اهمية التحاكم الى شرع الله
التحاكم إلى شرع الله
تعود اهمية التحاكم الى شرع الله إلى معنى التحاكم ومفهومه ، والتحاكم هو الرجوع إلى شئ ما ليحكم في التنازع ، ويحل نزاع الاطراف ، أما شرع الله المقصود بها أحكامه وأوامره وتشريعاته ونظمه، وقوانينه التي وضعها للبشر سواء تلك الأحكام الشرعية كانت واضحة في الكتاب الكريم او في السنة النبوية الشريفة، أو مما استنبطه علماء الدين الإسلامي المعتبرين وفقهائه.
إذا التحاكم إلى شرع الله هو نوع من الامتثال لأوامر الله ونواهيه ، والتسليم التام لحكمته وإرادته ، وقبول ما علم الناس حكمته فيه وما لم يعلموا، ومن مقتضيات التحاكم بشرع الله العودة دائماً إلى تعاليم الإسلام سواء في النظم الاجتماعية أو الاقتصادية أو السياسية، وان تبقى الشريعة الإسلامية، هي مصدر للتحاكم.
وأن يكون التحاكم الى شرع الله عام في كل ما امكن من أمور وعدم اقتصاره على أمور معينة ، أو على الخلافات والشقاق ، او حسب الاهواء ، وما تملي عليه النفوس البشرية، وأن ذلك ليس تحيزًا لدين بعينه عن باقي وسائر الشرايع والاديان السماوية والأحكام الوضعية ، ولكن لأنه دين جامع شامل عن غيره من الأديان والأحكام الوضعية.
ما أهمية التحاكم إلى شرع الله
وترجع اهمية التحاكم إلى شرع الله لعدة نقاط مهمة تؤخذ في الاعتبار عند تقدير اهمية التحاكم إلى شرع الله ويمكن إجمالها في ثلاث نقاط رئيسية وهي أن التحاكم إلى شرع الله يحقق أقسام الإيمان الثلاثة ، وهم توحيد الألوهية ، وتوحيد الربوبية ، وتوحيد الأسماء والصفات ، وهي على التفصيل التالي:
توحيد الألوهية و التحاكم الى شرع الله
إن توحيد الألوهية يبرز اهمية التحاكم إلى شرع الله ، ذلك لأن توحيد الألوهية هو توحيد للمولى سبحانه وتعالى بأفعال الإنسان ذاته ، وهو توجيه العبادات جميعها من الصلاة والصيام والزكاة، والحج إلى الله وليس إلى غيره من مخلوقاته سبحانه وتعالى، ولا يتوسل العبد إلى غيره.
والتحاكم الى شرع الله يحقق توحيد الألوهية ذلك لأن توجيه العبادات لله وحده ، مع الإقرار بأنه وحده يستحق العبادة وتحقيق جزء من أقسام الإيمان ، أنت تعبد الله لأنه يستحق وحده العبادة فأنت تؤمن أن من يستحق العبادة دون سواه هو وحده الحاكم في الكون في خلقه وهو أعلم بهم ، وتشريعاته هي الاولى بالتطبيق والاحتكام إليها ، فما حاجة الإنسان لحكم بعد حكم من خصه بالعبادة واعترف له بالألوهية التامة في قول لا إله إلا الله، ولا يتم الإيمان بها إلا بتمام تسليم العبد لله. [1]
توحيد الربوبية والتحاكم الى شرع الله
توحيد الربوبية هو قسم آخر من أقسام الأيمان وهو من المعتبر في اهمية التحاكم الى شرع الله ، ذلك لأن توحيد الربوبية هو إفراد المولى عز وجل بالخلق ، كما إفراده أيضاً بالملك ، والتدبير ، ولذا فإن تمام الإيمان بتمام توحيد الربوبية والذي منه يعترف الإنسان أن الله خالقه وخالق كل شئ سواه.
والله مالكه ومالك كل شيء، والله مدبرًا للكون كله لا شريك له، وبذلك فإن من امتلك وخلق ودبر ، ووضع الأحكام والقوانين والنظم للبشر ، هو الأولى بلا منازع للاحتكام إلى شريعته ، فلا شرع ولا شريعة يمكن لها أن تضاهي الخالق العظيم ، ومن تحقق بداخله إيمان الربوبية يجد الدافع الى معرفة اهمية التحاكم الى شرع الله.
