قصة النحات بجماليون

اسطورة بيجماليون

كان بيغماليون نحاتاً يونانياً موهوباً من قبرص بعد أن أصبح بالاشمئزاز من بعض الفتيات المحليات التي يعملن بالدعارة فقد كل الاهتمام بالنساء وتجنب شراكتهن تماما وقد رأى بيغماليون النساء كمخلوقات معيبة وتعهد بعدم إضاعة أي لحظة من حياته معهن وكرس نفسه لعمله وسرعان ما خلق “غالاتيا” و هي تمثال لامرأةجميلة مصنوع من العاج ،ومن المفارقات أن تحفة حياته كانت هذا التمثال لامرأة حيث أن “بيجماليون” سعى لتصحيح العيوب التي رآها في النساء المصنوعات من لحم ودم في تحفته المصنوعة من الرخام، عمل “بيجماليون” لفترة طويلة (مع الإصرار أن يصحح عيوب النساء فى منحوتته) على تمثال “غالاتيا” بحيث أصبح هذا التمثال أكثر جمالًا من أي امرأة عاشت أو تم نحتها.

عندما أنهى ملامح التمثال أصبحت جميلة بشكل رائع ووجد نفسه يستخدم المطرقة والإزميل بكثير من الحب والمودة ومع آخر رنين للإزميل وقفت أمامه امرأة جميلة تتسم بالكمال وأدرك “بيغماليون”-الذي كان قد أعلن ازدرائه لجميع الإناث- أنه وقع  في الحب، كان يحضر لها الهدايا ويداعبها ويقبلها ويتحدث إليها كل يوم، أحضر لها هدايا كان يعتقد أن النساء سيتمتعن بها مثل:( الأصداف البحرية الجميلة والخرز والطيور المغردة والحلي والزهور) ،كان يُلبس التمثال ملابس جميلة ويضع خواتم على أصابعها وقلادات حول عنقها وحتى أقراط ومع ذلك كان المثير للسخرية أن “بيجماليون” الذى كان قد يحتقار النساء وقع في الحب مع امرأة لا يمكن أن تبادله ذلك الحب، مثل هذا الشغف لم يمر دون أن تلاحظه “أفروديت” فقد أشفقت على الشاب وعندما ذهب “بيجماليون” إلى معبدها للتضحية بالثور أعطته أفروديت علامة حيث قامت بحرق المعبد واشتعلت النيران فيه ثلاث مرات ، ثم ذهب بيغماليون إلى المنزل متسائلاً عن معنى النيران التى رآها وعندما دخل الاستوديو الخاص به ورأى التمثال ذهبت كل تلك الأفكار الأخرى من عقله وركض إلى تمثاله واحتضنه، فشعر أن لمستها دافئة و عندما قبلها وجد شفاها ناعمة فأخذ يتسائل هل فعلًا دبت الحياة في تمثاله أم أنه يتخيل ذلك فقط؟ لا إنهلم يكن يتخيل فأفروديت قد أعطت الحياة للتمثال واسمه غالاتيا

تأرجح عقل بيغماليون بين الشك والفرح خوفًا من انه قد يكون مخطئًا فأخذيلمسها مرارًا وتكرارًا مع حماسة الحبيب ليتأكد من آماله وعندما فعل ذلك وجد أنها حية بالفعل ،ببطء أدرك “بيجماليون” أن الحياة التى منحت لنحته كان نتيجة صلاته للإلهة “أفروديت” التي عرفت رغبته وسرعان ما تزوج “بيجماليون” و”غالاتيا” ولم ينس “بيجماليون” أبداً أن يشكر “أفروديت” على الهدية التي قدمتها له، “أفروديت” باركت الزواج بينهما وهذا الاتحاد بين “بيجماليون” و “جالاتيا” أنتج ابن يدعى “بافوس” الذي ولد فى مدينة بافوس في قبرص (هذه المدينة كانت مقدسة لأفروديت) ولذلك فقد سمي “بافوس” باسمها وجلب بيجماليون وغالاتيا الهدايا لمعبدها طوال حياتهم وأفروديت منحت لهما السعادة والحب في المقابل.[1]

تلخيص قصة بجماليون

كان “بيجماليون” شخصية أسطورية في قبرص و كان يعمل كنحات وبعد قيامه برؤية كل بنات قريته يقمن بالدعارة قرر “بيجماليون” أنه لم يكن مهتمًا بالنساء ولكن بدلًا من ذلك ذهب لخلق امرأة من العاج، بعد أن انتهى انبهر بجمالها وواقعيتها لدرجة أنه وقع في حبها وعندما جاء يوم مهرجان “أفروديت” قدم “بيجماليون” القرابين ولكنه كان خائفًا جدًا من قول أي شيء عن حبه للمنحوتة وبدلاً من ذلك كان يتمنى عروساً تشبه منحوتته العاجية ،عاد إلى الوطن وأعطى قبلة للتمثال وتبين أنه تحول إلى امرأة وذلك بسبب أن آلهة الحب “أفروديت” جعلت أمنيته تتحقق، وكان لهما ابنة هي “بافوس” التي أُعطي اسمها فيما بعد إلى مدينة قبرص، الأساطير اليونانية مليئة بروايات مماثلة عن التماثيل الحية أو المنحوتات التي تحولت إلى الحياة، ومن الأمثلة على ذلك “ديدالوس” الذي أعطى صوتًا لتماثيله.

