ما هي ” شروط إحياء الأرض الموات ؟ “
تعريف إحياء الأرض الموات
الإحياء (فى اللغة) وهو يعني جعل الشيء حياً والموات وهو يعنى ما لا روح فيه أو الأرض التي ليس لها مالك أو الأرض الغير عامرة (الخراب).
أما الإحياء (فى الشرع) هو عبارة عن إستصلاح الأرض الموات بالبناء والموات فى الشرع هو عبارة عن الأرض التي ليس بها عمارة ولا بها ماء وليس لها مالك ولا يملكها أو شخص ينتفع بها.
وإحياء الموات (فى الاصطلاح) هو عبارة عن استصلاح الأراضي الزراعية أو جعلها صالحة للزراعة، برفع عوائق الزراعة سواء كانت أحجار وأعشاب، واستخراج الماء، وتوفير التربة الصالحة للزراعة، وإقامة الأسوار عليها أو تشييد البناء فيها.[1]
و
الأرض الميتة
هى الأرض التى لم يسبق إحيائها من قبل فهى لا تزال باقية على ما خلقها الله عليه كأرض صحراء مثلاً.
مشروعية إحياء الأرض الموات
قد وضح مشروعية إحياء الموات حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن أحيا أرضًا ميتة، فهي له»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «مَن عمَّر أرضًا ليست لأحد، فهو أحق بها»، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :(من أحيا أرضاً ميتةً فله فيها أجر، وما أكلت العافية منها فهو له صدقة)[2]
وحثت الأحاديث على ترغيب الناس فى إحياء الموات وذلك بسبب حاجة الناس إلى الموارد الزراعية وعمارة الكون حيث
يستطيع الانسان الاسهام في احياء الأرض
.
كيفية إحياء الأرض الموات
- أجمع العلماء أن الأرض التى ليس لها مالك وليس بها عمارة ولا شخص لينتفع بها، واتفقوا أيضا على أن الأرض التى لها شخص يملكها فأن هذة الأرض لا يجوز إحياؤها إلا لصاحبها الذي يملكها.[5]
- اتفق الأحناف (المذهب الحنفي) على أن إحياء الموات يكون بالبناء، أو الغرس، أو الكرب أو إقامة المسناة (السد) أو التحويط، أو السقايه.
- وقال المالكية (المذهب المالكى) إن إحياء الموات يكون بالبناء، و الغرس، والزراعة، و الحرث، وإجراء المياه، وغيرها.
- اتفق الشافعية (المذهب الشافعى) على أن إحياء الموات يختلف بحسب الغرض المقصود من الأرض، وذلك يرجع إلى العرف، فإذا أراد إحياء الموات مسكن اشترط تحويط البقعة بآجُرٍّ أو قصب بحسب عادة ذلك المكان.
- وقال الحنابلة أن إحياء الأرض وهو يعنى أن يحوط عليها حائطًا منيع ، سواء أرادها للبناء أو الزرع أو حظيرة للأغنام ، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من أحاط حائطًا على أرض، فهي له».[6]
فضل إحياء الأرض الموات
شجع الإسلام إحياء الأرض الموات بالكثير من الطرق المختلفة ومن أبرزها أن من يقوم بإحياء الأرض الموتى سيجازيه الله سبحانه وتعالى ثواب وأجر عظيم، قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :(من أحيا أرضاً ميتةً فله فيها أجر، وما أكلت العافية منها فهو له صدقة)، وقال: (من عمّر أرضًا ليست لأحد، فهو أحق بها).
شروط إحياء الأرض الموات
- أن تكون الأرض ليس لها مالك.
- ألا تكون مرتفقًا بها أي: مستعملة ارتفاقًا لأهل البلدة؛ كمحتطب، أو مرعى، أو نادٍ يجتمع فيه للتحدث، ومرتكز للخيل ونحوه.
- قال أبو حنيفة: لا بد وأن يكون إلى الموات بإذن الإمام؛ لحديث: (ليس للمرء إلا ما طابت به نفس إمامه). واتفق المذهب الحنفي أن الأرض الموات: هي أرض خارج البلد وليس لها مالك ولكن إن كانت هذة الأرض داخل البلد لا يكون موات أصلاً، وكذا ما كان خارج البلدة من مرافقها، محتطباً لأهلها، أو مرعى لهم. فلا يجوز إحياء ماقرب من العامر؛ لأنه من مرافقه التابعة له ويترك مرعى لأهل القرية، ومطرحاً لحصائد أهل القرية، لتحقق حاجتهم إليها، فلا يكون مواتاً كالطريق والنهر فالمهم في الأرض غير المملوكة عدم الارتفاق من أهل البلد سواء قربت من العامر أم بعدت.
