مفهوم الاتقان وأهميته في الاسلام
تعريف الإتقان
في
العمل
يمكن تعريف الإتقان على أنه مهارة خبير أو مستوى من المعرفة في شئ معين، بالنسبة لعدد لا يحصى من الموظفين، ويُعتقد بأن فكرة الإتقان صعبة الحصول في أحسن الأحوال، ولا تقوم بيئات العمل الحديثة في غالبية الأحيان سوى بالقليل للترويج لمفهوم الإتقان المطلق في مجال ما. [1]
الإتقان
في
الإسلام
إن
إتقان العمل وأثره في حياة الفرد والمجتمع
يتبين في حث الله تعالى للتمسك به، وإتقان العمل هو: أداء العمل دون خلل فيه والالتزام بمتطلبات ذلك العمل من التقيد بضوابط وتقنيات معينة، وأداؤه في الوقت المحدد دون تأخير، كما أن الإتقان أحد صفات الله تعالى فهو من أتقن كافة الأشياء والخلق وأحسن وأبدع جميع ما صنعه، فقال الله عز وجل (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) [النمل: 88] فأحسنه وجوده وأتقنه. [2]
الإتقان
في
العبادة
إن كافة العبادات التي أمرنا الله بالقيام بها لا بد وأن يتم إتقانها كما أن الله تعالى لا يقبل أي أعمال لم يتقنها عاملها فلا بد من
الإخلاص في العمل
مثل: [2]
-
إتقان الوضوء
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: تَخَلَّفَ عَنَّا رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فِي سَفَرٍ سَافَرْنَاهُ، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلَاةُ -صَلَاةُ الْعَصْرِ- وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ أَرْجُلَنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا: “وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ”. أخرجه البخاري.
-
إتقان الصلاة
ويكون ذلك بالخشوع فيها وأن تتم أركانها وقال الله تعالى (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ) [المؤمنون: 1، 2].
وقد أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، في قوله: (الذين هم في صلاتهم خاشعون) يقول: خائفون ساكنون.
وعَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ حُذَيْفَةَ الْمَسْجِدَ فَرَأَى رَجُلًا يُصَلِّي لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: ” مُنْذُ كَمْ صَلَّيْتَ؟.
” قَالَ: مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: “مَا صَلَّيْتَ وَلَوْ مُتَّ مُتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللهُ عَلَيْهَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ الرَّجُلَ قَدْ يُخَفِّفُ صَلَاتَهُ، وَيُتِمُّ رُكُوعَهَا وسُجُودَهَا “شعب الإيمان.
-
إتقان الزكاة بإعطائها لمستحقيها
وذلك من خلال إخراجها إلى محتاجيها بأوقاتها ومن أفضل ما يمكله الشخص من مال، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) [البقرة: 267].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “قَالَ رَجُلٌ لَأَتَصَدَّقَنَّ اللَّيْلَةَ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ زَانِيَةٍ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ يَتَحَدَّثُونَ تَصَدَّقَ عَلَى زَانِيَةٍ، فَقَالَ اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى زَانِيَةٍ، لَأَتَصَدَّقَنَّ اللَّيْلَةَ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا فِي يَدِ غَنِيٍّ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تَصَدَّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى غَنِيٍّ، فَقَالَ اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى غَنِيٍّ، لَأَتَصَدَّقَنَّ اللَّيْلَةَ بِصَدَقَةٍ، فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ، فَوَضَعَهَا فِي يَدِ سَارِقٍ، فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ تَصَدَّقَ اللَّيْلَةَ عَلَى سَارِقٍ، فَقَالَ اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ عَلَى زَانِيَةٍ وَعَلَى غَنِيٍّ وَعَلَى سَارِقٍ، فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ: أَمَّا صَدَقَتُكَ فَقَدْ قُبِلَتْ أَمَّا الزَّانِيَةُ، فَلَعَلَّهَا تَسْتَعِفُّ بِهَا عَنْ زِنَاهَا، وَلَعَلَّ الْغَنِيَّ يَعْتَبِرُ، فَيُنْفِقُ مِمَّا أَعْطَاهُ اللهُ تَعَالَى، وَلَعَلَّ السَّارِقَ يَسْتَعِفُّ بِهَا عَنْ سَرِقَتِهِ”، رواه مسلم.
