مقتطفات رواية فئران أمي حصة واقتباساتها

مقتطفات رواية فئران أمي حصة

“الفئران قادمة احموا الناس من الطاعون” ، ظلت هذه العبارة تتردد كثيرًا داخل روايتنا، لكن هل يقصد سعود تحذيرهم من الطاعون حقًا؟ الفتنة الطائفية هي الطاعون، العنصرية هي الطاعون، وأن يتسائل الأطفال على أي مذهب كان الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وهل الله تعالى سني أم شيعي؟ فهذا هو الطاعون، أن يختلف الأصدقاء على اسم شارع فهذا أيضا طاعون تناول سعود في هذه الرواية المشاكل التي يعاني منها الشرق الأوسط متمثلة في الطاعون، وقد تكون أهمها هي الطائفية، سني، شيعي، مسلم، مسيحي.

ولقد بدأ سعود روايته قائلًا: “

ما عادت الفئران تحومُ حول قفص الدجاجاتِ أسفل السِّدرة وحسب، تسلَّلت إلى البيوت، كنتُ أشمُّ رائحةً ترابية حامضة، لا أعرف مصدرها، إذا ما استلقيتُ على أرائك غرفة الجلوس، ورغم أني لم أشاهد فأرًا داخل البيت قط، فإن أمي حِصَّه تؤكد، كلما أزاحت مساند الأرائك تكشف عن فضلاتٍ بنيةٍ داكنة تقارب حبَّات الرُّز حجما، تقول إنها الفئران، ليس ضروريًا أن تراها لكي تعرف أنها بيننا! أتذكَّر وعدها، أُذكِّرها: متى تقولين لي قصة الفيران الأربعة؟ تفتعل انشغالا بتنظيف المكان، وتجيب: في الليل، يأتي الليل، مثل كلِّ ليل، تنزع طقم أسنانها، تتحدث في ظلام غرفتها، تُمهِّد للقصة: زور ابن الزرزور، إللي عمره ما كذب ولا حلف زور”

تقوم فصول رواية إرث النار الموجوده بداخل  رواية فئران أمي حصة على الربط بين الماضي والحاضر الذي تخيله الكاتب سنة 2020، فتارةً يحدثنا عن ذكرياته في الثمانينيات والتسعينيات فنغوص في الأحداث ونكاد ننسى الجزء الموازي في الرواية، فيعود الكاتب ليأخذنا إليه، ثم يعيدنا ثانيةً للماضي وهكذا.


لا يمتلك البطل الرواية اسم، الذي لُقب بالكتكوت، ولكنه شخص بلا أوصاف، ويشبهنا تمامًا، وبإمكان أيًا منا وضع نفسه في إطار البطل، وهو الراوي لرواية إرث النار الراوي، والذي تحول في الفأر الثاني من الكتاب الفصل الثاني إلى مخاطبة نفسه وقص قصتها عليه.


في رواية إرث النار يبدأ الكاتب بوصف الحالة الكويتية قبل الغزو، وتأثيرات حل المجلس وتفجيرات المقاهي والحرب العراقية الإيرانية، وكيف كانت الطائفية مولودة ذاك الوقت، وتمثلت هذه الطائفية في شخصيتين مثلنا تمامًا، و


هي موجودة في داخل كل فرد منا، تظهر متى أوشكنا أن نتفق، وهذان الشخصيتان هم صالح وعباس، والذي أسر أحدهما وهو يبحث عن الأسير الآخر بعد أن تجاوزت بهم الوطنية حدود المذهبية، ولقد أجاد الكاتب الوصف في حدود البيت الداخلي والحارة أثناء الغزو، ومتعنا بتفاصيل رائعة مثل أسطورة الزعتر وفئران فؤادة عبدالعزيز وصندوق تبرعات من يمسح دمعة هذا المسكين وكيف أصبحت العراق وكل ما يرتبط بها سُبة بعد التحرير، ثم أسهب الكاتب في وصف علاقة السني بالشيعي قبل الغزو وأثناءه وبعده، حيث عادت كما كانت قبل الغزو بل وأكثر، ما دعى الأصدقاء الخمسة لتشكيل رابطتهم لحماية الناس من الطاعون، والتحذير من الفئران الأتية.

تتناول الرواية حكاية مجموعة من الأصدقاء، الراوي والذي لا نعرفه اسمه أو مذهبه، وفهد سني المذهب وصادق شيعي المذهب، ثم ينضم أيوب وضاوي، وتبدأ الخلافات منذ الطفولة، أي منا على حق؟ ولقد تزامنت طفولتهم مع حرب الخليج الأولى ثم الغزو العراقي للكويت، فتنعكس أبعاد الحرب على علاقة الاصدقاء وعائلاتهم، ولعل هذا هو السبب الذي دفعهم لتأسيس جماعة أولاد فؤادة، والتي هي بصيص الأمل في الظلام، والنور في آخر النفق، وشعلة الحق التي ستقضي على الفتنة والخلاف، ولكن هل سيحدث هذا يا تُرى ؟ هل يستطيع المثقفون سحب الأمة إلى بر الأمان ؟ إلى الوفاق والتآخي وإخماد نار التعصب والفتنة؟

اقتباسات من رواية فئران أمي حصة

تعتبر هذه الرواية ذاخرة وفيرة بالاقتباسات الملحمية المؤثرة إليك بعضٍ منها:

