مناهج استشراف المستقبل
تعريف الاستشراف
يعرف الاستشراف على أنه عملية التبصر نحو المستقبل لمحاولة معرفة ما يمكن أن يكون ، وهذه العملية تظهر بشكل كبير في مجال الدراسات المستقبلية future studies ، حيث يقوم بها المستشرفون من خلال تطبيق مناهج البحث القائمة على التوجه نحو المستقبل ، وهذا المفهوم يرتبط بعدد من المصطلحات المتداخلة على مستوى الدراسات الأجنبية.
حيث يظهر مفهوم الاستشراف بمعنى foresight ، وهناك معنى آخر يحمل الجانب المتقدم والذي يطلق عليه اسم prevision ، وهي عبارة عن مناهج متطورة لمجال الاستشراف المستقبلي التي ظهرت مؤخراً لمساعدة صناع القرار ، والسياسيين ، والعسكريين في اتخاذ القرار المناسب وقت الأزمات ، أو توقع الأزمات المحتلمة مستقبلاً.
ما هو المستقبل
المستقبل هو مرحلة غيبية ، مرتبطة بمراحل زمنية سابقة تتمثل في الماضي والحاضر ، وهي تعقب هذه المراحل ويصعب التنبؤ بما يمكن أن يحدث ، فهو مرحلة زمنية مرتبطة بالغيب ، وهناك العديد من الاجتهادات التي يقوم بها بعض البشر محاولين ، ومدعين معرفة المستقبل مثل قيام البعض بعملية ” التكهن”.
وهي عملية قد يتربح منها البعض لمعرفة ما سيحدث في المستقبل من خلال وسائل غير مشروعة ، كما يمكن للبعض معرفة ما سيحدث ولكن بشكل طفيف ، وهو في هذه الحالة لا يتكهن ، ولكنه يتوقع ، والتوقع هنا مرتبط بعملية التقدير ، وليس التنبؤ وبالتالي تكون مهارة وبصير لدى بعض الأشخاص ، يمكنهم من خلالها تجنب المخاطر و الأزمات التي ربما تحدث مستقبلاً.[1]
ماهي مناهج استشراف المستقبل
مناهج الاستشراف هو اتجاه مطبق على نطاق واسع في العديد من دول العالم ، والتي تنتمي في الأصل إلى مجال الدراسات المستقبلية ، حيث تغيرت أساليب الدراسات المستقبلية ، وحدث بها عدد من التطورات ، والتي كانت نتيجتها أنها انتقلت من التوقع forecasting ، ومنهج التقدير estimation إلى التبصر والاستشراف foresight ، كما ترتبط مناهج الاستشراف بشكل كبير بمجال إدارة الأزمات ، وجدير بالذكر أن هذا المحال قد تعرض للعديد من التطورات المتعددة على الصعيد النظري والعملي.
ومازال هذا المجال حتى الآن يتعرض للتطوير المستمر من قبل الباحثين الأجانب ، حيث أنه بمثابة منهج Method يحاول من خلاله خبراء إدارة الأزمات تطويره ، ليؤدي مهمته القائمة على ” التنبؤ ” prediction ، بشكل يحقق تجنب ، أو تقليل حدة المخاطر والأزمات المتفاقمة ، والجدير بالذكر أنه لا يمكن أن يقوم الاستشراف المستقبلي على استخدام جميع أدوات البحث المستقبلي ، ولكنها تشمل استخدام التطبيقات في الوقت الحاضر أيضاً ، كما يعتبر منهج عملية قائمة على جمع المعلومات التي تساعد في تقدير ما سيكون في المستقبل والاستشراف لا يعتبر تخطيطًا.
ولكن نتائج الاستشراف توفر هذه المعلومات ، وبالتالي فهي خطوة واحدة وأساسية في عملية التخطيط ، وإعداد القرارات التي تخص المنظمة ، أو التي تخص القيادة ، أو الإدارة ، فمجالات البحث المستقبلي متعددة ، وكثيرة ، وهي قبالة للتطوير بين الحين الآخر فهناك حكومات قامت بتطبيق مناهج الاستشراف ، ولهذا السبب اتجهت الحكومات التي طبقت هذه المناهج في مجالاتها العسكرية ، و الاقتصادية ، والسياسية ، لا سيما في مرحلة ما بعد التسعينيات ، نحو تغيير المنهج الموجه نحو المستقبل من التقدير إلى الاستشراف حيث يعتبر الأخير وسيلة للنظر إلى المستقبل عبر تطبيق أدوات البحث المستقبلي.