وبذلك فإن من تمام الإيمان بتوحيد الربوبية الامتثال لأوامر الله ونواهيه، مع الامتثال إلى أحكام الشريعة الإسلامية التي وضعها ، وبينها سبحانه وتعالى في الكتاب الكريم والسنة، والاحتكام الى شرع الله. [3]
توحيد الأسماء والصفات والتحاكم الى شرع الله
القسم الثالث من أقسام الإيمان هو توحيد الأسماء والصفات وهو من اهمية التحاكم الى شرع الله، ذلك لأن من أمن بالله وبأسمائه وصفاته ، لن يجد بد من التحاكم الى شرع الله، ذلك أن كل أسماء الله وصفاته ، تبين أن الله هو وحده المستحق للعبادة وهو وحده صاحب التشريع الاعلى والأمثل لا ينازعه في ذلك أحد من خلقه.
مثال من أسماء الله سبحانه وتعالى الحسنى اسم الله الحكيم ، فعلم الإنسان اسم الله الحكيم وإيمانه به داع إلى التحاكم إلى شرع الله، فلا احكم منه ومن شرعه وتشريعاته ، وقياسا على ذلك باقي أسماء الله الحسنى مثل العادل وغيرها من الأسماء.
من آثار التحاكم إلى شرع الله
بعد بيان اهمية التحاكم إلى شرع الله، يمكن استخلاص آثار التحاكم الى شرع الله ، وهي كما يلي
-
من آثار التحاكم إلى شرع الله أن يحقق العبد توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات، مما يتم له كامل الاستسلام لأوامر الله ونواهيه وأحكامه ، ويصل به ذلك إلى طاعة الله التي تورث العباد جنة الخلد.
-
ويعود على الفرد كذلك من أثر التحاكم الى شرع الله ، ان يتم الناس متابعة سنة النبي صلى الله عليه وسلم، واتباعه فيما بلغ عن رب العالمين.
-
التحاكم إلى شرع الله يحقق كامل العدالة ، ويمنع الظلم والجور.
-
يحقق التحاكم إلى شرع الله أعلى مراتب الأمن والأمان للمجتمع، ويحافظ على الأرواح ، والممتلكات والأعراض.
-
يصلح التحاكم إلى شرع الله من الفرد مما يعود على المجتمع بأسره بالفائدة والإصلاح للمجتمع كامل.
-
الوقاية من انتشار الجرائم والحد منها إلى أدنى درجاتها.
-
منع الفساد على كل المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفكرية والسياسية، وتحقيق أقصى درجات الفضيلة.
-
تحقيق مبادئ العدل والمساواة ، والحفاظ على حقوق الفئات الضعيفة من الأطفال والنساء والشيوخ والمعاقين.
-
تعزيز شعور الرضا في نفوس أفراد المجتمع.
-
تجنيب المجتمع لسلبيات القوانين الوضعية ، وأخطاء البشر، والحد من التجاوزات ، والمخالفات والتحايل على القوانين.
التحاكم إلى غير شرع الله
إن التحاكم إلى غير شرع الله هو أمر عظيم وذلك يتضح جلياً أهمية وآثار التحاكم إلى شرع الله، فكما اتضح من الأهمية والآثار لهما يكن في المقابل الخطورة والأثم لمن لم يعمل بهما ، وهو ما نبه إليه الفقهاء والعلماء في الدين الإسلامي، حيث أكدوا على خطورة الأمر بل وعدم جوازه وحرمانية اتباع قوانين وأحكام وضعية أقرها البشر ، ورفض وتجاهل احكام الله وأوامره ونواهيه ، ووضعها موضع الرفض والتعالي، والابتعاد عنها وما لذلك من الخطورة والإثم البين ولا يجوز لمسلم أن يحتكم إلى أحكام غير احكام الله إلا للضرورة الشديدة التي لا صبر عليها ولا حل لها حتى لا يكون مقرًا لتلك الأحكام أفضليتها على أحكام الله وهذه الحالات أو الشروط التي معها يمكن قبول حكم وضعي ، في حالات الضرورة الشديدة
-
الشرط الأول أن يكون الشخص اللاجئ إلى تحكيم القوانين الوضعية كاره لذلك بقلبه و ظاهر للإنكار والرفض لتلك الأحكام، ومؤكدًا أنها فقط للضرورة ولولاها ما لجأ لها.
-
أن يكتفي الشخص بحقه فقط ولا يقبل غيره، ولا يزيد ويرد ما زاد عنها إن كان امر عيني مادي ملموس وإن لم يكن فلا يحق له الاحتكام إلى غير أحكام الله.
-
أن يكون قصده في الاحتكام أمره أن يحصل فقط على حق او ياخذ ما له من مظالم ، وأن لا يكون غرضه على الإطلاق إجراء عقوبة دنيوية ما دامت بها مخالفة لأحكام الله، لما في ذلك من خطر الإقرار بعدم حكمة شرع الله ، ونعوذ بالله.
-
واخيرّا أن يكون الشخص مكره او مضطر إلى فعل ذلك لضرورة لا تحتمل. [2]