ما هي متلازمة اسبرجر
حول متلازمة اسبرجر
متلازمة اسبرجر أو كما تعرف في الانجليزية (Asperger’s syndrome) وهي أحد الاضطرابات النمائية الشاملة (Pervasive developmental disorders) المتعلقة بالعلاقات الاجتماعية وهو يصنف كأحد أطياف مرض التوحد، وهو نوع من الحالات النفسية التي تُصيب الأطفال وتظهر بدايةً من سن الرضاعة، ولكن لا يتم ملاحظتها في معظم الحالات إلا في سن البلوغ، ويصبح فيها الأطفال غير قادرين على التواصل مع المجتمع المحيط بمهارات حركية، ويدخلون في حالة من الارتباك في أداء المهام التي تحتاج إلى حركة في ظل وجود الناس، ويظهر على المصابين أيضًا بهذا المرض صعوبات كثيرة في تفاعلاتهم الاجتماعية مع الآخرين، مع وجود رغبات مقيدة ومكررة وظهور أنماط سلوكية غير مبررة، وهذا النوع من اضطرابات طيف التوحد يختلف عن غيره من ناحية الحفاظ النسبي على تطوير الجوانب الإدراكية واللغوية لدى الطفل المصاب، وفي بعض الحالات من الممكن أن يوجد ضعف في المهارات الحركية واللغوية لكن هذا ليس بالضرورة أن يرتبط بوجود هذه المتلازمة لدى المصاب.
ويأتي
معنى متلازمة
اسبرجر نسبةً لاسم الطبيب النمساوي هانز اسبرجر وهو طبيب أطفال قام بتوصيف هذا المرض وتصنيفه كطيف لمرض التوحد، ووضح
الفرق بين المتلازمة والمرض
وذلك بسبب الأطفال الذين كانوا يعانون من ضعف مهارات التواصل الحركية وغير اللفظية، وتظهر تحركاتهم الجسدية بشكلٍ أخرق أو مرتبك قليلًا، وكان هذا في عام 1940 لكن بعدها بخمسين عامًا تم تسجيل هذا المرض باسمه وأعتُرف به في دليل علم النفس والاضطرابات.[1]
أعراض متلازمة اسبرجر
تختلف أعراض متلازمة اسبرجر من شخصٍ لآخر، ومن الممكن ألا تظهر جميع الأعراض الأتي ذكرها لدى الشخص الواحد، لكن من الممكن أن تكون مجتمعة كلها بنفس الشخص، وسنتناول هنا أكثر الأعراض شيوعًا وانتشارًا كما يلي:
- مواجهة صعوبة في تكوين الصداقات، حيث يجد الأطفال المصابون بمتلازمة أسبرجر صعوبات بالغة في تكوين الصداقات، وقد لا يستطيعون التواصل مع أقرانهم بسبب افتقادهم للمهارات الاجتماعية الحركية اللازمة للتعامل مع أقرانهم، وافتقارهم لمهارات التكيف الضرورية للاشتراك في العمل الجماعي أو حتى للانخراط في المجموعات، وقد لا يبدو على المريض ذلك لكنه يريد وبشدة في أعماقه التواصل والانخراط في المجتمع على الرغم من أنه لا يستطيع القيام بذلك.
- يهتم الشخص المصاب بأشياء قد تكون غير ملفتة للانتباه في أي وضع طبيعي، أو حنى بالنسبة لأقرانه، ويكون ذلك الاهتمام بشكل مبالغ به أحيانًا؛ وقد يتوجه ذلك الاهتمام نحو الحيوانات المنقرضة أو الحشرات المخيفة أو حتى جداول القطارات، ويظهر هذا الاختلاف في الاهتمامات عندما يكون الطفل مع المحيطين به ويبدأ بالتحدث الشغوف عن هذه الأشياء.
- الصعوبة البالغة في التفاعلات الاجتماعية، فالطفل المصاب لا يفهم إلا التعليمات المباشرة، مثلًا لا يفهم حين يحاول الشخص الذي أمامه بتغيير موضوع المحادثة إلا إذا أخبره الطرف الآخر برغبته الواضحة في ذلك.
- القلق الاجتماعي بسبب فقدان الطفل القدرة على إدراك مهارات التواصل، مثل عدم قدرة الطفل على قراءة لغة الجسد، وقراءة تعابير الوجه وترجمتها، مما يترتب عليه مواجهة صعوبة بالغة في فهم مشاعر الآخرين، وقد يتجنب الطفل التواصل بالأعين مع الآخرين عند التحدث، لكنه يحتاج إلى أن ينظر إليه الآخرين عند التحدث إليه، حتى لا يفقد الطفل الثقة في نفسه، ويواجه المصاب صعوبة أيضًا في اختيار العبارات الصحيحة، أو حتى القيام بردود الأفعال المناسبة لبعض المواقف، بالتالي يلجأ الطفل المصاب إلى كونه إنطوائيًا.
