية والاجتماعية أو الفلسفية، فهي بحث قصير
الأدب والمذاهب الهدامة للعقاد
« من العناء الضائع تعريف الأدب على صورة من الصور للاعتراف بنوع من الأدب وإنكار نوع آخر، فما من تعريف سمعناه إلا وهو يسمح لكل أدب أن ينطوي فيه.
يقال مثلا إن الأدب ظاهرة اجتماعية، أو يقال إنه ظاهرة اقتصادية أو ظاهرة بيولوجية أو غير ذلك من الظواهر المختلفة، ولك أن تقول عن ظاهرة من الظواهر أو عنها جميعا: حسن ثم ماذا؟ فلا يسع صاحب التعريف أن ينتهي بك إلى باب مغلق على نوع من أنواع الآداب.
ذلك أن الأدب والحياة لأنه تعبير عنها فلا يستوعبه مذهب ولا يستغرقه أسلوب.
قل مثلا إن الأدب ظاهرة اجتماعية، فماذا في هذا؟
إن المجتمع لا يستنفد أغراضه ومقاصده في أربع وعشرين ساعة، ولا في سبعة أيام، ولا في عام أو بضعة أعوام.
ومن الجائز أن ظاهرة اجتماعية تتحقق خلال خمسين سنة، وتبدا في هذه السنة وكأنها معزولة عن المجتمع أو مناقضة لمصالحه الظاهرة، ولكنها بعد خمسين سنة تؤتي ثمراتها التي لا نعرفها اليوم ولا نعرف سلفا كيف تكون.
وليس أضر بالمجتمع مثلا من قطع النسل، ولكن الكاتب قد يشجع العزوبة في قصة يكتبها، وقد يكون تشجيعه لها احتجاجا على نظام الزواج في المجتمع، وقد يؤتي هذا الاحتجاج ثمرته بعد سنوات، فيصح على هذا الاعتبار أن يكون تشجيع العزوبية ظاهرة اجتماعية ودليلا على مرض اجتماعي يحتاج إلى العلاج…..إلخ »
واضح من طريقة كتابة نص المقال أنه يقوم بعمل تحليل للفكرة، وإضافة دلائل تؤكد فكرته، مع كلمات مجردة خالية من أي لمسات فنية.