أهمية تطبيق مناهج الاستشراف
بات منهج الاستشراف ومنهجيات التخطيط ومناهج تحليل المخاطر ، والأزمات محل اهتمام من قبل العديد من الدول ، والحكومات حول العالم في مختلف القطاعات التي احتاجت إلى تطبيقها ، كما تتواجد في المجالات المختلفة التي تطبق مناهج الدراسات المستقبلية تحديات مختلفة من أبرزها المخاطر المستقبلية التي تواجه صانع القرار داخل المنظمة ، فمثلاً قد يواجه صاحب الشركة الخاصة الذي يقوم ببيع منتجاته أزمات اقتصادية في السوق ، قد تؤدي إلى تعرضه للخسارة.
ومن ثم يحتم على صاحب المشروع حتمية اتخاذ القرارات السليمة التي تساعده في تجنب مثل هذه الأزمات ، ومن ثم يقوم الاقتصاديون بتطبيق مناهج الاستشراف من أجل تقدير المخاطر المستقبلية المحتمل ظهروها ، فمن شأن تطبيق مناهج الاستشراف أن تساعد في تحسين قدرة الأفراد ، وصناع القرار في المجالات التجارية على وجه التحديد على اتخاذ القرارات الملائمة ، حيث يعتبر علم مناهج الاستشراف بمثابة علم جديد أصبح محل اهتمام من قبل المنظمات التي تقوم على تفعيله وتطبيقه ، والهدف الأساسي منه يأتي أجل تفادي الكوارث ، والأزمات المحتمل حدوثها.
كما يتم استخدام تلك المناهج من أجل الاستعداد للطوارئ ، أو رفع قدرة المنظمات لتطبيق عمليات ، وخطوات إدارة الأزمات التي تسهم إما في التخفيف من حدة المخاطر المحتلمة ، أو تلك الواقعة فعلياً ، أو الكشف عن هذه المخاطر قبل حدوثها ، والقيام بخطوة التقييم والاستجابة ثم مرحلة التعافي من الأزمة التي وقعت.
الأطراف المشاركة في عملية الاستشراف
ترتبط عملية الاستشراف بتحليل المخاطر ، والأزمات والتي تقوم على مشاركة عدد من الأطراف سواء هؤلاء الأطراف المعنيين بالمجال الذي يتم فيه تحليل الأزمات ، وتطبيق مناهج الاستشراف فيها ، أو هؤلاء الأطراف الذين يتم الاعتماد عليهم من خارج المنظمات والمؤسسات وتجدر الإشارة هنا في هذا السياق إلى أن مناهج الاستشراف المستقبلي تحظى بعدد من الأساليب ، والطرق الاضافية المطورة التي تقوم على أهمية خاصة لدمج الأفراد المتطوعين ، وصانعي القرار ، والمدنيين والمنظمات المحلية في أنشطة التخطيط والاستشراف أو تحليل المخاطر حيث يشترك هؤلاء الأطراف في عملية التخطيط المتعلقة باستكشاف الأزمات المستقبلية وتنفيذها في مراحل إدارة المخاطر.
الاستشراف ومناهج الدراسات المستقبلية
يعتبر منهج الدراسات المستقبلية المتعدد الأبعاد ، بمثابة المجال الرئيسي الذي يندرج تحته مناهج الاستشراف المستقبلي ، كما تتعدد أبعاد مناهج الدراسات المستقبلية فهناك منهج صنع القرار الموجه نحو المستقبل ، وهناك منهج إدارة الأزمات الموجهة نحو المستقبل وجدير بالذكر أن منهج الدراسات المستقبلية وكل ما ينطوي تحته من مناهج الاستشراف المختلفة يقوم على تحقيق الإرشاد العملي في عملية صنع القرار من خلال استكشاف الاتجاهات المستقبلية لتكوين رؤية مستقبلية والرؤية view مختلفة عن الاستشراف.
كما أن أدوات الرؤية مختلفة عن أدوات الاستشراف حيث تميل الرؤية إلى تشكيل صورة ثابتة للمستقبل ، في حين يعتمد الاستشراف على الافتراضات التي يُفهم دائمًا أنها في حالة تغير مستمر ، وهي طبيعة الافتراضات التي لا تكون مبنية على دعائم وحجج قوية أو ثابتة أو أن تكون تم تجريبها مسبقاً ، ومن ثم يكون من الوارد أن تكون هذه الاحتمالات أو الفرضيات قائمة على الصواب أو قابلة للخطأ كما أن تكوين الرؤية المستقبلية تسهم في تحقيق العديد من الفوائد خاصة في عمليات التخطيط ، حيث يتم الاعتماد عليها من أجل أن تكون أداة تخطيط طويلة الأجل.[2]