هل التنمية البشرية ” وهم ؟ ” أم حقيقة
معني التنمية البشرية
التنمية تعني التطوير، وينتشر مفهوم التنمية البشرية في الوطن العربي بشكل خاطئ فكل المجالات التي تتناولها تشير للتنمية الذاتية، أما التنمية البشرية تهدف لتطوير الفرد من جهة المؤسسات وكمواطن من حيث الصحة والتعليم ومستوى الدخل وغيره، ومن يعمل بها يكون مختص الموارد البشرية و(بالأنجليزية: HR).[1]
ضلالات التنمية البشرية
تنتشر في التنمية البشرية ضلالات فكرية ومغالطات منطقية، وهذا لعدة أسباب منها أنه ليس علم لأن الحقائق التي يقرها ولم تجرى عليها الأبحاث بل يثبتها من جربها بنفسه، وهنا تكمن الضلالات أن المبدأ التطويرية التي تشير لها التنمية البشرية قد يكون صحيح في المطلق لكن يتصف بالعمومية ويستشهد على صحته بالنتائج التي حدثت، وهذا لا يراعي أي معايير الصحيحة للتطبيق ولا يخبرك المدرب بكم الصعوبات التي ستواجها لتصل لنتائج، وكم المتغيرات الذي يغير النتائج، فهناك متغيرات أجتماعية من شخص لأخر وعوامل نفسية ووراثية وفروق فردية وعوامل كثيرة تجعل نتائج كل فرد مختلفة تماماً.
هناك أشخاص لديهم نفس تميل للتفاؤل لأسباب جينية وأسباب نتيجة من التربية، ومستوى وعي مختلف ودراجات للمرونة النفسية، ومستوى تقدير الذات يقلب كل النتائج من شخص لأخر، عدد كبير جداً من المتغيرات التي تغير النتائج، وضلالات التنمية البشرية تجدها في العناوين البراقة مفاتيح النجاح وغيره، والمشكلة أن ليس كل ما تعمله تقدر على تطبيقه وبدون الوعي بكل ما سبق يصاب المتدرب بإحباط، ومن تلك الضلالات أنتشار مدربين يتخطون حدود عملهم ويتطرقون لتخصص المعالج النفسي ويجتهدوا لعلاج المشكلات النفسية دون علم ودراسة سنوات كما يفعل الأخصائي النفسي.
الفرق بين التنمية البشرية وعلم النفس
يقوم علم النفس على التجارب المختبرية، بعض هذه التجارب كانت على الحيوانات مثل الفئران والقطط والكلاب، تلك تسمى تجارب علمية دراسة وبحث واستمر سنوات فقط لإثبات حقيقة واحدة، وهناك بعض التجارب ربما تستمر لعشرات السنوات.
بينما التنمية البشرية تقوم على تجارب الأفراد الخاصة، وبالطبع لا نقدر أن نتأكد من مصداقيتها، فكثير من قص النجاح تعرض بشكل يخفي كل الصعوبات التي وإجهاد صاحب القصة حتى وصل لهدفه، ولا يتكلم عن دائرة الدعم وكأنه هو البطل الأوحد ذو إرادة لا تنطفئ فقط بالتشجيع المستمر وإرادته يفشل ثم يعود مجدداً دون النظر لمشاعر الإحباط والتشكيك، وتلك الطريقة يتبعها كثير من الكتاب ليكون الكتاب عرضه مشوق.
علم النفس يتصف بالتحديد ويتحدث بإحصاءات، على عكس التنمية البشرية تتكلم بلغة العموميات، فالعلم لا يعرف سوى التفسيرات المنطقية والربط بين السبب والنتيجة، فإذا تكلم علم عن المشكلات والوصول للأهداف فيجب أن يخبرك الكيفية وتفاصيل كل خطوة والعوامل لنجاح التجربة، وإذا تقدمت خطوات فهناك مقاييس يقدمها العلم لتقيس بها هذا التقدم، على عكس المحتوي المقدم في كثير من مجالات التنمية البشرية.
مدرب التنمية البشرية وظيفته تهدف لتطوير مهارات الشخص في حالة نفسية وعقلية مستقرة تسمح له بالتعلم والتطور، ومساعدته على حل المشكلات التي تخص حياة الفرد الحالية من جهة علاقاته ومحيطه، مساعدته علي تطوير وعيه بذاته وغيره، وهدف مختص علم النفس الأخصائي النفسي أو المعالج النفس زيادة وعي الفرد النفسي، وعلاج مشكلات الماضي أي مشكلة يمر بها الشخص حالياً سببها الماضي.[2]
هل التنمية البشرية وهم
هناك الكثير في محتوى التنمية الذاتية يكون مساعد لك لتعيش بشكل أفضل من حيث الوعي بذاتك وعلاقاتك وأفكارك وتعديل سلوكك وتحسين جودة حياتك بالفعل، ولكن المشكلة في طريقة تناول المحتوى التي تجعل الحصيلة شئ لا يذكر، وهناك مشكلات خاصة بالمدرب ذاته ومدى خبرته وكذلك المحتوى السطحي الذي يقدمه البعض، وللأسف أعتمد البعض على أنها وسيلة لكسب المال ومكانة اجتماعية فيعتمد على المحاضرات التحفيزية المفخمة التي يختفي أثرها سريعاً.