- يواجه الطفل المصاب صعوبة بالغة في إتقان المهارات الحركية الأساسيّة؛ مثل الركض أو المشي، وركوب الدراجات.
- ظاهرة الصمت الانتقائي في هذه الحالة قد يبدو إلينا الطفل صامتًا وهادئًا، لكنه في الواقع يقوم بانتقاء بعض الأشخاص للتحدث معهم دونًا عن غيرهم لأنهم يرتاحون لهم، وقد يتجنبون التحدث مع جميع الغرباء عنهم، ويكتفون فقط بالابتسام دون التحدث، ويحدث هذا عند الخروج في الأماكن العامة أو في المجموعات الجديدة أو عند دخول فرد جديد داخل المجموعة التي يجلس فيها الشخص المصاب.
- التركيز على اهتمامات محددة عندما يكونون في مجموعات، ذلك لأن الطفل يشعر بالتشتت والقلق الاجتماعي مما يدفعه إلى التركيز في أي فعل فردي حتى يشعر بالراحة وعدم التوتر، كأن يقوم الطفل بالرسم أو الكتابة، أو النحت، وفي حال نجاح الأمر تصبح هذه الأفعال مصدر راحو كبير له، لكن إن فشلت أو أُجبر على تركها يصاب الطفل بالإحباط الشديد وممن الممكن أن يزيد هذا من كونه إنطوائيًا.
- البحث عن الأنماط والتماثل في الأشياء من حولهم، وهذا ما يتميز به المصابون وهو القدرة على فهم الأنماط وتحليلها وملاحظتها، وذلك لأن عقولهم تعمل دائمًا في محاولة لإيجاد أنماط أو أي حالة متماثلة يستكينوا لها في محاولة منهم للبحث عن الراحة، كأن يقوموا مثلًا بترتيب الأغراض في خطوط مستقيمة، أو بحسب تماثل الألوان، بالتالي هذه الصفة تعد موهبة كبيرة لأن المصاب بمتلازمة اسبرجر يتميز في مجال الفيزياء مثلًا أو الرياضيات أو غيره من المجالات المشابهة.
- الحياة وفقًا للروتين حيث يقوم المصاب بوضع لنفسه روتين معين ومحدد يقوم به يوميًا وفقًا لجداول زمنية محددة، ذلك لأن اتباع المصاب لجدول صارم يقلل من الشعور بالقلق والارتباك.[2]
أسباب الإصابة بمتلازمة اسبرجر
على الرغم من كل الأبحاث التي أجريت، وكل الدراسات حول هذا النوع من
المتلازمات
فإن تحديد سبب الإصابة بمتلازمة اسبرجر غير معروف حتى الآن، لكن هناك بعض الدراسات التي تقول أن أسبابه جينية وراثية، ولكن يجب أن ننتبه أن الأشخاص المصابون بمتلازمة اسبرجر يكون مستوى النطق واللفظ الإدراكي متساوي مع أقرانهم من نفس العمر، بل قد يكونون أيضًا أكثر ذكاءً، ولكن على الرغم من ذلك لا زالت أجهزة التصوير الدماغي لا تستطيع التعرف بشكل واضح على هذا المرض، ولا يوجد أي إصابات أو تاريخ مرضي مشترك بين من أصيبوا بهذه المتلازمة.
علاج متلازمة اسبرجر
يتمثل علاج متلازمة اسبرجر الفعال في العلاج السلوكي فقط وليس العلاج الدوائي، ذلك لأن العلاج الدوائي قد يُسبب بعض التداخلات في حالة المصاب، قد يظهر بناءً على هذا أعراض مرضية أخرى. يتميز العلاج السلوكي لمرضى اسبرجر بعدم وجود أي مضاعفات أو أثار جانبية له، وإن لم يْحدث العلاج السلوكي تقدمًا فهو لا يزيد من سوء الوضع، فلقد سجلت بعض الحالات علامات تحسن لدى المصابين على الرغم من طول المدة التي قد يظهر آثرها النتائج. ويعتمد العلاج السلوكي على التعامل مع بعض الحالات المعينة من المصابين، يتم التركيز على سلوك منفرد واحد للقيام بتطويره، مثل التعامل مع فقرة مهارات التواصل أو فقرة الهوس بالأشياء، كل عرض يتم علاجه منفردًا.
وإليك بعض تقنيات العلاج السلوكي التي من الممكن أن يخضع إليها المصاب على حسب الأعراض التي تظهر عليه، وهي كما يأتي:
- التدريب على المهارات الاجتماعية
- علاج اضطرابات النّطق واللغة
- العلاج السلوكي المعرفي
- تحليل السلوك التطبيقي
- خضوع الوالدين لبعض الأنشطة التعليمية وتدريبهم على كيفية التعامل مع الطفل المصاب.[2]