توفيق الحكيم ومسرحية بجماليون

هو من مواليد 9 أكتوبر 1898 ولد فى الإسكندرية وتوفي في 26 يوليو 1987 فى القاهرة وهو يعد مؤسس الدراما المصرية المعاصرة وشخصية رائدة في الأدب العربي الحديث، ولد الحكيم في أسرة جيدة وبعد دراسته القانون في جامعة القاهرة ذهب إلى باريس لمواصلة دراسته القانونية لكنه كرس معظم وقته للمسرح، وبعد عودته إلى مصر بعد أربع سنوات (1930)، عمل في وزارة العدل في منطقة ريفية وفي وزارة التربية والتعليم في القاهرة وفي عام 1936 استقال لتكريس نفسه بالكامل للكتابة، وقد جنى الحكيم الشهرة عن طريق مسرحية “أهل الكهف” التي كتبها عام 1933م وكانت تستند ظاهريًا على قصة النائمين السبعة ولكنها كانت في الواقع دراسة للنضال البشري ضد الزمن كما كتب مسرحية “بيجماليون” عام 1942.

شخصيات مسرحية بجماليون

  • نارسيس: ظهرت هذه الشخصية كصديقة لبجماليون حيث قد قام بجماليون بتربيته
  • الجوقة: و هى كانت فرقة مكونة من تسع راقصات جميلات و موهوبات مهمتهن هي إخبار الجماهير بملامح الشخصيات
  • أسمين: هي امرأة وقعت فى حب نرسيس
  • فينوس: آلهة الجمال و الحب ودورها مهم في المسرحية فهى من تمنح الحياة للتمثال
  • بجماليون: الشخصية الرئيسية فى المسرحية وهو يعمل كنحات
  • جالاتيا: هى التمثال في المسرحية وهى تعتبر شخصية أساسية أيضًا و هى تقوم فالمسرحية بالتحول لإنسانة و تتزوج بجماليون

تحليل مسرحية بجماليون

الدراسات الحالية تثبت إبداع الحكيم الدرامي ونجاحه باستخدام عناصر من مختلف الأساطير الكلاسيكية لخلق مسرحية بيجماليون كمعالجة وإعادة كتابة للأسطورة الكلاسيكية من بيجماليون النحات، وعلى الرغم من احتواء المسرحية على عناصر الأسطورة قام الحكيم بتعديل هذه العناصر لتتناسب مع غرضه من الكتابة وقال انه لم يتبع ترتيب الأحداث في الأسطورة ، لكنه قام بانتهاك ذلك، مضيفًا أحداثًا ومشاهد ومواقف جديدة

كما أنه قام بخلق نهاية تختلف تماما عن نهاية الأسطورة، ففي حين أن الأسطورة تنتهي بسعادة فإن المسرحية لها نهاية مأساوية تعود فيها “غالاتيا” إلى تمثال من العاج و “بيجماليون” يموت بعد أن يدمر التمثال، ومثل الأسطور المسرحية تتكلم عن موضوع الخلق وسقوط الخالق في الحب مع المخلوق، ومع ذلك الحكيم يقدم ويلمح لأكثر من قصة يقع فيها مبدع في حب خلقه والصراع هو مسألة أخرى تظهر على نطاق واسع في المسرحية أكثر مما كانت عليه في الأسطورة، وفي فن التوصيف لا يستخدم الحكيم فقط شخصيات

أسطورة “بيجماليون” لكنه يستخدم أيضًا شخصيات مأخوذة من الأساطير الكلاسيكية الأخرى مثل أسطورة “نرسيوس” باختصار الحكيم يقدم العديد من الشخصيات في مسرحيته بسبب تأثير الأساطير الكلاسيكية وهو لا يحاكي الأسطورة تمامًا في كتابة مسرحيته. بل أنه وضعها بشكل مختلف وقال انه قد فعل ذلك لإنشاء عمل أدبي جديد.

تأثير بجماليون

حتى يومنا هذا فإن عدداً لا يحصى من الناس والعشاق الشباب يفتنهم هذا الحب الاستثنائي الذي كان قائماً بين شخصين في وقت كانت فيه الحضارة في مهدها، وقد انتقلت الأسطورة الأساسية من “بيجماليون” و”جالاتيا” على نطاق واسع وأعيد تقديمها في الفنون عبر القرون، حيث كتب “جورج برنارد شو” مسرحية بعنوان “بيجماليون” وفي مسرحية “شو” يتم جلب الفتاة إلى الحياة من قبل رجلين  والهدف من منحها الحياة لتلك التحفة أن تتزوج وتصبح دوقة و تم تمثيل قصة بيجماليون أيضًا فى أوبرا “جان فيليب رامو” عام 1748 كما كانت موضوع أول أوبرا ل”غايتانو دونيزيتي” وسمها ب “إيل بيجماليون”.[2]