ما المقصود بـ ” البعث والجزاء “
معنى البعث والجزاء
تعد عقيدة البعث والجزاء من أهم المعتقدات الدينية المهمة، التي ساهمت في تغيير فكر وسلوك الإنسان، حيث صار الإنسان بفضل عقيدة البعث والجزاء أكثر حكمة ووعي، وكذلك أكثر تفاؤلاً، مما أدى إلى انعكاس ذلك على سلوكه حيث يقوم بحساب كل خطوة يخطوها في الحياة.
المقصود بالبعث والجزاء لغة واصطلاحاً
في اللغة يُعرف البعث علي أنه الإرسال والإحياء، و لكن اصطلاحاً يُعرف علي أنه إعادة الأحياء بعد موتهم من قبورهم، و البعث مرتبط ارتباط وثيق بالجزاء، ويُعرف الجزاء اصطلاحا علي أنه ما سوف يتلقاه عباد الله يوم القيامة من عذاب دائم أو نعيم مستمر. [1]
البعث والجزاء في الدين الإسلامي
الإيمان باليوم الآخر ركن من أركان الإسلام الخمس، كل مسلم مؤمن بأن الله سبحانه وتعالى هو باعث الناس للحساب يوم القيامة بعد موتهم، وأن جميع الناس سوف ينالون الجزاء عما كانوا يفعلون في حياتهم، فالإيمان يدل على ضرورة إيمان الإنسان بقدرة الله سبحانه وتعالى وحكمته الغير محدودة، ولقد قال الله تعالى في كتابه العزيز في سورة النحل: (وَأَقْسَمُوا بِاَللَّهِ جَهْد أَيْمَانهمْ لَا يَبْعَث اللَّه مَنْ يَمُوت بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَر النَّاس لَا يَعْلَمُونَ)، وأيضاً قول الله تعالى في سورة آل عمران: (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ).
ولقد تناول القرآن الكريم في هذا السياق تفسير البعث والجزاء، بتفصيل كبير وذلك رداً على جميع المشككين في هذه العقائد، وكذلك أمر الله سبحانه وتعالى الناس جميعاً بكثرة ذكر هذا اليوم لما في ذلك من خير سوف ينعكس عليهم في الدنيا والآخرة. [1]
أهمية الإيمان بالبعث والجزاء
- يستقيم الإنسان في الدنيا على جميع أوامر الله سبحانه وتعالى ويبتعد عن جميع ما نهي عن الوقوع في طرق الانحراف التي تُدخل الإنسان في نار جهنم، وتحرم الإنسان من نعيم الله عز وجل الدائم.
- يتعلم الإنسان التعامل مع غيره بالأخلاق الحميدة، مما يعمل على تقليل ظهور الجرائم المختلفة، وأيضاً يعمل على تكوين مجتمعات تخاف من عقاب الله سبحانه وتعالى.
- تحقيق الراحة النفسية لكل المظلومين الذين لم يستطيعوا أخذ حقهم في الدنيا، فالإيمان باليوم الآخر يرافقه العديد من الأحداث التي تثبت أفئدتهم على ضرورة طاعة الله سبحانه وتعالى والاستقامة وعدم الانحراف، وفي الاخرة سوف يقف الجميع بين يدي الله سبحانه وتعالى وكل إنسان سوف ينال جزاءه أم العذاب الدائم أو النعيم المستمر.
- في الإيمان بالبعث والجزاء الكثير من الإجابات على العديد من الأسئلة التي يتعرض لها عقل الإنسان،وهذه الأسئلة من الممكن أن تؤدي إلى العديد من الانحرافات الخطيرة والابتعاد عن نهج الله سبحانه وتعالى إن لم يجد لها أجوبة شافية.
- الإيمان بالبعث والجزاء يضيف معنى عميق على حياة الإنسان، كذلك يبث التفاؤل والصبر في نفس الإنسان وخصوصاً إذا أصابته مصيبة، مثال علي ذلك الصبر الذي ينزله الله سبحانه وتعالى على قلب المؤمنين إذا فقد أحد من احبته، حيث يعلم المؤمن أن هذا الفراق هو فراق مؤقت سوف يجتمعون مرة أخرى في جنة الجلد، مما يجعل الإنسان المؤمن قادر على مواصلة سيره في الحياة وذلك بقلب مطمئن.[2]
إن الإيمان بالبعث عبارة عن اليقين الذي لا يوجد فيه شك بأن الله سبحانه وتعالي سوف يقوم بإحياء جميع خلقه بعد موتهم،وقد قال الله تعالي في سورة الحج: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ* وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَّا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِي الْقُبُورِ).
والإيمان بالجزاء أيضاً هو اليقين بأن الله سبحانه و تعالى سوف يجازي المحسنين على إحسانهم ويعاقب المسئين على إساءتهم وذلك في يوم القيامة كما قال الله تعالى في سورة النجم :(وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى* وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى* ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاء الْأَوْفَى) وأيضاً قول الله تعالي في سورة النجم (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى).[2]
مراحل البعث والجزاء
- وقوف الناس على أرض المحشر بعد أن يبعثهم الله من قبورهم، وفي هذا الموقف يشتد حال الناس ويخاف جميع الناس خوفاً شديداً وذلك لطول المقام.
- الحوض المورود ويوضع للنبي صلى الله عليه وسلم، وفيه يسقي منه كل انسان مات على سنة النبي صلى الله عليه وسلم وذلك دون أن يغير أو يبدل، ثم يوضع حوض لكل نبي من الأنبياء فيرد الصالحين من أمته.
- شفاعة النبي محمد صلي الله عليه وسلم، الشفاعة العظمى لجميع الخلائق عند رب العالمين حتى يعجل الحساب لهم.
- عرض جميع الأعمال على الله عز وجل.
- بعد عرض جميع الأعمال يكون الحساب، و ضمن عرض الأعمال تذكر المعاذير ويكون فيه الجدال.
- بعد ذلك تتطاير جميع الصحف فيأتي أهل اليمين بيمينهم كتابهم، ويأتي أهل الشمال بشمالهم كتابهم، ثم تقرأ الكتب.
- بعد قرأة الكتب يكون الحساب الآخر، وفيه تقام الحجة على جميع العباد،وأيضاً تقطع المعاذير.
- بعد ذلك توزن أعمال جميع العباد على الميزان.
- بعد ذلك ينقسم جميع الناس الي أزواج و طوايف فقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز:(احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ*مِنْ دُونِ اللَّهِ)، ومعنى أزواجهم هنا أشكالهم ونظرائهم، حيث يحشروا مع من أنكروا البعث.
- يضرب الله ظلمه قبل جهنم، ونور يمشي فيه المؤمنين، بعد ذلك يفصل بينهم وبين الكافرين بسور وقد قال الله تعالى في كتابه العزيز: (فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ*يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى)،و يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصراط فتمر جميع أمته،كل يمر علي حسب عمله ونوره، ويسقط في جهنم من كتب الله عليه العذاب.
- يجتمع كل أهل الجنة بعد ذلك قبل دخولهم، ويقتص أهل الإيمان من بعضهم، ثم يدخلون الجنة وليس في قلب أحدهم أي غل. [3]