- وقال المالكية: إذا كانت قريبةً من العمران، افتقر إحياؤها إلى إذن الإمام بخلاف البعيدة من العمران، وقال (الشافعية والحنابلة): مَن أحيا أرضًا تملَّكها، وإن لم يأذن له فيها الإمام، اكتفاءً بإذن رسول الله – صلى الله عليه وسلم (مَن أحيا أرضًا ميتة، فهي له). حيث اتفق المذهب المالكي أن إذا تم تعمير هذا الأرض من بناء أوغرس أو ماء فأنه لا يزول ملكها عمن أحياها، إلا بإحياء جديد من غيره بعد اندراسها بمدة طويلة يقدرها عرف الناس، فتصبح حينها ملكاً للمحيي الثاني. وذلك سواء أكانت الأرض قريبة من العمران أم بعيدة من العمران، إلا أن الأولى يفتقر إحياؤها إلى إذن الحاكم.
- واشترط جمهور الفقهاء أن يتم الإحياء في حالة التحجير خلال مدة أقصاها ثلاث سنين؛ لقول عمر – رضي الله عنه -: “ليس لمتحجرٍ بعد ثلاث سنين حق”.[3]
أحكام إحياء الأرض الموات
-
الحكم الأول
: إذا تمت إحاطتها بحائط منيع مما جرت العادة به ؛ فهكذا يكون أحياه ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من أحاط حائطاً على أرض ؛ فهي له ) ، رواه أحمد وأبو داود عن جابر ، وصححه ابن الجارود، وهو يدل على أن إحاطة الأرض هو شئ مستحق لمالكها، وهذا ما يسمى حائطاً في اللغة ، أما إذا أدار حول الموت أحجاراً ونحوها كتراب أو جدار صغير لا يمنع ما وراءه أو حفر حولها خندقاً ؛ فإنه هكذا لا يملكها ، لكن يكون أحق بإحيائها من غيره ، ولا يجوز له بيعها إلا بإحيائها. -
الحكم الثاني
: إذا تم حفر بئر في الأرض الموات، فوصل إلى مائها فهكذا قد قام بإحيائها فإن حفر البئر ولم يصل إلى الماء فإنه هكذا لا يملكها، وإنما يكون أحق بإحيائها عن غيره لأنه قام بإحيائها، وَعَنْ عبدِالله بْنِ مُغَفَّلٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فَلَهُ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا عَطَنًا لِمَاشِيَتِهِ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ. -
الحكم الثالث
: إذا أوصل إلى الأرض الموات ماء أجراه من عين أو نهر فهكذا قد قام بإحيائها لأن الماء نفع الأرض أكثر من الحائط . -
الحكم الرابع
: إذا تم حبس الماء عن الأرض الموات ولا تصلح معه للزراعة ، فحبس الماء عنها حتى أصبحت صالحة لذلك فهكذا قد قام بإحيائها لأن نفع الأرض بذلك أكثر من نفع الحائط، وعن النبي صلى الله عليه و آله وسلم: منها: قوله: «من أحيا أرضاً ميتة فهي له».[4] - وإذا كان يمر بأملاك الناس ماء غير مملوك لأحد (كماء النهر- ماء الوادي- هكذا..) فللأعلى أن يسقي منه ويحبس الماء إلى الكعب ثم يرسله لمن بعده، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( اسق يا زبير ! ثم احبس الماء حتى يصل إلى الجدر ) ؛ متفق عليه ، وذكر عبد الرزاق عن معمر الزهري ؛ قال : نظرنا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ثم احبس الماء حتى يصل إلى الجدر ) . فكان إلى الكعبين ، فوجدوه يبلغ الكعبين , فجعلوا ذلك معياراً لاستحقاق الأول فالأول، وروى أبو داود وغيره عن عمرو بن شعيب ؛ أنه صلى الله عليه وسلم قضى في سيل مهزور ( وهو وادٍ مشهور فى المدينة) ( أن يمسك الأعلى حتى يبلغ السيل الكعبين، ثم يرسل الأعلى إلى الأسفل ) .
- أما إن كان الماء مملوكاً (أى شخص ما هو الذى قام بوضع الماء فى الأرض الميتة) فإنه يقسم بين المالكين بقدر أملاكهم، ويتصرف كل واحد في حصته كما يشاء.
- ويمكن لإمام المسلمين أن يحمي مواشى بيت مال المسلمين (كخيل الجهاد، وإبل الصدقة) ما لم يضرهم بالتضييق عليهم، لما روى ابن عمر رضي الله عنهما : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم حمى النقيع لخيل المسلمين ) ؛ فيجوز للإمام أن يحمي العشب في أرض الموات لإبل الصدقة وخيل المجاهدين وأنعام الجزية والضوال إذا احتاج إلى ذلك ولم يضيق على المسلمين، وعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من أحيا أرضاً ميتة فله فيها أجر، وما أكلت الدوابّ منه فهو له صدقة».