منهج التكهن
هل فكرت يوما أن تقرأ عن حظك اليوم في تنبؤات علم الفلك والتي دائما تجدها في الصحف أو المواقع الإلأكترونية أو حتى القنوات؟ فمتى ظهر هذا العلم؟ وكيف أصبح له مثل هذا الصدد في ظل هذا التقدم العلمي المعاصر؟
ممارسة العرافة قديمة، وكانت تساعد البشرية للتفكير في الحاضر، والفنون الإلهية استخدمت العرافة كوسيلة لإظهار الحدس، فقد ساعدت في الانتقال من أوهام قديمة كانت كانوا يتحدثون بها في المعابد قديما إلى قراءة الأشياءمثل قراءة الكتب والتقويمات والجداول الزمنية المرسومة، وبسبب رغبة الكثيرين في التعبير عن الفأل، فيجب أن نفهم الممارسات الإلهية بما يتجاوز السحر، وقدرتها التحليلية.
تعريف منهج التكهن
التنبؤات والكهانة بدأت قديما وكان لها صدد وأهمية عظيمة في العصورالقديمة، فكان للكاهن منزلة عالية تفوق كل المناصب التي كان يشغلها علية القوم، والكهنة كانوا في أحياء العرب في منزلة الحكماء، يذهب إليهم الناس لطلب المشورة، وكانوا هؤلاء الكهنة على صلة بالجن، الذين كانوا يخبرونهم بالمستقبل، لأن الجن قديما كانوا يسترقون السمع من السماء، ويخبرون الكاهن بكل ما يعلموه، وبالطبع لن يخبروهم بكل شيئ، فكان الكهنة يضيفون أكاذيب على هذه الحكايات.[1]
وبمجرد أن يحدث شيئا مما قد توقعوه يعتقدون الناس أنهم يعلمون الغيب، وما يخبئه المستقبل، وكان أغلب الكهنة متعلمين ويعرفون علم الحساب فكانوا يقدون حسابيا بأحوال الطقس أو الشمس أو خسوف القمر، وكان هذا الأمر يعتمدون عليه الناس فيما يخص الزراعة وموعد الفيضان، وكانوا أيضا يتنبئون بالانتصار أو الهزيمة في الحروب، وبالطبع يمكنك أن تعرف نتيجة الحرب إذا كنت على علم بعتاد الجانبين، خاصة وأن الحروب قديما كانت تعتمد على الفرسان والسيوف، وكل هذه الأمور لا تعتبر غيبية ولا تدل على أنهم يعلمون الغيب.
وإنما هي أمور حسابية يعلمها الكهنة ويجهلها الناس، وأغلب التنبئوات التي كانوا يتنبئونها، تحدث حاليا ولكن في سياق علمي كأخبار الطقس والظواهر الطبيعية مثل الكسوف والخسوف والأعاصير وحركة الرياح والأمطار، فلا يمكن أن نعتبر كل هذه الأخبار تنبئوات ولكن قديما بسبب جهل الناس كانت هذه المعرفة تضفي جلالة على هؤلاء الكهنة.
معنى الكهانة
الكاهن تأتى من التكهن ويعني التنبؤ، ولها إسم آخر وهو العراف، وكلمة عراف تأتي من المعرفة أي العارف بالشيئ، وهو الذي يخبر الناس بمعلومات يدعي أنها ستحدث في المستقبل.
والكاهن هو إسم عام يطلق على كل من يتعامل مع التنبؤات سواء المنجم أو الكاهن أو ضارب الرمل أو حتى قارئ الفنجان، ويقدم دلالات ليؤكد إدعاءه بمعرفة الغيب من خلال معلومات يعرفها سابقا، إضافة إلى سياسة الإيحاء التي يستخدمها ليسيطر على الناس، وتتم في العصور الحديثة هذه الأجواء من خلال وسائل يستعملها ليقع الناس بسببها تحت تأثيره وقوة إيحائه، مثل البخور[1]
رأي الدين حول التكهن
جميعا نعرف أن استخدام السحر محرم شرعا في الدين الإسلامي، وذلك لما يتسبب به من ضرر وأذي للناس، والكهانة هي درب من دروب السحر، لأن الأذى هنا يأتى عن طريق الخديعة، مما يحث الناس على عدم الرضاء بالقضاء والقدر، كما أنهم يعتمدون على بشر مثلهم مثل كل الإعلانات التي نسمعها عن جلب الحبيب ورد المطلقة وجلب الرزق وغيرها من الأمور التي تجعل الناس يتخذون شريكا لله دون علمهم، لأنهم يستعينون على حوائجهم بطرق خاطئة لا جدوى منها، وتبعدهم عن طريق الله الذي أمرنا بأن نستعين به في أي أمر يخص حياتنا، لذلك فمجرد سؤال الكاهن، حتى وإن لم يصدق به لا تقبل صلاته 40 يوما، وهذا دليل كافي على تحريمه.