  • أنتم لا تبكون موتاكم، أنتم تبكونكم بعدهم، تبكون ما أخذوه برحيلهم، يخلفونكم بلا جدار تتكئون عليه، وأمك حِصَّة جدارٌ، رغم تصدعاته، كان متأكم الآمن، ترك غيابها غصة في حلوقكم، لا أنتم قادرون على لفظها ولا على ابتلاعها.
  • كنا نستنشق كراهيتنا كما الهواء، لا مفر منها، صار كل شئ بين الـ هم والـ نحن.
  • كبرتُ قليلا وانشغلت بأسئلة ممنوعة، ربما لم أكن في حاجة إلى إجاباتٍ لها بقدر ما كنت في حاجة إلى لفظ السؤال والتحرُّر منه، أو الشعور بتفاهته من خلال ردَ المسؤول.
  • يقول كلاهما، وكلاهما لم يتّفق يومًا على رؤية هلال رمضان وبدء الصيام في يومٍ واحد، كلاهما لم يهنئ الآخر أول يوم عيد، لأن لكليهما يوم عيدٍ أول لا يوافق يوم الآخر، كلاهما لم يتّفق على موعد صلاة، على نسبة زكاة، على دفن موتاهم في مقبرة واحدة، كلاهما لم يتّفق على شيئ سوى تجنُّبنتا اليوم، كلاهما يتفق، مرة أولى، ضد من بُحّت حناجرهم ينادون بكلمة سواء !
  • أنت لم تعرف أنها لا تأتي فرادى، في يومكم ذاك وحسب اكتشفت أن المصائب إن أقبلت، أقبلت تمسك إحداها بيد الأخرى، إلى حد تجهل فيه علام تبكي.
  • ما بال سدودك اليوم واهية تقرضها الفئران؟ تكشف عن قوم يقتاتون كل شئ فيك، حتى إذا فرغوا منك صار واحدهم يقتات على الآخر! حالك اليوم تشبه ما قالته لي أمي حصة صغيرًا: يخرج من بطنك دود ياكلك! هي قيامتك اليوم أزف أوانها، وها أنا اليوم أكتبك خوفا منك عليك، لا أجيد شيئا بكتابتي إلا فرارا منك إليك؛ لأن لا مكان لي سواك، ولأنني رغم كل الخيبات فيك، لا أنوي إلا أن أموت فيك.


ملخص رواية فئران أمي حصة


تبدأ الرواية من مشهد من نهاية الرواية، ثم يعود ليتحدث عن طفولة أبطال الرواية في عام 1979 حين كانت لهم حياة، حين كان شرر الطائفية والعنصرية صغيرًا مثلهم وبدأ يكبر معهم دون أن يشعروا، حين كانت القضية الفلسطينية والوحدة العربية هي ما يشغل القلوب والعقول بعيدًا عن المسميات العرقية والمذهبية، لظت النار بعد حرب الخليج الثانية، أم المعارك الخالدة، الحرب العراقية الكويتية، وتختلف المسميات ولكن الجريمة واحدة، تستعر النار بوفاة الجدة حصة وتبدأ البركة تغادرنا تدريجيًا تلحقها الجدة زينب تاركة يومنا لصالح وعباس، أباء اليوم مورثين الحقد والتفرقة للأجيال اللاحقة.


تتناولُ الرواية الفتنة الطائفية والصـراع السنيّ الشيعيّ في الكويت،


تدورُ الأحداث في زمنين مختلفين، الأول عام 2020 وهو


العام الافتراضي الذي وقعت به الحرب الأهلية في الكويت،


والتي عمّت فيه الفوضى أرجاء البلاد، وبين الأعوام 1985-2017 الذي


وقعت فيهما الكثير من الأحداث، وأهمها الغزو العراقي للكويت.[1]

نبذة عن الكاتب سعود السنعوسي

ينتسب الكاتب سعود السنعوسي إلى جيل من الروائيين الذين يطمحون دون أن يكشفوا عن ذلك، يطمحون إلى إعادة ميراث الكتابة الملحمية الكلاسيكية، كما تجلت لدى علمها الأبرز دويستوفسكي، ونظيريه العربيين نجيب محفوظ، وكذلك عبد الرحمن منيف الذي أرّخ لحقبة مدن الملح في الخليج العربي.

سعود السنعوسي هو كاتب شاب يبلغ من العمر 35 عامًا فاز بجائزة البوكر العالمية للرواية العربية عن روايته الشهيرة ساق البامبو والتي تطرح سؤال رعب الهوية من خلال قصّها حكاية شاب ولد لأب كويتي من أسرة عريقة، وأم فلبينية، لتتوزع الرواية على هذين الشخصين المتلبسين اللذين تكتنفهما عواصفُ الثقافات وهي تتغذى على الهامش وتهمل المتون الإنسانية الموّارة.

كما صدر له أيضًا عن الدار العربية للعلوم: سجين المرايا، وساق البامبو، وفئران أمي حِصَّة، وحمام الدَّار: أحجية ابن أزرق، وناقةُ صالحة عام 2019، ولقد حاز سعود على جائزة الروائية ليلى العثمان لإبداع الشباب في القصة والرواية في دورتها الرابعة وذلك عن رواية سجين المرايا 2010، وحاز  أيضًا على المركز الأول في مسابقة “قصص على الهواء” التي تنظمها مجلة العربي بالتعاون مع إذاعة بي بي سي العربية، عن قصة البونساي والرجل العجوز، وذلك في يوليو 2011، كما حاز على جائزة الدولة التشجيعية في مجال الآداب وذلك عن رواية ساق البامبو عام 2012 وحاز لقب شخصية العام الثقافية – جائزة محمد البنكي في مملكة البحرين 2016، كما حازت رواية فئران أمي حصة على جائزة القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد 2016-2017، ورواية حمام الدار القائمة القصيرة لجائزة الشيخ 2018-2019 بقيم الحياة، وتشكل

روايات سعود السنعوسي

نقلة واسعة في عالم الروايات العربية المعاصرة.[2]