تطوير الشخص لذاته ليس وهم، يقدر أي شخص أن يصنع منه نسخة أفضل بالتعلم الصحيح والمعايير الصحيحة للتعلم، أنى يكون التعلم تحت وجود مشرف يوجهك إلي أن تصل لنتائج سليمة، أن يكون المحتوى واقعي ويراعي الفروق الفردية، أن تعلم وقت تعلمك ما الصعوبات التي سوف تواجها في رحلة التعلم وتتعلم كيف تواجها، أن تضع باعتبارك أن ليس كل المحتوي يجب تطبيقه، بل تٌطبق ما تحتاجه وفقاً في مستوى وعيك الحالي حتى لا يصبح تطبيق المحتوى عبئ تحمله وعدم تطبيقه يشعرك بالإحباط.
أن تتعلم طريقة مناسبة لك للتطبيق وفق قدراتك وظروف حياتك وليست طريقة معممة، هذا وإن أخبرك المدرب بها، وأن تتعلم أنه لا يوجد بطل طوال الوقت، وأن تطبيق المعلومة لا يعتمد على الإصرار فقط بل تحتاج للعلم وبناء الوعي، فهل إصرارك كان كافياً لاجتياز أمتحان مادة الرياضيات؟!، أنظر ماذا يمكن للدورة التدريبية تقديمه وسوف تعرف هل هناك علم حقيقي أم كلام على الورق وأبحث وأعرف بنفسك
ماذا تتضمن التنمية البشرية
.
خرافة التنمية البشرية
رغم أهمية التنمية الذاتية إلا أن مدعون العلم ومدربين التنمية البشرية سبب أنتشار
خرافة التنمية البشرية
، يتحدثون عن محتوى متوسع الأبعاد يمتد لأي شئ يخص النفس البشرية، البعد النفسي والشخصي وغيره دون تخصص أو دراية كافية، ولا معايير للتدريب أو مدى واقعية المحتوى، محتوى التنمية البشرية مقدم للجميع وتلك مشكلة كبيرة، فأي منهج تعليمي يجب أن يقوم على معايير محددة من ضمنها الفئة المستهدفة، مثل المناهج التعليمية الخاصة بالمرحلة المدرسية لا تدرس إلا في الجامعات ولا يحدث العكس.
لكل فئة القدر الذي تستوعبه وأيضاً التدرج الذي يضمن أستيعاب المناهج، وهذا غير موجود بالمحتوى المتاح، فلا يوجد أي أعتبارات لمستوى الوعى ولا قدرة الشخص على التطبيق وغيره من المعايير التي يجب وضعها بالاعتبار، والدورات التدريبية المكثفة من أسباب أنتشار أن التنمية البشرية وهم، لأن فمهما كان المحتوى مفيد تكثيفه يجعل الحصيلة التي يخرج بها المتدرب شئ لا يذكر، وبالتالي تكون الأموال قد ذهبت هبائاً، والأسوأ أن المتدرب يصاب بما يسمى وهم التعلم، يشعر أنه بمجرد معرفة المعلومة فهو قادر على التطبيق.
ولكن الحقيقة أن هذا غير واقعي، فالفجوة بين التعلم والتطبيق كبيرة تحتاج لوعي بالكيفية التي يطبق بها المحتوى، والمراحل التي سوف يمر بها خلال التعلم، لكى يستعد ولا يصاب بالإحباط في فترات توقفه عن التطبيق، والأهم أن بعد التعلم تحتاج لمتابعة من المختص يخبرك هل تطبق بشكل صحيح أم لا، فالكل يمكنه معرفة وصفة وجبة جديدة ما فهل يمكنه تحضيرها بدون معرفة طريقة التحضير، وإذا عرف الوصفة والمقادير فهل الكل يصل لنفس الطعم، بالتأكيد لا، ومع تكرار التحضير تكون بحاجة لأحد متقن لإعداد الوصفة تستشيره.
وإذا كانت كل تلك المراحل مطلوبة لإعداد وصفة طعام، فماذا عن النفس البشرية العميقة التي تريد تقويمها بمجرد معرفة المعلومة، هذا مستحيل ولكن للأسف في الدورات التدريبية يخبر المدرب المتدربين أنه أعطاهم مفاتيح النجاح أو التواصل أو غيره وأن التطبيق يعتمد على أصرارهم، وبالطبع لن يقدر المتدرب على تطبيق المحتوى بسهوله وإذا طبق جزء لن يطبق المحتوى كامل فيصاب المتدرب بالإحباط إما من نفسه ويقتنع أنه لن يتعلم أو يحبط من فكرة التطوير والتعلم.
هل التنمية البشرية حرام
تطوير الفرد لذاته ليعيش بكل أفضل دون أن يخالف مبادئ الشريعة مؤكد أمر مرغوب بالشرع، ولكن تكمن مشكلة التنمية البشرية أنه تم نقلها من الغرب الذي يتجنب فكر وجود الله، فتجد في أفكارهم لا شئ يعني المستحيل طالما أتبعت الخطوات ستحصل عليه دون شك.
وهذا يتضارب مع فكرة توفيق الله أو أنه ربما لم يقدر لي الحصول علية في الدنيا، ومن الأفكار الفلسفية الذي يحملها كلام مدربين التنمية البشرية الأجانب أن الإنسان محور الوجود ففي الكتاب الأشهر من كتب التنمية البشرية العادات السبع للأشخاص الأكثر فاعلية يقول ماذا تريد أن يقول عنك الناس في جنازتك.
وكان هدفه تشجيع القارئ ليقوم بإنجازات في حياته، وفي الشريعة تحسنا على العمل والإنجاز بحياتنا بحديث النبي (صلى الله عليه وسلم) الشهير يٌسأل المرأ عن أربع، والشرع يحثنا على مراقبة الله في أعمالنا لا الناس، فإذا قمت بإنجاز يرضي نفسك والناس ولا يرضي الله فلا فائدة منه، فالله هو محور حياتنا.[3]