وهناك أمور أيضا يفعلها الناس وهي حرام، ولكنهم لا يدركون ما يفعلون، فقد حثنا الله جل علاه، على عدم التشاؤم، وأن يتوكل المؤمن على الله، كأن يتشائم من رقم 13، أو يوم الثلاثاء، أو إذا كان في طريقه إلى عمله وحدث شيئ ويتشائم بقية اليوم، كل هذه أخطاء يقع فيه الكثيرون.[1]
طرق التكهن
قراءة الفنجان
هذه الممارسة قديمة وكانت تتم من خلال بقايا القهوة، أو قراءة بقايا أوراق الشاي(tasseography)، وهي قراءة معقدة لأنهم يجدون أشكالا مختلفة وكثيرة، فإذا ظهر شكل السمكة مثلا، فهذا يدل على الحظ السعيد، أما الجبل فينذر بعوائق مستقبلية، ويمكن أن نستدل من هذا أن الإنسان يجد من هذه الأشكال ما يقارب فهمه للأمور فالسمك أكل ويعتبر رزق سواء لآكله أو بائعه، وأيضا تسلق الجبال صعب لهذا ظهورها يوحي بوجود صعوبات ستواجهه في المستقبل والمرور منها كمن يتسلق جبل صعب وشاق.[2]
عرافة الرمل
أيضا من أشكال فنون العرافة هو عرافة الرمل، ما يسمونها ضرب الرمل، حيث تظهر أشكال في الرمل، حيث يقرأ الآثار التي ظهرت داخل طبقات الرمل، ويعرف هذا الفن بـ”الطاقة الحيوية” للذين يؤمنون بها، حيث تظهر هالة من الرمل عند رميه عشوائيا، وكان يتم هذا الفن إما في الصحرا أو على لوح مصمم بطريقة تناسب هذا الفن، ويستلزم هذا الفن معرفة رموز الأشكال الهندسية.[2]
اوراق التاروت
ليس لدينا علم “من صنع هذه اللعبة”؟، فبطاقات التارو تعتبر طريقة شائعة للعرافة وتعتبر هذه اللعبة كتاب يجمع كل العلوم وتمكننا من حل جميع المشكلات، كما قال عالم التنجيم، إليفاس ليفي ، وتتم من خلال عمل 7000 مجموعة مختلفة لهم نفس الشفرة، إضافة إلى النية الإلهية، حيث أن الكارتومانسي تعتبر تقنية تجعل الاتصالات مرئية سواء في الوقت الحالي أو الاتصالات المحتملة[2]
الصراخ – انعكاس العرافة
هذه الطريقة في العرافة قديمة أيضا، مارستها شعوب كثيرة في القديم، منها قراءة الانعكاسات في الماء، ومن الممكن أن تمارس بالحبر وكانت تتم في العصر الفرعوني بهذه الطريقة، أما في بلاد ما وراء النهرين القديمة، كانت تتم من خلال أوعية مملوءة بالزيت، واستخدم الإغريق المرايا والمعادن في قراءة الانعكاسات، واستخدم الأزتك التلاتواني الحجر السج في قراءة الانعكاسات، حتى وصلت إلى قراءة البلورات والقوى التي ترتبط بها، لرؤية وتحليل المستقبل.[2]
العرافة بحبوب الذرة
ظهرت هذه الطريقة وانتشرت في إسبانيا وأمريكا، وفي هذه الطريقة تم الجمع بين علوم الفلك والأرصاد الجوية، والتي كانت تستخدم لحساب الوقت في التقويمات ومواسم الحصاد وأي معلومات عن المحاصيل، وكانت هذه الطريقة تمارس بشكل شخصي حيث كان يمكن لأي شخص استخدامها للتنبؤ، حيث يتم رمي الحبوب على الأرض أو على قماش أبيض، وكان من الممكن رميها في الماء، وتتم القارءاة من خلال مواقع الحبوب بعد الرمي، أما في الماء إذا كانت سوف تطفو أو تبقى في القاع، ومن الممكن أن تكون للحبوب ألوان مختلفة، فكان عدد ألوان الحبوب في الهند مابين 4 و100.[2]
العلاقة بين الإيمان والتكهن
والطريقة التي تحفظ نفسك بها من الجن هي قراءة آية الكرسي ، ويجب أن يعلم الناس بأنه لا يجتمع تصديق الكاهن مع الإيمان بالقرآن، فالكاهن تأتيه الرؤى من الشيطان، الذي يسترق السمع، قال الله تعالى: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ [الشعراء: 221] وهذه الآية نزلت لتبرئة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من تهمة الكهانة، حيث أن قريش إدعت أنه كاهن، لأن الكاهن له علاقة بالشياطين ومقصد الشياطين الفساد والكفر وكل المعاصي، ونبينا على خلق عظيم، في قوله تعالى ( وإنك لعلى خلق عظيم).
والكاهن لن يخبره الجن بأي شيئ إلا إذا اتخذه وليا، وهذا سبب أن يكون حكم الشرع عليه أن كافر، قال الله تعالى: وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ [الأنعام: 121].
وكلنا نعرف أن أولياء الشيطان عم الكفار الذين يزين لهم الشيطان طريق الكفر ويحسبون أنهم يحسنون صنعا، قال الله تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ [البقرة: 257]
والكهانة تشمل كل من يتنبأ مهما اختلفت الوسيلة، كضارب الرمل، والمنجم، والطارق بالحصى، وقارئ الفنجان، وغيرهم.