ماذا يدل ” الصبر على اقدار الله ؟ “
الصبر على أقدار الله
لا ريب أننا في هذه الدنيا عُرْضَةٌ للابتلائات والمصائب، فأحيانًا تكون المصائب في فَقْد قريب وحبيب وصاحب، وتارةً تكون في الأبدان؛ من وحوداث مفجعة وأمراض مؤلمة، تجعل الشَّخصَ قعيدَ الفراش، وتارةً في خسارة الأموال، وأخرى مصائب نَّفسية، أو تحوُّلٍ من حالٍ إلى ضدِّه.
قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا”.
فوضع الله سبحانه وتعالى لكل شيء سبب فيه الحكمة العظيمة للجميع، ويستمر الإنسان يسارع الحياة بحلوها ومرها، ومن حكمة الله جلّ وعلا أن يُبتلى الجنس البشري بالأوامر والنواهي والمصائب التي قدرها عليهم وأمرهم بالصبر عليها، ووعدهم بمكافأة دون محاسبة، حيث قال: ” إنما يوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب”.
وعليه فالصبر ثلاثة ألوان وهي: الصبر على أمر الله تعالى، والابتعاد عما حرم الله تعالى، والصبر على المقدور، ومن ذلك قوله تعالى: “والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم”، وقال نبينا الكريم، سيدنا محمد صلوات الله وسلامه عليه: “ما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر” رواه الإمام البخاري رضي الله عنه.
وقال الإمام علي بن أبي طالب: ” الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد فإذا قطع الرأس بار الجسد، ثم رفع صوته فقال: الا لا إيمان لمن لا صبر له”، وقال الإمام أحمد: ذكر الله الصبر في تسعين موضعاً، ثم بيّن تعالى من هم الصابرون فقال: “الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون”.
أنواع الصبر
وبالحديث عن أنواع الصبر، سنجد أنه ينقسم إلى ثلاثة أنواع نوجزها فيما يلي:
- الصبر على أمر الله.
- والصبر على الذي نهى الله عنه.
- والصبر على قدر الله.
وشمل الله سبحانه وتعالى أنواع الصبر في الآية رقم “25” من سورة الرعد حيث قال: “والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم”، وقال النبي الكريم سيدنا محمد، صلوات الله وسلامه عليه: “ما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر”. رواه الإمام البخاري
وجوب الصبر على المصائب
فالدنيا دار ابتلاء، فيُبتلي الرجل بموت زوجته وبعض الأقارب، كما يُبتلى في ماله ويجب عليه الصبر، حيث قال الله تعالى : “إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ”.، والإيمان بالله يستلزم الإيمان بالقضاء والقضرلذلك عندما يكون صبورًا، وراضيًا، يُصبح أكثر اكتمالًا.
أحوال الإنسان عند المصيبة
- الصبر: ويجب على كل مسلم أن يصبر، حيث يقول رسولنا الكريم ﷺ:” ما أعطي أحد عطاء خير وأوسع من الصبر”
- الرضا: ويجب على مسلم أن يرضى بما قسمه الله له.
- الشكر: يجب على المسلم أن يشكر الله في جميع الأحوال، كما أن الابتلاء يُكفّر السيئات لذا يجب على المسلم أن يعدها نعمة ويشكر الله على ما أصابه.
- يقول رسولنا الكريم: “اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت” رواه مسلم، كما أن النياح على الميت يشمل نوعاً من الاستياء وعدم الرضا وقلة الصبر، فيجب على المسلم أن يصبر ويحتسب ، وقد أخذ النبي صلى الله عليه وسلم النساء على النساء ألا ينحن وقال لمن نيح عليه يعذب، وقال: النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب”. أخرجه الإمام مسلم في صحيحه.
الإيمان بالقضاء والقدر
يُعرف الإيمان بالقدر بأنه الركن السادس للإيمان. وفي حديث جبريل، عندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان قال: : “أَنْ تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ”.
ويُبيّن الله عز وجل، أن في أمره لنا بالصبر حكمتين عظيمتين، أولهما ألا نحزن على شيء من الدنيا ومصالحها، لأن ما لا يٌقدّر ينقطع الطمع فيه، والحُزن عليه يعتبر من الحُمق، ولا يريد لنا الله عزّ وجلّ أن نقع في ذلك لما ينتج عن الحزن من الآثار السيئة على أفكار وأفعال الإنسان.
وعند حدوث النعم، نجد الناس ينقسمون إلى قسمين، فنجد أن ضعيف الإيمان بالققدر يفرح، ويمتلئ بالغطرسة وكأنه والعيال بالله لم يُصدّق ما حدث له، أما قوي الإيمان فيعلم أن ما حدث الله هو مقدّر من عند الله، ويكون مقتنع اقتناعًا تامًا أن ما المُقدّر كائن لا محاله، وتتمثل
اهمية الايمان بالقضاء والقدر
في عدة نقاط نُبرزها فيما يلي:
- الرضا بقضاء الله، واليقين بتعويض الله، قَالَ الله تبارك وتعالى: ” مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيم”.
- سعادة القلب وانشراح الصدر وراحة البال.
- الفوز بالأجر الكبير، قَالَ الله عزّ وجلّ: ” أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ”.
- غنى النفس، فعن أَبِي هُرَيرَةَ رضي اللهُ عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم قَالَ: “وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ”. رواه الترمذي.
- طلب المساعدة من الله وعدم الخوف من إيذاء الناس، وفي هذا قال رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم: “إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الْأَقْلَامُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ”. رواه الترمذي.
- لا تندم على الماضي، وتتحسّر على ما فاتك.
- الخير هو ما اختاره الله، فقد يحدث للإنسان شيئًا يراه سيئًا ولكنه لا يعلم كم الفوائد التي ستحدث له بسبب ما حدث له، وفي ذلك قال سبحانه وتعالى:” وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ “.
- الفوز بالجنة و النجاة من النار، وترك الهموم والأحزان.
- الإيمان بكتابة المقادير قبل إيجادها، وإذا وجدت تبين درجة الإيمان بذلك، وفي ذلك قال تعالى :” لِكَيْلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ”.[1]
الرضا بقضاء الله
يجب على كل مسلم أن يرضى بما قسمه الله له، ولا يجوز له السخط على ما كتبه الله عليه، حيث قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: “عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط”.
وتتعدّد
ثمرات الرضا بقضاء الله وقدره
، نرصدها لكم فيما يلي:
- يرضى الله عن عبده، فالله عز وجل يرضى عمّن يعبده ويتذلّل إليه.
- سبب زوال الحزن والهم والغم وسوء الحال وتشتيت القلب، حتى يشعر المسلم بالاسترخاء والهدوء والسكينة، على عكس السخط واضطراب القلب الناتج عن عدم الرضا.
- ينقذ يخلّص العبد من مخالفة الله تعالى في الأحكام والشرائع والقضاء.
- يشعر العبد بعدالة الله، لذا فإن عدل الله في العقوبات والقضاء لا يتعارض مع حُكمه.
- سبب الابتعاد عن الحسد والغش والكراهية، فالرضا يجعل المسلم يتقبل أمر الله، فلا يشك بعلمه وحكمته وقدرته ويعلم أن الله حكيم في كل ما يحدث للعبد.[2]