دعاء الثناء على الله باسمائه وصفاته
مدح
الله
بأسمائه الحسنى
صيغ الثناء على الله قبل الدعاء
ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: “اللهم ربنا لك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، أنت الحق وقولك الحق ووعدك الحق ولقاؤك الحق”، متفق عليه. [1]
ورد
الثناء على الله
“إنَّ من ضوابط الدعاء المهمة وآدابه العظيمة أن يقدِّم المسلم بين يدي دعائه الثناءَ على ربِّه بما هو أهلُه من نعوت الجلال، وصفات العظمة والكمال، وذكر جوده وفضله وكرَمه وعظيم إنعامه، وذلك أنَّه أبلغُ ما يكون في حال السائل والطالب ثناؤُه على ربِّه، وحمدُه له، وتمجيدُه، وذكرُ نعمه وآلائه، وجعل ذلك كلِّه بين يدي مسألته وسيلةً للقبول ومفتاحًا للإجابة”.
ومَن يتأمّل الأدعيةَ الواردة في الكتاب والسنة يجد كثيراً منها مبدوءاً بالثناء على الله وعدِّ نِعمه وآلائه، والاعتراف بفضله وجوده وعطائه، ومن الأمثلة على ذلك الدعاءُ العظيم الذي اشتملت عليه سورة الفاتحة التي هي أعظم سور القرآن الكريم وأجلُّها (اهدنا الصراط المستقيم)، فهذا الدعاءُ العظيم مبدوءٌ بالثناء على الله وحمده وتمجيده، مما هو سببٌ لقبوله، ومفتاحٌ لإجابته.
كما جاء في قول ابن القيم رحمه الله: “ولما كان سؤال الله الهدايةَ إلى الصراط المستقيم أجلَّ المطالب، ونيلُه أشرفَ المواهب، علّم الله عبادَه كيفيةَ سؤاله، وأمرهم أن يقدِّموا بين يديه حمدَه والثناء عليه وتمجيدَه، ثمَّ ذكر عبوديتهم وتوحيدهم، فهاتان وسيلتان إلى مطلوبهم، توسلٌ إليه بأسمائه وصفاته، وتوسلٌ إليه بعبوديته، وهاتان الوسيلتان لا يكاد يُردُّ معهما الدعاء… وقد جَمعت الفاتحة الوسيلتين، وهما التوسلُ بالحمد والثناء عليه وتمجيده، والتوسلُ إليه بعبوديته وتوحيده، ثمَّ جاء سؤال أهم المطالب وأنجح الرغائب، وهو الهداية بعد الوسيلتين، فالداعي به حقيقٌ بالإجابة. [1]
دعاء الأنبياء بالثناء على الله
لقد كان الأنبياء يدعون الله بالثناء عليه ومدحه وتمجيده، ومن بينهم: [1]
- نبي الله يوسف عليه السلام كان يدعو الله تعالى بالثناء عليه، وقد كان يقول: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ المُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيث فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ).
- دعاء نبي الله أيوب عليه السلام والذي تبين لنا من قوله عز وجل: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلعَابِدِينَ).
اروع ما قيل
في الثناء على الله
لقد كان أولو الألباب ومن قبلهم الملائكة يدعون الله بالثناء عليه، ومن الجدير بالذكر أنه قد كان من أروع ما قيل في الثناء على الله عز وجل، وفي التالي أقوال الملائكة وأولي الألباب: [1]
- كما كان أولو الألباب ممن يذكرون الله قياما وقعودًا وهم على جنوبهم ويتدبرون في خلق السموات والأرض يدعون بالثناء على الله فيقولون: (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
- دعاءُ الملائكة: (رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهْمْ عَذَابَ الجَحِيمِ).
الحمد وَالثَّنَاءِ
على الله
قبل الدعاء
من صيغ الدعاء بالثناء على الله عز وجل ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ويدعو به مثل: (اللهم رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته، اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين وأغننا من الفقر)، رواه مسلم، كما أن ذلك الدعاء من الأذكار التي يتم قولها قبل الذهاب إلى النوم.
وإذا دعى الأشخاص وقالوا: (اللهم لك الحمد أنك الله الرحمن الرحيم، أو لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، أو لك الحمد بالإيمان والإسلام والقرآن) وما يتشابه مع تلك الصيغ من الأدعية فيكونون قد أثنوا على الله تعالى في دعائهم. [2]
أدعية
الثناء على الله
قبل الدعاء
المقصود بالثناء على الله عز وجل هو تمجيده تعالى قبل الدعاء أي البدء بأن نحمد الله تعالى ونشكره ثم نذكر البعض من أسمائه الحسنى وصفاته العلى، وأن نعترف بين يديه عز وجل بالذل والفقر إليه، حتى تكون تلك الكلمات تمهيدًا لما سوف يتم طلبه من الله تعالى، إذ أن سبحانه يحب من عباده أن يتذللوا له، ويعترفون له بعظيم ما أنعم عليهم به وفضله الجليل، وفي حال قدم العباد صدق تذللهم، ثم أتبعوه بصدق الدعاء والطلب، فيكون هذا أدعى لإستجابة الدعاء، وفي التالي بعض أدعية الثناء على الله الدعاء: [1]
- عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال: (سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ لَمْ يُمَجِّدْ اللَّهَ تَعَالَى، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَجِلَ هَذَا، ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ: إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَمْجِيدِ رَبِّهِ جَلَّ وَعَزَّ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ)، رواه أبو داود (1481)، والترمذي (3477) وقال: حسن صحيح.
- وما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ – أَوْ لَا إِلَهَ غَيْرُكَ -)، رواه البخاري (1120) ومسلم (769).
فبعد التأمل في الكيفية التي كان يبدأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل دعائه والجمل العديدة التي كان يقولها فكانت جميعها بأن يحمد لله، ويثنو عليه، ويُمجده، ويعترف بالفقر إليه، ويقر بألوهيته وأسمائه وصفاته عز وجل، وبعد هذا كله يبدأ في الدعاء والذي كان جملة واحدة: (فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت).
وقال الحافظ ابن حجر رحمة الله عليه: “فيه استحبابُ تقديم الثناء على المسألة عند كلِّ مطلوب، اقتداءً به صلى الله عليه وسلم” انتهى. [1]