-
إتقان الصوم بحفظ الجوارح
وذلك بإتمامه وألا يتم الإخلال بأي من شروطه وأن يتم حفظ الجوارح والأركان عن الحرمانيات التي حرمها الله، وقَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: “إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمِعُكَ وَبَصَرُكَ وَلِسَانُكَ عَنِ الْكَذِبِ وَالْمَحَارِمِ، وَدَعْ أَذَى الْخَادِمِ، وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ يَوْمَ صِيَامِكَ، وَلَا تَجْعَلْ يَوْمَ فِطْرِكَ وَصَوْمِكَ سَوَاءً”.
-
إتقان الحج
يقول الله عز وجل في قرآنه الكريم: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) [البقرة:196] أي إذا تم البدأ في الحج والعمرة، فلا بد من إتمامها وألا يُنقضان.
-
إتقان التعليم
والتعليم يحتاج إلى إتقان المعلمين والمربيين ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مُتصدرًا لقائمة المعلمين في الدنيا إذ أن من علمه هو الله تعالى وكان يمتلك طريقة في تعليم أصحابه بأساليب محكمة ومتقنة ولا يترك السامع إلى أن يفهمه ويلقنه حتى تظهر
ثمرات الإتقان في العمل
.
أهمية الإتقان
في
الإسلام
تتمثل أهمية الإتقان في الإسلام في التالي: [3]
- الإتقان من الأشياء التي تؤدي إلى كسب حب الله عز وجل، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنه قال: (إن الله يحبُّ إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه)، صححه الألباني في صحيح الجامع.
- الإتقان هام لمن يحفظ القرآن ويتعلمه، فقال تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) [الزمر: 9]، وقال صلى الله عليه وسلم: (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه، وهو عليه شاق، له أجران)، رواه مسلم.
- وكذا في الحج فينبغي أن يخلو من الرفث والفسوق حتى يكون حجًّا مبرورًا، وقال الله تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ) [البقرة: 197]، وقال صلى الله عليه وسلم: (مَن أتى هذا البيت، فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كما ولدته أمه) رواه مسلم.
وسائل زيادة الإتقان
بدلاً من أن يتم المحاولة في الوصول إلى درجة عالية من الكفاءة، فينبغي أن يتم تشجيع وتعزيز الإتقان بمكان العمل والتعريف بمفهوم
اخلاقيات المهنة
، بخلاف الاعتقاد السائد، ولكن من الممكن تحقيق الإتقان ويمكن الوصول إليه كذلك من خلال الطرق التالية: [1]
-
التشجيع والاعتراف بالتحسين المستمر
من الشائع للشركات والمؤسسات أن يكون احتفالها بالإنجاز من خلال منح وسام مثل التأهيل أو مجرد قطعة من الورق لإخبارهم بأنهم قد اجتازوا الاختبار، بينما أنه يوجد احتياج للاحتفال بالإنجازات المستمرة في تعلم وتطوير الموظفين، عن طريق الاحتفال بتلك المكاسب والإنجازات الصغيرة، إذ أنها تُنشئ ثقافة التعزيز والتطوير، والتي بدورها تحفز الموظفين على مواصلة التطور والتحسين.
-
التأكد من أن التعلم عملية مستمرة
إن التأكد من توفير الموارد والعمليات الصحيحة لدعم التعلم المستمر في مكان العمل يرفع من احتمالات استثمار الموظفين للوقت والجهد في تعزيز مهاراتهم ومعرفتهم بدلًا من المماطلة في تطويرهم لأنفسهم، إذ يُعتبر الوصول للكتب وورش العمل والندوات وأخذ الوقت للتواصل مع الموظفين في تطويرهم الشخصي جميعها من الطرق الفعالة التي تخلق بيئة من التعلم المستمر الذي يولد قوة عاملة فعالة وديناميكية.
-
أن يكون هناك مثالا يحتذى به
وهذا يتمثل في دور القائد، فإن إبرازه للشخصية التي وصل إليها بالفعل في إتقان حرفته وتعلم كل ما يمكن معرفته في ذلك المجال هو أحد أكبر الأخطاء التي يمكنه ارتكابها، فلكي يكون قائدًا فعالًا من الضروري أن يلتزم بالتحسين المستمر، فالقادة المتواضعون هم من يمكنهم الاعتراف بأنهم لا يزالون يتعلمون ويطورون من أنفسهم فيغرسون إلهامًا عميق في موظفيهم ويشجعونهم على الاستمرار في طريق إتقانهم.